الباحث القرآني
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿يا بَنِي إسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾، نُصِبَ ”بَنِي إسْرائِيلَ“، لِأنَّهُ نِداءٌ مُضافٌ، وأصْلُ النِّداءِ النَّصْبُ، لِأنَّ مَعْناهُ مَعْنى ”نادَيْتُ“، و”دَعَوْتُ“، و”إسْرائِيلُ“، في مَوْضِعِ خَفْضٍ، إلّا أنَّهُ فُتِحَ آخِرُهُ لِأنَّهُ لا يَنْصَرِفُ، وفِيهِ شَيْئانِ يُوجِبانِ مَنعَ الصَّرْفِ، وهُما أنَّهُ أعْجَمِيٌّ، وهو مَعْرِفَةٌ، وإذا كانَ الِاسْمُ كَذَلِكَ لَمْ يَنْصَرِفْ، إذا جاوَزَ ثَلاثَةَ أحْرُفٍ، عِنْدَ (p-١٢٠)النَّحْوِيِّينَ، وفي قَوْلِهِ: ”نِعْمَتِيَ الَّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكم“، وجْهانِ، أجْوَدُهُما فَتْحُ الياءِ، لِأنَّ الَّذِي بَعْدَها ساكِنٌ، وهو لامُ المَعْرِفَةِ، فاسْتِعْمالُها كَثِيرٌ في الكَلامِ، فاخْتِيرَ فَتْحُ الياءِ مَعَها، لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، ولِأنَّ الياءَ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَها ساكِنٌ كانَ فَتْحُها أقْوى في اللُّغَةِ، ويَجُوزُ أنْ تُحْذَفَ الياءُ في اللَّفْظِ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، فَتُقْرَأ: ”نِعْمَتِ الَّتِي أنْعَمْتُ“، بِحَذْفِ الياءِ، والِاخْتِيارِ إثْباتُ الياءِ، وفَتْحُها، لِأنَّهُ أقْوى في العَرَبِيَّةِ، وأجْزَلُ في اللَّفْظِ، وأتَمُّ لِلثَّوابِ، لِأنَّ القارِئَ يُجازى عَلى كُلِّ ما يَقْرَؤُهُ مِن كِتابِ اللَّهِ، بِكُلِّ حَرْفٍ حَسَنَةً، فَإنَّ إثْباتَهُ أوْجَهُ في اللُّغَةِ، فَيَنْبَغِي إثْباتُهُ لِما وصَفْنا، فَأمّا قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿هارُونَ أخِي﴾ [طه: ٣٠] ﴿اشْدُدْ بِهِ أزْرِي﴾ [طه: ٣١]، فَلَمْ يُكْثِرِ القُرّاءُ فَتْحَ هَذِهِ الياءِ، وقالَ أكْثَرُهم بِفَتْحِها مَعَ الألِفِ واللّامِ، ولَعَمْرِي إنَّ اللّامَ المُعَرِّفَةَ أكْثَرُ في الِاسْتِعْمالِ، ولَكِنِّي أقُولُ: اَلِاخْتِيارُ: ”أخِيَ اشْدُدْ“، بِفَتْحِ الياءِ، لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، كَما فَتَحُوا مَعَ اللّامِ، لِأنَّ اجْتِماعَ ساكِنَيْنِ مَعَ اللّامِ وغَيْرِها مَعْنًى واحِدٌ، وإنْ حُذِفَتْ فالحَذْفُ جائِزٌ حَسَنٌ، إلّا أنَّ الأحْسَنَ ما وصَفْنا، وأمّا مَعْنى الآيَةِ في التَّذْكِيرِ بِالنِّعْمَةِ، فَإنَّهم ذُكِّرُوا بِما أُنْعِمَ بِهِ عَلى آبائِهِمْ مِن قَبْلِهِمْ، وأُنْعِمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، والدَّلِيلُ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إذْ جَعَلَ فِيكم أنْبِياءَ وجَعَلَكم مُلُوكًا﴾ [المائدة: ٢٠]، فالَّذِينَ صادَفَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ لَمْ يَكُونُوا أنْبِياءَ، وإنَّما ذُكِّرُوا بِما أُنْعِمَ بِهِ عَلى آبائِهِمْ، وعَلَيْهِمْ في أنْفُسِهِمْ، وفي آبائِهِمْ، وهَذا المَعْنى مَوْجُودٌ في كَلامِ العَرَبِ، مَعْلُومٌ عِنْدَها، يُفاخِرُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: ”هَزَمْناكم يَوْمَ ذِي قارٍ“، (p-١٢١)وَيَقُولُ: ”قَتَلْناكم يَوْمَ كَذا“، مَعْناهُ: قَتَلَ آباؤُنا آباءَكم.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَأوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾، مَعْناهُ - واللَّهُ أعْلَمُ -: قَوْلُهُ: ﴿وَإذْ أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧]، فَتَمامُ تَبْيِينِهِ أنْ يُخْبِرُوا بِما فِيهِ مِن ذِكْرِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وقَدْ بَيَّنّا ما يَدُلُّ عَلى ذِكْرِ العَهْدِ قَبْلَ هَذا، وفِيهِ كِفايَةٌ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَإيّايَ فارْهَبُونِ﴾، نُصِبَ بِالأمْرِ، كَأنَّهُ في المَعْنى: ”اِرْهَبُونِي“، ويَكُونُ الثّانِي تَفْسِيرَ هَذا الفِعْلِ المُضْمَرِ، ولَوْ كانَ في غَيْرِ القُرْآنِ لَجازَ: ”وَأنا فارْهَبُونِ“، ولَكِنَّ الِاخْتِيارَ في الكَلامِ، والقُرْآنِ، والشِّعْرِ: ”وَإيّايَ فارْهَبُونِ“، حُذِفَتِ الياءُ، وأصْلُهُ: ”فارْهَبُونِي“، لِأنَّها فاصِلَةٌ، ومَعْنى ”فاصِلَةٌ“: رَأْسُ آيَةٍ، لِيَكُونَ النَّظْمُ عَلى لَفْظٍ مُتَّسِقٍ، ويُسَمِّي أهْلُ اللُّغَةِ رُؤُوسَ الآيِ: ”اَلْفَواصِلَ“، وأواخِرَ الأبْياتِ: ”اَلْقَوافِيَ“، ويُقالُ: ”وَفَيْتُ لَهُ بِالعَهْدِ، فَأنا وافٍ بِهِ“، و”أوْفَيْتُ لَهُ بِالعَهْدِ، فَأنا مُوفٍ بِهِ“، والِاخْتِيارُ: ”أوْفَيْتُ“، وعَلَيْهِ نَزَلَ القُرْآنُ كُلُّهُ، قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: (p-١٢٢)﴿وَأوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾، وقالَ: ﴿وَأوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذا عاهَدْتُمْ﴾ [النحل: ٩١]، وقالَ: ﴿فَأوْفُوا الكَيْلَ والمِيزانَ﴾ [الأعراف: ٨٥]، وكُلُّ ما في القُرْآنِ بِالألِفِ، وقالَ الشّاعِرُ - في ”أوْفَيْتُ“، و”وَفَيْتُ“، فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ في بَيْتٍ واحِدٍ -:
؎أمّا ابْنُ عَوْفٍ فَقَدْ أوْفى بِذِمَّتِهِ ∗∗∗ كَما وفى بِقِلاصِ النَّجْمِ حادِيها
{"ayah":"یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتِیَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ وَأَوۡفُوا۟ بِعَهۡدِیۤ أُوفِ بِعَهۡدِكُمۡ وَإِیَّـٰیَ فَٱرۡهَبُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق