* الوقفات التدبرية
١- ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾
وإنما نُفي فهم الأدلة السمعية والعقلية عن أكثرهم دون جميعهم؛ لأن هذا حال دهمائهم ومقلِّديهم، وفيهم معشر عقلاء يفهمون، ويستدلون بالكائنات، ولكنهم غلب عليهم حبّ الرئاسة، وأَنِفوا من أن يعودوا أتباعاً للنبي- صلى الله عليه وسلم - ومساوين للمؤمنين من ضعفاء قريش وعبيدهم، مِثل عمار، وبلال. [ابن عاشور:١٩/٣٧]
السؤال: لمَ لم ينف فهم الأدلة السمعية والعقلية عن جميع المشركين؟
٢- ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾
لأنهم لا ينزجرون بما يسمعون؛ وهي تنزجر، ولا يشكرون للمحسن وهو وليهم، لا يجانبون المسيء وهو عدوهم، ولا يرغبون في الثواب، ولا يخافون العقاب؛ وذلك لأنا حجبنا شموس عقولهم بظلال الجبال الشامخة من ضلالهم، ولو آمنوا لانقشعت تلك الحجب، وأضاءت أنوار الإيمان، فأبصروا غرائب المعاني، وتبدت لهم خفايا الأســـرار، ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم﴾ [يونس: ٩]. [البقاعي:١٣/٣٩٥]
السؤال: لم كان الكفار أضل من البهائم؟
٣- ﴿نَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلً﴾
بل هم أضل من الأنعام؛ لأن الأنعام يهديها راعيها فتهتدي، وتعرف طريق هلاكها فتجتنبه، وهي أيضاً أسلم عاقبة من هؤلاء. [السعدي:٥٨٤]
السؤال: ما وجه كون الأنعام أهدى من الكافرين؟
٤- ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾
وفي مَدِّ الظل وقبضِه نعمةُ معرفة أوقات النهار للصلوات وأعمال الناس، ونعمةُ التناوب في انتفاع الجماعات والأقطار بفوائد شعاع الشمس، وفوائد الفيء؛ بحيث إن الفريق الذي كان تحت الأشعة يتبرد بحلول الظلّ، والفريق الذي كان في الظل ينتفع بانقباضه. [ابن عاشور:١٩/٤٣]
السؤال: بين عظيم نعمة الله تعالى في مد الظل وقبضه.
٥- ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِى كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيرًا﴾
جعلناك نذيراً للكل لترتفع درجتك، فاشكر نعمة الله عليك . [القرطبي:١٥/٤٤٩]
السؤال: بين الحكمة في جعل النبي - صلى الله عليه وسلم- نذيرًا للكل.
٦- ﴿فَلَا تُطِعِ ٱلْكَٰفِرِينَ وَجَٰهِدْهُم بِهِۦ جِهَادًا كَبِيرًا﴾
ويستدل بالآية على الوجه المأثور على عظم جهاد العلماء لأعداء الدين بما يوردون عليهم من الأدلة، وأوفرهم حظا المجاهدون بالقرآن منهم. [الألوسي:١٠/٣٣]
السؤال: كيف يكون الجهاد بالقرآن؟
٧- ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ ۗ وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِۦ ظَهِيرًا﴾
ونفي الضرّ بعد نفي النفع؛ للتنبيه على انتفاء شبهة عَبَدة الأصنام في شركهم؛ لأن موجب العبادة: إما رجاء النفع، وإما اتقاء ضر المعبود، وكلاهما منتف عن الأصنام بالمشاهَدة. [ابن عاشور:١٩/٥٦]
السؤال: لماذا نُهينا عن توجيه العبادة للأضرحة والقبور؟
* التوجيهات
١- الكافر كالبهيمة فيما يخص أمور الآخرة، بل البهيمة خير منه، ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾
٢- اجعل حياتك موافقة للفطرة؛ فنم بالليل، واعمل بالنهار، ﴿وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِبَاسًا وَٱلنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُورًا﴾
٣- على الداعية أن يبذل أقصى وسعه في دعوته وجهاده، ﴿وَجَٰهِدْهُم بِهِۦ جِهَادًا كَبِيرًا﴾
* العمل بالآيات
١- تأمل في نعمتي الظل والشمس, واكتب ثلاث فوائد نفيدها من ذلك, ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾
٢- ادع الله تعالى أن يغيث البلاد والعباد, واحمد الله على رحمته وفضله كلما شربت من الماء, ﴿لِّنُحْۦِىَ بِهِۦ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُۥ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَٰمًا وَأَنَاسِىَّ كَثِيرًا﴾
٣- صل بعض أرحامك بزيارتهم، أو الاتصال بهم هاتفيًا, ﴿وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُۥ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾
* معاني الكلمات
﴿مَدَّ الظِّلَّ﴾ بَسَطَهُ مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
﴿سَاكِناً﴾ ثَابِتًا مُسْتَقِرًّا.
﴿لِبَاسًا﴾ سَاتِرًا لَكُمْ بِظَلاَمِهِ.
﴿سُبَاتًا﴾ رَاحَةً لأِبْدَانِكُمْ.
﴿نُشُورًا﴾ وَقْتًا لِلاِنْتِشَارِ وَالسَّعْيِ فِي الأَرْضِ.
﴿بُشْرًا﴾ مُبَشِّرَاتٍ بِالرَّحْمَةِ، وَهِيَ المَطَرُ.
﴿صَرَّفْنَاهُ﴾ أَنْزَلْنَا المَطَرَ عَلَى أَرْضٍ دُونَ أُخْرَى.
﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ بَلِّغْهُمُ القُرْآنَ بَاذِلاً وُسْعَكَ.
﴿جِهَادًا كَبِيرًا﴾ لاَ يُخِالِطُهُ فُتُورٌ.
﴿مَرَجَ﴾ خَلَطَ.
﴿فُرَاتٌ﴾ شَدِيدُ العُذُوبَةِ.
﴿أُجَاجٌ﴾ شَدِيدُ المُلُوحَةِ.
﴿بَرْزَخًا﴾ حَاجِزًا يَمْنَعُ إِفْسَادَ أَحَدِهِمَا لِلآخَرِ.
﴿وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾ سِتْرًا يَمْنَعُ وُصُولَ أَحَدِهِمَا إِلَى الآخَرِ.
﴿المَاءِ﴾ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ.
﴿نَسَبًا﴾ قَرَابَةَ النَّسَبِ.
﴿وَصِهْرًا﴾ قَرَابَةَ المُصَاهَرَةِ.
﴿ظَهِيرًا﴾ مُعِينًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى رَبِّهِ؛ بِالشِّرْكِ، مُظَاهِرًا لَهُ فِي المَعْصِيَةِ.
{"ayahs_start":44,"ayahs":["أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ یَسۡمَعُونَ أَوۡ یَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَـٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِیلًا","أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَیۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَاۤءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنࣰا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَیۡهِ دَلِیلࣰا","ثُمَّ قَبَضۡنَـٰهُ إِلَیۡنَا قَبۡضࣰا یَسِیرࣰا","وَهُوَ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ لِبَاسࣰا وَٱلنَّوۡمَ سُبَاتࣰا وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُورࣰا","وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ طَهُورࣰا","لِّنُحۡـِۧیَ بِهِۦ بَلۡدَةࣰ مَّیۡتࣰا وَنُسۡقِیَهُۥ مِمَّا خَلَقۡنَاۤ أَنۡعَـٰمࣰا وَأَنَاسِیَّ كَثِیرࣰا","وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَـٰهُ بَیۡنَهُمۡ لِیَذَّكَّرُوا۟ فَأَبَىٰۤ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورࣰا","وَلَوۡ شِئۡنَا لَبَعَثۡنَا فِی كُلِّ قَرۡیَةࣲ نَّذِیرࣰا","فَلَا تُطِعِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَجَـٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادࣰا كَبِیرࣰا","۞ وَهُوَ ٱلَّذِی مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَیۡنِ هَـٰذَا عَذۡبࣱ فُرَاتࣱ وَهَـٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجࣱ وَجَعَلَ بَیۡنَهُمَا بَرۡزَخࣰا وَحِجۡرࣰا مَّحۡجُورࣰا","وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَاۤءِ بَشَرࣰا فَجَعَلَهُۥ نَسَبࣰا وَصِهۡرࣰاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِیرࣰا","وَیَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَنفَعُهُمۡ وَلَا یَضُرُّهُمۡۗ وَكَانَ ٱلۡكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِۦ ظَهِیرࣰا"],"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ طَهُورࣰا"}