الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها﴾ "أَيَّانَ" سُؤَالٌ عَنِ الزَّمَانِ، مِثْلَ مَتَى. قَالَ الرَّاجِزُ: أَيَّانَ تَقْضِي حَاجَتِي أَيَّانَا ... أَمَا تَرَى لِنَجْحِهَا أَوَانَا وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَأَخْبِرْنَا عَنِ السَّاعَةِ مَتَى تَقُومُ. وَرُوِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا ذَلِكَ لِفَرْطِ الإنكار. و "مُرْساها" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَالْخَبَرُ "أَيَّانَ". وَهُوَ ظَرْفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، بُنِيَ لأن فيه معنى الاستفهام. و "مُرْساها" بِضَمِّ الْمِيمِ، مِنْ أَرْسَاهَا اللَّهُ، أَيْ أَثْبَتَهَا، أَيْ مَتَى مُثْبَتُهَا، أَيْ مَتَى وُقُوعُهَا. وَبِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ رَسَتْ، أَيْ ثَبَتَتْ وَوَقَفَتْ، وَمِنْهُ" وَقُدُورٍ راسِياتٍ [[راجع ج ١٤ ص ٣٧٦.]] ". قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ ثَابِتَاتٌ. (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، أَيْ لَمْ يُبَيِّنْهَا لِأَحَدٍ، حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ أَبَدًا عَلَى حَذَرٍ (لَا يُجَلِّيها) أَيْ لَا يُظْهِرُهَا. "لِوَقْتِها" أَيْ فِي وَقْتِهَا "إِلَّا هُوَ" وَالتَّجْلِيَةُ: إِظْهَارُ الشَّيْءِ، يُقَالُ: جَلَّا لِي فُلَانٌ الْخَبَرَ إذا أظهره وأوضحه. ومعنى (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خَفِيَ عِلْمُهَا عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ). وَكُلُّ مَا خَفِيَ، عِلْمُهُ فَهُوَ ثَقِيلٌ عَلَى الْفُؤَادِ. وَقِيلَ: كَبُرَ مَجِيئُهَا عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ. ابْنُ جُرَيْجٍ وَالسُّدِّيُّ: عَظُمَ وَصْفُهَا [[في ع: وقعها.]] عَلَى أَهْلِ السماوات والأرض. وقال قتادة: وغيره: المعنى تُطِيقُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ لِعِظَمِهَا: لِأَنَّ السَّمَاءَ تَنْشَقُّ وَالنُّجُومَ تَتَنَاثَرُ وَالْبِحَارَ تَنْضُبُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى ثَقُلَتِ الْمَسْأَلَةُ [[في ز: غم.]] عَنْهَا. (لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) أَيْ فجأة، مصدر في موضع الحال (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ) عَنْهَا) أَيْ عَالِمٌ بِهَا كَثِيرُ السُّؤَالِ عَنْهَا. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الْحَفِيُّ الْعَالِمُ بِالشَّيْءِ. وَالْحَفِيُّ الْمُسْتَقْصِي فِي السُّؤَالِ. قَالَ الْأَعْشَى: فَإِنْ تَسْأَلِي عني فيأرب سائل ... خفي عَنِ الْأَعْشَى بِهِ حَيْثُ أَصْعَدَا يُقَالُ: أَحْفَى فِي الْمَسْأَلَةِ وَفِي الطَّلَبِ، فَهُوَ مُحْفٍ وَحَفِيٌّ عَلَى التَّكْثِيرِ، مِثْلَ مُخْصِبٍ وَخَصِيبٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: الْمَعْنَى يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِالْمَسْأَلَةِ عَنْهَا، أَيْ مُلِحٌّ. يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَالْمَعْنَى: يَسْأَلُونَكَ عَنْهَا كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِهِمْ أَيْ حَفِيٌّ بِبِرِّهِمْ وَفَرِحٌ بِسُؤَالِهِمْ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ قَرَابَةٌ فَأَسِرَّ إِلَيْنَا بِوَقْتِ السَّاعَةِ. (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) ليس هذا تكريرا، ولكن أحد المسلمين لوقوعها والآخر لكنهها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب