الباحث القرآني
قال اللهُ تعالى: ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ومَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: ١٥٨].
الصَّفا والمَرْوةُ جَبَلانِ متقابِلانِ شرقيَّ الكَعْبةِ، وعلى طرَفَيِ البابِ.
والصَّفا: جمعُ «صَفاةٍ»، وهي: الصخرةُ المَلْساءُ[[ينظر: «تهذيب اللغة» (١٢/١٧٥)، و«لسان العرب» (١٤/٤٦٤).]].
والمَرْوةُ: الحَصاةُ الصغيرةُ[[«تفسير الطبري» (٢/٧٠٩).]].
والشعائرُ: المعالمُ الظاهِرةُ البارِزةُ، ولذا يسمّى الشِّعارُ شِعارًا، لكونِهِ علامةً ورايةً لِما يُرادُ إظهارُه.
وقيل: إنّ المرادَ بالشعائرِ: الأخبارُ، مِن «أشعَرَ فلانٌ بكذا: إذا أخبَرَ به»، يعني: مِن أخبارِ اللهِ التي بَيَّنَها وفَصَّلَها لكم، ثبَتَ هذا عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: مِن الخَبرِ الذي أخبَرَكُمْ عنه، رواهُ ابنُ جريرٍ، وسندُه صحيحٌ[[«تفسير الطبري» (٢/٧١٠).]].
وقولُهُ: ﴿فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾:
الحجُّ: القصدُ، وكلُّ قاصدٍ للبيتِ حاجٌّ، وغلَبَ هذا الاصطلاحُ على قاصدِ المسجدِ الحرامِ، وغلَبَ أيضًا على نُسُكِ الحجِّ، لا العمرةِ، وربَّما أطلَقَهُ بعضُ السلفِ على العُمْرةِ، كما جاء عن ابنِ عُمَرَ أنّه ذكَرَ عمرةَ الحُدَيْبِيَةِ، وقال: «حجَّ النبيُّ البيتَ»[[أخرجه أحمد في «مسنده» (٥٣٢٢) (٢/٦٥).]]، يعني: قصَدَه متعبِّدًا بعمرةٍ، وبالإجماعِ: أنّ النبيَّ أراد العمرةَ، ولم يكنِ الحجُّ فُرِضَ ذلك العامَ.
وإنّما سُمِّيَ الذَّهابُ إلى البيتِ حجًّا، لأنّه يتكرَّرُ كلَّ عامٍ للحجِّ، ودومًا في العمرةِ لمَن أراد، والحاجُّ: هو الذي يكرِّرُ الذَّهابَ والمجيءَ إلى شيءٍ يريدُهُ.
قال المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
وأَشْهَدَ مِن عَوْفٍ حُلُولًا كَثِيرَةً
يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا[[ينظر: «تهذيب اللغة» (٣/٢٥٠)، و«لسان العرب» (١/٤٥٧)، و«تاج العروس» (٣/٣٦).]]
أيْ: يَقْصِدُونَهُ دومًا لسيادتِه ورياستِهِ.
والعُمْرةُ: الزيارةُ.
السعي بين الصفا والمروة في الجاهلية:
وإنّما قال اللَّهُ تعالى: ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾، لأنّ الناسَ في الجاهليَّةِ نصَبُوا صنمَيْنِ على الصَّفا والمَرْوةِ، ثمَّ دخَلَ مَن دخَلَ الإسلامَ، وكان يطوفُ بينَ الصَّفا والمروةِ مشركًا مِن قبلُ، فوجَدُوا حرَجًا مِن ذلك، لمّا قَدِمَ بهم النبيُّ ﷺ في عمرةِ القضاءِ، فأنزَلَ اللهُ هذه الآيةَ، نفيًا للحَرَجِ، والترخيصُ بعدَ الحظرِ: لرفعِ الحظرِ وإبطالِهِ، لا للتشريعِ، فمحلُّه دفعُ الحرجِ والإثمِ لا غيرُ.
روى ابنُ جريرٍ، عن داودَ، عن الشَّعْبيِّ، أنّ وثَنًا كان في الجاهليَّةِ على الصَّفا يُسمّى «إسافًا»، ووَثَنًا على المروةِ يسمّى «نائِلةَ»، فكان أهلُ الجاهليَّةِ إذا طافُوا بالبيتِ، مَسَحُوا الوثَنَيْنِ، فلمّا جاء الإسلامُ، وكُسِرَتِ الأوثانُ، قال المسلِمونَ: إنّ الصَّفا والمَرْوةَ إنّما كان يُطافُ بهما مِن أجلِ الوَثنَيْنِ، وليس الطوافُ بهما مِن الشعائرِ! قال: فأنزَلَ اللَّهُ: إنّهما مِن الشعائرِ: ﴿فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾ [[«تفسير الطبري» (٢/٧١٤).]].
الأمرُ بعد الحظْر:
والألفاظُ بعدَ الحظرِ أو الاستثناءِ مِن المنعِ تأتي بصيغةِ الترخيصِ والإذنِ، ويُؤخَذُ الحكمُ على الحالِ بعدَ رفعِ الحظرِ مِن دليلٍ آخَرَ، كما لو قلتَ لِمَن خَشِيَ الموتَ جوعًا: «لا بأسَ عليك أنْ تأكُلَ المَيْتةَ»، وأنت تريدُ رفعَ الحظرِ، وإلا فالأكلُ منها لإبقاءِ الحياةِ واجِبٌ، ولذا قال تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٧٣]، وقال: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لإثْمٍ فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: ٣].
والمعنى مِن الآيةِ أنّ الحرَجَ الذي في نفوسِكم يَجِبُ أنْ يُرفَعَ، والإثمَ يجبُ أنْ يزولَ بزوالِ سَبَبِه، وأنّ اللهَ جعَلَ حُكْمًا جديدًا لهذه الشعيرةِ، أحْيا به ما بدَّلَه الجاهليُّونَ مِن وضعِ الأوثانِ عليهما، وأعادَ الشعيرةَ، كما كانتْ زمنَ إبراهيمَ الخليلِ ومَن بعدَهُ مِن الأنبياءِ.
روى البخاريُّ ومسلمٌ، مِن حديثِ عاصمٍ الأحولِ، قال: قلتُ لأنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه: أكنتُمْ تَكْرَهُونَ السعيَ بينَ الصَّفا والمَرْوةِ؟ قال: نَعَمْ، لأنّها كانتْ مِن شعائرِ الجاهليةِ، حتى أنزَلَ اللَّهُ: ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾ [[أخرجه البخاري (١٦٤٨) (٢/١٥٩)، ومسلم (١٢٧٨) (٢/٩٣٠).]].
وروى ابنُ جريرٍ، عن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عَبّاسٍ، قولَهُ: ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾: وذلك أنّ ناسًا كانوا يتحرَّجونَ أنْ يَطوفُوا بينَ الصَّفا والمَرْوةِ، فأخبَرَ اللهُ أنّهما مِن شعائرِهِ، والطوافَ بينَهما أحَبُّ إليه، فمضَتِ السُّنَّةُ بالطَّوافِ بينَهما[[«تفسير الطبري» (٢/٧١٦).]].
وفي صحيحِ البخاريِّ ومسلمٍ، وغيرِهما، عن عُرْوةَ بنِ الزُّبَيْرِ، قال: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها، فقلتُ لها: أرأيتِ قولَ اللَّهِ تعالى: ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾، فواللهِ ما على أحدٍ جُناحٌ ألاَّ يَطُوفَ بالصَّفا والمَرْوةِ! قالتْ: بئسَ ما قلتَ يا ابنَ أختي، إنّ هذه لو كانتْ كما أوَّلْتَها عليه، كانتْ: لا جُناحَ عليه ألاَّ يتطوَّفَ بهما، ولكنَّها أُنزِلَتْ في الأنصارِ، كانوا قبلَ أنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَناةَ الطاغيةِ التي كانوا يَعْبُدُونَها عندَ المُشَلَّلِ، فكان مَن أهَلَّ يتحرَّجُ أنْ يطُوفَ بالصَّفا والمَرْوةِ، فلمّا أسْلَمُوا، سألوا رسولَ اللهِ ﷺ عن ذلك، قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنّا كنّا نتحرَّجُ أنْ نطوفَ بينَ الصَّفا والمَرْوةِ، فأنزَلَ اللَّهُ تعالى: ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾ الآيةَ، قالتْ عائشةُ رضي الله عنها: وقد سَنَّ رسولُ اللهِ ﷺ الطوافَ بَيْنَهما، فليس لأحدٍ أنْ يترُكَ الطوافَ بينَهما[[أخرجه البخاري (١٦٤٣) (٢/١٥٧)، ومسلم (١٢٧٧) (٢/٩٢٩).]].
وقولُه في الآيةِ: ﴿فَلا جُناحَ﴾ فسَّرَهُ غيرُ واحدٍ بـ«لا إثْمَ»، قاله السُّدِّيُّ وغيرُه[[«تفسير الطبري» (٢/٧١٤).]].
والمعنى الظاهرُ للآيةِ لمَن لا يعلمُ الحالَ قبلَ التشريعِ، يعني: لا حرَجَ ولا إثمَ لمَن فعَلَ ذلك، وغايةُ ذلك: الإباحةُ أو الاستحبابُ، وهذا غيرُ مرادٍ، لما تقدَّم.
حكمُ السعي بين الصفا والمروةِ:
وقد اختَلَفَ العلماءُ في حكمِ السعيِ بينَ الصَّفا والمَرْوةِ على ثلاثةِ أقوالٍ، وهي ثلاثُ رواياتٍ في مذهبِ أحمدَ:
القولُ الأولُ: قالوا: إنّه رُكْنٌ، وعدمُ صحةِ الحجِّ والعمرةِ إلا بالسعيِ، وهو ظاهرُ قولِ عائشةَ، وقولُ جمهورِ الفقهاءِ مِن المالكيَّةِ والشافعيَّةِ والحنابلةِ، وهو قولُ الشافعيِّ وابنِ جريرٍ[[ينظر: «المدونة» (١/٤٢٧)، و«الاستذكار» (٤/٢٢٠)، و«المجموع» (٨/٧٧)، و«المغني» (٣/٣٥١)، و«تفسير الطبري» (٢/٧١١).]].
واحتجُّوا بالآيةِ، وأنّ كَوْنَها مِن شعائرِ اللهِ عَلامةٌ على رُكْنِيَّتِها.
والتحقيقُ: أنّ كونَ الشيءِ شعيرةً لا يلزَمُ منه كونُهُ رُكْنًا، فاللهُ سمّى البُدْنَ مِن الشعائرِ، ولا يقولُ أحدٌ مِن السلفِ برُكْنِيَّتِها: ﴿والبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٣٦]، ولم يكُنِ السلفُ يَجْعَلونَ كلَّ شعيرةٍ مِن شعائرِ اللهِ وُصِفَتْ بذلك ركنًا لا يصحُّ العملُ إلا بها.
روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن داودَ بنِ أبي هِنْدٍ، عن محمَّدِ بنِ أبي موسى، قال في قولِه: ﴿ومَن يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإنَّها مِن تَقْوى القُلُوبِ ﴾ [الحج: ٣٢]، قال: «الوقوفُ بعَرَفةَ مِن شعائرِ اللهِ، وجَمْعٌ مِن شعائرِ اللهِ، والبُدْنُ مِن شعائرِ اللهِ، والحَلْقُ مِن شعائرِ اللهِ، والرميُ مِن شعائرِ اللهِ، فمَن يُعظِّمْها، فإنّها من تَقْوى القلوبِ»[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٤١٥٢) (٣/٢٧٥).]].
وهذه سَمَّوْها كلَّها مِن شعائرِ اللهِ، وتختلفُ حُكمًا بينَ رُكْنٍ وواجبٍ.
وروى مسلمٌ في «صحيحِه»، عن عُرْوةَ، عن عائشةَ، قال: قلتُ لها: إنِّي لَأَظُنُّ رجلًا لو لم يَطُفْ بينَ الصَّفا والمَرْوةِ ما ضَرَّهُ، قالتْ: لِمَ؟ قلتُ: لأنّ اللَّهَ تعالى يقولُ: ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾، فقالتْ: «ما أتَمَّ اللهُ حجَّ امرئٍ ولا عُمْرَتَهُ لم يَطُفْ بينَ الصَّفا والمَرْوةِ، ولو كان كما تقولُ، لكان: فلا جُناحَ عليه ألاَّ يطَّوَّفَ بهما»[[أخرجه مسلم (١٢٧٧) (٢/٩٢٨).]].
وفي «صحيحِ مسلمٍ»: قال رسولُ اللهِ ﷺ لعائشةَ: (يُجْزِئُ عَنْكِ طَوافُكِ بِالصَّفا والمَرْوَةِ، عَنْ حَجِّكِ وعُمْرَتِكِ) [[أخرجه مسلم (١٢١١) (٢/٨٨٠).]].
وفي «الصحيحَيْنِ»، من حديثِ أبي موسى، قال: قَدِمْتُ على رسولِ اللهِ ﷺ وهو بالبَطْحاءِ، فَقالَ: (أحَجَجْتَ؟)، قلتُ: نَعَمْ، قالَ: (بِما أهْلَلْتَ؟)، قلتُ: لَبَّيْكَ بإهلالٍ كإهلالِ النبيِّ ﷺ، قال: (أحْسَنْتَ، انْطَلِقْ، فَطُفْ بِالبَيْتِ، وبِالصَّفا والمَرْوَةِ) [[أخرجه البخاري (١٧٢٤) (٢/١٧٣)، ومسلم (١٢٢١) (٢/٨٩٤).]].
وروى الترمذيُّ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (مَن أحْرَمَ بِالحَجِّ والعُمْرَةِ، أجْزَأَهُ طَوافٌ واحِدٌ وسَعْيٌ واحِدٌ) [[أخرجه الترمذي (٩٤٨) (٣/٢٧٥).]].
وروى ابنُ جريرٍ، عن الربيعِ بنِ سُلَيْمانَ، عن الشافعيِّ، قال: «عَلى مَن تَرَكَ السعيَ بينَ الصَّفا والمَرْوةِ حتى رجَعَ إلى بلدِه، العودُ إلى مكةَ حتى يَطوفَ بينَهما، لا يُجْزِيهِ غيرُ ذلك»[[«تفسير الطبري» (٢/٧٢٢).]].
وزعَمَ ابنُ العربيِّ الإجماعَ على رُكْنِيَّتِهِ في العمرةِ فحسْبُ، وأنّ الحجَّ فيه خلافٌ.
وفي حكايتِه الإجماعَ في العمرةِ نظرٌ[[ينظر: «فتح الباري» لابن حجر (٣/٤٩٩).]].
القولُ الثاني: قالوا: إنّه واجبٌ يُجبَرُ بدمٍ، وهو قولُ سُفْيانَ الثَّوْريِّ وأبي حنيفةَ وصاحبَيْهِ[[ينظر: «المبسوط» للسرخسي (٤/٥٠)، و«بدائع الصنائع» (٢/١٣٣)، والمجموع (٨/٧٧).]].
وترجَمَ البخاريُّ في «صحيحِه»: «بابُ وجوبِ الصَّفا والمَرْوةِ، وجُعِلَ مِن شعائرِ اللهِ»[[«صحيح البخاري» (٢/١٥٧).]].
وقال بالوجوبِ ابنُ المُنذِرِ[[ينظر: «فتح الباري» لابن حجر (٣/٤٩٨).]].
وقد روى أحمدُ، مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ المؤمَّلِ، عن عمرَ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن عطاءِ بنِ أبي رَباحٍ، عن صَفِيَّةَ بنتِ شَيْبةَ، عن حَبِيبةَ بنتِ أبي تُجْراةَ، قالتْ: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (اسْعَوْا، فَإنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ) [[أخرجه أحمد (٢٧٣٦٧) (٦/٤٢١).]]، وعبدُ اللهِ بنُ المؤمَّلِ لا يُحتَجُّ به[[ينظر: «العلل ومعرفة الرجال» «رواية عبد الله» (١/٥٦٧)، و«تاريخ ابن معين» «دوري» (١/١٤١)، و«الكامل» لابن عدي (٥/٢٢١).]].
وللحديثِ وجوهٌ أُخرى لا تَخلُو مِن مقالٍ.
وجوَّدَ إسنادَهُ غيرُ واحدٍ، كالشافعيِّ وأبي نُعَيْمٍ، كما نقلَهُ ابنُ عبدِ البرِّ في الاستذكارِ[[«الاستذكار»، لابن عبد البر (١٢/٢٠٣).]].
واستدلالُهُمْ بقولِه ﷺ: (لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَناسِكَكُمْ) فيه نظرٌ، وذلك أنّ المرادَ بالأخذِ في الحديثِ هو الاقتصارُ بأخذِ التشريعِ عنه لا عن غيرِه، لأنّ بقايا أعمالِ الجاهليَّةِ في المناسكِ كانت ما زالَتْ حاضرةً في أذهانِ المسلِمينَ، ومِن ذلك حرَجُهُمْ مِن الصَّفا والمَرْوةِ، وخَشْيةَ أنْ يكونَ هناك مَن يعملُ بحُسْنِ قصدٍ بما بقِي لدَيْهِ مِن عملِ الجاهليةِ في النُّسُكِ، فالعربُ بدَّلوا أعمالَ الحجِّ.
ويُؤيِّدُ هذا المعنى أنّا لو حَمَلْنا قولَهُ: (لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَناسِكَكُمْ) على الوجوبِ، لَلَزِمَ أنْ نقولَ بوجوبِ أعمالٍ وأقوالٍ ليستْ واجبةً، كتقبيلِ الحَجَرِ، والرَّمَلِ، والاضطباعِ، والذِّكْرِ بينَ اليمانِيَيْنِ، واستلامِ الركنِ اليماني، والشربِ مِن زمزمَ، والدعاءِ على الصَّفا، ورفعِ اليدَيْنِ فيه، والشدِّ بينَ العلَمَيْنِ، والتكبيرِ عندَ رميِ الجمارِ، والتطيُّبِ عندَ الإحرامِ، والدعاءِ في عَرَفةَ، والجمعِ فيها تقديمًا، وفي مزدلِفةَ تأخيرًا، وغيرِ ذلك، وأكثرُ أعمالِ الحجِّ وأقوالِه سُنَنٌ، والأمرُ إذا جاء عامًّا ينبَغي أنْ يكونَ غالبًا ليتحقَّقَ عمومُ معناه.
ثمَّ إنّ الأخذَ في الوحيِ يُرادُ به أخذُ التشريعِ، كما في «الصحيحِ» في حدِّ الزِّنى، مِن حديثِ عُبادةَ بنِ الصامتِ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ ونَفْيُ سَنَةٍ، والثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِئَةٍ والرَّجْمُ) [[أخرجه مسلم (١٦٩٠) (٣/١٣١٦).]]، وهذا الحديثُ رفعٌ لحكمِ الآيةِ ببيانِ إبدالِ تشريعٍ بتشريعٍ جديدٍ في قولِه تعالى: ﴿أوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ﴾ [النساء: ١٥].
ومِن ذلك: ما جاء في «الصحيحينِ»، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (خُذُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ: مِن عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ ـ فَبَدَأَ بِهِ ـ وسالِمٍ مَوْلى أبِي حُذَيْفَةَ، ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ) [[أخرجه البخاري (٣٨٠٨) (٥/٣٦)، ومسلم (٢٤٦٤) (٤/١٩١٣).]].
يعني: يُقدَّمونَ على غيرِهم بالأخذِ، لا أنّ كلَّ الأخذِ عنهم واجبٌ في ذاتِه.
وبعضُ الفقهاءِ الذين يقولونَ بوجوبِ السعيِ يُقيِّدونَهُ بالذاكرِ، وعلى المتعمِّدِ للتركِ دمٌ، وأمّا الناسي والجاهلُ، فلا شيءَ عليهما، وهذا قولُ الثوريِّ، وقولٌ لعطاءٍ[[ينظر: «فتح الباري» لابن حجر (٣/٤٩٩).]].
والحنفيَّةُ يُوجِبونَ أكثرَ السعيِ، وهو أربعةٌ، ويَعذِرونَ التارِكَ لباقِيهِ[[«المبسوط» للشيباني (٢/٤٠٧).]].
القولُ الثالثُ: أنّ السعيَ سُنَّةٌ، صحَّ هذا عن ابنِ عباسٍ، وأنسٍ، وابنِ الزبيرِ، وعطاءِ بنِ أبي رباحٍ، ومجاهدٍ[[ينظر: «المجموع» (٨/٧٧).]].
وجاء في مصحفِ ابنِ مسعودٍ: «ألاَّ يَطَّوَّفَ بِهِما»، ولابنِ مسعودٍ قراءاتٌ في التفسيرِ هي مِن فقهِهِ ورأيِه، ولو كانتِ القراءةُ في مصطلحِ الأئمةِ قراءةً شاذَّةً، يعني: أنّها لا تثبُتُ متواتِرةً عن غيرِه، فهذا لا يُخرِجُها عن كونِها فِقْهًا له.
ونفيُ عائشةَ لِلَفْظِ ما ورَدَ في قراءةِ ابنِ مسعودٍ هو نفيُ أنْ يكونَ مِن المصحفِ قرآنًا يُتْلى.
روى ابنُ جريرٍ، عن عبدِ الملكِ، عن عطاءٍ، عن ابنِ عباسٍ، أنّه كان يقرأُ: ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾ الآيةَ: «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ ألاَّ يَطَّوَّفَ بِهِما»[[«تفسير الطبري» (٢/٧٢٣).]].
ورواهُ ابنُ جريرٍ وغيرُهُ، من طرقٍ، عن عاصمٍ الأحولِ، عن أنسٍ، قال: «هما تطوعٌ»[[«تفسير الطبري» (٢/٧٢٣).]].
وروى ابنُ جريرٍ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾، قال: «فلم يُحرِجْ مَن لم يَطُفْ بهما»[[«تفسير الطبري» (٢/٧٢٣).]].
روى ابنُ جَريرٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: قال عطاءٌ: لو أنّ حاجًّا أفاضَ بعدَما رمى جَمْرةَ العَقَبةِ، فطافَ بالبيتِ، ولم يَسْعَ، فأصابَها ـ يعني: امرأتَهُ ـ لم يكنْ عليه شيءٌ، لا حَجٌّ ولا عُمْرةٌ، مِن أجلِ قولِ اللهِ في مصحفِ ابنِ مسعودٍ: «فمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ ألاَّ يَطَّوَّفَ بِهِما»، فعاودتُّهُ بعدَ ذلك، فقلتُ: إنّه قد ترَكَ سُنَّةَ النبيِّ ﷺ، قال: ألا تسمعُهُ يقولُ: ﴿فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٤] ؟ فأَبى أن يجعَلَ عليه شيئًا[[«تفسير الطبري» (٢/٧٢٢).]].
وقراءةُ: «فلا جُناحَ عَلَيْهِ ألاَّ يَطَّوَّفَ بِهِما»، حمَلَها بعضُ الأئمةِ على أنّ «لا» التي بعدَ «أنْ» صِلَةٌ في الكلامِ، حيثُ سبَقَها جَحْدٌ في الكلامِ، وهو قولُه: ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِ﴾، وذلك كقولِهِ تعالى: ﴿قالَ ما مَنَعَكَ ألاَّ تَسْجُدَ إذْ أمَرْتُكَ﴾ [الأعراف: ١٢]، والمرادُ: ما منَعَك أنْ تسجُدَ.
قال جَرِيرٌ:
ما كانَ يَرْضى رَسُولُ اللَّهِ فِعْلَهُما
والطَّيِّبانِ أبُو بَكْرٍ ولا عُمَرُ
قاله ابنُ جريرٍ الطَّبَريُّ[[ينظر: «تفسير الطبري» (٢/٧٢٧).]].
وقولُ اللَّهِ تعالى: ﴿ومَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾، المرادُ: التطوُّعُ بينَهما في الحجِّ والعمرةِ، وليس المرادُ السعيَ تطوُّعًا، كما يتطوَّعُ الطائفُ بلا نُسُكٍ، فإنّ التطوُّعَ بدعةٌ في قولِ الجماهيرِ.
قراءةُ الآية عند بَدْءِ السعي:
والنبيُّ ﷺ تلا هذه الآيةَ: ﴿إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾، عندَ صعودِه على الصَّفا، وتلاوتُها ليستْ مِن النُّسُكِ، وإنّما للاستِدلالِ بها على البَداءَةِ بالصَّفا، ولو تلاها الإنسانُ كذلك، فلا بأسَ، على هذا المعنى، وهي كقولِهِ في حديثِ جابرٍ: ﴿واتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلّىً﴾ [البقرة: ١٢٥] عندَ المَقامِ[[أخرجه مسلم (١٢١٨) (٢/٨٨٦).]]، فهما في سياقٍ واحدٍ، رواهُ مسلمٌ وغيرُهُ.
البدءُ بالصفا عندَ السعي:
وإنّما بدَأَ النبيُّ بالصَّفا، لبَداءةِ القرآنِ بها، كما في حديثِ جابرٍ في «الصحيحِ»[[المصدر السابق.]].
وهذا يدلُّ على أنّ تقديمَ القرآنِ وتأخيرَهُ له مقاصدُ، وحكى بعضُ العلماءِ: أنّ حروفَ العطفِ تُوجِبُ الترتيبَ إلا الواوَ، فقد وقَعَ فيها الخلافُ، وألحقَها غيرُ واحدٍ بأخواتِها، ولكنْ قد يُشكِلُ على هذا بعضُ مواضعِ العطفِ بالواوِ في القرآنِ، كقولِه تعالى: ﴿يامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَّبِكِ واسْجُدِي وارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: ٤٣]، إلا إنْ قيل: إنّ الركوعَ في شريعتِهم يكونُ بعدَ السجودِ.
والأظهرُ: أنّ العطفَ في القرآنِ له مقصدُ الترتيبِ، ولكنْ يُختلَفُ في الترتيبِ بحسَبِ موضعِهِ وبحسَبِ دَلالةِ النصوصِ الأُخرى مِن الكتابِ والسُّنَّةِ على الوجوب أو الاستحباب وإلا فأصلُهُ معتبَرٌ على الترتيبِ، كما في قولِه: ﴿ارْكَعُوا واسْجُدُوا﴾ [الحج: ٧٧]، فقد أجمَعوا على أنّ السجودَ بعدَ الركوعِ، وكما في عطفِ أعضاءِ الوضوءِ في آيةِ الوضوءِ.
وقد بدَأَ النبيُّ ﷺ بالصَّفا أيضًا، لكونِها عن يمينِه، ولأنّها أقربُ من المَرْوةِ، والبداءةُ منها واجبةٌ عندَ جمهورِ الفقهاءِ: مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ، وجزَمَ به التِّرمِذيُّ في «سننِه»، وهو إجماعُ عملِ الصحابةِ والتابعينَ، قال الشافعيُّ في «الأمِّ»: «ولم أعلَمْ خلافًا أنّه لو بدَأَ بالمَرْوةِ، ألغى طوافًا حتى يكونَ بدؤُهُ بالصَّفا»[[«الأم» (١/٤٥) و ينظر: «المدونة» (١/٤٢٧)، و«التمهيد» (٢/٧٩)، و«المجموع» (٨/٧٨)، و«المغني» (٣/٣٥١)، و«سنن الترمذي» (٨٦٢) (٣/٢٠٧).]].
وقال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ حنبلٍ: «سألتُ أبي عن رجلٍ بدَأَ بالمروةِ قبلَ الصَّفا حتى ختَمَ الطوافَ؟ قال: يبتدِئُ إذا رجَعَ إلى الصَّفا، يلغي ذلك الشَّوْطَ ويستأنِفُ بسبعٍ تامٍّ مِن الصَّفا»[[ينظر: «مسائل أحمد» «رواية عبد الله» (١/٢١٧).]].
وذلك لفعلِ النبيِّ ﷺ وعدَمِ مخالفتِه له في عُمَرِهِ وحجَّتِه، وإنْ بدَأَ مِن المَرْوةِ، لم يَعْتَدَّ بالشوطِ الأولِ، ويحسُبُ مِن أولِ وقوفِهِ على الصَّفا.
وقال ابنُ المنذِرِ: «أجمَعَ كلُّ مَن نحفَظُ عليه مِن أهلِ العلمِ: أنّ مَن فرَغَ مِن طوافِهِ ومِن صلاتِهِ، بدَأَ عندَ خروجِهِ مِن المسجدِ بالصَّفا، وأنّه ختَمَ بالمَرْوةِ، وأنّ مَن فعَلَ ذلك، فهو مصيبٌ للسُّنَّةِ، واختلَفُوا فيمَن بدَأَ بالمروةِ قبلَ الصَّفا»[[«الإشراف» لابن المنذر (٣/٢٩٣ ـ ٢٩٤).]].
وروى الطحاويُّ، عن عطاءِ بنِ أبي رَباحٍ، قال: «مَن بدَأَ بالمَرْوةِ قبلَ الصَّفا، لم يضُرَّهُ ذلك»[[«مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (٢/١٨٣).]].
وقال به بعضُ الفقهاءِ مِن الحنفيَّةِ، وهو روايةٌ عن أبي حنيفةَ، والحنفيَّةُ يتسامَحُونَ في الترتيبِ في العباداتِ، كالطوافِ والسعيِ والجمارِ[[ينظر: «بدائع الصنائع» (٢/١٣٤).]].
ورُوِيَ عن عطاءٍ خلافُهُ، رواهُ ابنُ عبدِ البرِّ في «التمهيدِ»، وابنُ المنذِرِ، ولعلَّ ترخيصَهُ إنما هو للجاهلِ والناسي، وقد رُوِيَ عنه: أنّه قيَّدَهُ بذلك، روى الوجهَيْنِ عنه ابنُ عبدِ البرِّ[[ينظر: «التمهيد» (٢/٨٨).]].
{"ayah":"۞ إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَاۤىِٕرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَیۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِ أَن یَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَیۡرࣰا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق