الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالقِسْطِ﴾، ”اَلْقِسْطُ“، و”اَلْإقْساطُ“: اَلْعَدْلُ، يُقالُ: ”أقْسَطَ الرَّجُلُ، يُقْسِطُ، إقْساطًا“، إذا عَدَلَ، وأتى بِالقِسْطِ، ويُقالُ: ”قَسَطَ الرَّجُلُ، قُسُوطًا“، إذا جارَ، قالَ اللَّهُ - جَلَّ وعَزَّ -: ﴿وَأقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: ٩]، أيْ: اِعْدِلُوا، إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العادِلِينَ، وقالَ - جَلَّ وعَزَّ -: ﴿وَأمّا القاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ [الجن: ١٥]، أيْ: اَلْجائِرُونَ، يُقالُ: ”قَسَطَ البَعِيرُ، قَسْطًا“، إذا يَبِسَتْ يَدُهُ، و”يَدٌ قَسْطاءُ“، أيْ: يابِسَةٌ، فَكَأنَّ ”أقْسَطَ“: أقامَ الشَّيْءَ عَلى حَقِيقَةِ التَّعْدِيلِ، وكَأنَّ ”قَسَطَ“، بِمَعْنى ”جارَ“، مَعْناهُ: يَبَّسَ الشَّيْءَ، وأفْسَدَ جِهَتَهُ المُسْتَقِيمَةَ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ عَلى أنْفُسِكم أوِ الوالِدَيْنِ والأقْرَبِينَ﴾، (p-١١٨)اَلْمَعْنى: قُومُوا بِالعَدْلِ، وأشْهِدُوا لِلَّهِ بِالحَقِّ، وإنْ كانَ الحَقُّ عَلى نَفْسِ الشّاهِدِ، أوْ عَلى والِدَيْهِ، وأقْرَبِيهِ، ﴿إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أوْ فَقِيرًا فاللَّهُ أوْلى بِهِما﴾، أيْ: إنْ يَكُنِ المَشْهُودُ لَهُ فَقِيرًا، فاللَّهُ أوْلى بِهِ، وكَذَلِكَ إنْ يَكُنِ المَشْهُودُ عَلَيْهِ غَنِيًّا، فاللَّهُ أوْلى بِهِ، فالتَّأْوِيلُ: أقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ عَلى أنْفُسِكُمْ، وأقارِبِكُمْ، ولا تَمِيلُوا في الشَّهادَةِ رَحْمَةً لِلْفَقِيرِ، ولا تَحِيفُوا لِاحْتِفالِ غِنى غَنِيٍّ عِنْدَكُمْ. وَقَوْلُهُ: ﴿فَلا تَتَّبِعُوا الهَوى أنْ تَعْدِلُوا﴾، أيْ: لا تَتَّبِعُوا الهَوى فَتَعْدِلُوا، ﴿وَإنْ تَلْوُوا أوْ تُعْرِضُوا﴾، قَرَأ عاصِمٌ، وأبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ، وأهْلُ المَدِينَةِ: ”تَلْوُوا“، بِواوَيْنِ، وقَرَأ يَحْيى بْنُ وثّابٍ، والأعْمَشُ، وحَمْزَةُ، بِواوٍ واحِدَةٍ: ”تَلُوا“، والأشْبَهُ عَلى ما جاءَ في التَّفْسِيرِ، ومَذْهَبِ أهْلِ المَدِينَةِ، وأبِي عَمْرٍو - لِأنَّهُ جاءَ في التَّفْسِيرِ - أنَّ ”لَوى الحاكِمُ في قَضِيَّتِهِ“: أعْرَضَ، فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا، يُقالُ: ”لَوَيْتُ فُلانًا حَقَّهُ“، إذا دَفَعْتَهُ بِهِ، ومَطَلْتَهُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”وَإنْ تَلُو“، أصْلُهُ ”تَلْوُوا“، فَأبْدَلُوا مِنَ الواوِ المَضْمُومَةِ هَمْزَةً، فَصارَتْ ”تَلْؤُوا“، بِإسْكانِ اللّامِ، ثُمَّ طُرِحَتِ الهَمْزَةُ، وطُرِحَتْ حَرَكَتُها عَلى اللّامِ، فَصارَ ”تَلُو“، كَما قِيلَ في ”أدْؤُرٌ“: ”أدُورٌ“، ثُمَّ طُرِحَتِ الهَمْزَةُ، فَصارَتْ ”آدُرٌ“، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”وَإنْ تَلُوا“، مِن ”اَلْوِلايَةُ“، و”تُعْرِضُوا“، أيْ: إنْ قُمْتُمْ بِالأمْرِ، أوْ أعْرَضْتُمْ عَنْهُ، ﴿فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: ١٢٨] (p-١١٩)وَقَوْلُهُ: ﴿فَتَذَرُوها كالمُعَلَّقَةِ﴾ [النساء: ١٢٩]، قِيلَ: كالمَحْبُوسَةِ، لا أيِّمًا، ولا ذاتَ بَعْلٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب