الباحث القرآني

قال سعيد عن قتادة "ذكر لنا: أنه كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على الهدى، وعلى شريعة من الحق، ثم اختلفوا بعد ذلك، فبعث الله عز وجل نوحًا، وكان أول رسول بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض، وبُعِث عند الاختلاف بين الناس وترك الحق". وقال ابن عباس "كان الناس أمة واحدة: كانوا على الإسلام كلهم". وهذا هو القول الصحيح في الآية. وقد روى عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما "كانوا أمة واحدة، كانوا كفارا". وهذا قول الحسن وعطاء، قالا "كان الناس من وقت وفاة آدم إلى مبعث نوح عليهما السلام أمة واحدة على ملة واحدة، وهى الكفر، كانوا كفارا كلهم أمثال البهائم، فبعث الله نوحا وإبراهيم والنبيين". وهذا القول ضعيف جدا، وهو منقطع عن ابن عباس، والصحيح عنه خلافه. قال ابن حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا همام حدثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال "كانوا على الإسلام كلهم". وهذا هو الصواب قطعا، فإن قراءة أبى بن كعب "فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين". ويشهد لهذه القراءة: قوله تعالى في سورة يونس: ﴿وَما كانَ النّاسُ إلا أُمَّةً واحِدَةً فاخْتَلَفوا﴾. والمقصود: أن العدو كادهم وتلاعب بهم حتى انقسموا قسمين، كفارا ومؤمنين فكادهم بعبادة الأصنام، وإنكار البعث. وكان أول ما كاد به عباد الأصنام من جهة العكوف على القبور، وتصاوير أهلها ليتذكروهم بها، كما قص الله سبحانه قصصهم في كتابه، فقال: ﴿وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكم ولا تَذَرُنَّ ودًا، ولا سُواعًا ولا يَغُوثَ، ويَعُوقَ، ونَسْرًا﴾ [نوح: ١٣]. قال البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما "هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت". وقال ابن جرير عن محمد بن قيس قال: "كانوا قوما صالحين من بني آدم، كان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم، الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة، إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم". (قاعدة) كمال العبد وصلاحه يتخلف عنه من إحدى جهتين: إما أن تكون طبيعته يابسة قاسية غير لينة منقادة ولا قابلة لما به كمالها وفلاحها، وإما أن تكون لينة منقادة سلسة القياد، لكنها غير ثابتة على ذلك، بل سريعة الانتقال عنه كثيرة التقلب، فمتى رزق العبد انقيادًا للحق وثباتًا عليه فليبشر، فقد بشر بكل خير وذلك فضل الله يؤتيه من يشاءُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب