الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالقِسْطِ﴾ أيْ: مُواظِبِينَ عَلى العَدْلِ في جَمِيعِ الأُمُورِ، مُجْتَهِدِينَ في ذَلِكَ كُلَّ الِاجْتِهادِ، لا يَصْرِفْكم عَنْهُ صارِفٌ.
وعَنِ الرّاغِبِ أنَّهُ سُبْحانَهُ نَبَّهَ بِلَفْظِ القَوّامِينَ عَلى أنَّ مُراعاةَ العَدالَةِ مَرَّةً أوْ مَرَّتَيْنِ لا تَكْفِي، بَلْ يَجِبُ أنْ تَكُونَ عَلى الدَّوامِ، فالأُمُورُ الدِّينِيَّةُ لا اعْتِبارَ بِها ما لَمْ تَكُنْ مُسْتَمِرَّةً دائِمَةً، ومَن عَدَلَ مَرَّةً أوْ مَرَّتَيْنِ لا يَكُونُ في الحَقِيقَةِ عادِلًا أيْ: لا يَنْبَغِي أنْ يُطْلَقَ فِيهِ ذَلِكَ ﴿شُهَداءَ﴾ بِالحَقِّ ﴿لِلَّهِ﴾ بِأنْ تُقِيمُوا شَهاداتِكم لِوَجْهِ اللَّهِ تَعالى لا لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ، وانْتِصابُ (شُهَداءَ) عَلى أنَّهُ خَبَرٌ ثانٍ لَـ(كُونُوا) ولا يَخْفى ما في تَقْدِيمِ الخَبَرِ الأوَّلِ مِنَ الحُسْنِ.
وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ عَلى أنَّهُ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ فِيهِ، وأُيِّدَ بِما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - أنَّهُ قالَ في مَعْنى الآيَةِ: أيْ: كُونُوا قَوّالِينَ بِالحَقِّ في الشَّهادَةِ عَلى مَن كانَتْ، ولِمَن كانَتْ، مِن قَرِيبٍ وبَعِيدٍ.
وقِيلَ: إنَّهُ صِفَةُ (قَوّامِينَ) وقِيلَ: إنَّهُ حَبَرُ (كُونُوا) و(قَوّامِينَ) حالٌ ﴿ولَوْ عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ أيْ: ولَوْ كانَتِ الشَّهادَةُ عَلى أنْفُسِكُمْ، وفُسِّرَتِ الشَّهادَةُ بِبَيانِ الحَقِّ مَجازًا، فَتَشْمَلُ الإقْرارَ المُرادَ ها هُنا، والشَّهادَةَ بِالمَعْنى الحَقِيقِيِّ المُرادِ فِيما بَعْدُ، فَلا يَلْزَمُ الجَمْعُ بَيْنَ الحَقِيقَةِ والمَجازِ، وقِيلَ: الكَلامُ خارِجٌ مَخْرَجَ المُبالِغَةِ، ولَيْسَ المَقْصُودُ حَقِيقَتَهُ، فَلا حاجَةَ إلى القَوْلِ بِعُمُومِ المَجازِ لِيَشْمَلَ الإقْرارَ حَيْثُ إنَّ شَهادَةَ المَرْءِ عَلى نَفْسِهِ لَمْ تُعْهَدْ، والجارُّ - عَلى ما أُشِيرَ إلَيْهِ - (p-168)ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ وقَعَ خَبَرًا لَكانَ المَحْذُوفَةِ، وإنْ كانَ في الأصْلِ صِلَةً؛ لِأنَّ مُتَعَلِّقَ المَصْدَرِ قَدْ يُجْعَلُ خَبَرًا عَنْهُ، فَيَصِيرُ مُسْتَقِرًّا، مِثْلُ (الحَمْدُ لِلَّهِ) ولا يَجُوزُ ذَلِكَ في اسْمِ الفاعِلِ ونَحْوِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِخَبَرٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: ولَوْ كانَتِ الشَّهادَةُ وبالًا عَلى أنْفُسِكم.
وعَلَّقَهُ أبُو البَقاءِ بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ (شُهَداءَ) أيْ: لَوْ شَهِدْتُمْ عَلى أنْفُسِكُمْ، وجُوِّزَ تَعَلُّقُهُ بِـ(قَوّامِينَ) وفِيهِ بُعْدٌ، (ولَوْ) إمّا عَلى أصْلِها أوْ بِمَعْنى إنْ، وهي وصَلِيَّةٌ، وقِيلَ: جَوابُها مُقَدَّرٌ، أيْ: لَوَجَبَ أنْ تَشْهَدُوا عَلَيْها ﴿أوِ الوالِدَيْنِ والأقْرَبِينَ﴾ أيْ: ولَوْ كانَتْ عَلى والِدَيْكُمْ، وأقْرَبِ النّاسِ إلَيْكُمْ، أوْ ذَوِي قَرابَتِكُمْ، وعُطِفَ الأوَّلُ بِـ(أوْ) لِأنَّهُ مُقابِلٌ لِلْأنْفُسِ، وعُطِفَ الثّانِي عَلَيْهِ بِالواوِ لِعَدَمِ المُقابَلَةِ ﴿إنْ يَكُنْ﴾ أيِ: المَشْهُودُ عَلَيْهِ ﴿غَنِيًّا﴾ يُرْجى في العادَةِ ويُخْشى ﴿أوْ فَقِيرًا﴾ يُتَرَحَّمُ عَلَيْهِ في الغالِبِ ويُحْنى، وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ (إنْ يَكُنْ غَنِيٌّ أوْ فَقِيرٌ) بِالرَّفْعِ عَلى أنَّ كانَ تامَّةٌ، وجَوابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاللَّهُ أوْلى بِهِما﴾ أيْ: فَلا تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهادَةِ عَلى الغَنِيِّ طَلَبًا لِرِضاهُ، أوْ عَلى الفَقِيرِ شَفَقَةً عَلَيْهِ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى أوْلى بِالجِنْسَيْنِ، وأنْظُرُ لَهُما مِن سائِرِ النّاسِ، ولَوْلا أنَّ حَقَّ الشَّهادَةِ مَصْلَحَةٌ لَهُما لَما شَرَعَها، فَراعُوا أمْرَ اللَّهِ، فَإنَّهُ أعْلَمُ بِمَصالِحِ العِبادِ مِنكم.
وقَرَأ أُبَيٌّ: (فاللَّهُ أوْلى بِهِمْ) بِضَمِيرِ الجَمْعِ، وهو شاهِدٌ عَلى أنَّ المُرادَ جِنْسا الغَنِيِّ والفَقِيرِ، وأنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ لَيْسَ عائِدًا عَلى الغَنِيِّ والفَقِيرِ المَذْكُورَيْنِ؛ لِأنَّ الحُكْمَ في الضَّمِيرِ العائِدِ عَلى المَعْطُوفِ بِـ(أوِ) الإفْرادُ كَما قِيلَ: لِأنَّها لِأحَدِ الشَّيْئَيْنِ أوِ الأشْياءِ، وقِيلَ: إنَّ (أوْ) بِمَعْنى الواوِ، والضَّمِيرُ عائِدٌ إلى المَذْكُورِينَ، وحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الأخْفَشِ، وقِيلَ: إنَّها عَلى بابِها وهي هُنا لِتَفْصِيلِ ما أُبْهِمَ في الكَلامِ، وذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلى أنَّ المُرادَ بِالشَّهادَةِ ما يَعُمُّ الشَّهادَةَ لِلرَّجُلِ والشَّهادَةَ عَلَيْهِ، فَكُلٌّ مِنَ المَشْهُودِ لَهُ والمَشْهُودِ عَلَيْهِ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ غَنِيًّا وأنْ يَكُونَ فَقِيرًا، فَقَدْ يَكُونانِ غَنِيَّيْنِ وقَدْ يَكُونانِ فَقِيرَيْنِ، وقَدْ يَكُونُ أحَدُهُما فَقِيرًا والآخَرُ غَنِيًّا، فَحَيْثُ لَمْ تُذْكَرِ الأقْسامُ أُتِيَ بِـ(أوْ) لِتَدُلَّ عَلى ذَلِكَ، فَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ عَلى المَشْهُودِ لَهُ والمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَلى أيِّ وصْفٍ كانا عَلَيْهِ، وقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وقالَ الرَّضِيُّ: الضَّمِيرُ الرّاجِعُ إلى المَذْكُورِ المُتَعَدِّدِ الَّذِي عُطِفَ بَعْضُهُ عَلى بَعْضِ بِـ(أوْ) يَجُوزُ أنْ يُوَحَّدَ وأنْ يُطابِقَ المُتَعَدِّدَ، وذَلِكَ يَدُورُ عَلى القَصْدِ، فَيَجُوزُ: جاءَنِي زَيْدٌ أوْ عَمْرٌو وذَهَبَ، أوْ وهُما ذاهِبانِ إلى المَسْجِدِ، وعَلى هَذا لا حاجَةَ إلى التَّوْجِيهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّثْنِيَةِ ووُجُوبِ الإفْرادِ في مِثْلِ هَذا الضَّمِيرِ، نَعَمْ قِيلَ: إنَّ الظّاهِرَ الإفْرادُ دُونَ التَّثْنِيَةِ، وإنْ جازَ كُلٌّ مِنهُما فَيَحْتاجُ العُدُولُ عَنِ الظّاهِرِ إلى نُكْتَةٍ.
وادَّعى بَعْضُهم أنَّها تَعْمِيمُ الأوْلَوِيَّةِ، ودَفْعُ تَوَهُّمِ اخْتِصاصِها بِواحِدٍ، فَتَأمَّلْ.
﴿فَلا تَتَّبِعُوا الهَوى﴾ أيْ: هَوى أنْفُسِكم ﴿أنْ تَعْدِلُوا﴾ مِنَ العُدُولِ والمَيْلِ عَنِ الحَقِّ، أوْ مِنَ العَدْلِ مُقابِلِ الجَوْرِ، وهو في مَوْضِعِ المَفْعُولِ لَهُ إمّا لِلِاتِّباعِ المَنهِيِّ عَنْهُ أوْ لِلنَّهْيِ، فالِاحْتِمالاتُ أرْبَعَةٌ:
الأوَّلُ: أنْ يَكُونَ بِمَعْنى العُدُولِ، وهو عِلَّةٌ لِلْمَنهِيِّ عَنْهُ، فَلا حاجَةَ إلى تَقْدِيرٍ.
والثّانِي: أنْ يَكُونَ بِمَعْنى العَدْلِ، وهو عِلَّةٌ لِلْمَنهِيِّ عَنْهُ، فَيُقَدَّرُ مُضافٌ، أيْ: كَراهَةَ أنْ تَعْدِلُوا.
والثّالِثُ: أنْ يَكُونَ بِمَعْنى العُدُولِ، وهو عِلَّةٌ لِلنَّهْيِ، فَيَحْتاجُ إلى التَّقْدِيرِ كَما في الِاحْتِمال الثّانِي، أيْ: أنْهاكَمْ عَنِ اتِّباعِ الهَوى؛ كَراهَةَ العُدُولِ عَنِ الحَقِّ.
والرّابِعُ: أنْ يَكُونَ بِمَعْنى العَدْلِ، وهو عِلَّةٌ لِلنَّهْيِ، فَلا يَحْتاجُ إلى التَّقْدِيرِ كَما في الِاحْتِمالِ الأوَّلِ، أيْ: أنْهاكم عَنِ اتِّباعِ الهَوى لِلْعَدْلِ وعَدَمِ الجَوْرِ.
﴿وإنْ تَلْوُوا﴾ ألْسِنَتَكم عَنِ الشَّهادَةِ، بِأنْ تَأْتُوا بِها عَلى غَيْرِ وجْهِها الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ، كَما رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، والضَّحّاكِ، وحُكِيَ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ (p-169)- رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - وهو الظّاهِرُ، وقِيلَ: اللَّيُّ المَطْلُّ في أدائِها، ونُسِبَ إلى ابْنِ عَبّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما.
﴿أوْ تُعْرِضُوا﴾ أيْ: تَتْرُكُوا إقامَتَها رَأْسًا، وهو خِطابٌ لِلشُّهُودِ،وقِيلَ: إنَّ الخِطابَ لِلْحُكّامِ، واللَّيُّ الحُكْمُ بِالباطِلِ، والإعْراضُ عَدَمُ الِالتِفاتِ إلى أحَدِ الخَصْمَيْنِ، ونُسِبَ هَذا إلى السُّدِّيِّ، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما – أيْضًا، وقَرَأ حَمْزَةُ: (وإنْ تَلُوا) بِضَمِّ اللّامِ وواوٍ ساكِنَةٍ، وهو مِنَ الوِلايَةِ بِمَعْنى مُباشَرَةِ الشَّهادَةِ، وقِيلَ: إنَّ أصْلَهُ تَلْوُوا بِواوَيْنِ أيْضًا، نُقِلَتْ ضَمَّةُ الواوِ بَعْدَ قَلْبِها هَمْزَةً أوِ ابْتِداءً إلى ما قَبْلَها، ثُمَّ حُذِفَتْ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وعَلى هَذا فالقِراءَتانِ بِمَعْنًى ﴿فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ﴾ مِنَ اللَّيِّ والإعْراضِ، أوْ مِن جَمِيعِ الأعْمالِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها ما ذُكِرَ ﴿خَبِيرًا﴾ عالِمًا مُطَّلِعًا، فَيُجازِيكم عَلى ذَلِكَ، وهو وعِيدٌ مَحْضٌ عَلى القِراءَةِ الأُولى، وعَلى القِراءَةِ الأخِيرَةِ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وأنْ يَكُونَ مُتَضَمِّنًا لِلْوَعْدِ.
والآيَةُ - كَما أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ - نَزَلَتْ في النَّبِيِّ ﷺ ««اخْتَصَمَ إلَيْهِ رَجُلانِ غَنِيٌّ وفَقِيرٌ، فَكانَ خُلُقُهُ مَعَ الفَقِيرِ، يَرى أنَّ الفَقِيرَ لا يَظْلِمُ الغَنِيَّ، فَأبى اللَّهُ تَعالى إلّا أنْ يَقُولَ بِالقِسْطِ في الغَنِيِّ والفَقِيرِ»» وهي مُتَضَمِّنَةٌ لِلشَّهادَةِ عَلى مَن ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعالى، ولا تَعَرُّضَ فِيها لِلشَّهادَةِ لَهم عَلى ما هو الظّاهِرُ، وحَمَلَها بَعْضُهم عَلى ما يَشْمَلُ القِسْمَيْنِ.
ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - كَما أشَرْنا إلَيْهِ، فَيَجُوزُ عِنْدَهُ شَهادَةُ الوَلَدِ لِوالِدِهِ، والوالِدِ لِوَلَدِهِ.
وحُكِيَ عَنِ ابْنِ شِهابٍ الزُّهْرِيِّ أنَّهُ قالَ: كانَ سَلَفُ المُسْلِمِينَ عَلى ذَلِكَ حَتّى ظَهَرَ مِنَ النّاسِ أُمُورٌ حَمَلَتِ الوُلاةَ عَلى اتِّهامِهِمْ، فَتُرِكَتْ شَهادَةُ مَن يُتَّهَمُ، ولا يَخْفى أنَّ حَمْلَ الآيَةِ عَلى ذَلِكَ بَعِيدٌ جِدًّا، وأبْعَدُ مِنهُ بِمَراحِلَ - بَلْ لا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ مِن بابِ الإشارَةِ - كَوْنُ المُرادِ مِنها: (كُونُوا شُهَداءَ لِلَّهِ) تَعالى بِوَحْدانِيَّتِهِ، وكَمالِ صِفاتِهِ، وحِقِّيَّةِ أحْكامِهِ، ولَوْ كانَ ذَلِكَ مُضِرًّا لِأنْفُسِكم أوْ لِوالِدَيْكم وأقْرَبِيكُمْ، بِأنْ تُوجِبَ الشَّهادَةُ ذَهابَ حَياةِ هَؤُلاءِ أوْ أمْوالِهِمْ أوْ غَيْرُ ذَلِكَ.
﴿إنْ يَكُنْ﴾ أيِ: الشّاهِدُ ﴿غَنِيًّا﴾ تَضُرُّ شَهادَتُهُ بِغِناهُ ﴿أوْ فَقِيرًا﴾ تَسُدُّ شَهادَتُهُ بابَ دَفْعِ الحاجَةِ عَلَيْهِ ﴿فاللَّهُ﴾ تَعالى ﴿أوْلى بِهِما﴾ مِن أنْفُسِهِما، فَيَنْبَغِي أنْ يُرَجِّحا اللَّهَ تَعالى عَلى أنْفُسِهِما.
واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى أنَّ العَبْدَ لا مَدْخَلَ لَهُ في الشَّهادَةِ؛ إذْ لَيْسَ قَوّامًا بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا مِنَ الخُرُوجِ إلى القاضِي، وعَلى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الخَصْمَيْنِ عَلى الحاكِمِ، وهو ظاهِرٌ عَلى رَأْيٍ.
ووَجْهُ مُناسَبَتِها لِما تَقَدَّمَ - عَلى ما في البَحْرِ - أنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ النِّساءَ والنُّشُوزَ والمُصالَحَةَ عَقَّبَهُ بِالقِيامِ لِأداءِ الحُقُوقِ، وفي الشَّهادَةِ حُقُوقٌ، أوْ لِأنَّهُ - سُبْحانَهُ - لَمّا بَيَّنَ أنَّ طالِبَ الدُّنْيا مَلُومٌ وأشارَ إلى أنَّ طالِبَ الأمْرَيْنِ أوْ أشْرَفَهُما هو المَمْدُوحُ بَيَّنَ أنَّ كَمالَ ذَلِكَ أنْ يَكُونَ قَوْلُ الإنْسانِ وفِعْلُهُ لِلَّهِ تَعالى، أوْ لِأنَّهُ - تَعالى شَأْنُهُ - لَمّا ذَكَرَ في هَذِهِ السُّورَةِ ﴿وإنْ خِفْتُمْ ألا تُقْسِطُوا في اليَتامى﴾ والإشْهادَ عِنْدَ دَفْعِ أمْوالِهِمْ إلَيْهِمْ، وأمَرَ بِبَذْلِ النَّفْسِ والمالِ في سَبِيلِ اللَّهِ تَعالى، وذَكَرَ قِصَّةَ الخائِنِ واجْتِماعَ قَوْمِهِ عَلى الكَذِبِ والشَّهادَةِ بِالباطِلِ، ونَدَبَ لِلْمُصالَحَةِ، عَقَّبَ ذَلِكَ بِأنْ أمْرَ عِبادِهِ المُؤْمِنِينَ بِالقِيامِ بِالعَدْلِ والشَّهادَةِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُونُوا۟ قَوَّ ٰمِینَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَاۤءَ لِلَّهِ وَلَوۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِكُمۡ أَوِ ٱلۡوَ ٰلِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَۚ إِن یَكُنۡ غَنِیًّا أَوۡ فَقِیرࣰا فَٱللَّهُ أَوۡلَىٰ بِهِمَاۖ فَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلۡهَوَىٰۤ أَن تَعۡدِلُوا۟ۚ وَإِن تَلۡوُۥۤا۟ أَوۡ تُعۡرِضُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق