الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في (سُنَنِهِ)، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ﴾ الآيَةَ، قالَ: أمَرَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ أنْ يَقُولُوا بِالحَقِّ ولَوْ عَلى أنْفُسِهِمْ أوْ آبائِهِمْ أوْ أبْنائِهِمْ، لا يُحابُوا غَنِيًّا لِغِناهُ، ولا يَرْحَمُوا مِسْكِينًا لِمَسْكَنَتِهِ، وفي قَوْلِهِ: ﴿فَلا تَتَّبِعُوا الهَوى﴾ قالَ: فَتَذَرُوا الحَقَّ (p-٧٤)فَتَجُورُوا، ﴿وإنْ تَلْوُوا﴾ يَعْنِي: ألْسِنَتَكم بِالشَّهادَةِ، ﴿أوْ تُعْرِضُوا﴾ عَنْها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ في (الزُّهْدِ)، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو نُعَيْمٍ في (الحِلْيَةِ)، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ﴾ الآيَةَ، قالَ: الرَّجُلانِ يَجْلِسانِ عِنْدَ القاضِي، فَيَكُونُ لَيُّ القاضِي وإعْراضُهُ لِأحَدِ الرَّجُلَيْنِ عَلى الآخَرِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، مِن طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مَوْلًى لِابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المَدِينَةَ كانَتِ (البَقَرَةُ) أوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ، ثُمَّ أرْدَفَها سُورَةَ (النِّساءِ) . قالَ: فَكانَ الرَّجُلُ يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهادَةُ قِبَلَ ابْنِهِ، أوْ ذَوِي رَحِمَهُ، فَيَلْوِي بِها لِسانَهُ، أوْ يَكْتُمُها، مِمّا يَرى مِن عُسْرَتِهِ حَتّى يُوسِرَ فَيَقْضِيَ، فَنَزَلَتْ: ﴿كُونُوا قَوّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ﴾ حَتّى: ﴿إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أوْ فَقِيرًا﴾ [النساء»: ١٣٥] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في الآيَةِ قالَ: «نَزَلَتْ في النَّبِيِّ ﷺ، اخْتَصَمَ إلَيْهِ رَجُلانِ، غَنِيٌّ وفَقِيرٌ، فَكانَ ضَلْعُهُ مَعَ الفَقِيرِ، يَرى أنَّ الفَقِيرَ لا يَظْلِمُ (p-٧٥)الغَنِيَّ، فَأبى اللَّهُ إلّا أنْ يَقُومَ بِالقِسْطِ في الغَنِيِّ والفَقِيرِ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: هَذا في الشَّهادَةِ، فَأقِمِ الشَّهادَةَ يا ابْنَ آدَمَ، ولَوْ عَلى نَفْسِكَ، أوِ الوالِدَيْنِ، والأقْرَبِينَ، أوْ عَلى ذِي قَرابَتِكَ، أوْ أشْرافِ قَوْمِكَ، فَإنَّما الشَّهادَةُ لِلَّهِ ولَيْسَتْ لِلنّاسِ، وإنَّ اللَّهَ تَعالى رَضِيَ بِالعَدْلِ لِنَفْسِهِ، والإقْساطِ، والعَدْلُ مِيزانُ اللَّهِ في الأرْضِ، بِهِ يَرُدُّ اللَّهُ مِنَ الشَّدِيدِ عَلى الضَّعِيفِ، ومِنَ الكاذِبِ عَلى الصّادِقِ، ومِنَ المُبْطِلِ عَلى المُحِقِّ، وبِالعَدْلِ يُصَدَّقُ الصّادِقُ، ويُكَذَّبُ الكاذِبُ، ويَرُدُّ المُعْتَدِيَ ويُوَبِّخُهُ تَعالى رَبُّنا وتَبارَكَ، وبِالعَدْلِ يَصْلُحُ النّاسُ، يا ابْنَ آدَمَ: ﴿إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أوْ فَقِيرًا فاللَّهُ أوْلى بِهِما﴾ يَقُولُ: اللَّهُ أوْلى بِغَنِيِّكم وفَقِيرِكُمْ، ولا يَمْنَعْكَ غِنى غَنِيٍّ، ولا فَقْرُ فَقِيرٍ أنْ تَشْهَدَ عَلَيْهِ بِما تَعْلَمُ، فَإنَّ ذَلِكَ مِنَ الحَقِّ، قالَ: وذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: يا رَبِّ، أيُّ شَيْءٍ وضَعْتَ في الأرْضِ أقَلُّ؟ قالَ: العَدْلُ أقَلُّ ما وضَعْتُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تَلْوُوا أوْ تُعْرِضُوا﴾، يَقُولُ: تَلْوِي لِسانَكَ بِغَيْرِ الحَقِّ، وهي اللَّجْلَجَةُ، فَلا تُقِيمُ الشَّهادَةَ عَلى وجْهِها، والإعْراضُ التَّرْكُ (p-٧٦)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: ﴿تَلْوُوا﴾: تُحَرِّفُوا، و﴿تُعْرِضُوا﴾: تَتْرُكُوا. وأخْرَجَ آدَمُ، والبَيْهَقِيُّ في (سُنَنِهِ)، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تَلْوُوا﴾ يَقُولُ: تُبَدِّلُوا الشَّهادَةَ: ﴿أوْ تُعْرِضُوا﴾ يَقُولُ: تَكْتُمُوها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب