الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿أمّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدْتُ أنْ أعِيبَها وكانَ وراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ [الكهف: ٧٩].
في هذه الآيةِ: أنّ الخَضِرَ خرَقَ السفينةَ، ليجعَلَ فيها عَيْبًا، لأنّها تمُرُّ على مَلِكٍ ظالمٍ يأخُذُ الصالحَ مِن السُّفُنِ له، وكان في خَرْقِ الخَضِرِ لها دفعٌ لمفسدةٍ أعظَمَ، وهي سلْبُ سفينتِهم كاملةً، وعِلمُ الخَضِرِ بالغايةِ ـ وهي المَفسدةُ الكُبرى ـ جعَلَهُ يَرتكبُ المَفسَدةَ الصُّغرى.
وفي هذه الآيةِ: جوازُ ارتكابِ أدنى المَفسدتَيْنِ لدفعِ أعلاهُما، وكلَّما كان الإنسانُ بالمَفاسِدِ أبصَرَ، كان في بابِ السلامةِ أدَقَّ نظرًا وأكثَرَ توفيقًا، ومَن عرَفَ مَفسَدةً واحدةً، فإنّه يعملُ على ما يَعلمُ، ولو كان معذورًا عندَ نفسِه، إلاَّ أنّه قد يُفسِدُها، وإنْ كان حاكمًا، أفسَدَ الناسَ معه، وقد كان النبيُّ ﷺ أعلَمَ الناسِ بالمَفاسِدِ المجتمِعةِ، وأحكَمَهم بتخطِّي أعلاها بأدناها، وتركُهُ لهدمِ الكعبةِ مِن هذا البابِ، وتركُهُ للأعرابيِّ الذي بال في المسجدِ منه كذلك.
وكلَّما كان العالِمُ أو الحاكمُ بالمَفاسِدِ أعلَمَ، وبتعدُّدِها أبصَرَ، كان الاعتراضُ عليه ممَّن دونَه أشَدَّ، لأنّه يَرى ما لا يرَوْنَ، ويختارُ ما لا يختارُون، ويَنقُدونَ على ما يَعلَمونَ، ويجبُ عليه أن يَصبِرَ على ما يَعلَمُ، مع بيانِ حقيقةِ ما يَعلَمُ إنْ كان له قدرةٌ على البيانِ، وإنّما تُؤتى الأُممُ وتسقُطُ الدولُ، لأنّها عرَفَتْ جهةً مِن المَفاسِدِ ولم تَعرِفْ جهاتٍ، وضررُها فيما تجهلُ أشَدُّ ممّا تعلَمُ، فتتجنَّبُ ما تَعلَمُ، وتقعُ فيما تَجهَلُ، تظُنُّها السلامةَ، وهو الهلاكُ.
والعِلْمُ بالمَفاسِدِ عظيمٌ، وهو دقيقٌ لا يُدرِكُهُ كلُّ أحدٍ، وهو خلافُ العلمِ بالمَصالِحِ، فالنفوسُ تتشوَّفُ إليه وتُقبِلُ عليه.
قولُه تعالى: ﴿أمّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ﴾ إنّما ذكَرَ اللهُ المساكينَ ولم يَذْكُرْ غيرَهم، لأنّ الظالمينَ يتسلَّطونَ على الضُّعَفاءِ ويترُكونَ الأقوياءَ، ولأنّ الأقوياءَ ينصُرونَ أنفُسَهُمْ ولا يحتاجونَ غالبًا إلى ناصرٍ، ونُصْرةُ الضعيفِ أعظَمُ ثوابًا مِن نُصْرةِ القويِّ.
وفي هذا: أنّ المسكينَ قد يَملِكُ مَركَبًا وسفينةً، لكنَّها لا تسُدُّ حاجتَهُ ولا تَكفِيه، والفقيرُ أشَدُّ منه حاجةً وأضعَفُ منه قدرةً ويدًا.
ومَن فعَلَ ما فعَلَ الخَضِرُ فهو مُحسِنٌ، وليس بضامنٍ ما أفسَدَ على الصحيحِ، وذلك لِما تقدَّمَ في قولِهِ تعالى: ﴿ما عَلى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ [التوبة: ٩١].
{"ayah":"أَمَّا ٱلسَّفِینَةُ فَكَانَتۡ لِمَسَـٰكِینَ یَعۡمَلُونَ فِی ٱلۡبَحۡرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِیبَهَا وَكَانَ وَرَاۤءَهُم مَّلِكࣱ یَأۡخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ غَصۡبࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق