الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أيّانَ مُرْساها﴾ الآيَةَ. قَوْلُهُ: ﴿أيّانَ مُرْساها﴾ قالَ قَتادَةُ والسُّدِّيُّ: { قِيامُها } . وأيّانَ بِمَعْنى مَتى؛ وهو سُؤالٌ عَنِ الزَّمانِ عَلى جِهَةِ الظَّرْفِ لِلْفِعْلِ، فَلَمْ يُخْبِرْهُمُ اللَّهُ تَعالى عَنْ وقْتِها لِيَكُونَ العِبادُ عَلى حَذَرٍ مِنهُ فَيَكُونَ ذَلِكَ أدْعى إلى الطّاعَةِ وأزْجَرَ عَنِ المَعْصِيَةِ. والمَرْسى مُسْتَقَرُّ الشَّيْءِ الثَّقِيلِ، ومِنهُ الجِبالُ الرّاسِياتُ يَعْنِي الثّابِتاتُ، ورَسِيَتِ السَّفِينَةُ إذا ثَبَتَتْ في مُسْتَقَرِّها، وأرْساها غَيْرُها أثْبَتَها. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: { كانَ السّائِلُونَ عَنِ السّاعَةِ قَوْمٌ مِنَ اليَهُودِ } .
وقالَ الحَسَنُ وقَتادَةُ: { سَألَتْ عَنْها قُرَيْشٌ } . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَأْتِيكم إلا بَغْتَةً﴾ قالَ قَتادَةُ غَفْلَةً، وذَلِكَ أشَدُّها. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثَقُلَتْ في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ قالَ السُّدِّيُّ وغَيْرُهُ: { ثَقُلَ عِلْمُها عَلى أهْلِ السَّمَواتِ والأرْضِ فَلَمْ يُطِيقُوهُ إدْراكًا لَهُ }، وقالَ الحَسَنُ { عَظُمَ وصْفُها عَلى أهْلِ السَّمَواتِ والأرْضِ مِنَ انْتِثارِ النُّجُومِ وتَكْوِيرِ السَّمَواتِ وتَسْيِيرِ الجِبالِ } . وقالَ قَتادَةُ: { ثَقُلَتْ عَلى السَّمَواتِ فَلا تُطِيقُها لِعِظَمِها } . وقَوْلُهُ تَعالى ﴿يَسْألُونَكَ كَأنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ قالَ مُجاهِدٌ والضَّحّاكُ ومَعْمَرٌ: { كَأنَّكَ عالِمٌ بِها } وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ وقَتادَةَ والسُّدِّيِّ: يَسْألُونَكَ عَنْها كَأنَّكَ حَفِيٌّ بِهِمْ عَلى التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ، أيْ كَأنَّكَ لَطِيفٌ بِبِرِّكَ إيّاهم، مِن قَوْلِهِ: ﴿إنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا﴾ [مريم: ٤٧] ويُقالُ إنَّ أصْلَ الحَفا الإلْحاحُ في الأمْرِ، يُقالُ: أحْفى فُلانٌ فُلانًا إذا ألَحَّ في الطَّلَبِ مِنهُ، وأحْفى (p-٢١٢)السُّؤالَ إذا ألَحَّ فِيهِ، ومِنهُ أحْفى الشّارِبَ إذا اسْتَأْصَلَهُ واسْتَقْصى في أخْذِهِ.
ومِنهُ الحَفا وهو أنْ يَتَسَحَّجَ قَدَمُهُ لِإلْحاحِ المَشْيِ بِغَيْرِ نَعْلٍ، والحَفِيُّ اللَّطِيفُ بِبِرِّكَ لِإلْحاحِهِ بِالبِرِّ لَكَ، وحَفِيٌّ عَنْها بِمَعْنى عالِمٍ بِها لِإلْحاحِهِ بِطَلَبِ عِلْمِها وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى بُطْلانِ قَوْلِ مَن يَدَّعِي العِلْمَ بِبَقاءِ مُدَّةِ الدُّنْيا، ويَسْتَدِلُّ بِما رُوِيَ أنَّ الدُّنْيا سَبْعَةُ آلافِ سَنَةٍ، وأنَّ الباقِيَ مِنها مِن وقْتِ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ؛ لِأنَّهُ لَوْ كانَ كَذَلِكَ لَكانَ وقْتُ قِيامِ السّاعَةِ مَعْلُومًا، وقَدْ أخْبَرَ اللَّهُ تَعالى أنَّ عِلْمَها عِنْدَهُ وأنَّهُ لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إلّا هو، وأنَّها تَأْتِي بَغْتَةً لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهم عِلْمٌ بِها قَبْلَ كَوْنِها لِأنَّ ذَلِكَ مَعْنى البَغْتَةِ وقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أخْبارٌ في بَقاءِ مُدَّةِ الدُّنْيا ولَيْسَ فِيها تَحْدِيدٌ لِلْوَقْتِ، مِثْلُ قَوْلِهِ: «بُعِثْتُ والسّاعَةُ كَهاتَيْنِ» وأشارَ بِالسَّبّابَةِ والوُسْطى، ونَحْوُ قَوْلِهِ فِيما رَواهُ شُعْبَةُ وغَيْرُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أبِي نَضْرَةَ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «خَطَبَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خُطْبَةً بَعْدَ العَصْرِ إلى مَغِيبِ الشَّمْسِ قالَ: إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيا فِيما مَضى إلّا كَما بَقِيَ مِن هَذِهِ الشَّمْسِ إلى أنْ تَغِيبَ» وما رَوى ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «أجَلُكم في أجَلِ مَن مَضى قَبْلَكم كَما بَيْنَ صَلاةِ العَصْرِ إلى غُرُوبِ الشَّمْسِ» ونَحْوُها مِنَ الأخْبارِ لَيْسَ فِيها تَحْدِيدُ وقْتِ قِيامِ السّاعَةِ وإنَّما فِيهِ تَقْرِيبُ الوَقْتِ وقَدْ رُوِيَ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَقَدْ جاءَ أشْراطُها﴾ [محمد: ١٨] أنَّ مَبْعَثَ النَّبِيِّ ﷺ مِن أشْراطِها.
وقالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي﴾ ثُمَّ قالَ: ﴿قُلْ إنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ﴾ فَإنَّهُ قِيلَ إنَّهُ بِالأوَّلِ عِلْمُ وقْتِها وبِالآخِرِ عِلْمُ كُنْهِها.
{"ayah":"یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَیَّانَ مُرۡسَىٰهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّیۖ لَا یُجَلِّیهَا لِوَقۡتِهَاۤ إِلَّا هُوَۚ ثَقُلَتۡ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا تَأۡتِیكُمۡ إِلَّا بَغۡتَةࣰۗ یَسۡـَٔلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِیٌّ عَنۡهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق