الباحث القرآني
﴿وَإذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ﴾: بَيانٌ لِكَيْفِيَّةِ وُقُوعِ العَفْوِ المَذْكُورِ؛ ﴿يا قَوْمِ إنَّكم ظَلَمْتُمْ أنْفُسَكم بِاتِّخاذِكُمُ العِجْلَ﴾: أيْ مَعْبُودًا؛ ﴿فَتُوبُوا﴾: أيْ: فاعْزِمُوا عَلى التَّوْبَةِ؛ ﴿إلى بارِئِكُمْ﴾: أيْ إلى مَن خَلَقَكم بَرِيئًا مِنَ العُيُوبِ؛ والنُّقْصانِ؛ والتَّفاوُتِ؛ ومَيَّزَ بَعْضَكم مِن بَعْضٍ؛ بِصُوَرٍ وهَيْئاتٍ مُخْتَلِفَةٍ؛ وأصْلُ التَّرْكِيبِ: الخُلُوصُ عَنِ الغَيْرِ؛ إمّا بِطَرِيقِ التَّفَصِّي؛ كَما في "بَرِئَ المَرِيضُ"؛ أوْ بِطَرِيقِ الإنْشاءِ؛ كَما في "بَرَأ اللَّهُآدَمَ مِنَ الطِّينِ"؛ والتَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ البارِئِيَّةِ لِلْإشْعارِ بِأنَّهم بَلَغُوا مِنَ الجَهالَةِ أقْصاها؛ ومِنَ الغَوايَةِ مُنْتَهاها؛ حَيْثُ تَرَكُوا عِبادَةَ العَلِيمِ الحَكِيمِ؛ الَّذِي خَلَقَهم بِلَطِيفِ حِكْمَتِهِ بَرِيئًا مِنَ التَّفاوُتِ؛ والتَّنافُرِ؛ إلى عِبادَةِ البَقَرِ؛ الَّذِي هو مَثَلٌ في الغَباوَةِ؛ وأنَّ مَن لَمْ يَعْرِفْ حُقُوقَ مُنْعِمِهِ حَقِيقٌ بِأنْ تُسْتَرَدَّ هي مِنهُ؛ ولِذَلِكَ أُمِرُوا بِالقَتْلِ؛ وفَكِّ التَّرْكِيبِ؛ ﴿فاقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ﴾: تَمامًا لِتَوْبَتِكم بِالبَخْعِ؛ أوْ بِقَطْعِ الشَّهَواتِ؛ وقِيلَ: أُمِرُوا أنْ يَقْتُلَ بَعْضُهم بَعْضًا؛ وقِيلَ: أُمِرَ مَن لَمْ يَعْبُدِ العِجْلَ بِقَتْلِ مَن عَبَدَهُ؛ يُرْوى أنَّ الرَّجُلَ كانَ يَرى قَرِيبَهُ؛ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلى المُضِيِّ لِأمْرِ اللَّهِ (تَعالى)؛ فَأرْسَلَ اللَّهُ (تَعالى) ضَبابَةً وسَحابَةً سَوْداءَ؛ لا يَتَباصَرُونَ بِها؛ فَأخَذُوا يَقْتُلُونَ مِنَ الغَداةِ إلى العَشِيِّ؛ حَتّى دَعا مُوسى وهارُونُ - عَلَيْهِما السَّلامُ - فَكُشِفَتِ السَّحابَةُ؛ ونَزَلَتِ التَّوْبَةُ؛ وكانَتِ القَتْلى سَبْعِينَ ألْفًا؛ والفاءُ الأُولى لِلتَّسْبِيبِ؛ والثّانِيَةُ لِلتَّعْقِيبِ؛ ﴿ذَلِكُمْ﴾: إشارَةٌ إلى ما ذُكِرَ مِنَ التَّوْبِ؛ والقَتْلِ؛ ﴿خَيْرٌ لَكم عِنْدَ بارِئِكُمْ﴾؛ لِما أنَّهُ طُهْرَةٌ عَنِ الشِّرْكِ؛ ووَصْلَةٌ إلى الحَياةِ الأبَدِيَّةِ؛ والبَهْجَةِ السَّرْمَدِيَّةِ؛ ﴿فَتابَ عَلَيْكُمْ﴾: عَطْفٌ عَلى مَحْذُوفٍ؛ عَلى أنَّهُ خِطابٌ مِنهُ - سُبْحانَهُ -؛ عَلى نَهْجِ الِالتِفاتِ مِنَ التَّكَلُّمِ؛ الَّذِي يَقْتَضِيهِ سِياقُ النَّظْمِ الكَرِيمِ؛ وسِباقُهُ؛ فَإنَّ مَبْنى الجَمِيعِ عَلى التَّكَلُّمِ إلى الغَيْبَةِ لِيَكُونَ ذَرِيعَةً إلى إسْنادِ الفِعْلِ إلى ضَمِيرِ "بارِئِكُمْ"؛ المُسْتَتْبِعِ لِلْإيذانِ بِعِلِّيَّةِ عُنْوانِ البارِئِيَّةِ؛ والخَلْقِ؛ والإحْياءِ؛ لِقَبُولِ التَّوْبَةِ؛ الَّتِي هي عِبارَةٌ عَنِ العَفْوِ عَنِ القَتْلِ؛ تَقْدِيرُهُ: "فَعَلْتُمْ ما أُمِرْتُمْ بِهِ؛ فَتابَ عَلَيْكم بارِئِكُمْ"؛ وإنَّما لَمْ يَقُلْ: "فَتابَ عَلَيْهِمْ"؛ عَلى أنَّ الضَّمِيرَ لِلْقَوْمِ؛ لِما أنَّ ذَلِكَ نِعْمَةٌ أُرِيدَ التَّذْكِيرُ بِها لِلْمُخاطَبِينَ؛ لا لِأسْلافِهِمْ؛ هَذا.. وقَدْ جُوِّزَ أنْ يَكُونَ "فَتابَ عَلَيْكُمْ" مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ؛ عَلى أنَّهُ مِن كَلامِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - لِقَوْمِهِ؛ تَقْدِيرُهُ: "إنْ فَعَلْتُمْ ما أُمِرْتُمْ بِهِ فَقَدْ تابَ عَلَيْكُمْ"؛ ولا يَخْفى أنَّهُ بِمَعْزِلٍ مِنَ اللِّياقَةِ بِجَلالَةِ شَأْنِ التَّنْزِيلِ؛ كَيْفَ لا.. وهو حِينَئِذٍ حِكايَةٌ لِوَعْدِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - قَوْمَهُ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ مِنهُ (تَعالى)؛ لا لِقَبُولِهِ (تَعالى) حَتْمًا؟ وقَدْ عَرَفْتَ أنَّ الآيَةَ الكَرِيمَةَ تَفْصِيلٌ لِكَيْفِيَّةِ القَبُولِ المَحْكِيِّ فِيما قَبْلَ؛ وأنَّ المُرادَ تَذْكِيرُ المُخاطَبِينَ بِتِلْكَ النِّعْمَةِ.
﴿إنَّهُ هو التَّوّابُ الرَّحِيمُ﴾: تَعْلِيلٌ (p-103)لِما قَبْلَهُ؛ أيْ أنَّ الَّذِي يُكْثِرُ تَوْفِيقَ المُذْنِبِينَ لِلتَّوْبَةِ؛ ويُبالِغُ في قَبُولِها مِنهُمْ؛ وفي الإنْعامِ عَلَيْهِمْ.
{"ayah":"وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوۤا۟ إِلَىٰ بَارِىِٕكُمۡ فَٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ عِندَ بَارِىِٕكُمۡ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق