الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ الآية. (إذ) في موضع نصب نسقاً على (إذ) [[في (ج): (إذا) وهو خطأ.]] التي قبلها [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 180، و"تفسير الطبري" 1/ 224، و"تفسير ابن عطية" 1/ 243، وقال مكي: منصوب بفعل مقدر (اذكر) مثل (إذ) قلبها. انظر: "مشكل إعراب القرآن" 1/ 35. وقيل: زائدة، قاله أبو عبيدة في "المجاز" 1/ 37، وضعفه أبو حيان. انظر: "البحر" 1/ 152، "الدر المصون" 1/ 271.]]. وقوله: ﴿قُلْنَا﴾ [هو من خطاب الأكابر والعظماء، يقول الواحد منهم: فعلنا وقلنا، لعلمه بأن أتباعه يفعلون] [[ما بين المعقوفين مكرر في (أ).]] كفعله، ويجرون على مثل أمره، فأخبر الله تعالى عن نفسه على الجمع، لأنه ملك الملوك، وكل من في السموات والأرض له خلقاً [[في (أ): (خلفاء) وما في (ب)، (ج) أصح.]] وملكاً [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 38، والقرطبي 1/ 248، (البحر) 1/ 152.]]. وعلى هذا خوطب في الجواب في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: 99] معناه: يا رب ارجعني، فلما أخبر جل اسمه [[(جل اسمه) ساقط من (ب).]] عن نفسه [بالجمع خوطب بمثل ذلك [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 21.]]. وقوله: ﴿لِلْمَلَائِكَةِ﴾ اختلفوا في] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] الملائكة الذين أمروا بالسجود لآدم من هم؟ فقال بعضهم: هم الذين كانوا مع إبليس في الأرض [[ورد هذا ضمن الخبر الطويل عن ابن عباس، الذي أخرجه الطبري، وهو ضعيف == الإسناد، كما ذكر ذلك شاكر في تعليقه، انظر: "الطبري" 1/ 224. وذكره ابن أبي حاتم بسنده عن أبي العالية، قال محقق "الكتاب": إسناده ضعيف، والخبر لم أقف عليه، "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 83، وانظر القرطبي في "تفسيره" 1/ 248، والرازي في "تفسيره" 2/ 138، وابن كثير في "تفسيره" 1/ 80.]]. وقال بعضهم: هم جميع الملائكة حتى جبريل وميكائيل، لأنه قال: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ [الحجر: 30]، وفي هذا [[(هذا) ساقط من (ب).]] تأكيد للعموم، وتحقيق له [[وهذا هو الأرجح، انظر: في "تفسير الطبري" 1/ 224، وفي "تفسيرالرازي" 2/ 238، وقد ذكر وجوها كثيرة في ترجيح هذا القول وانظر: "تفسيرالقرطبي" 1/ 248، ورجحه ابن كثير في "تفسيره" 1/ 80.]]. وقوله: ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ أصل السجود في اللغة الخضوع والتذلل، وكل من ذل وخضع لما أمر به فقد سجد، ومنه قوله تعالى: ﴿يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ [النحل: 48] أي: خُضَّعاً مسخرة [[في "تهذيب اللغة": (مسخرة) 2/ 1650.]] لما سخرت له، وسجود كل موات في القرآن، طاعته لما سخر له [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (سجد) 2/ 1630، وانظر "اللسان" (سجد) 4/ 1940]]. وقال أبو عبيدة: عين ساجدة إذا كانت فاترة، والسُّجَّد من النساء الفاترات الأعين، ونخلة ساجدة إذا مالت لكثرة حملها [[قال الأزهري: (روى ابن هاني لأبي عبيدة .. ثم ذكره دون قوله: (والسجد من النساء الفاترات الأعين) "تهذيب اللغة" (سجد) 2/ 1630.]]. ومنه قول الشاعر: تَرى الأُكْمَ [[في (ب): (الالم).]] فِيِه سُجَّداً لِلْحَوَافِرِ [[البيت لزيد الخيل وصدره: بِجَمْعٍ تَضِلُّ البُلْقُ في حَجَرَاتِه ويروى: بجيش، البلق: جمع أبلق، وهو الفرس المحجل، الحجرات: الناحية، الأكم: جمع أكمة، وهي تل أشد ارتفاعا مما حوله ودون الجبل. يصف كثرة هذا الجيش وأن الأكم قد خشعت من وقع الحوافر. ورد البيت في الطبري في "تفسيره" 1/ 365، "المعاني الكبير" 2/ 890، و"الأضداد" لابن الأنباري: ص 295، و"الزاهر" 1/ 141، "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" 2/ 542، و"تأويل مشكل القرآن": ص 417، و"الصحاح" (سجد) 2/ 483، و"اللسان" 4/ 1940، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 248، والبيضاوي في "تفسيره" 1/ 21، "البحر المحيط" 1/ 51، "الدر المصون" 1/ 274.]] أي ذليلة خاضعة. قال الأعشى: مَنْ يَرَ هَوْذَةَ يَسْجُدْ غَيرَ مُتَّئِبٍ [[في (ب): (منيب).]] ... إِذَا تَعَمَّمَ [[في (أ)، (ج): (تعم) وما في (ب) هو الصحيح، ومثله ورد في "المخصص" 13/ 107.]] فَوْقَ الرَّأْسِ أَوْ وَضَعَا [[البيت من قصيدة طويلة للأعشى يمدح (هوذة بن علي الحنفي) ويروى البيت (من يلق) بدل (من ير) و (تعصب فوق التاج) بدل (تعمم فوق الرأس). وقوله: (غير متئب): أي لا يستحي أن يسجد لطلعته المهيبة وفد تعمم فوق الرأس، أو وضع الإكليل. ورد البيت في ديوان الأعشى: ص 108، "المخصص" 13/ 107.]] أي يخضع له ويتذلل. وأنشد ابن الأنباري لابن مقبل: ثُمَّ نَوَّمَنْ وَنِمْنَا سَاعَةً ... خُشَّعَ الطَّرْفِ سُجُوداً لِلْخُطَم [[قوله: (نوَّمن) أي الإبل نومت. الخطم: جمع خطام، وهو الحبل الذي يقاد به == البعير. ورد البيت في (ذيل ديوان ابن مقبل) مع القصائد المنسوبة له، وليست في "الديوان": ص403. وورد في "أساس البلاغة" (نوّم): 2/ 483.]] يعني الإبل، فسجودها خضوعها. ويقال -أيضا-: (أسجد) بهذا [[في (ب): (بها).]] المعنى: أي طأطأ رأسه وانحنى [[في "تهذيب اللغة": أبو عبيد عن أبي عمرو: أسجد الرجل إذا طأطأ رأسه وانحنى. "تهذيب اللغة" (سجد) 2/ 1630، وانظر: "مقاييس اللغة" (سجد) 3/ 133.]]. هذا أصل السجود في اللغة، ثم قيل لكل من وضع جبهته على الأرض: سجد، لأنه غاية الخضوع [["تهذيب اللغة" (سجد) 2/ 1630، "الصحاح" (سجد) 2/ 483، "اللسان" (سجد) 4/ 1940.]]. وإذا ابتدأت بقوله: ﴿اسْجُدُوا﴾ ضممت الألف [[إذا ابتدأت بهمزة الوصل أخذت حركة الحرف الثالث، انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 81.]]، والألف [[(والألف) ساقط من (ج).]] لا حظ لها من الإعراب، وإنما أدخلت ليتوصل بها إلى النطق بالساكن، فكان حظها الكسر، لأن [[في (ج): (لان ما بعدها).]] بعدها ساكنا، ولكنها ضمت لاستثقال الضمة بعد الكسرة، وليس في كلامهم مثل (فِعُل)، ولا مثل (إفْعُل) [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 81، "تفسير الثعلبي" 1/ 60 أ، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 163.]]. واختلفوا في كيفية سجود الملائكة لآدم فقال جماعة: كان سجود الملائكة لآدم على جهة التكريم، فكان ذلك تكريماً لآدم وطاعةً لله سبحانه، ولم يكن عبادة لآدم [[هذا قول جمهور المفسرين، قالوا: إنه سجود حقيقي ولكنه ليس سجود عبادة، فالتكريم لآدم، والعبادة والطاعة لله. ذكره الطبري في "تفسيره"، وروى في ذلك أثرا عن قتادة، ولم يذكر غير هذا القول. انظر "تفسير الطبري" 1/ 229، وذكره ابن كثير في "تفسيره" ورجحه، ضعف ما عداه 1/ 81، وكذا الرازي في "تفسيره" 1/ 212، وانظر "زاد المسير" 1/ 64، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 248.]]. وحكى [[(الواو) ساقطة من (ج).]] ابن الأنباري عن الفراء وجماعة من الأئمة أن سجود الملائكة لآدم كان تحية ولم يكن عبادة، وكان ذلك سجود تعظيم وتسليم وتحية، لا سجود صلاة وعبادة، وكان ذلك تحية الناس وتعظيم بعضهم بعضا [[قوله (وكان ذلك تحية الناس ...) هل كان قبل آدم ناس؟ أم هو تجاوز في العبارة؟]]، ولم يكن وضع الوجه على الأرض، إنما كان الانحناء والتكفير [[التكفير: هو أن يضع الرجل يده أو يديه على صدره وطأطأ برأسه، وهو كالتحية عند أهل "الكتاب"، انظر: "اللسان" (كفر) 7/ 3897.]]، فلما جاء الإسلام أبطل ذلك بالسلام [[ذكره الثعلبي في "تفسيره"، ولم يعزه 1/ 63 أ. وذكره الرازي في "تفسيره" وضعفه، وقال: (السجود لاشك أنه في عرف الشرع عبارة عن وضع الجبهة على الأرض، فوجب أن يكون في أصل اللغة كذلك، لأن الأصل عدم التغيير، فإن قيل: السجود عبادة، والعبادة لغير الله لا تجوز، قلنا: لا نسلم أنه عبادة وبيانه أن الفعل قد يصير بالمواضعة مفيدا كالقول ...). "تفسير الرازي" 2/ 213، وضعفه ابن كثير في "تفسيره" 1/ 83، وانظر القرطبي في "تفسيره" 1/ 250، و"زاد المسير" 1/ 64.]]. وقيل: كان سجود على الحقيقة [[في (ب): (بالحقيقة).]]، جعل آدم قبلة لهم، والسجود لله عز وجل [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 63 أ. والرازي وضعفه في "تفسيره" 2/ 212، 213. وابن كثير وضعفه كذلك 1/ 83. و"تفسير القرطبي" 1/ 250.]]، إلا أن هذا ضعيف، لأنه لو كان، لقيل: اسجدوا إلى آدم. وقال أبي بن كعب: معناه: أقروا لآدم أنه خير وأكرم عليّ منكم، واخضعوا له وكونوا تحت أمره [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 59 أ.]]، وهذا المعنى موافق لأصل اللغة. وقوله: ﴿لِآدَمَ﴾ حقه الكسر، إلا أنه لا يجري [[أي: يمنع من الصرف.]] ما كان من هذا الباب نحو: الأحمر [[أى وزن (أفعل).]] والأصفر في معرفة ولا نكرة، لاجتماع علتين فيه في حال نكرته، وهو وزن الفعل، وكونه صفة، فإن سميت به لم تصرفه في حال المعرفة أيضا للتعريف، ووزن الفعل، فإن نكرته لم تنصرف [[(تنصرف) كذا في (أ، ج)، وفي (ب): (بدون إعجام)، والأولى (ينصرف).]] -أيضا - عند سيبويه [[انظر "الكتاب" 3/ 193،198، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 81، وانظر: "مشكل إعراب القرآن" 1/ 38.]]، [وانصرف عند الأخفش [[انظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 81، و"الكتاب" 3/ 198 (الهامش)، "المقتضب" 3/ 312، 377، وقد نصر المبرد رأي الأخفش ورجحه.]]. وحجة سيبويه] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] أنه قبل أن يسمى به اسم وإن كان صفة، فقد كان في حال [[في (ب): (كل).]] التنكير قبل التسمية به [غير منصرف، فإذا سميت به فحكم الصفة لم يرتفع عنه، ويصير التسمية به] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] كالعارية، فإذا نكِّر عاد إلى موضع قد [[(قد) ساقطة من (ب).]] كان فيه لا ينصرف [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 81]]. والدليل على صحة ذلك، إجماع النحويين على قولهم: مررت بنسوة أربع، فيصرفون (أربعا)، لأنه اسم استعمل وصفا، ولو راعوا فيه حكم الصفة لم ينصرف في هذه الحال، لأنه على وزن الفعل وهو صفة، فلما نفوا حكم الاسم فيه وإن استعملوه صفة، كذلك أحمر وبابه وإن استعمل اسما [[انظر: "المقتضب" 3/ 312، "الكتاب" 3/ 194.]]، فحكم الصفة باق فيه، لأنه صفة لا اسم. وأما الأخفش فإنه يقول: إذا سمي به زال حكم الصفة فلا ينصرف في المعرفة للتعريف ووزن الفعل، فإذا نكرته بقيت علة واحدة، وهو وزن الفعل فينصرف [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 81، "المقتضب" 3/ 312.]]. وهذا فاسد، لأن حكم الصفة مراعى، وإن سمي به كما أن حكم الاسم مراعى في (أربع) وإن وصف به [[انظر رد المبرد على ذلك في المسائل التي رد بها المبرد على سيبويه كما نقله عضيمة في هامش "المقتضب" 3/ 312.]]. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾. قال أكثر أهل اللغة والتفسير: سمي إبليس بهذا الاسم، لأنه أبلس من رحمة الله تعالى أي أيس، والمبلس المكتئب الحزين الآيس [["تهذيب اللغة" (بلس) 1/ 384، و"تفسير الطبري" 1/ 224.]]، وفي القرآن ﴿فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: 44]. قال يونس وأبو عبيدة: يقال للذي يسكت عند انقطاع حجته، ولا يكون عنده جواب: قد أبلس [["تهذيب اللغة" (بلس) 1/ 384.]]. قال العجاج [[هو الراجز المشهور عبد الله بن رؤبة، لقي أبا هريرة وسمع منه أحاديث. انظر "الشعر والشعراء" ص 392، "طبقات فحول الشعراء" للجمحي 2/ 753.]]: يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رسْماً مُكْرَسَا قَالَ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وأبلسا [[المكرس: الذي صار فيه الكرس. وهو أبوال الإبل وأبعارها يتلبد بعضها على بعض في الدار، أبلسا: أي سكت لكآبته. ورد الرجز في "ديوان العجاج". ص 132، "معاني القرآن" للفراء 1/ 335، و"مجاز القرآن" 1/ 192، و"الزينة" 2/ 192، والطبري في "تفسيره" 1/ 224، و"الكامل" 2/ 191، و"تهذيب اللغة" (بلس) 1/ 384، و"الصحاح" 3/ 909، و"مقاييس اللغة" 5/ 169، و"اللسان" 1/ 343، و"تفسير ابن عطية" 1/ 244.]] أي: لم يحر إليَّ جواباً لكآبته. فقيل: إن إبليس سمي بهذا الاسم، لأنه لما أويس من رحمة الله أبلس يأسا [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" 1/ 384، وانظر: "تفسير الطبري" 1/ 224، "غريب القرآن" لابن قتيبة: 1/ 37، و"زاد المسير" 1/ 65.]]. ومثل هذا الوزن من العربية (الإجْفِيل) اسم للظليم [[الظليم: الذكر من النعام، "القاموس" (ظلم): ص 1464.]]، يقال: أجفل الظليم فهو مجفل وإجفيل [["تهديب اللغة" (جفل) 1/ 622.]]، وكذلك الإغريض [[الإغريض: الطلع، ويقال لكل أبيض طري، انظر: "الصحاح" (غرض) 3/ 1094.]] والإضريج [[(الإضريج) بالجيم: صبغ أحمر، ونوع من الأكسية، ومن الخيل الجواد. انظر: "تهذيب اللغة" (ضرج) 3/ 2106، "الصحاح" 1/ 326، "اللسان" 5/ 2570.]]، في أشباه لهذا [[انظر: "إملاء ما من به الرحمن" 1/ 30، "الدر المصون" 1/ 276.]]. وروى أبو روق [[هو عطية بن الحارث الهمداني أبو روق، ورى عن الشعبي والضحاك، قال أبو حاتم: ليس به بأس، وقال ابن معين: صالح، انظر "الجرح والتعديل" 6/ 382، "تهذيب التهذيب" 3/ 114، "طبقات المفسرين" للداودي 1/ 386.]] عن الضحاك عن ابن عباس قال: إنما سمي إبليس، لأن الله أبلسه من الخير، أي: أيأسه [[أخرجه الطبري بسنده، وفيه ضعف، انظر "تفسير الطبري" 1/ 509. (مع تحقيق محمود شاكر)، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"، قال المحقق: ضعيف الإسناد 1/ 294، وذكره السيوطي في "الدر" 1/ 102. وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري.]]. وهذا متعد كما ترى، ورواه الليث -أيضا- متعديا فقال: لأنه أُبلِس من رحمة الله أي: أُويس [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (بلس) 1/ 384، والثعلبي في "تفسيره" 1/ 63 ب، وانظر "العين" 7/ 262، ولم أجده منسوبًا لليث.]]، فحصل من هذا أنه عربي مشتق، وأن الإبلاس واقع ومطاوع [[(الواو) ساقطة من (ب). اختلف الذين قالوا: إنه مشتق هل هو مشتق من (أبلس) إذا انقطع ولم تكن له حجة، أو من الإبلاس وهو اليأس، ذكر هذا الرازي في كتاب "الزينة" 1/ 192، 193.]]. قال أبو بكر بن الأنباري: لا يجوز أن يكون مشتقا من (أبلس)، لأنه لو كان كذلك لجرى، [ألا ترى أن (إسحاق) إذا كان عربيا مأخوذا من أسحقه الله إسحاقا يجري، فيقال: قام إسحاق، ورأيت إسحاقاً [[انظر: "المقتضب" 3/ 326.]]. فلو كان إبليس من (أَبلس) أو (أُبلس) لجرى] [[مابين المعقوفين ساقط من (ب).]] كما يجرى إكليل وبابه، وترك تنوينه في القرآن يدل على أنه أعجمي معرفة، والأعجمي لا يعرف له اشتقاق [[هذا الكلام بمعناه في "الأضداد" لابن الأنباري: ص 336، وبنحوه قال أبو عبيدة في "المجاز" 1/ 38، والزجاج في "المعاني" 1/ 82، والثعلبي 1/ 63 ب، وذكر هذا القول مكي في "المشكل" 1/ 37، وابن عطية 1/ 246، وابن الأنباري أبو البركات في "البيان" ورجحه 1/ 74، على أن مكيا وغيره ذكروا عن أبي عبيدة أنه قال: إنه مشتق، وهذا خلاف قوله في "المجاز". وقد أجاب الذين قالوا: إنه مشتق بأنه منع من الصرف لأنه أشبه الأسماء الأعجمية لعدم نظيره في الأسماء العربية كما سيأتي في كلام ابن جرير، انظر: "البحر" 1/ 151، و"الدر المصون" 1/ 276.]]. وقال محمد بن جرير: إنما منع صرفه وإن [[في (ب): (فان).]] كان عربيًّا استثقالًا، لأنه لما قل نظيره في كلام العرب شبهوه بالأسماء الأعجمية كإسحاق لم يصرف، وهو من أسحقه الله، و (أيوب) من: (آب يؤوب) [[انتهى كلام ابن جرير بمعناه 1/ 228، وانظر "تفسير ابن عطية" 1/ 246.]]، نظيره قيوم، من قام يقوم. وهذا الذي قال [[في (ب): (قاله) وهو أصوب.]] ابن جرير: يبطل بباب (إفْعِيل) فإنه مصروف كله إلا إبليس [[في (ج): (ابلس). انظر: "مشكل إعراب القرآن" 1/ 37، "البيان" 1/ 74، "البحر المحيط" 1/ 151، "الدر المصون" 1/ 276.]]. وأما [[في (ب): (فأما).]] أيوب وإسحاق، فمن لم يصرفهما لم [[في (ب): (يصرفها لم يجعلها).]] يجعلهما مشتقين [[انظر: "المقتضب" 3/ 326، "أصول النحو" لابن السراج 2/ 94.]]. والاختيار في هذا الحرف أنه غير مشتق، لإجماع النحويين على أنه منع الصرف للعجمة والمعرفة، فلو جعلناه مشتقّاً بطلت العجمة ووجب صرفه [[بهذا أخذ أبو عبيدة في "المجاز" 1/ 38، والزجاج في "معاني القرآن" 1/ 82، والثعلبي في "تفسيره" 1/ 63 ب، وابن الأنباري في "البيان" 1/ 74، والعكبري في "الإملاء" 1/ 30، والسمين في "الدر المصون" 1/ 276. وعلى قول ابن جرير ومن معه لا يلزم صرفه، ولو كان مشتقًّا، لأنه لا سمي له فاستثقل. انظر "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: ص 23، و"تفسير الطبري" 1/ 228، و"تفسير ابن عطية" 1/ 246، و"تفسير القرطبي" 1/ 251.]] واختلفوا في أن إبليس هل هو مستثنى من الملائكة أو [[في (ب): (أم لا).]] لا؟ فروى مجاهد وطاوس عن ابن عباس قال: كان إبليس قبل أن يركب المعصية ملكاً من الملائكة، اسمه (عزازيل)، وكان من سكان الأرض وعمارها، وكان سكان الأرض من الملائكة يسمون: (الجن)، ولم يكن من الملائكة أشد اجتهادا ولا أكثر علمًا منه. فلما تكبر على الله عز وجل وأبى السجود لآدم وعصاه، لعنه وجعله شيطاناً مريداً، وسماه: إبليس [[أخرجه الطبري بسنده عن عطاء، عن طاوس، عن ابن عباس، وعن عطاء عن طاوس أو مجاهد أبي الحجاج، عن ابن عباس. "تفسير الطبري" 1/ 224، وكذلك أخرجه ابن الأنباري بسنده عن طاوس أو عن مجاهد أبي الحجاج، عن ابن عباس. "الأضداد": ص 334. وانظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 84، و"تفسير ابن كثير" 1/ 8.]]. وعلى هذا القول أيضا ابن مسعود، وابن المسيب، وابن جريج، وقتادة، وابن جرير [[انظر أقوالهم في "تفسير الطبري" 1/ 224.]]، وقالوا: إنه استثني من جنس المستثنى منه، وكان إبليس من جملة الملائكة الذين أمروا بالسجود. وهؤلاء أولوا قوله: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الكهف: 50] أي: كان من قبيل من الملائكة، يقال لهم: الجن [[ذكره الطبري في "تفسيره" عن قتادة 1/ 225. قال ابن كثير في "تفسيره" بعد أن نقل الآثار في هذا عند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ الآية [الكهف: 50]. قال: وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل، لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة ... إلخ) انظر "ابن كثير" 3/ 100.]]، سموا جناً لاستتارهم عن الناس. قال الأعشى يذكر سليمان ابن داود عليه السلام: وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الملائِكِ تِسْعَةً ... قِيَاماً لَدَيْهِ يَعْمَلُونَ بِلَا أَجْرِ [[ورد البيت في "تفسير الطبري" 1/ 225، "الزاهر" 2/ 334، و"الأضداد" لابن الأنباري: ص 335، و"الغريب" لابن قتيبة: ص21، و"الزينة" 2/ 176، و"معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" 1/ 195، و"اللسان" (جنن) 1/ 751، وفي "تفسير القرطبي" 1/ 251، و"خزانة الأدب" 6/ 176.]] فجعل الملائكة جنّاً [[وهذا ما رجحه ابن جرير الطبري في "تفسيره"، وابن عطية في "تفسيره" والبغوي في "تفسيره"، وغيرهم، وهو أن إبليس كان من الملائكة أو من طائفة منهم يقال لهم: الجن. قال الطبري في "تفسيره" بعد أن ذكر الأقوال في هذِه المسألة: (وهذِه علل تنبئ عن ضعف معرفة أهلها، ذلك أنه غير مستنكر أن يكون الله جل ثناؤه خلق أصناف ملائكته من أصناف من خلقه شتى. فخلق بعضا من نور، وبعضا من نار وبعضا مما شاء من غير ذلك. وليس في ترك الله جل ثناؤه الخبر عما خلق منه ملائكته، وإخباره عما خلق منه إبليس ما يوجب أن يكون إبليس خارجا عن معناهم ... وقال: وأما خبر الله عنه أنه (من الجن) لغير مدفوع أن يسمى ما اجتن من الأشياء عن الأبصار كلها جنّاً كما قد ذكرنا في شعر الأعشى -فيكون إبليس والملائكة == منهم، لاجتنانهم عن أبصار بني آدم، في "تفسيرالطبري" 1/ 227، وانظر: "الأضداد" لابن الأنباري: ص 334، وفي "تفسيرابن عطية" 1/ 246، وفي "تفسيرالبغوي" 1/ 82، و"البحر" 1/ 153، وفي "تفسير القرطبي" 1/ 251، فعلى هذا القول: الاستثناء متصل.]]. وقد روى عكرمة عن ابن عباس قال: إنما قيل لإبليس: الجني، لأنه كان من خزنة الجنة [[أخرجه الطبري في "تفسيره" عن ابن جريج عن ابن عباس، وعن أبي صالح عنه، وعن الضحاك عنه. الطبري في "تفسيره" 1/ 525.]]. وقال الزجاج وابن الأنباري: معنى قوله: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ أي كان [[في (ب): (أي صار).]] ضالّاً كما أن الجن الذين كانوا سكان الأرض قبل الملائكة كانوا ضُلَّالاً، فلما فعل إبليس مثل فعلهم أدخل في جملتهم كما [[(كما) ساقطة من (ب).]] قال الله سبحانه: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [[قول ابن الأنباري في "الأضداد" ص337، وقد ذكر هذا توجيهًا لمعنى الآية على قول من قال: إن إبليس من الملائكة وكذا الزجاج في "المعاني" 1/ 82 ويلحظ هنا أن الزجاج يرجح القول الآخر حيث قال لما ذكر القول الثاني: وهذا القول هو الذي نختاره، لأن إبليس كان من الجن كما قال الله عز وجل.]] [التوبة: 67]. فعلى قول هؤلاء هو مستثنى من الملائكة، وهو استثناء الجنس من الجنس. وقال عبد الرحمن بن زيد، وشهر بن حوشب [[هو شهر بن حوشب الأشعري الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن روى عن أبي هريرة وعائشة وأم سلمة وأم حبيبة وغيرهم، اختلف في سنة وفاته، فقيل: مائة، وقيل غير ذلك، انظر: "تهذيب التهذيب" 2/ 182، "غاية النهاية" 1/ 329.]]: ما كان إبليس من الملائكة قط [[أقوالهم في الطبري في "تفسيره" 1/ 227، وانظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 246، == والقرطبي في "تفسيره" 1/ 251، وابن كثير في "تفسيره" 1/ 81، "البحر" 1/ 153.]]. وروى عوف عن الحسن قال: ما كان إبليس من [[(من الملائكة) ساقط من (ج).]] الملائكة قط، طرفة عين [[ذكره الطبري في "تفسيره" 1/ 227، وابن الأنباري في "الأضداد": ص 337، وابن عطية في "تفسيره" 1/ 246، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 251، وابن كثير في "تفسيره" 1/ 81، "البحر" 1/ 153.]]. وهؤلاء قالوا: إنه استثني من الملائكة، وليس منهم، لأنه أمر بالسجود كما أمروا، فخالف وأطاعوا، فاستثني من فعلهم [["الأضداد" لابن الأنباري: ص 337، وانظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 82، وقد مال إلى نحو هذا ابن كثير في "تفسيره" 1/ 81.]]، ويجوز أن يكون استثناء منقطعا [[انظر "المشكل" لمكي 1/ 37، "البيان" 1/ 74، "البحر" 1/ 153.]] كقول [[في (أ)، (ج): (لقول)، وقوله (منقطعا) ساقط من (ب).]] العرب: ارتحل العسكر إلا الأثقال، وسار الناس إلَّا الخيام [[قال أبن الأنباري: (... ونصب على الاستثناء وهو من غير جنسهم. كما تقول العرب: سار الناس إلا الأثقال، وارتحل أهل العسكر إلا الأبنية والخيام)، "الأضداد" لابن الأنباري: ص 337.]]. وقال سعيد بن المسيب. إن إبليس سبي من الجن حين اقتتلوا [[هكذا في جميع النسخ وهذا على لغة (أكلوني البراغيث).]] الملائكة، وكان صغيرا فنشأ بين الملائكة [[أخرج نحوه ابن جرير عن شهر بن حوشب وسعد بن مسعود 1/ 227، وذكره ابن عطية والقرطبي، وقالا: حكاه الطبري عن ابن مسعود، وظاهر كلامهما أنه عبد الله ابن مسعود، ولم يرووه عنه، وإنما عن سعد بن مسعود ولعل القرطبي نقل ذلك عن ابن عطية. انظر. "تفسير ابن عطية" 1/ 246، و"تفسير القرطبي" 1/ 251، وذكره ابن كثير عن سعد بن مسعود، "تفسير ابن كثير" 1/ 81، ولم أجده عن، سعيد فيما اطلعت عليه.]]. وهذا اختيار الحسين بن الفضل. وإليه ذهبت المعتزلة [[أي: إلى أن إبليس ليس من الملائكة. انظر: "تفسير الرازي" 1/ 213. قال الزمخشري: إنه كان جنيا واحد بين أظهر الألوف من الملائكة مغمورا بهم، فغلبوا عليه في قوله: "فسجدوا". "الكشاف" 1/ 273.]]. وقوله [[في (ب): (وكان).]] تعالى: ﴿أَبَى وَاسْتَكْبَرَ﴾. هما بمعنى واحد، وكرر للتأكيد [[(أبى) امتنع عن السجود، و (استكبر) تكبر وتعاظم في نفسه فهو من أفعال القلوب، والإباء: الامتناع من السجود، والامتناع نابع من الكبر. انظر "تفسير ابن عطية" 1/ 248، "البحر" 1/ 153، وأبي السعود في "تفسيره" 1/ 85.]]، وحقيقة الاستكبار: الأنفة مما لا ينبغي أن يؤنف منه [[ذكر الأزهري عن ابن الأنباري: الاستكبار: الامتناع عن قبول الحق معاندة وتكبرا. "التهذيب" (كبر) 4/ 3090، "مفردات الراغب": ص 421.]]. وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. أي وصار [[في (ب): (وصار من الكافرين). هذا هو القول الأول أن (كان) بمعنى: صار، انظر. "تفسير أبي الليث" 1/ 110، و"تفسيرالثعلبي" 1/ 64 أ، و"تفسير ابن عطية" 1/ 248، و"زاد المسير" 1/ 65، و"تفسير القرطبي" 1/ 252، و"البحر" 1/ 154، وفي "تفسير ابن كثير" 1/ 81، قال ابن عطية بعد أن ذكر هذا القول: قال ابن فورك: وهذا خطأ ترده الأصول، ونقل هذا القرطبي وابن كثير.]]،. كقوله: ﴿وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾ [هود: 43]. وقال الأكثرون معناه: وكان في سابق علم الله من الكافرين [[قول جمهور المفسرين على أن (كان) على بابها، انظر: "تفسير أبي الليث" 1/ 110، و"الثعلبي" 1/ 64 أ، و"ابن عطية" 1/ 248، و"القرطبي" 1/ 252، و"زاد المسير" 1/ 65، و"ابن كثير" 1/ 81، "البحر" 1/ 321. قال ابن جرير: (ومعنى قوله: ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾: أنه كان حين أبى السجود من الكافرين حينئذ). "تفسير الطبري" 1/ 228.]]. وقيل: كان من الجن الذين كانوا قبله [[(قبله) ساقطة من (ب).]] على مذهب من جعله منهم [[انظر "تفسير الثعلبي" 1/ 64 أ، وابن عطية في "تفسيره" 1/ 248، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 252، "البحر" 1/ 154.]]. فإن قيل: كيف جمع، ولم يكن في ذلك الوقت كافر غير إبليس [[يرد هذا السؤال على قول من قال: إن إبليس أول كافر. ولم يسبقه كفر، أما عند من قال: إنه سبقه كفار وهم الجن سكان الأرض. فلا يرد أصلا، انظر "تفسير ابن عطية" 1/ 248، و"تفسير القرطبي" 1/ 255، و"تفسير الرازي" 2/ 237، و"البحر" 1/ 154.]]؟ فيقال: إن الله سبحانه علم أنه يكون [[في (ب): (سيكون).]] بعد إبليس كافرون، كقول إبراهيم [[في (ب): (إبراهيم عليه السلام).]] ﴿وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [الأنبياء: 56] معناه: أنه علم [[في (ب): (عالم).]] أنه سيكون بعده من يشهد على قومه بمثل شهادته [[انظر: "تفسير الرازي" 2/ 238.]]. وقيل: كان من القوم الذين إذا فعل واحد منهم مثل فعله كان مثله [[ذكره الرازي في "تفسيره" 2/ 238.]]. وعلى ما قاله سعيد بن المسيب [[قول سعيد الذي سبق: هو: أن إبليس سبي من الجن فنشأ بين الملائكة. فعلى هذا القول يتوجه أنه ليس أول كافر كما سبق.]]، لا يتوجه هذا السؤال.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب