الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا نجيناكم من آل فِرْعَوْن﴾ الإنجاء والتنجية وَاحِد. هُوَ الإنقاذ من الْمَكْرُوه. وَآل فِرْعَوْن: أَتْبَاعه الَّذين اقتدوا بِهِ وبفعله. وَكَذَلِكَ آل النَّبِي أَتْبَاعه. وروى أنس عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " آلى كل مُؤمن تَقِيّ "، فَأَما آل الْقَرَابَة فهم قوم مخصوصون [لَا] تجْرِي عَلَيْهِم الصَّدَقَة. وَقد ذكرُوا فِي الْفِقْه. ﴿يسومونكم سوء الْعَذَاب﴾ أَي: يجشمونكم ويولونكم. وَقيل: يصرفونكم فِي الْعَذَاب مرّة هَكَذَا وَمرَّة هَكَذَا، كَالْإِبِلِ السَّائِمَة فِي الْبَريَّة. ﴿سوء الْعَذَاب﴾ أَشد الْعَذَاب ﴿يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم﴾ مَذْكُور على وَجه الْبَدَل عَن قَوْله ﴿يسومونكم﴾ وَمثله قَول الشَّاعِر: (مَتى تأتنا تلمم بِنَا فِي دِيَارنَا ... تَجِد حطبا جزلا وَنَارًا تأججا) وَقَوله: " تلمم بِنَا فِي دِيَارنَا " بدل عَن قَوْله: " مَتى تأتنا ". وَمعنى قَوْله: ﴿يذبحون أبناءكم﴾ أَي: يقتلُون. الذّبْح والذبيح بِمَعْنى وَاحِد. وَسبب ذَلِك أَن فِرْعَوْن رأى فِي الْمَنَام نَارا جَاءَت من نَحْو بَيت الْمُقَدّس، وأحاطت بِمصْر، وأحرقت كل قبْطِي هُنَالك، وَلم تتعرض لبني إِسْرَائِيل، فَعلم بذلك أَن نَبيا يخرج من بني إِسْرَائِيل؛ يكون هلاكهم على يَدَيْهِ، فَأمر بقتل الْأَبْنَاء، وَترك الْبَنَات، حَتَّى قيل: إِنَّه قتل فِي طلب مُوسَى اثْنَي عشر ألف صَبيا. ﴿ويستحيون نساءكم﴾ أَي: يتركون ويستبقون، وَهُوَ استفعال من الْحَيَاة، وَمِنْه قَول النَّبِي: " اقْتُلُوا شُيُوخ الْمُشْركين واستحيوا شرخهم " أَي: شبابهم، وَأَرَادَ بِهِ الذُّرِّيَّة وَالنِّسَاء. ﴿وَفِي ذَلِكُم بلَاء من ربكُم عَظِيم﴾ الْبلَاء: يكون بِمَعْنى النِّعْمَة وَيكون بالشدة، لِأَنَّهُ من الِابْتِلَاء. وَالله تَعَالَى قد يختبر على النِّعْمَة بالشكر وَقد يختبر على الشدَّة بِالصبرِ. قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة﴾ قَالَ الشَّاعِر: (جزى الله إحسانا بِمَا فعلا بِهِ ... وأبلاهما خير الْبلَاء الَّذِي يبلو) وَقَوله - تَعَالَى -: ﴿وَفِي ذَلِكُم بلَاء﴾ يحْتَمل هَذَا الْمَعْنيين، أَحدهمَا: فِيمَا لحقكم من فِرْعَوْن من الْأَذَى والشدة بلَاء عَظِيم. وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ: فِيمَا حصل لكم من النجَاة بغرق فِرْعَوْن بلَاء غظيم، أَي: نعْمَة عَظِيمَة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب