الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله﴾ الصَّفَا: جبل بِأحد طرفِي الْمَسْعَى. والمروة: جبل بالطرف الثَّانِي، والصفا: الْحجر الصلب، والمروة: الْحجر الرخو. قَوْله تَعَالَى ﴿من شَعَائِر الله﴾ فالشعائر: جمع الشعيرة، وَهِي: الْأَعْلَام الَّتِي على مَنَاسِك الْحَج. وَمثله المشاعر، فالموقف شعيرَة، والمطاف شعيرَة، والمنحر شعيرَة، والمشعر شعيرَة. ﴿فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر﴾ فَأصل الْحَج: الْقَصْد. قَالَ الشَّاعِر: (وَأشْهد من عَوْف حلولا كَثِيرَة ... يحجون سبّ الزبْرِقَان المزعفرا) أَي: يقصدون. وأصل الْعمرَة: الزِّيَارَة. قَالَ الشَّاعِر: (وجاشت النَّفس لما جَاءَ فَلهم ... وراكب جَاءَ من تثليث مُعْتَمر) أَي زَائِرًا وَفِي الْحَج وَالْعمْرَة قصد وزيارة. وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما﴾ قَرَأَ ابْن عَبَّاس: " فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما ". وَهِي قِرَاءَة أنس، وَكَذَلِكَ كَانَ فِي مصحف أبي بن كَعْب، وَابْن مَسْعُود. وَالْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة: ﴿أَن يطوف بهما﴾ . وَقد روى عَن عُرْوَة بن الزبير: أَنه قَالَ لعَائِشَة: " أَنا لَا أرى جنَاحا على من لَا يطوف بَين الصَّفَا والمروة، وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة. فَقَالَت عَائِشَة: بئْسَمَا رَأَيْت يَا ابْن أُخْتِي وَذكرت الْقِصَّة فِي سَبَب نزُول الْآيَة ". والقصة فِي ذَلِك أَنه كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة على الصَّفَا والمروة صنمان: إساف ونائلة، وَكَانَ إساف على الصَّفَا، ونائلة على الْمَرْوَة، وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يطوفون بَين الصَّفَا والمروة تَعْظِيمًا للصنمين، فَلَمَّا فتح النَّبِي مَكَّة، وَكسر الْأَصْنَام. وَكَانَ الْمُسلمُونَ يتحرجون عَن السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة لمَكَان الصنمين اللَّذين كَانَا عَلَيْهِم؛ فَنزلت الْآيَة فِي رفع ذَلِك الْحَرج. ثمَّ وجوب السَّعْي بالْخبر؛ وَهُوَ قَوْله: " إِن الله تَعَالَى كتب عَلَيْكُم السَّعْي فَاسْعَوْا ". فَأَما تِلْكَ الْقِرَاءَة " أَن لَا يطوف بهما " فَهِيَ قِرَاءَة مهجورة فَلَا تتْرك بهَا الْقِرَاءَة الْمَعْهُودَة. وَقيل: " لَا " فِيهِ صلَة. وَالْمرَاد: أَن يطوف. قَالَ الشَّاعِر: (لَا ألوم الْبيض أَلا تسخرا ... لما رأين الشمط القفندرا) أَي: أَن تسخر. قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن تطوع خيرا﴾ قَرَأَ حَمْزَة: " وَمن يطوع " مشدد. وَمَعْنَاهُ يتَطَوَّع وَالْمَعْرُوف ﴿وَمن تطوع﴾ . ثمَّ من قَالَ: إِن السَّعْي لَيْسَ بِرُكْن صرف قَوْله: ﴿وَمن تطوع﴾ إِلَى السَّعْي. وَمن قَالَ: إِنَّه ركن صرفه إِلَى أصل الْحَج وَالْعمْرَة. وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ التَّطَوُّع بِسَائِر الْأَعْمَال. ﴿فَإِن الله شَاكر عليم﴾ وَالشُّكْر من الله: أَن يُعْطي فَوق مَا يسْتَحق العَبْد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب