الباحث القرآني

﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ﴾ هُما عَلَما جَبَلَيْنِ بِمَكَّةَ. مِن شَعائِرِ اللَّهِ مِن أعْلامِ مَناسِكِهِ، جَمْعُ شَعِيرَةٍ وهي العَلامَةُ، ﴿فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ﴾ الحَجُّ لُغَةُ القَصْدِ، والِاعْتِمارُ الزِّيارَةُ. فَغَلَبا شَرْعًا عَلى قَصْدِ البَيْتِ وزِيارَتِهِ عَلى الوَجْهَيْنِ المَخْصُوصَيْنِ. ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾ كانَ إسافُ عَلى الصَّفا ونائِلَةُ عَلى المَرْوَةِ، وكانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ إذا سَعَوْا مَسَحُوهُما. فَلَمّا جاءَ الإسْلامُ وكُسِرَتِ الأصْنامُ تَحَرَّجَ المُسْلِمُونَ أنْ يَطُوفُوا بَيْنَهُما لِذَلِكَ، فَنَزَلَتْ. والإجْماعُ عَلى أنَّهُ مَشْرُوعٌ في الحَجِّ والعُمْرَةِ، وإنَّما الخِلافُ في وُجُوبِهِ. فَعَنْ أحْمَدَ أنَّهُ سُنَّةٌ، وبِهِ قالَ أنَسٌ وابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم لِقَوْلِهِ: ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِ﴾ فَإنَّهُ يُفْهَمُ مِنهُ التَّخْيِيرُ وهو ضَعِيفٌ، لِأنَّ نَفْيَ الجُناحِ يَدُلُّ عَلى الجَوازِ الدّاخِلِ في مَعْنى الوُجُوبِ، فَلا يَدْفَعُهُ. وعَنْ أبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى أنَّهُ واجِبٌ، يُجْبَرُ بِالدَّمِ. وعَنْ مالِكٍ والشّافِعِيِّ رَحِمَهُما اللَّهُ أنَّهُ رُكْنٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «اسْعُوا فَإنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ» . ﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ أيْ فَعَلَ طاعَةً فَرْضًا كانَ أوْ نَفْلًا، أوْ زادَ عَلى ما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِن حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ، أوْ طَوافٍ أوْ تَطَوَّعَ بِالسَّعْيِ إنْ قُلْنا إنَّهُ سُنَّةٌ. و ﴿خَيْرًا﴾ نُصِبَ عَلى أنَّهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أوْ بِحَذْفِ الجارِّ وإيصالِ الفِعْلِ إلَيْهِ، أوْ بِتَعْدِيَةِ الفِعْلِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنى أتى أوْ فَعَلَ. وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ ويَعْقُوبُ يَطَّوَّعُ، وأصْلُهُ يَتَطَوَّعُ فَأُدْغِمَ مِثْلَ يَطَّوَّفُ ﴿فَإنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ مُثِيبٌ عَلى الطّاعَةِ لا تَخْفى عَلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب