الباحث القرآني
قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿كانَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً﴾، أيْ: عَلى دِينٍ واحِدٍ، و”اَلْأُمَّةُ“، في اللُّغَةِ: أشْياءُ، فَمِنها: ”اَلْأُمَّةُ“: اَلدِّينُ، وهو هَذا، و”اَلْأُمَّةُ“: اَلْقامَةُ، يُقالُ: ”فُلانٌ حَسَنُ الأُمَّةِ“، أيْ: حَسَنُ القامَةِ، قالَ الشّاعِرُ:
؎وَأنَّ مُعاوِيَةَ الأكْرَمِينَ حِسانُ الوُجُوهِ طِوالُ الأُمَمْ
(p-٢٨٣)أيْ: طِوالُ القاماتِ، و”اَلْأُمَّةُ“: اَلْقَرْنُ مِنَ النّاسِ، يَقُولُونَ: ”قَدْ مَضَتْ أُمَمٌ“، أيْ: قُرُونٌ، و”اَلْأُمَّةُ“: اَلرَّجُلُ الَّذِي لا نَظِيرَ لَهُ، ومِنهُ قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنَّ إبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا﴾ [النحل: ١٢٠]، قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: مَعْنى ”كانَ أُمَّةً“: كانَ إمامًا، و”اَلْأُمَّةُ“: في اللُّغَةِ: اَلنِّعْمَةُ والخَيْرُ، قالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ: ”ثُمَّ بَعْدَ الفَلاحِ والرُّشْدِ والأُمَّةِ، وارَتْهم هُناكَ القُبُورُ“، أيْ: بَعْدَ النِّعْمَةِ والخَيْرِ، وذَكَرَ أبُو عَمْرٍو الشَّيْبانِيُّ أنَّ العَرَبَ تَقُولُ لِلشَّيْخِ - إذا كانَ باقِيَ القُوَّةِ -: ”فُلانٌ بِأُمَّةٍ“، ومَعْناهُ: راجِعٌ إلى الخَيْرِ، والنِّعْمَةِ، لِأنَّ بَقاءَ قُوَّتِهِ مِن أعْظَمِ النِّعْمَةِ، وأصْلُ هَذا كُلِّهِ مِنَ القَصْدِ، يُقالُ: ”أمَمْتُ الشَّيْءَ“، إذا قَصَدْتُهُ، فَمَعْنى ”اَلْأُمَّةُ“، في الدِّينِ، أنَّ مَقْصِدَهم مَقْصِدٌ واحِدٌ، ومَعْنى ”اَلْأُمَّةُ“، في الرَّجُلِ المُنْفَرِدِ الَّذِي لا نَظِيرَ لَهُ، أنَّ قَصْدَهُ مُنْفَرِدٌ مِن قَصْدِ سائِرِ النّاسِ، ويُرْوى أنَّ زَيْدَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيامَةِ أُمَّةً وحْدَهُ، وإنَّما (p-٢٨٤)ذَلِكَ لِأنَّهُ أسْلَمَ في الجاهِلِيَّةِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ، فَماتَ مُوَحِّدًا، فَهَذا أُمَّةٌ في وقْتِهِ، لِانْفِرادِهِ، وبَيْتُ النّابِغَةِ:
؎حَلَفْتُ فَلَمْ أتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً ∗∗∗ وهَلْ يَأْثَمَن ذُو أُمَّةٍ وهْوَ طائِعُ
وَيُرْوى ”ذُو أمَّةٍ“، و”ذُو إمَّةٍ“، ويَحْتَمِلُ ضَرْبَيْنِ مِنَ التَّفْسِيرِ: ”ذُو أُمَّةٍ“: ذُو دِينٍ، و”ذُو أُمَّةٍ“: ذُو نِعْمَةٍ أُسْدِيَتْ إلَيْهِ، ومَعْنى ”اَلْأُمَّةُ“ - اَلْقامَةُ -: سائِرُ مَقْصِدِ الجَسَدِ، فَلَيْسَ يَخْرُجُ شَيْءٌ مِن هَذا البابِ عَنْ مَعْنى ”أمَمْتُ“، أيْ: قَصَدْتُ، ويُقالُ: ”إمامُنا هَذا حَسَنُ الأمَّةِ“، أيْ: يَقُومُ بِإمامَتِهِ بِنا في صَلاتِهِ، ويُحْسِنُ ذَلِكَ، وقالُوا في مَعْنى الآيَةِ غَيْرَ قَوْلٍ: قالُوا: كانَ النّاسُ فِيما بَيْنَ آدَمَ، ونُوحٍ - عَلَيْهِما السَّلامُ - كُفّارًا، فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ يُبَشِّرُونَ مَن أطاعَ بِالجَنَّةِ، ويُنْذِرُونَ مَن عَصى بِالنّارِ، وقالَ قَوْمٌ: مَعْنى ”كانَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً“: كانَ كُلُّ مَن بُعِثَ إلَيْهِ الأنْبِياءُ كُفّارًا.
﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ﴾، ونُصِبَ ”مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ“، عَلى الحالِ، فالمَعْنى أنَّ أُمَمَ الأنْبِياءِ الَّذِينَ بُعِثَ إلَيْهِمُ الأنْبِياءُ كانُوا كُفّارًا، كَما كانَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ فِيما اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾، أيْ: لِيَفْصِلَ بَيْنَهم بِالحِكْمَةِ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَما اخْتَلَفَ فِيهِ إلا الَّذِينَ أُوتُوهُ﴾، أيْ: ما اخْتَلَفَ في أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ إلّا الَّذِينَ أُعْطُوا عِلْمَ حَقِيقَتِهِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾، نُصِبَ ”بَغْيًا“، عَلى مَعْنى مَفْعُولٍ لَهُ، المَعْنى: لَمْ يُوقِعُوا الِاخْتِلافَ إلّا (p-٢٨٥)لِلْبَغْيِ، لِأنَّهم عالِمُونَ حَقِيقَةَ أمْرِهِ في كُتُبِهِمْ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَهَدى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِما اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ﴾، أيْ: لِلْحَقِّ الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ أهْلُ الزَّيْغِ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿بِإذْنِهِ﴾، أيْ: بِعِلْمِهِ، أيْ: مِنَ الحَقِّ الَّذِي أمَرَ بِهِ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿يَهْدِي مَن يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، أيْ: إلى طَرِيقِ الدِّينِ الواضِحِ، ومَعْنى ”يَهْدِي مَن يَشاءُ“: يَدُلُّهُ عَلى طَرِيقِ الهُدى، إذا طَلَبَهُ غَيْرَ مُتَعَنِّتٍ، ولا باغٍ.
{"ayah":"كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِیِّـۧنَ مُبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِیَحۡكُمَ بَیۡنَ ٱلنَّاسِ فِیمَا ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِیهِ إِلَّا ٱلَّذِینَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡبَیِّنَـٰتُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِمَا ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ یَهۡدِی مَن یَشَاۤءُ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق