قوله: {لِمَسَاكِينَ} : العامَّةُ على تخفيفِ السِّين، جمعَ «مِسْكين» . وقرأ عليَّ أميرُ المؤمنين - كرَّم الله وجهَه - بتشديدِها جمع «مَسَّاك» . وفيه قولان، أحدُهما: أنه الذي يُمْسِك سكان السفينة. وفيه بعضُ مناسبة. والثاني: أنه الذي يَدْبَغُ المُسُوك جمعَ «مَسْك» بفتح الميم وهي الجُلود. وهذا بعيدٌ، لقولِه {يَعْمَلُونَ فِي البحر} . ولا أظنُّها إلا تحريفاً على أمير المؤمنين. و «يَعْملون» صفةٌ لمساكين.
قوله: {وَرَآءَهُم مَّلِكٌ} «وراء» هنا قيل: يُراد بها المكانُ. وقيلَ: الزمانُ. واخْتُلِف/ أيضاً فيها: هل هي على حقيقتِها أو بمعنى أمام؟ وأنشدوا على هذا الثاني:
318 - 9- اليس ورائي أَنْ أَدِبَّ على العَصا ... فَيَأْمَنَ أعدائي ويَسْأَمَني أَهْلي
وقولَ لبيد:
319 - 0- أليس ورائي إنْ تراخَتْ مَنِيَّتي ... لُزومُ العَصا تُحْنَى عليها الأصابعُ
وقول سَوَّار بن المُضَرِّبِ السَّعْدي:
319 - 1- أَيَرْجُو بنو مروانَ سَمْعي وطاعتي ... وقومي تميمٌ والفلاةُ ورائيا
ومثله قولُه تعالى: {مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ} [إبراهيم: 16] ، أي: بين يديه.
قوله: «غَصْباً» فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه مصدرٌ في موضعِ الحال، أو منصوبٌ على المصدرِ المبيِّنِ لنوعِ الأَخْذِ، أو منصوبٌ على المفعولِ له. وهو بعيدٌ في المعنى. وادَّعى الزمخشري أنَّ في الكلامِ تقديماً وتأخيراً فقال: «فإنْ قلتَ: قولُه» «فَأَرَدْتُ أَنْ أعيبَها» مُسَبَّبٌ عن خوفِ الغَصْبِ عليها فكان حقُّه أن يتأخرَ عن السبب فلِمَ قُدِّم عليه؟ قلت: النيةُ به التأخيرُ، وإنما قُدِّمَ للعنايةِ به، ولأنَّ خَوْفَ الغَصبِ ليس هو السببَ وحدَه، ولكن مع كونِها للمساكينِ، فكان بمنزلةِ قولِك: زيدٌ ظنَِّي مقيمٌ «.
{"ayah":"أَمَّا ٱلسَّفِینَةُ فَكَانَتۡ لِمَسَـٰكِینَ یَعۡمَلُونَ فِی ٱلۡبَحۡرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِیبَهَا وَكَانَ وَرَاۤءَهُم مَّلِكࣱ یَأۡخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ غَصۡبࣰا"}