الباحث القرآني
(p-٥٢٨)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٢١٣] ﴿كانَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ وأنْـزَلَ مَعَهُمُ الكِتابَ بِالحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ فِيما اخْتَلَفُوا فِيهِ وما اخْتَلَفَ فِيهِ إلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ البَيِّناتُ بَغْيًا بَيْنَهم فَهَدى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِما اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإذْنِهِ واللَّهُ يَهْدِي مَن يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ .
﴿كانَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً﴾ أيْ: وُجِدُوا أُمَّةً واحِدَةً تَتَّحِدُ مَقاصِدُها ومَطالِبُها ووُجْهَتُها لِتُصْلِحَ ولا تُفْسِدَ. وتُحْسِنَ ولا تُسِيءَ، وتَعْدِلَ ولا تَظْلِمَ، أيْ: ما وُجِدُوا إلّا لِيَكُونُوا كَذَلِكَ، كَما قالَ في الآيَةِ الأُخْرى: ﴿وما كانَ النّاسُ إلا أُمَّةً واحِدَةً فاخْتَلَفُوا﴾ [يونس: ١٩] أيِ: انْحَرَفُوا عَنِ الِاتِّحادِ والِاتِّفاقِ، الَّذِي يُثْمِرُ كُلَّ خَيْرٍ لَهم وسَعادَةً، إلى الِاخْتِلافِ والشِّقاقِ المُسْتَتْبِعِ الفَسادَ وهَلاكَ الحَرْثِ والنَّسْلِ، ولَمّا كانُوا لَمْ يُخْلَقُوا سُدًى مِنَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِما يُبَصِّرُهم سَبِيلَ الرَّشادِ في الِاتِّحادِ عَلى الحَقِّ مِن بَعْثَةِ الأنْبِياءِ وما نَزَلَ مَعَهم مِنَ الكِتابِ الفَصْلِ، كَما أشارَتْ تَتِمَّةُ الآيَةِ: ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ﴾ الَّذِينَ رَفَعَهم عَلى بَقِيَّةِ خَلْقِهِ فَأنْبَأهم بِما يُرِيدُ مِن أمْرِهِ، وأرْسَلَهم إلى خَلْقِهِ: ﴿مُبَشِّرِينَ﴾ لِمَن آمَنَ وأطاعَ: ﴿ومُنْذِرِينَ﴾ لِمَن كَفَرَ وعَصى: ﴿وأنْـزَلَ مَعَهُمُ الكِتابَ﴾ أيْ: كَلامَهُ الجامِعَ لِما يَحْتاجُونَ إلَيْهِ في بابِ الدِّينِ عَلى الِاسْتِقامَةِ والهِدايَةِ التّامَّةِ؛ لِكَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا: ﴿بِالحَقِّ﴾ مِن جَمِيعِ الوُجُوهِ: ﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ فِيما اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ مِنَ الِاعْتِقاداتِ والأعْمالِ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قَبْلَ ذَلِكَ أُمَّةً واحِدَةً، فَسَلَكُوا بِهِمْ، بَعْدَ جُهْدٍ، السَّبِيلَ الأقْوَمَ، ثُمَّ ضَلُّوا عَلى عِلْمٍ بَعْدَ مَوْتِ الرُّسُلِ، فاخْتَلَفُوا في الدِّينِ لِاخْتِلافِهِمْ في الكِتابِ: ﴿وما اخْتَلَفَ فِيهِ﴾ أيِ: الكِتابَ الهادِيَ الَّذِي (p-٥٢٩)لا لَبْسَ فِيهِ، المُنَزَّلَ لِإزالَةِ الِاخْتِلافِ: ﴿إلا الَّذِينَ أُوتُوهُ﴾ أيْ: عَلِمُوهُ فَبَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ بِأنْ أوْقَعُوا الخِلافَ فِيما أُنْزِلَ لِرَفْعِ الخِلافِ. ولَمْ يَكُنِ اخْتِلافُهم لِالتِباسٍ عَلَيْهِمْ مِن جِهَتِهِ بَلْ: ﴿مِن بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ البَيِّناتُ﴾ أيِ: الدَّلائِلُ الواضِحَةُ -: ﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ أيْ: حَسَدًا وقَعَ بَيْنَهُمْ: ﴿فَهَدى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بِالكِتابِ: ﴿لِما اخْتَلَفُوا﴾ أيْ: أهْلُ الضَّلالَةِ: ﴿فِيهِ مِنَ الحَقِّ﴾ أيْ: لِلْحَقِّ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ. وفي إبْهامِهِ أوَّلًا، وتَفْسِيرِهِ ثانِيًا، ما لا يَخْفى مِنَ التَّفْخِيمِ: ﴿بِإذْنِهِ﴾ أيْ: بِتَيْسِيرِهِ ولُطْفِهِ ﴿واللَّهُ يَهْدِي مَن يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ تَقْرِيرٌ لِما سَبَقَ. وفي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ عائِشَةَ: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ - إذا قامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي يَقُولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ ومِيكائِيلَ وإسْرافِيلَ! فاطِرَ السَّماواتِ والأرْضِ! عالِمَ الغَيْبِ والشَّهادَةِ! أنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإذْنِكَ إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ...!»» .
{"ayah":"كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِیِّـۧنَ مُبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِیَحۡكُمَ بَیۡنَ ٱلنَّاسِ فِیمَا ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِیهِ إِلَّا ٱلَّذِینَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡبَیِّنَـٰتُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِمَا ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ یَهۡدِی مَن یَشَاۤءُ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق