الباحث القرآني

﴿وَإِذۡ نَجَّیۡنَـٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ﴾ - تفسير

١٧١٢- عن محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمة- أنّ اسم فرعون موسى: الوليدُ بن مُصْعَب[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٢، ٦٤٥.]]٢٢١. (ز)

٢٢١ زاد ابنُ عطية (١/٢٠٦) قائلًا: «وقيل: اسمه مصعب بن الريان».

﴿یَسُومُونَكُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِ﴾ - تفسير

١٧١٣- قال وهب [بن مُنَبِّه]: كانوا أصنافًا في أعمال فرعون، فذوو القوة ينحِتون السَّوارِيَ من الجبال، حتى قَرِحَت أعناقهم وأيديهم، ودَبِرَت[[أصابتهم الدَّبَرة، وهي القرحة. لسان العرب (دبر).]] ظهورهم من قطعها ونقلها، وطائفة ينقلون الحجارة، وطائفة يبنون له القصور، وطائفة منهم يضربون اللَّبِن، ويطبخون الآجُرَّ، وطائفة نَجّارون وحَدّادون، والضَّعَفَةُ منهم يُضْرَبُ عليهم الخراج ضريبة يؤدونها كل يوم، فمن غربت عليه الشمس قبل أن يؤدي ضريبته غُلَّت يمينه إلى عنقه شهرًا، والنساء يَغْزِلْن الكَتّان ويَنسِجْنَ[[تفسير البغوي ١/٩١.]]. (ز)

١٧١٤- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسْباط- قال: جَعَلَهم في الأعمال القذرة، وجعل يقتل أبناءهم، ويستحيي نساءهم[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٥.]]. (ز)

١٧١٥- عن محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمَة- قال: كان فرعون يعذب بني إسرائيل، فيجعلهم خدمًا وخَوَلًا[[الخَوَل: اسم يقع على العبد والأمة. لسان العرب (خول).]]، وصَنَّفَهم في أعماله؛ فصنف يبنون، وصنف يزرعون له، فهم في أعماله، ومن لم يكن منهم في صنعة من عمله فعليه الجزية، فسامهم كما قال الله ﷿: ﴿سوء العذاب﴾[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٥.]]. (ز)

﴿یُذَبِّحُونَ أَبۡنَاۤءَكُمۡ وَیَسۡتَحۡیُونَ نِسَاۤءَكُمۡۚ﴾ - تفسير

١٧١٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق عِكْرِمَة- قال: قالت الكَهَنَة لفرعون: إنَّه يولد في هذا العام مولود يذهب بِمُلْكِك. فجعل فرعون على كل ألف امرأة مائة رجل، وعلى كل مائة عشرًا، وعلى كل عشر رجلًا، فقال: انظروا كلَّ امرأة حامل في المدينة، فإذا وضَعَتْ حملها، فإن كان ذكرًا فاذبحوه، وإن كانت أنثى فَخَلُّوا عنها. وذلك قوله: ﴿يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٧.]]. (١/٣٦٤)

١٧١٧- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿يسومونكم سوء العذاب﴾ الآية، قال: إنّ فرعون مَلَكَهم أربعمائة سنة، فقال له الكَهَنَةُ: سيولد العامَ بمصر غلامٌ يكون هلاكُك على يديه. فبعث في أهل مصر نساء قَوابِل[[القَوابل: جمع قابلة، وهي المرأة التي تأخذ الولد عند الولادة. القاموس المحيط (قبل).]]، فإذا ولدت امرأة غلامًا أُتِيَ به فرعون فقتله، ويستحي الجواري[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٧، وابن أبي حاتم ١/١٠٥.]]. (١/٣٦٥)

١٧١٨- وعن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر-، نحوه[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٨.]]٢٢٢. (ز)

٢٢٢ بيَّن ابنُ جرير (١/٦٥٠-٦٥٢) أنّ الآثار الواردة عن ابن عباس وأبي العالية والربيع بن أنس تقتضي أن يكون معنى قوله تعالى: ﴿ويستحيون نساءكم﴾: يستبْقونهنَّ فلا يقتلونهن. ثم ذكر أنه يلزم على تأويلهم أن «يكون جائزًا أن تُسمّى الطفل من الإناث في حال صباها وبعد ولادتها: امرأة، والصبايا الصغار وهنَّ أطفال: نساء». ثم رجَّح هذا القول استنادًا إلى لغة العرب، وذلك أن الاستحياء استفعال من الحياة. وكذا رجَّحه ابنُ عطية (١/٢٠٧) بقوله: «والصحيح من التأويل: أنّ الأبناء هم الأطفال الذكور، والنساء هم الأطفال الإناث، وعبر عنهنَّ باسم النساء بالمآل، وليذكُرهنَّ بالاسم الذي في وقته يستخدمن ويُمْتَهَنَّ، ونفس الاستحياء ليس بعذاب، لكن العذاب بسببه وقع الاستحياء».

١٧١٩- قال مقاتل بن سليمان: ثم ذَكَّرَهم النِّعَم لِيُوَحِّدُوه، فقال سبحانه: ﴿وإذ نجيناكم﴾ يعني: أنقذناكم ﴿من آل فرعون﴾ يعني: أهل مصر، ﴿يسومونكم سوء العذاب﴾ يعني: يعذبونكم شدة العذاب، يعني: ذبح الأبناء واستحياء النساء؛ لأن فرعون أمر بذبح البنين في حُجُور أمهاتهم. ثم بَيَّن العذاب، فقال: ﴿يذبحون أبناءكم﴾ في حُجُور أمهاتهم، ﴿ويستحيون نساءكم﴾ يعني: قَتَل البنين وتَرَك البنات، قتل منهم فرعون ثمانية عشر طفلًا مخافة أن يكون فيهم مولود يكون هلاكه في سببه[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٠٣.]]. (ز)

١٧٢٠- عن عبد الملك ابن جُرَيج -من طريق حَجّاج- قوله: ﴿ويستحيون نساءكم﴾، قال: يَسْتَرِقُّون نساءكم[[أخرجه ابن جرير ١/٦٥١.]]٢٢٣. (ز)

٢٢٣ فسَّر ابن جريج الاستحياء بالاسترقاق. وقد انتَقَد تفسيره ابنُ جرير (١/٦٥١) استنادًا إلى مخالفته لغة العرب، فقال: «حادَ ابنُ جريج بقوله هذا عما قاله مَن ذكرنا قوله في قوله: ﴿ويستحيون نساءكم﴾ إنه استحياء الصبايا الأطفال، إذ لم يجدهن يلزمهن اسم نساء، ثم دخل فيما هو أعظم مما أنكر بتأويله ﴿ويستحيون﴾: يسترِقُّون، وذلك تأويل غير موجود في لغة عربية ولا أعجمية، وذلك أنّ الاستحياء إنما هو استفعال من الحياة، نظير الاستبقاء من البقاء، والاستسقاء من السقي، وهو من معنى الاسترقاق بمعزل».

﴿وَفِی ذَ ٰ⁠لِكُم بَلَاۤءࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِیمࣱ ۝٤٩﴾ - تفسير

١٧٢١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿بلاء من ربكم عظيم﴾، يقول: نعمة[[أخرجه ابن جرير ١/٦٥٣، وابن أبي حاتم ١/١٠٦.]]. (١/٣٦٥)

١٧٢٢- وعن أبي مالك، نحوه[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/ ١٠٦.]]. (ز)

١٧٢٣- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم﴾، قال: نعمة من ربكم عظيمة[[أخرجه ابن جرير ١/٦٥٣. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/١٠٦. وعزاه السيوطي إلى وكيع.]]. (١/٣٦٥)

١٧٢٤- عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسْباط- في قوله: ﴿وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم﴾، قال: أمّا البلاء فالنعمة[[أخرجه ابن جرير ١/٦٥٣، وابن أبي حاتم ١/١٠٦.]]. (ز)

١٧٢٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وفي ذلكم﴾ يعني: فيما يُخْبِرُكم من قتل الأبناء وترك البنات ﴿بلاء﴾ يعني: نِقْمَة ﴿من ربكم عظيم﴾، فاذكروا فضله عليكم حين أنجاكم من آل فرعون[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٠٣.]]٢٢٤. (ز)

٢٢٤ ذكر ابنُ عطية (١/٢٠٧) أنّ الإشارة بـ﴿ذلكم﴾ «إلى جملة الأمر، إذ هو خبر، فهو كمفرد حاضر، و﴿بَلاءٌ﴾ معناه: امتحان واختبار، ويكون البلاء في الخير والشر». ثم نقل قولين آخرين ووجَّههما، فقال: «وقال قوم: الإشارة بـ﴿ذلِكُمْ﴾ إلى التنجية، فيكون البَلاءُ على هذا في الخير، أي: وفي تنجيتكم نعمة من الله عليكم. وقال جمهور الناس: الإشارة إلى الذبح ونحوه، والبلاء هنا في الشر، والمعنى: وفي الذبح مكروه وامتحان».

١٧٢٦- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج- ﴿وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم﴾، قال: نعمة عظيمة[[أخرجه ابن جرير ١/٦٥٣، وابن أبي حاتم ١/١٠٦ (عَقِب ٥٠٧).]]٢٢٥. (ز)

٢٢٥ وجَّه ابنُ جرير (١/٦٥٣، ٦٥٤) تفسير البلاء بالنعمة بقوله: «وأصل البلاء في كلام العرب: الاختبار والامتحان، ثم يستعمل في الخير والشر؛ لأن الامتحان والاختبار قد يكون بالخير كما يكون بالشر، كما قال ربنا -جل ثناؤه-: ﴿وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون﴾ [الأعراف:١٦٨]، يقول: اختبرناهم، وكما قال -جلَّ ذِكْرثه-: ﴿ونبلوكم بالشر والخير فتنة﴾ [الأنبياء:٣٥]، ثم تسمي العرب الخير: بلاء، والشر: بلاء. غير أن الأكثر في الشر أن يقال: بلوته أبْلُوه بلاءً، وفي الخير: أبليته أبليه إبلاءً وبلاءً».

﴿وَفِی ذَ ٰ⁠لِكُم بَلَاۤءࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِیمࣱ ۝٤٩﴾ - ذكر قصة ذلك

١٧٢٧- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قال: لقد ذُكِر أنّه كان لَيَأْمُرُ بالقَصَبِ فيُشَقّ حتى يجعل أمثال الشِّفار[[الشِّفار: جمع شَفْرَة، وهي السكين العريضة. المحيط في اللغة (شفر).]]، ثم يُصَفُّ بعضه إلى بعض، ثم يؤتى بالحُبالى من بني إسرائيل، فيُوقَفْنَ عليه، فيَحُزَّ أقدامَهُنَّ، حتى إنّ المرأة مِنهُنَّ لتَمْصَع بولدها[[مصعت الأم بولدها: أن تُلْقِي به بزحرة واحدة. لسان العرب (مصع).]]، فيقع من بين رجليها، فتظل تَطَؤُه تَتَّقِي به حَدَّ القَصَبِ عن رجلها لِما بلغ مِن جَهْدِها، حتى أسْرَف في ذلك، وكاد يُفْنِيهم، فقيل له: أفْنَيْتَ الناس، وقطعت النَّسْل، وإنهم خَوَلُك وعُمّالُك. فأمر أن يقتل الغلمان عامًا، ويُسْتَحْيوا عامًا. فوُلِد هارون في السنة التي يُسْتَحْيا فيها الغلمان، ووُلِد موسى في السنة التي فيها يُقْتَلون[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٩.]]. (ز)

١٧٢٨- عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسْباط- قال: كان من شأن فرعون أنّه رأى في منامه أنّ نارًا أقْبَلَت من بيت المقدس، حتى اشتملت على بيوت مصر، فأحرقت القِبْطَ، وتركت بني إسرائيل، وأخربت بيوت مصر، فدعا السَّحَرة والكَهَنة والعافَة[[العافة: جمع عائف، وهو المتكهن بالطير وغيرها. القاموس المحيط (عيف).]] والقافَة[[القافة: جمع قائف، وهو الذي يعرف الآثار. لسان العرب (قوف).]] والحازَة[[الحازَة: هم الذين يزجرون الطير. تفسير ابن أبي حاتم ١/١٠٦.]]، فسألهم عن رُؤْياه، فقالوا له: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه -يعنون: بيت المقدس- رجل يكون على وجهه هلاك مصر. فأمر ببني إسرائيل أن لا يولد لهم غلام إلا ذبحوه، ولا تولد لهم جارية إلا تُرِكَتْ. وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجًا فأدخلوهم، واجعلوا بني إسرائيل يَلُون تلك الأعمال القذرة. فجعل بني إسرائيل في أعمال غلمانهم، وأدخلوا غلمانهم؛ فذلك حين يقول الله -تبارك وتعالى-: ﴿إن فرعون علا في الأرض﴾ يقول: تَجَبَّر في الأرض، ﴿وجعل أهلها شيعا﴾ يعني: بني إسرائيل حين جعلهم في الأعمال القذرة، ﴿يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم﴾ [القصص:٤]، فجعل لا يُولَد لبني إسرائيل مولود إلا ذُبِح، فلا يكبر الصغير، وقذف الله في مشيخة بني إسرائيل الموت، فأسرع فيهم، فدخل رُءُوس القِبْط على فرعون، فكلموه، فقالوا: إنّ هؤلاء قد وقع فيهم الموت، فيوشك أن يقع العمل على غلماننا بذبح أبنائهم، فلا تبلغ الصغار، وتفنى الكبار، فلو أنّك كنت تُبقِي مِن أولادهم. فأَمَر أن يُذْبَحوا سنة ويُتْرَكوا سنة، فلَمّا كان في السنة التي لا يُذْبَحُون فيها وُلِد هارون فتُرِك، فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت بموسى[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٨، وابن أبي حاتم ١/١٠٦.]]. (ز)

١٧٢٩- عن محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمة- قال: ذُكِر لي: أنّه لما تَقارَب زمان موسى أتى مُنَجِّمُو فرعون وحُزاته إليه، فقالوا له: تَعْلَمُ أنّا نَجِد في عِلْمِنا أنّ مولودًا من بني إسرائيل قد أظَلَّك زمانُه الذي يُولَدُ فيه، يَسْلِبُك مُلْكَك، ويغلبك على سلطانك، ويُخرجك من أرضك، ويُبَدِّلُ دينك. فلما قالوا له ذلك أمَر بقتل كلِّ مولود يولد من بني إسرائيل من الغلمان، وأمر بالنساء يُسْتَحْيَيْن، فجمع القَوابِل من نساء مملكته، فقال لهن: لا يَسْقُطَنَّ على أيدِيكنَّ غلام من بني إسرائيل إلا قَتَلْتُنَّه. فكُنَّ يَفْعَلْنَ ذلك، وكان يُذْبَحُ مَن فوق ذلك من الغِلْمان، ويُأْمَرُ بالحُبالى فيُعَذَّبْنَ حتى يَطْرَحْن ما في بطونهنَّ[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٨.]]٢٢٦. (ز)

٢٢٦ نقل ابن عطية (١/٢٠٧) عن ابن عباس قوله: «إن فرعون وقومه تذاكروا وعد الله لإبراهيم أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكًا، فأمر عند ذلك بذبح الذكور من المولودين في بني إسرائيل، ووكل بكل عشر نساء رجلًا يحفظ مَن يحمل منهن».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب