الباحث القرآني

(p-١١٤)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٤٠ ] ﴿يا بَنِي إسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكم وأوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكم وإيّايَ فارْهَبُونِ﴾ "يا بَنِي إسْرائِيلَ" أيْ أوْلادُ يَعْقُوبَ. وقَدْ هَيَّجَهم تَعالى بِذِكْرِ أبِيهِمْ إسْرائِيلَ، كَأنَّهُ قِيلَ: يا بَنِي العَبْدِ الصّالِحِ المُطِيعِ لِلَّهِ، كُونُوا مِثْلَ أبِيكم، كَما تَقُولُ: يا ابْنَ الكَرِيمِ، افْعَلْ كَذا، ويا ابْنَ العالِمِ، اطْلُبِ العِلْمَ، ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: نِعَمُهُ الَّتِي أنْعَمَ بِها عَلى بَنِي إسْرائِيلَ: اصْطِفاؤُهُ مِنهُمُ الرُّسُلَ، وإنْزالُهُ عَلَيْهِمُ الكُتُبَ، واسْتِنْقاذُهُ إيّاهم مِمّا كانُوا فِيهِ مِنَ البَلاءِ والضَّرّاءِ مِن فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ، إلى التَّمْكِينِ لَهم في الأرْضِ، وتَفْجِيرُ عُيُونِ الماءِ مِنَ الحَجَرِ، وإطْعامُ المَنِّ والسَّلْوى، فَأمَرَ جَلَّ ثَناؤُهُ أعْقابَهم أنْ يَكُونَ ما سَلَفَ مِنهُ إلى آبائِهِمْ عَلى ذِكْرٍ، وأنْ لا يَنْسَوْا صَنِيعَهُ إلى أسْلافِهِمْ وآبائِهِمْ، فَيَحِلُّ بِهِمْ مِنَ النِّقَمِ، ما أحَلَّ بِمَن نَسِيَ نِعَمَهُ عِنْدَهُ مِنهم وكَفْرَها، وجَحَدَ صَنائِعَهُ عِنْدَهُ: ﴿وأوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكم وإيّايَ فارْهَبُونِ﴾ العَهْدُ هو المِيثاقُ، وقَدْ أُشِيرَ إلَيْهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَقَدْ أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إسْرائِيلَ وبَعَثْنا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وقالَ اللَّهُ إنِّي مَعَكم لَئِنْ أقَمْتُمُ الصَّلاةَ وآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وآمَنتُمْ بِرُسُلِي وعَزَّرْتُمُوهم وأقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأُكَفِّرَنَّ عَنْكم سَيِّئاتِكم ولأُدْخِلَنَّكم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ [المائدة: ١٢] الآيَةَ. فَعَهْدُ اللَّهِ هو وصِيَّتُهُ لَهم، بِما ذَكَرَ في الآيَةِ. ومِنها: الإيمانُ بِرُسُلِهِ المُتَناوِلُ لِخاتَمِهِمْ (p-١١٥)عَلَيْهِ السَّلامُ، لِأنَّهم يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهم في التَّوْراةِ. وعَهْدُهُ تَعالى إيّاهم، هو أنَّهم إذا فَعَلُوا ذَلِكَ أدْخَلَهُمُ الجَنَّةَ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإيّايَ فارْهَبُونِ﴾ قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أيِ اخْشَوْنِي واتَّقُوا، أيُّها المُضَيِّعُونَ عَهْدِي مِن بَنِي إسْرائِيلَ، والمُكَذِّبُونَ رَسُولِي الَّذِي أخَذْتُ مِيثاقَكم فِيما أنْزَلْتُ عَلى أنْبِيائِي أنْ تُؤْمِنُوا بِهِ وتَتَّبِعُوهُ، أنْ أُحِلَّ بِكم مِن عُقُوبَتِي إنْ لَمْ تَتُوبُوا إلَيَّ بِاتِّباعِهِ والإقْرارِ بِما أنْزَلْتُ إلَيْهِ، ما أحْلَلْتُ بِمَن خالَفَ أمْرِي، وكَذَّبَ رُسُلِي مِن أسْلافِكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب