الباحث القرآني
﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾ لَمّا أشارَ - سُبْحانَهُ - فِيما تَقَدَّمَ إلى الجِهادِ عَقِبَ ذَلِكَ بِبَيانِ مَعالِمِ الحَجِّ، فَكَأنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الحَجِّ والغَزْوِ، وفِيهِما شِقُّ الأنْفُسِ وتَلَفُ الأمْوالِ، وقِيلَ: لَمّا ذَكَرَ الصَّبْرَ عَقَّبَهُ بِبَحْثِ الحَجِّ (p-25)لِما فِيهِ مِنَ الأُمُورِ المُحْتاجَةِ إلَيْهِ، و الصَّفا في الأصْلِ الحَجَرُ الأمْلَسُ، مَأْخُوذٌ مِن صَفا يَصْفُو إذا خَلُصَ، واحِدُهُ صَفاةٌ، كَحَصى وحَصاةٍ، ونَوى ونَواةٍ. وقِيلَ: إنَّ ( الصَّفا ) واحِدٌ. قالَ المُبَرِّدُ: وهو كُلُّ حَجَرٍ لا يُخالِطُهُ غَيْرُهُ مِن طِينٍ أوْ تُرابٍ، وأصْلُهُ مِنَ الواوِ؛ لِأنَّكَ تَقُولُ في تَثْنِيَتِهِ صَفْوانٌ، ولا يَجُوزُ إمالَتُهُ، والمَرْوَة في الأصْلِ الحَجَرُ الأبْيَضُ اللَّيِّنُ، والمَرْوُ لُغَةٌ فِيهِ، وقِيلَ: هو جَمْعٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وتَمْرٍ، ثُمَّ صارا في العُرْفِ عَلَمَيْنِ لِمَوْضِعَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ بِمَكَّةَ لِلْغَلَبَةِ، واللّامُ لازِمَةٌ فِيهِما. وقِيلَ: سُمِّيَ ( الصَّفا )؛ لِأنَّهُ جَلَسَ عَلَيْهِ آدَمُ صَفِيُّ اللَّهِ تَعالى، وسُمِّيَ ( المَرْوَةَ )؛ لِأنَّهُ جَلَسَتْ عَلَيْهِ امْرَأتُهُ حَوّاءُ، والشَّعائِر جَمْعُ شَعِيرَةٍ أوْ شِعارَةٍ، وهي العَلامَةُ، والمُرادُ بِهِما أعْلامُ المُتَعَبِّداتِ أوِ العِباداتُ الحُجِّيَّةُ، وقِيلَ: المَعْنى إنَّ الطَّوافَ بَيْنَ هَذَيْنَ الجَبَلَيْنِ مِن عَلاماتِ دِينِ اللَّهِ تَعالى، أوْ أنَّهُما مِنَ المَواضِعِ الَّتِي يُقامُ فِيها دِينُهُ، أوْ مِن عَلاماتِهِ الَّتِي تُعُبِّدَ بِالسَّعْيِ بَيْنَهُما، لا مِن عَلاماتِ الجاهِلِيَّةِ.
﴿فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ﴾ الحَجُّ لُغَةً القَصْدُ مُطْلَقًا أوْ إلى مُعْظَمٍ، وقَيَّدَهُ بَعْضُهم بِكَوْنِهِ عَلى وجْهِ التَّكْرارِ، والعُمْرَةُ الزِّيارَةُ أخْذًا مِنَ العِمارَةِ، كَأنَّ الزّائِرَ يَعْمُرُ المَكانَ بِزِيارَتِهِ، فَغَلَبا شَرْعًا عَلى المَقْصِدِ المُتَعَلِّقِ بِالبَيْتِ وزِيارَتِهِ عَلى الوَجْهَيْنِ المَخْصُوصَيْنِ، والبَيْت خارِجٌ مِنَ المَفْهُومِ، والنِّسْبَةُ مَأْخُوذَةٌ فِيهِ، فَلا بُدَّ مِن ذِكْرِهِ، فَلا يَرِدُ أنَّ البَيْتَ مَأْخُوذٌ في مَفْهُومِهِما، فَيَكْفِي مَن حَجَّ أوِ اعْتَمَرَ، ولا حاجَةَ إلى أنْ يَتَكَلَّفَ بِأنَّهُ مَأْخُوذٌ في مَفْهُومِ الِاسْمَيْنِ خارِجٌ عَنْ مَفْهُومِ الفِعْلَيْنِ، وعَلى تَقْدِيرِ أخْذِهِ في مَفْهُومِهِما يُعْتَبَرُ التَّجْرِيدُ لِيَظْهَرَ شَرَفُ البَيْتِ.
﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾ أيْ: لا إثْمَ عَلَيْهِ في أنْ يَطَّوَّفَ. وأصْلُ الجُناحِ المَيْلُ، ومِنهُ ﴿وإنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ﴾ وسُمِّيَ الِاسْمُ بِهِ؛ لِأنَّهُ مَيْلٌ مِنَ الحَقِّ إلى الباطِلِ، وأصْلُ يَطَّوَّفُ يَتَطَوَّفُ، فَأُدْغِمَتِ التّاءُ في الطّاءِ، وسَبَبُ النُّزُولِ ما صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - أنَّهُ كانَ عَلى الصَّفا صَنَمٌ عَلى صُورَةِ رَجُلٍ يُقالُ لَهُ إسافٌ، وعَلى المَرْوَةِ صَنَمٌ عَلى صُورَةِ امْرَأةٍ تُدْعى نائِلَةُ، زَعَمَ أهْلُ الكِتابِ أنَّهُما زَنَيا في الكَعْبَةِ، فَمَسَخَهُما اللَّهُ - تَعالى - حَجَرَيْنِ، فَوُضِعا عَلى الصَّفا والمَرْوَةِ لِيُعْتَبَرَ بِهِما، فَلَمّا طالَتِ المُدَّةُ عُبِدا مِن دُونِ اللَّهِ - تَعالى - فَكانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ إذا طافُوا بَيْنَهُما مَسَحُوا الوَثَنَيْنِ، فَلَمّا جاءَ الإسْلامُ وكُسِّرَتِ الأصْنامُ كَرِهَ المُسْلِمُونَ الطَّوافَ بَيْنَهُما لِأجْلِ الصَّنَمَيْنِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ - تَعالى - هَذِهِ الآيَةَ، ومِنهُ يُعْلَمُ دَفْعُ ما يَتَراءى أنَّهُ لا يَتَصَوَّرُ فائِدَةٌ في نَفْيِ الجُناحِ بَعْدَ إثْباتِ أنَّهُما مِنَ الشَّعائِرِ، بَلْ رُبَّما لا يَتَلازَمانِ؛ إذْ أدْنى مَراتِبِ الأوَّلِ النَّدْبُ، وغايَةُ الثّانِي الإباحَةُ، وقَدْ وقَعَ الإجْماعُ عَلى مَشْرُوعِيَّةِ الطَّوافِ بَيْنَهُما في الحَجِّ والعُمْرَةِ لِدَلالَةِ نَفْيِ الجُناحِ عَلَيْهِ قَطْعًا، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا في الوُجُوبِ؛ فَرُوِيَ عَنْ أحْمَدَ أنَّهُ سَنَةٌ، وبِهِ قالَ أنَسٌ وابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ الزُّبَيْرِ؛ لِأنَّ نَفْيَ الجُناحِ يَدُلُّ عَلى الجَوازِ، والمُتَبادِرُ مِنهُ عَدَمُ اللُّزُومِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يَتَراجَعا﴾ ولَيْسَ مُباحًا بِالِاتِّفاقِ، ولِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾ فَيَكُونُ مَندُوبًا، وضُعِّفَ بِأنَّ نَفْيَ الجُناحِ وإنْ دَلَّ عَلى الجَوازِ المُتَبادَرِ مِنهُ عَدَمُ اللُّزُومِ، إلّا أنَّهُ يُجامِعُ الوُجُوبَ، فَلا يَدْفَعُهُ ولا يَنْفِيهِ، والمَقْصُودُ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ هَهُنا دَلِيلًا يَدُلُّ عَلى الوُجُوبِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾ ولَعَلَّ هَذا كَقَوْلِكَ لِمَن عَلَيْهِ صَلاةُ الظُّهْرِ مَثَلًا، وظَنَّ أنَّهُ لا يَجُوزُ فِعْلُها عِنْدَ الغُرُوبِ، فَسَألَ عَنْ ذَلِكَ: لا جُناحَ عَلَيْكَ إنْ صَلَّيْتَها في هَذا الوَقْتِ، فَإنَّهُ جَوابٌ صَحِيحٌ، ولا يَقْتَضِي نَفْيَ وُجُوبِ صَلاةِ الظُّهْرِ. وعَنِ الشّافِعِيِّ ومالِكٍ: إنَّهُ رُكْنٌ - وهو رِوايَةٌ عَنِ الإمامِ أحْمَدَ - واحْتَجُّوا بِما أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - فَقالَ: ”إنَّ اللَّهَ - تَعالى - كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ فاسْعُوا“». ومَذْهَبُ إمامِنا أبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - أنَّهُ واجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ؛ لِأنَّ الآيَةَ لا تَدُلُّ إلّا عَلى نَفْيِ الإثْمِ المُسْتَلْزِمِ لِلْجَوازِ، والرُّكْنِيَّةُ لا تَثْبُتُ إلّا بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ ولَمْ يُوجَدْ، والحَدِيثُ إنَّما يُفِيدُ (p-26)حُصُولَ الحُكْمِ مُعَلَّلًا ومُقَرَّرًا في الذِّهْنِ، ولا يَدُلُّ عَلى بُلُوغِهِ غايَةُ الوُجُوبِ بِحَيْثُ يَفُوتُ الجَوازُ بِفَوْتِهِ لِتَتَحَقُّقِ الرُّكْنِيَّةِ، وهو ظَنِّيُ السَّنَدِ، وإنْ فُرِضَ قَطْعِيَّ الدَّلالَةِ، فَلا يَدُلُّ عَلى الفَرْضِيَّةِ، وما رَوى مُسْلِمٌ عَنْ عائِشَةَ، أنَّها قالَتْ: ”لَعَمْرِي ما أتَمَّ اللَّهُ - تَعالى - حَجَّ مَن لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةِ ولا عُمْرَتَهُ“، لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلى الفَرْضِيَّةِ أيْضًا سَلَّمْنا لَكِنَّهُ مَذْهَبٌ لَها، والمَسْألَةُ اجْتِهادِيَّةٌ، فَلا تُلْزِمُ بِهِ عَلى أنَّهُ مُعارِضٌ بِما أخْرَجَهُ الشَّعْبِيُّ، «عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطّائِيِّ، أنَّهُ قالَ: أتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - بِالمُزْدَلِفَةِ، فَقُلْتُ: ”يا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ مِن جَبَلِ طَيٍّ، ما تَرَكْتُ جَبَلًا إلّا وقَفْتُ عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِن حَجٍّ؟ فَقالَ: مَن صَلّى مَعَنا هَذِهِ الصَّلاةَ ووَقَفَ مَعَنا هَذا المَوْقِفَ، وقَدْ أدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أوْ نَهارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وقَضى تَفَثَهُ“». فَأخْبَرَ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - بِتَمامِ حَجِّهِ، ولَيْسَ فِيهِ السَّعْيُ بَيْنَهُما، ولَوْ كانَ مِن فُرُوضِهِ لِبَيْنِهِ لِلسّائِلِ لِعِلْمِهِ بِجَهْلِهِ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ وأُبَيٌّ: ( أنْ لا يَطُوفَ ) ولا تَصْلُحُ أنْ تَكُونَ ناصِرَةً لِلْقَوْلِ الأوَّلِ؛ لِأنَّها شاذَّةٌ لا عَمَلَ بِها مَعَ ما يُعارِضُها ولِاحْتِمالِ أنَّ ( لا ) زائِدَةٌ كَما يَقْتَضِيهِ السِّياقُ.
﴿ومَن تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ أيْ: مِنِ انْقادَ انْقِيادًا خَيْرًا أوْ بِخَيْرٍ، أوْ آتِيًا بِخَيْرٍ، فَرْضًا كانَ أوْ نَفْلًا، وهو عَطْفٌ عَلى ﴿فَمَن حَجَّ﴾ إلَخْ مُؤَكِّدٌ أمْرَ الحَجِّ والعُمْرَةِ والطَّوافِ تَأْكِيدَ الحُكْمِ الكُلِّيِّ لِلْجُزْئِيِّ، أوْ مَن تَبَرَّعَ تَبَرُّعًا خَيْرًا أوْ بِخَيْرٍ، أوْ آتِيًا بِخَيْرٍ مِن حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ أوْ طَوافٍ لِقَرِينَةِ المَساقِ، وعَلَيْهِ تَكُونُ الجُمْلَةُ مَسُوقَةً لِإفادَةِ شَرْعِيَّةِ التَّنَفُّلِ بِالأُمُورِ الثَّلاثَةِ، وفائِدَةُ ( خَيْرًا ) عَلى الوَجْهَيْنِ، مَعَ أنَّ التَّطَوُّعَ لا يَكُونُ إلّا كَذَلِكَ التَّنْصِيصِ بِعُمُومِ الحُكْمِ بِأنَّ مَن فَعَلَ خَيْرًا أيْ خَيْرٌ كانَ يُثابُ عَلَيْهِ، أوْ مَن تَبَرَّعَ تَبَرُّعًا خَيْرًا أوْ بِخَيْرٍ أوْ آتِيًا بِخَيْرٍ مِنَ السَّعْيِ فَقَطْ بِناءً عَلى أنَّهُ سُنَّةٌ، والجُمْلَةُ حِينَئِذٍ تَكْمِيلٌ لِدَفْعِ ما يَتَوَهَّمُ مِن نَفْيِ الجُناحِ مِنَ الإباحَةِ، وفائِدَةُ القَيْدِ التَّنْصِيصُ بِخَيْرِيَّةِ الطَّوافِ دَفْعًا لِحَرَجِ المُسْلِمِينَ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ: ( ومَن تَطَوَّعَ بِخَيْرٍ ) وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ ويَعْقُوبُ: ( يَطَّوَّعْ ) عَلى صِيغَةِ المُضارِعِ المَجْزُومِ لِتَضَمُّنِ ( مَن ) مَعْنى الشَّرْطِ وأصْلُهُ ( يَتَطَوَّعُ ) فَأُدْغِمَ.
﴿فَإنَّ اللَّهَ شاكِرٌ﴾ أيْ: مَجازٌ عَلى الطّاعَةِ بِالثَّوابِ، وفي التَّعْبِيرِ بِهِ مُبالَغَةٌ في الإحْسانِ إلى العِبادِ.
﴿عَلِيمٌ﴾ 158: مُبالِغٌ في العِلْمِ بِالأشْياءِ، فَيَعْلَمُ مَقادِيرَ أعْمالِهِمْ وكَيْفِيّاتِها، فَلا يَنْقُصُ مِن أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وبِهَذا ظَهَرَ وجْهُ تَأْخِيرِ هَذِهِ الصِّفَةِ عَمّا قَبْلَها، ومَن قالَ: أتى بِالصِّفَتَيْنِ هَهُنا؛ لِأنَّ التَّطَوُّعَ بِالخَيْرِ يَتَضَمَّنُ الفِعْلَ والقَصْدَ، فَناسَبَ ذِكْرَ الشُّكْرِ بِاعْتِبارِ الفِعْلِ، وذِكْرَ العِلْمِ بِاعْتِبارِ القَصْدِ، وأخَّرَ صِفَةَ العِلْمِ، وإنْ كانَتْ مُتَقَدِّمَةً عَلى الشُّكْرِ، كَما أنَّ النِّيَّةَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلى الفِعْلِ لِتُواخِيَ رُءُوسَ الآيِ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ.
وهَذِهِ الجُمْلَةُ عِلَّةٌ لِجَوابِ الشَّرْطِ المَحْذُوفِ قائِمٌ مَقامَهُ، كَأنَّهُ قِيلَ: ومَن تَطَوَّعَ خَيْرًا جازاهُ اللَّهُ - تَعالى - أوْ أثابَهُ، فَإنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ.
﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ﴾ أخْرَجَ جَماعَةٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - قالَ: سَألَ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ وسَعْدُ بْنُ مُعاذٍ وخارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ نَفَرًا مِن أحْبارِ يَهُودَ عَنْ بَعْضِ ما في التَّوْراةِ، فَكَتَمُوهم إيّاهُ، وأبَوْا أنْ يُخْبِرُوهُمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ - تَعالى - فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ، وعَنْ قَتادَةَ أنَّها نَزَلَتْ في الكاتِمِينَ مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى. وقِيلَ: نَزَلَتْ في كُلٍّ مَن كَتَمَ شَيْئًا مِن أحْكامِ الدِّينِ لِعُمُومِ الحُكْمِ لِلْكُلِّ، فَقَدْ رَوى البُخارِيُّ وابْنُ ماجَهْ وغَيْرُهُما عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - أنَّهُ قالَ: لَوْلا آيَةٌ في كِتابِ اللَّهِ - تَعالى - ما حَدَّثْتُ أحَدًا بِشَيْءٍ أبَدًا، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ،وأخْرَجَ أبُو يَعْلى والطَّبَرانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: «”مَن سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ جاءَ يَوْمَ القِيامَةِ مُلْجَمًا بِلِجامٍ مِن نارٍ“،» والأقْرَبُ أنَّها نَزَلَتْ في اليَهُودِ والحُكْمُ عامٌّ، كَما تَدُلُّ عَلَيْهِ الأخْبارُ، وكَوْنُها نَزَلَتْ في اليَهُودِ لا يَقْتَضِي الخُصُوصَ، فَإنَّ العِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لا لِخُصُوصِ السَّبَبِ، فالمَوْصُولُ (p-27)لِلِاسْتِغْراقِ ويَدْخُلُ فِيهِ مَن ذَكَرَ دُخُولًا أوَّلِيًّا، والكَتْمُ والكِتْمانُ تَرْكُ إظْهارِ الشَّيْءِ قَصْدًا مَعَ مَساسِ الحاجَةِ إلَيْهِ، وتَحَقُّقِ الدّاعِي إلى إظْهارِهِ، وذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ سِتْرِهِ وإخْفائِهِ، وقَدْ يَكُونُ بِإزالَتِهِ، ووَضْعِ شَيْءٍ آخَرَ مَوْضِعَهُ واليَهُودُ - قاتَلَهُمُ اللَّهُ تَعالى - ارْتَكَبُوا كِلا الأمْرَيْنِ.
{"ayah":"۞ إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَاۤىِٕرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَیۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِ أَن یَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَیۡرࣰا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











