﴿وَهُوَ الَّذِي أرْسَلَ الرِياحَ﴾ الرِيحَ: مَكِّيٌّ، والمُرادُ الجِنْسُ ﴿بُشْرًا﴾ تَخْفِيفُ بُشُرٍ جَمْعُ بُشُورٍ ﴿بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ أيْ: قُدّامَ المَطَرِ، لِأنَّهُ رِيحٌ ثُمَّ سَحابٌ ثُمَّ مَطَرٌ وهَذِهِ اسْتِعارَةٌ مَلِيحَةٌ ﴿وَأنْـزَلْنا مِنَ السَماءِ ماءً﴾ مَطَرًا ﴿طَهُورًا﴾ بَلِيغًا في طَهارَتِهِ والطَهُورُ صِفَةٌ كَقَوْلِكَ ماءٌ طَهُورٌ أيْ: طاهِرٌ، واسْمٌ كَقَوْلِكَ لِما يُتَطَهَّرُ بِهِ: طَهُورٌ كالوَضُوءِ والوَقُودُ لِما يُتَوَضَّأُ بِهِ وتُوقَدُ بِهِ النارُ، ومَصْدَرٌ بِمَعْنى التَطَهُّرِ كَقَوْلِكَ تَطَهَّرْتُ طَهُورًا حَسَنًا، ومِنهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ: « " لا صَلاةَ إلّا بِطَهُورٍ" » أيْ: بِطَهارَةٍ، وما حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ هو (p-٥٤٢)ما كانَ طاهِرًا في نَفْسِهِ مُطَهِّرًا لِغَيْرِهِ وهو مَذْهَبُ الشافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى إنْ كانَ هَذا زِيادَةَ بَيانٍ لِطَهارَتِهِ فَحَسَنٌ ويُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿وَيُنَـزِّلُ عَلَيْكم مِنَ السَماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكم بِهِ﴾ [الأنفال: ١١] وإلّا فَلَيْسَ فَعَوْلٌ مِنَ التَفْعِيلِ في شَيْءٍ وقِياسُهُ عَلى ما هو مُشْتَقٌّ مِنَ الأفْعالِ المُتَعَدِّيَةِ كَقَطُوعٍ ومَنُوعٍ غَيْرُ سَدِيدٍ، لِأنَّ بِناءَ المَفْعُولِ لِلْمُبالَغَةِ فَإنْ كانَ الفِعْلُ مُتَعَدِّيًا فالمَفْعُولُ مُتَعَدٍّ وإنْ كانَ لازِمًا فَلازِمٌ.
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ طَهُورࣰا"}