الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسُومُونَكم سُوءَ العَذابِ﴾ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: ﴿يُذَبِّحُونَ أبْناءَكُمْ﴾ الآيَةَ. ⁕ ⁕ ⁕ * قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب): (p-٢١١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذْ نَجَّيْناكم مِن آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكم سُوءَ العَذابِ يُذَبِّحُونَ أبْناءَكم ويَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ﴾ الآيَةَ. ظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ يَدُلُّ عَلى أنَّ اسْتِحْياءَ النِّساءِ مِن جُمْلَةِ العَذابِ الَّذِي كانَ يَسُومُهم فِرْعَوْنُ، وقَدْ جاءَ في آيَةٍ أُخْرى ما يَدُلُّ عَلى أنَّ الإناثَ هِبَةٌ مِن هِباتِ اللَّهِ لِمَن أعْطاهُنَّ لَهُ، وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إناثًا ويَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذُّكُورَ﴾ [الشورى: ٤٩]، فَبَقاءُ بَعْضِ الأوْلادِ عَلى هَذا خَيْرٌ مِن مَوْتِهِمْ كُلِّهِمْ، كَما قالَ الهُذَيْلُ: ؎حَمِدْتُ إلَهِي بَعْدَ عُرْوَةَ إذْ نَجا خِراشٌ وبَعْضُ الشَّرِّ أهْوَنُ مِن بَعْضِ والجَوابُ عَنْ هَذا، أنَّ الإناثَ وإنْ كُنَّ هِبَةً مِنَ اللَّهِ لِمَن أعْطاهُنَّ لَهُ، فَبَقاؤُهُنَّ تَحْتَ يَدِ العَدُوِّ يَفْعَلُ بِهِنَّ ما يَشاءُ مِنَ الفاحِشَةِ والعارِ، ويَسْتَخْدِمُهُنَّ في الأعْمالِ الشّاقَّةِ نَوْعٌ مِنَ العَذابِ، ومَوْتُهُنَّ راحَةٌ مِن هَذا العَذابِ، وقَدْ كانَ العَرَبُ يَتَمَنَّوْنَ مَوْتَ الإناثِ خَوْفًا مِن مِثْلِ هَذا. قالَ بَعْضُ شُعَراءِ العَرَبِ في ابْنَةٍ لَهُ تُسَمّى مَوَدَّةَ: ؎مَوَدَّةُ تَهْوى عُمْرَ شَيْخٍ يَسُرُّهُ ∗∗∗ لَها المَوْتُ قَبْلَ اللَّيْلِ لَوْ أنَّها تَدْرِي ؎يَخافُ عَلَيْها جَفْوَةَ النّاسِ بَعْدَهُ ∗∗∗ ولا خَتَنَ يُرْجى أوَدُّ مِنَ القَبْرِ وَقالَ الآخَرُ: ؎تَهْوى حَياتِي وأهْوى مَوْتَها شَفَقًا ∗∗∗ والمَوْتُ أكْرَمُ نَزّالٍ عَلى الحُرَمِ وَقالَ بَعْضُ راجِزِيهِمْ: ؎إنِّي وإنْ سِيقَ إلَيَّ المَهْرُ ؎عَبْدٌ وألْفانِ وذَوْدٌ عَشْرُ ∗∗∗ أحَبُّ أصْهارِي إلَيَّ القَبْرُ وَقالَ بَعْضُ الأُدَباءِ: وفي القُرْءانِ الإشارَةُ إلى أنَّ الإنْسانَ يَسُوءُهُ إهانَةُ ذُرِّيَّتِهِ الضِّعافِ بَعْدَ مَوْتِهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِن خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافًا خافُوا عَلَيْهِمْ﴾ [النساء: ٩] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب