الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿وإذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ ياقَوْمِ إنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ العِجْلَ فَتُوبُوا إلى بارِئِكُمْ فاقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: ٥٤].
كتَبَ اللهُ على بني إسرائيلَ مِن أصحابِ موسى قَتْلَ أنفسِهم، عقابًا لهم على اتِّخاذِ العجلِ مِن دونِ اللهِ معبودًا، وهو الظُّلْمُ المقصودُ في الآيةِ: ﴿ظَلَمْتُمْ أنْفُسَكُمْ﴾، والشِّركُ أعظمُ الظلمِ، كما في قولِه تعالى: ﴿وإذْ قالَ لُقْمانُ لاِبْنِهِ وهُوَ يَعِظُهُ يابُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: ١٣].
وروى ابنُ جريرٍ الطبريُّ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ ومجاهدٍ قالا: قامَ بعضُهم إلى بعضٍ بالخَناجِرِ يقتُلُ بعضُهم بعضًا، لا يَحِنُّ رجلٌ على رجلٍ قريبٍ ولا بعيدٍ، حتى ألْوى موسى بثوبِهِ، فطرَحُوا ما بأيدِيهم، فتكشَّفَ عن سبعينَ ألفَ قتيلٍ، وإنّ اللهَ أوْحى إلى موسى: أنْ حَسْبِي، فقدِ اكْتَفَيْتُ! فذلكَ حينَ ألْوى بثوبِهِ[[«تفسير الطبري» (١ /٦٨٠).]].
إقامةُ الحدودِ بالإمامِ ونُوّابه:
وهؤلاءِ أقامُوا حَدَّ اللهِ على أنفسِهم بأمرِ اللهِ وبلاغِ موسى، وفي هذا إشارةٌ إلى أنّ حدودَ اللهِ وأحكامَهُ يجوزُ أنْ يُقِيمَها الناسُ فيما بينَهم عندَ تحقُّقِ العدلِ وانتفاءِ الظلمِ والبغيِ، وذلك بأمرِ الإمامِ ومباشَرةِ صاحِبِ الحَقِّ بنفسِهِ بقتلِ قاتِلِ وليِّهِ بإذنِ الإمامِ، وهو صحيحٌ في قولِ جمهورِ العلماءِ، لقولِه تعالى: ﴿ومَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطانًا فَلا يُسْرِفْ فِي القَتْلِ﴾ [الإسراء: ٣٣].
ولِما روى مسلمٌ في «صحيحِه»، مِن حديثِ عَلْقمةَ بنِ وائلٍ، أنّ أباهُ حدَّثَهُ قال: إنِّي لَقاعِدٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، إذْ جاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، هَذا قَتَلَ أخِي، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (أقَتَلْتَهُ؟) ـ فَقالَ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ، أقَمْتُ عَلَيْهِ البَيِّنَةَ ـ قالَ: نَعَمْ قَتَلْتُهُ، قالَ: (كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟)، قالَ: كُنْتُ أنا وهُوَ نَخْتَبِطُ مِن شَجَرَةٍ، فَسَبَّنِي، فَأَغْضَبَنِي، فَضَرَبْتُهُ بِالفَأْسِ عَلى قَرْنِهِ، فَقَتَلْتُهُ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: (هَلْ لَكَ مِن شَيْءٍ تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ؟)، قالَ: ما لِي مالٌ إلاَّ كِسائِي وفَأْسِي، قالَ: (فَتَرى قَوْمَكَ يَشْتَرُونَكَ؟)، قالَ: أنا أهْوَنُ عَلى قَوْمِي مِن ذاكَ، فَرَمى إلَيْهِ بِنِسْعَتِهِ، وقالَ: (دُونَكَ صاحِبَكَ)، فانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُلُ، فَلَمّا ولّى، قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (إنْ قَتَلَهُ، فَهُوَ مِثْلُهُ)، فَرَجَعَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّهُ بَلَغَنِي أنَّكَ قُلْتَ: (إنْ قَتَلَهُ، فَهُوَ مِثْلُهُ)، وأَخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ؟! فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (أما تُرِيدُ أنْ يَبُوءَ بِإثْمِكَ، وإثْمِ صاحِبِكَ؟)، قالَ: يا نَبِيَّ اللهِ ـ لَعَلَّهُ قالَ: بَلى ـ قالَ: (فَإنَّ ذاكَ كَذاكَ)، قالَ: فَرَمى بِنِسْعَتِهِ وخَلّى سَبِيلَهُ[[أخرجه مسلم (١٦٨٠) (٣ /١٣٠٧).]].
فالنبيُّ ﷺ دفَعَهُ إليه بقولِه: (دُونَكَ صاحِبَكَ).
وإلى هذا ذهَبَ جماعةٌ مِن السلفِ، كابنِ عباسٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، ومجاهدٍ، وطَلْقِ بنِ حبيبٍ، وقتادةَ، وجماعةٍ.
وقولُهُ ﷺ في الحديثِ: (إنْ قَتَلَهُ، فَهُوَ مِثْلُهُ)، أيْ: أنّه لا فَضْلَ ولا مِنَّةَ لأحدِهما على الآخَرِ، لأنّه أخَذَ حقَّهُ واستَوْفاه، فليس له أجْر، ولا جميلُ ذِكْر.
وظاهرُ مذهبِ الحنابلةِ: أنّ حضورَ الوالي أو نائبِهِ واجبٌ، خوفًا مِن التعدِّي[[«المغني» (٨ /٣٠٦).]].
ومذهبُ الشافعيَّةِ: أنّ حضورَه مسنونٌ، إذا كان وليُّ الدمِ ثقةً عدلًا.
والأصلُ: أنّه لا بُدَّ مِن أخذِ إذنِ وليِّ الأمرِ في الاستيفاءِ، ومَنِ استَوْفاهُ بنفسِهِ، مضى استيفاؤُهُ إذا كان وفْقَ حُكْمِ اللهِ، وللوالي تَعْزِيرُهُ لافتئاتِه عليه، وله العفوُ عنه.
روى ابنُ أبي حاتمٍ في «تفسيرِه»، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنه، فِي قولِهِ تعالى: ﴿فَلا يُسْرِفْ فِي القَتْلِ إنَّهُ كانَ مَنصُورًا ﴾ [الإسراء: ٣٣]، قال: ينصُرُهُ السلطانُ حتى يُنصِفَهُ مِن ظالِمِهِ، ومَنِ انتصَرَ لنفسِهِ دونَ السلطانِ، فهو عاصٍ مسرِفٌ، قد عَمِلَ بحَمِيَّةِ أهْلِ الجاهليَّةِ، ولم يَرْضَ بحُكْمِ اللهِ[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٧ /٢٣٢٩).]].
استيفاءُ صاحب الحقِّ حقَّه بنفسِهِ:
واستيفاءُ صاحبِ الحقِّ أو وليِّ دمِهِ لِما دُونَ النَّفْسِ: يُمنَعُ على الصحيحِ، لعدمِ الأمنِ مِن التجاوُزِ والتعذيبِ.
والشريعةُ أغلَقَتْ بابَ الثأرِ، لأنّه يُفضِي إلى تسلسُلِ العداوةِ مِن الأفرادِ إلى قتلِ الجماعاتِ انتقامًا، وهكذا كان الجاهليُّون، ففي «صحيحِ البخاريِّ»، عن ابنِ عباسٍ، أنّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: (أبْغَضُ النّاسِ إلى اللهِ ثَلاثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، ومُبْتَغٍ فِي الإسْلامِ سُنَّةَ الجاهِلِيَّةِ، ومُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ) [[أخرجه البخاري (٦٨٨٢) (٩ /٦).]].
وفي «مسندِ أحمدَ»، مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (إنَّ أعْتى النّاسِ عَلى اللهِ عزّ وجل: مَن قَتَلَ فِي حَرَمِ اللهِ، أوْ قَتَلَ غَيْرَ قاتِلِهِ، أوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الجاهِلِيَّةِ) [[أخرجه أحمد (٦٧٥٧) (٢ /١٨٧).]].
إقامةُ الحدود لولي الأمر:
وأصلُ إقامةِ الحدودِ ـ كحدِّ الزاني، والسارقِ، والقاتلِ، وشاربِ الخمرِ، والقاذفِ، والمرتدِّ، وغيرِ ذلك ـ: لوليِّ الأمرِ بالاتِّفاقِ، ولا يجوزُ لأحدٍ أنْ يَفْتَئِتَ عليه، والتعدِّي عليه في حقِّه يستوجِبُ التعزيرَ.
وقد قال تعالى: ﴿فاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنهُما﴾ [النور: ٢]، والأمرُ في هذه الآيةِ متوجِّهٌ إلى وليِّ الأمرِ، قال ابنُ العربيِّ في «تفسيرِهِ»: «لا خلافَ أنّ المخاطَبَ بهذا الأمرِ بالجَلْدِ: الإمامُ ومَن نابَ عنه»[[«أحكام القرآن» لابن العربي (٣ /٣٣٤).]].
روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن الحسنِ، قال: «أربعةٌ إلى السُّلْطانِ: الزكاةُ، والصلاةُ، والحدودُ، والقضاءُ»[[أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٤٣٨) (٥ /٥٠٦).]].
ورُوِيَ هذا عن جماعةٍ مِن السلفِ، كعَطاءٍ الخُراسانيِّ، وابنِ مُحَيْرِيزٍ[[أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٣٩)، (٢٨٤٤٠) (٥ /٥٠٦).]].
وهذا في كلِّ حَدٍّ أو تعزيرٍ، ولو كان الضررُ ظاهرًا في حقِّ إنسانٍ بعينِهِ، روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن أبي أسامةَ، عن محمدِ بنِ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، قال: «السلطانُ وليُّ مَن حارَبَ الدِّينَ، وإنْ قتَلَ أخا امرئٍ أو أباهُ»[[أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٤٤١) (٥ /٥٠٦).]].
لأنّ الأمرَ لو وُكِلَ إلى الإنسانِ صاحِبِ الحقِّ أنْ يَستوفيَ بنفسِهِ، لَظَهَرَ البغيُ في الناسِ، ولانتقَمَ أهلُ الجاني الأولِ مِن المقتَصِّ، وتسلسَلَ الأمرُ واتَّسعَتْ دائرةُ الفتنةِ، وقد بيَّنَ سبحانَه أنّ صاحِبَ الحقِّ قد يَبْغِي فحذَّرَه مِن ذلك، فقال: ﴿فَلا يُسْرِفْ فِي القَتْلِ﴾ [الإسراء: ٣٣]، يعني: لا يَتَّخِذْ حقَّه في إقامةِ الحدِّ ذريعةً إلى البغيِ.
وهذا في الحدودِ والقِصاصِ:
وأمّا في التعزيراتِ:
فذهَبَ الشافعيُّ إلى أنّها حقٌّ للإمامِ لا واجبةٌ عليه، وعلةُ ذلكَ: أنّ لوليِّ الأمرِ أنْ يعفُوَ عن المجرمِ، وأنْ يعفُوَ عن العقوبةِ لمصلحةٍ يراها، فله إنزالُ العقوبةِ وله عدمُ إنزالِها، والأمرُ يتعلَّقُ بالمصلحةِ العامةِ لا المصلحةِ الخاصةِ به، وكلُّ ما للإنسانِ أنْ يفعَلَهُ أو يترُكَهُ، فهو حقٌّ له وليس واجبًا عليه.
وظاهرُ مذهبِ مالكٍ وأبي حنيفةَ وأحمدَ: أنّ التعزيرَ واجبٌ على الإمامِ، وليس حقًّا له، ويرَوْنَ أنّ له العفوَ ما قامَتِ المصلحةُ العامةُ[[ينظر: «النتف» للسغدي (٢ /٦٤٦)، و«المبسوط» للسَّرَخسي (٩ /٦٥)، و«المدوَّنة» (٤ /٤٨٨)، و«الذخيرة» للقرافي (١٢ /١٢٠)، و«المغني» لابن قدامة (٩ /١٧٨).]].
وهذا يتفرَّعُ عن كونِ وليِّ الأمرِ يُدرِكُ مصالحَ العامَّةِ، وأنّه مِن أهلِ المعرفةِ والعدالةِ.
تعطيلُ الحاكمِ للحدودِ:
وفي حالِ تعطيلِ إقامةِ الحدِّ مِن قِبَلِ الحاكمِ: فهل يسوغُ قيامُ الأفرادِ باستيفاءِ الحدودِ مِن دونِه، في حالِ ظهورِ البيِّنةِ في الحدِّ والتعزيرِ واكتمالِ شروطِها، وكان تعطيلُ الحاكِمِ لها تعطيلًا لأصلِ الحكمِ بما أنزَلَ اللهِ، وليس لأنّ البيِّناتِ لم تتوافَرْ؟:
وجوابُ هذا يُعرَفُ بموازنةِ المصلحةِ المتحقِّقةِ بالمَفْسَدةِ المترتِّبةِ، وهنا مفسدتانِ:
المفسدةُ الأُولى: تعطيلُ الحدودِ وإقامةِ حكمِ اللهِ:
وفي إقامةِ حكمِ اللهِ لدَيْنا أمرانِ: الحُكْمُ، والتحكيمُ:
الأولُ: الحكمُ به، وهذا منوطٌ بالحاكمِ الذي يُقِيمُها، وقد وجَّهَ اللهُ الخطابَ به إلى نبيِّه، لأنّه خليفتُه في هذا الأمرِ، قال تعالى: ﴿وأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩]، وقال: ﴿إنّا أنْزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أراكَ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٠٥]، وقال: ﴿فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أنْزَلَ اللَّهُ ولا تَتَّبِعْ أهْواءَهُمْ﴾ [المائدة: ٤٨]، والحكمُ بشِرْعةِ اللهِ فريضةُ كلِّ الأنبياءِ، قال تعالى عن موسى ومَن تَبِعَهُ: ﴿إنّا أنْزَلْنا التَّوْراةَ فِيها هُدىً ونُورٌ يَحْكُمُ بِها النَّبِيُّونَ﴾ [المائدة: ٤٤]، وقال عن عيسى وقومِهِ: ﴿ولْيَحْكُمْ أهْلُ الإنْجِيلِ بِما أنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ﴾ [المائدة: ٤٧]، وقال لداودَ: ﴿ياداوُودُ إنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص: ٢٦].
ومَن ولِيَ الأمرَ على أمَّةِ الإسلامِ، فهو خليفةٌ لرسولِ اللهِ، والأمرُ يتوجَّهُ إليه مِن بابِ أولى، ويجبُ عليه تحكيمُ شِرْعةِ اللهِ، وتوجيهُ الخطابِ إلى الناسِ بالنزولِ على أمرِ اللهِ، ودَعْوَتُهم إلى ذلك، ويجبُ على الناسِ السمعُ والطاعةُ، قال تعالى: ﴿إنَّما كانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذا دُعُوا إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وأَطَعْنا﴾ [النور: ٥١]، والحكمُ بما أنزَلَ اللهُ عبادةٌ: ﴿إنِ الحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ أمَرَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيّاهُ﴾ [يوسف: ٤٠].
وتشريعُ حُكْمٍ غيرِ حكمِ اللهِ موصوفٌ فاعلُهُ: بالكفرِ، والظلمِ، والفسقِ، قال تعالى: ﴿ومَن لَمْ يَحْكُمْ بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ ﴾ [المائدة: ٤٤]، ﴿ومَن لَمْ يَحْكُمْ بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ ﴾ [المائدة: ٤٥]، ﴿ومَن لَمْ يَحْكُمْ بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ ﴾ [المائدة: ٤٧].
الثاني: التحكيمُ، ويكونُ مِن الناسِ للحاكمِ، فيتقدَّمونَ بطلبِ حقِّهم، وطَلَبُهم حكمَ اللهِ واجبٌ إنْ لم يَنزِلُوا إلى العفوِ والصلحِ بما لا يُخالِفُ نصًّا، وتحكيمُ شريعةِ اللهِ واجبٌ في جميعِ الشرائعِ، قال تعالى: ﴿كانَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ وأَنْزَلَ مَعَهُمُ الكِتابَ بِالحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ فِيما اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [البقرة: ٢١٣]، وقال: ﴿إذْ دَخَلُوا عَلى داوُودَ فَفَزِعَ مِنهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فاحْكُمْ بَيْنَنا بِالحَقِّ ولا تُشْطِطْ واهْدِنا إلى سَواءِ الصِّراطِ ﴾ [ص: ٢٢]، وقال تعالى: ﴿وكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ﴾ [المائدة: ٤٣]، وقال: ﴿فَإنْ جاءُوكَ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أوْ أعْرِضْ عَنْهُمْ وإنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وإنْ حَكَمْتَ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ﴾ [المائدة: ٤٢].
وتحكيمُ حكمِ الله واجبٌ مؤكَّدٌ على أمَّةِ محمدٍ ﷺ، بل له أثرٌ على إيمانِهم قوةً وضعفًا، وصحةً وبطلانًا، قال تعالى: ﴿فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: ٦٥]، ففرَضَ اللهُ عليهم التسليمَ والرِّضا، فكيف بأصلِ التحاكمِ ووجوبِه؟!
المفسدةُ الثانيةُ: تعطيلُ التحاكمِ إلى الشريعةِ:
وإذا لم يُقِمِ الحاكمُ الحُكْمَ، فتلك مفسدةٌ أعظمُ مِن عدمِ تحاكُمِ بعضِ الناسِ إلى حكمِ اللهِ، لأنّ تحكيمَ غيرِ حكمِ اللهِ مفسدتُهُ عامَّةٌ على الناسِ كلِّهم، وأمّا عدمُ تحاكمِ فردٍ أو جماعةٍ إلى حكمِ اللهِ، فتلك مفسدةٌ خاصةٌ بهم.
وإذا غلَبَ وجودُ منكَرٍ، والحاكمُ يَغلِبُ على الظنِّ أنّه لا يحكُمُ بحكمِ اللهِ، فالمشهورُ عن أحمدَ: عدمُ رفعِه إليه، والاكتفاءُ بزَجْرِ صاحِبِ المنكَرِ وإخافَتِه.
وإذا كان الحاكمُ يعاقِبُ صاحبَ المنكَرِ عقابًا دونَ عقابِ الشرعِ، وليس أكثرَ منه، فلا يَتجاوَزُ ويَظلِمُهُ ـ: فالأظهرُ جوازُ رفعِ المنكرِ إليه، تقليلًا للشرِّ على الناسِ، مع عدمِ الرِّضا بالحكمِ الذي يخالِفُ حكمَ اللهِ.
وإذا تعذَّرَ على الناسِ إقامةُ حكمِ اللهِ بواسطةِ الحاكمِ، فهل لهم أنْ يُقِيمُوا حكمَ اللهِ فيما بينَهم دونَ الرجوعِ إليه؟:
الذي يظهرُ أنّ هذا على حالَيْنِ:
الحـالُ الأُولـى: إذا كان هذا لا يُفضِي إلى مفسدةٍ عامَّةٍ، مِن تَداعٍ إلى أخذِ الثأرِ مِن الناسِ جاهِلِهم وعالِمِهم، بالحقِّ والباطلِ، ويُجعَلُ تفسيرُ ذلك إلى الخاصَّةِ العالمةِ، ولا يُفضِي إلى إفسادِ دينِهِم ودُنْياهم مع السلطانِ المعطِّلِ لحكمِ اللهِ، بحيثُ يقتُلُهم أو يَحْبِسُهم ـ: فالأصلُ وجوبُ إقامتِهم لحكمِ اللهِ فيما بينَهم بتوليةِ واحدٍ منهم، إذا انتفَتْ تلك المفاسدُ الكبرى.
فالشريعةُ جاءتْ بالحدودِ لضبطِ حياةِ الناسِ وأَمْنِهم وإعادةِ حقوقِهم، فإذا أفْضى حكمُهم بينَهم بذلك إلى مفسدةٍ أكبَرَ بتسلُّطِ حاكمٍ ظالمٍ يُفسِدُ مِن دينِهِم ودُنياهم ما يسعَوْنَ إلى إصلاحِهِ ـ: فلا يجوزُ لهم فعلُه.
وما يَجِدُونَ فيه فُسْحةً ـ خاصَّةً مِن المسلِمينَ مِن الأقليّاتِ في دولِ الكفرِ ـ فيجبُ عليهم الحكمُ بشرعِ اللهِ، كعُقُودِ زواجِهم بينَهم، ومَن رضِيَ وقَبِلَ منهم أنْ يُنزِلُوهُ على حكمِ اللهِ في شربِهِ للخمرِ والزِّنى والقتلِ وعقودِ البيوعِ، وجَبَ عليهم إمضاؤُها على حكمِ اللهِ، ولو لم يَرجِعوا إلى الحاكمِ المعطِّلِ.
الحالُ الثانيةُ: إذا كان هذا يُفضِي إلى مفسدةٍ بتسلُّطِ حاكمٍ ظالمٍ، فيُفسِدُ مِن دُنياهم أعظمَ ممّا يَرْجُونَ صلاحَهُ، أو يَجْعَلُ تفسيرَ الحدودِ والقِصاصِ وبيانَها إلى الأفرادِ يَجتَهِدُونَ بـجـهـلٍ وعلمٍ، ويُفضِي إلى الثأرِ والانتقامِ، فهذا مفسدتُـهُ ظـاهـرةُ العـمـومِ، فـلا يـجـوزُ، ومعرفةُ ذلك وضبطُهُ للعالِمِ العارِفِ بأحوالِ الناسِ وقضايا الأعيانِ، وليس بحكمٍ مشوبٍ بهوًى، فالشريعةُ جاءتْ لضبطِ حالِ الناسِ العامِّ والخاصِّ.
مسألةٌ: في إقامةِ الحدودِ على المَوالِي:
أمّا الإماءُ والعبيدُ، فذهَبَ جمهورُ العلماءِ: إلى جوازِ إقامةِ الحدِّ على العبدِ مِن سيِّدِه، ذهَبَ إلى هذا مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ، وهو قولُ أكثرِ الصحابةِ والتابعينَ، وعليه عملُهم[[«المدونة» (٤ /٥١٩)، و«البيان في فقه الشافعي» (١٢ /٣٨٠)، و«المغني» (٩ /٥١)، و«الاستذكار» (٧ /٥٠٨).]].
وجاء عن مالكٍ استثناءُ حدِّ القطعِ في السرقةِ، وجعَلَهُ لوليِّ الأمرِ بكلِّ حالٍ[[«المدونة» (٤ /٥١٩).]].
ويرى أبو حنيفةَ: أنّ ذلك كلَّه للإمامِ، وفي مذهبِ الحنفيَّةِ قولٌ: أنّه لا يُقيمُ السيدُ الحدَّ على عبدِه إن كان عبدُهُ زوجًا لحُرَّةٍ، أو لأَمَةِ غيرِه، أو كانتْ أمَتُهُ زوجةً لحُرٍّ، أو لعبدِ غيرِه، ففي هذه الصورِ لا يُقيمُ الحدَّ إلا الإمامُ فقطْ[[«المبسوط»، للسرخسي (٩ /١٣٩).]].
وهذا مرويٌّ عن ابنِ عمرَ، كما رواهُ عبدُ الرزّاقِ، عن الزُّهْريِّ، عن سالمٍ، عن ابنِ عمرَ، قال في الأَمَةِ إذا كانت ليست بذاتِ زوجٍ، فزَنَتْ: جُلِدَتْ نِصْفَ ما على المُحْصناتِ مِن العذابِ، يَجلِدُها سيِّدُها، فإنْ كانت مِن ذواتِ الأزواجِ، رُفِعَ أمْرُها إلى السلطانِ[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٣٦١٠) (٧ /٣٩٥).]].
والأصلُ: أنّ الحدودَ على الإماءِ والعبيدِ يُقِيمُها أهْلُوهُمْ في حالِ قيامِ البيِّنةِ.
والبيِّنةُ في حقِّ الإماءِ كالبيِّنةِ في حقِّ الحرائرِ لا فَرْقَ، فقد روى الشيخانِ، عن أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ النبيَّ ﷺ يقولُ: (إذا زَنَتْ أمَةُ أحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِناها، فَلْيَجْلِدْها الحَدَّ ولا يُثَرِّبْ عَلَيْها، ثُمَّ إنْ زَنَتْ، فَلْيَجْلِدْها الحَدَّ ولا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إنْ زَنَتِ الثّالِثَةَ، فَتَبَيَّنَ زِناها، فَلْيَبِعْها ولَوْ بِحَبْلٍ مِن شَعَرٍ) [[أخرجه البخاري (٢١٥٢) (٣ /٧١)، ومسلم (١٧٠٣) (٣ /١٣٢٨).]].
والخطابُ توجَّهَ هنا إلى سيِّدِها، ولكنَّه أمرَ بالاستيثاقِ في قولِهِ: (فَتَبَيَّنَ زِناها)، وأمرَ بعدمِ التعدِّي والتعنيفِ في قولِه: (ولا يُثَرِّبْ)، فإنّ الزيادةَ عن الحدِّ ظلمٌ، وحدُّ الأَمَةِ نصفُ حدِّ الحُرَّةِ، كما يأتي بيانُهُ بإذنِ اللهِ.
ويظهرُ الخطابُ متوجِّهًا إلى السيدِ فيما روى مسلمٌ، والتِّرمِذيُّ، وغيرُهما، مِن حديثِ أبي عبدِ الرحمنِ السُّلَمِيِّ، قال: خطَبَ عليٌّ رضي الله عنه، فقال: أيُّها الناسُ، أقِيمُوا الحدودَ على أرِقّائِكم، مَن أحْصَنَ منهم ومَن لم يُحْصِنْ، فإنّ أمَةً لرسولِ اللهِ ﷺ زنَتْ فأَمَرَني أنْ أجلِدَها، فإذا هي حديثُ عهدٍ بالنفاسِ، فخَشِيتُ إنْ أنا جَلَدتُّها أنْ تموتَ، فأتيتُ النبيَّ ﷺ فأخبَرتُه، فقال: (أحْسَنْتَ، اتْرُكْها حَتّى تَماثَلَ) [[أخرجه مسلم (١٧٠٥) (٣ /١٣٣٠)، والترمذي (١٤٤١) (٤ /٤٧).]].
وهذا هو عملُ الصحابةِ والتابعينَ، ومِثلُ هذا العملِ إذا وقَعَ في زمنِهم يشتهِرُ ويستفيضُ ويَصِلُ إلى الحاكمِ والمحكومِ، وإذْ لم يُعارَضْ صريحًا مِن إمامِ المسلِمينَ حِينَها، دلَّ على جوازِهِ وصحةِ وقوعِه.
قال ابنُ عبدِ البَرِّ: «رُوِيَ عن جماعةٍ مِن الصحابةِ: أنّهم أقامُوا الحدودَ على ما ملَكَتْ أيمانُهم، منهم ابنُ عمرَ، وابنُ مسعودٍ، وأنسٌ، ولا مخالِفَ لهم مِن الصحابةِ»[[«الاستذكار» (٧ /٥٠٨).]].
فقد روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ليلى، قال: «أدرَكْتُ أشياخَ الأنصارِ إذا زنَتِ الأَمَةُ، يَضرِبونَها في مَجالسِهم»[[أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٢٨٤) (٥ /٤٩١).]].
وروى نافعٌ، عن ابنِ عمرَ: «أنّه كان يضرِبُ أمَتَهُ إذا فجَرَتْ»[[أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٢٨٢) (٥ /٤٩١).]].
وأخرَجَ عبدُ الرزّاقِ، ومِن طريقِه ابنُ حزمٍ في «المحلّى»، عن نافعٍ: «أنّ ابنَ عمرَ قطَعَ يدَ غلامٍ له سرَقَ، وجلَدَ عبدًا له زَنى، مِن غيرِ أنْ يرفَعَهما»[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنَّفه» (١٨٩٧٩) (١٠ /٢٣٩)، وابن حزم في «المحلّى» (١٢ /٧٤).]].
ورُوِيَ عن ابنِ مسعودٍ ـ كما رواهُ سعيدُ بنُ منصورٍ في «السُّننِ»، ومِن طريقِه البيهقيُّ في «الكُبرى»، والطبرانيُّ في «الكبيرِ»، عن عمرِو بنِ شُرَحْبِيلَ: «أنّ مَعْقِلَ بنَ مُقَرِّنٍ أتى عبدَ اللهِ، فقال: عبدي سرَقَ مِن عندي قَباءً؟ قال: مالُكَ سرَقَ بعضُه في بعضٍ، قال: أظنُّه ذَكَرَ: أمَتي زنَتْ؟! قال: اجلِدْها، قال: إنّها لم تُحْصَنْ؟ قال: إحصانُها إسلامُها»[[أخرجه سعيد بن منصور (٧٧٣) (٤ /١٥٢٠)، والبيهقي في «الكبرى» (٨ /٢٤٣)، والطبراني في «الكبير» (٩٦٩٢) (٩ /٣٤٠).]].
وروى عبدُ الرزّاقِ، عن الثوريِّ، عن إبراهيمَ: «أنّ مَعْقِلَ بنَ مُقَرِّنٍ المُزَنِيَّ جاء إلى عبدِ اللهِ، فقال: إنّ جاريةً لي زنَتْ؟ فقال: اجلِدْها خَمْسِينَ، قال: ليس لها زوجٌ؟ قال: إسلامُها إحصانُها»[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٣٦٠٤) (٧ /٣٩٤).]].
وروى ابنُ أبي شَيْبةَ أيضًا، عن إبراهيمَ، عن عَلْقمةَ والأسودِ: «أنّهما كانا يُقيمانِ الحدودَ على جَوارِي الحيِّ إذا زَنَيْنَ في المجالسِ»[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢٨٢٨٥) (٥ /٤٩٢).]].
وكان الصحابةُ يُفْتُونَ بذلك ويأمُرونَ بإقامةِ السيِّدِ الحدَّ على أمَتِهِ مِن غيرِ أمرٍ بإرجاعِ ذلك إلى وليِّ الأمرِ، كما روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن إبراهيمَ، عن همامٍ، عن عمرِو بنِ شُرَحْبِيلَ، قال: «جاءَ مَعْقِلٌ المُزَنيُّ إلى عبدِ اللهِ، فقال: جاريتي زنَتْ، فأَجْلِدُها؟ قال: فقال عبدُ اللهِ: اجلِدْها خمسينَ، فقال: عادتْ؟ فقال: اجلِدْها»[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢٨٢٧٧) (٥/٤٩١).]].
وذلكَ أنّ الأمَةَ والعبدَ مِن جملةِ مِلْكِ السيدِ، فيملِكُ بيعَهُ وشراءَهُ، فيملِكُ تأديبَهُ من بابِ أولى، فالتأديبُ شيءٌ عارضٌ، والمِلْكُ دائمٌ، فلمّا جازَ شرعًا المِلْكُ الدائمُ، جاز التأديبُ العارضُ.
ولوليِّ الأمرِ إذا فَشا ظلمُ العبيدِ والإماءِ أنْ يكِلَ الأَمْرَ إليه، وذلك أنّ الشريعةَ جاءتْ بدفعِ المفاسدِ، فإذا كانتْ تتحقَّقُ المصلحةُ بإقامةِ الحدِّ مِن الوالي مِن غيرِ تفريطٍ، فله ذلك، وإلا فتركُهُ للناسِ هو الأصلُ، وعليه عملُ الصحابةِ والتابعينَ، فقد روى عبدُ الرزّاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْريِّ، قال: «مضَتِ السُّنَّةُ أنْ يَحُدَّ العبدَ والأمَةَ أهلوهما في الفاحشةِ، إلا أنْ يُرفَعَ أمرُهما إلى السُّلْطانِ، فليس لأحدٍ أنْ يَفْتَئِتَ على السلطانِ»[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٣٦٠٦) (٧ /٣٩٤).]].
والرفعُ عن أصلٍ لا يكونُ إلا بتحقُّقِ مفسدةٍ ظاهرةٍ مِن بقاءِ الأصلِ لا يُمكِنُ تلافِيها ببقائِه، فإذا تحقَّقتِ المصلحةُ بالإمامِ، فيجوزُ رفعُهُ إليه.
{"ayah":"وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوۤا۟ إِلَىٰ بَارِىِٕكُمۡ فَٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ عِندَ بَارِىِٕكُمۡ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق