الباحث القرآني
ولَمّا بَيَّنَ التَّوْحِيدَ والنُّبُوَّةَ والقَضاءَ والقَدَرَ، أتْبَعَهُ المَعادَ لِتَكْمُلَ المَطالِبُ الأرْبَعَةُ الَّتِي هي أُمَّهاتُ مَطالِبِ القُرْآنِ، مُبَيِّنًا ما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ هَذا الكَلامُ مِن تَبَلُّدِهِمْ في العَمَهِ وتَلَدُّدِهِمْ في إشْراكِ الشَّبَهِ بِقَوْلِهِ: ﴿يَسْألُونَكَ﴾ أيْ: مُكَرِّرِينَ لِذَلِكَ ﴿عَنِ السّاعَةِ﴾ أيْ: عَنْ وقْتِها سُؤالَ اسْتِهْزاءٍ ﴿أيّانَ مُرْساها﴾ أيْ: أيْ: وقْتَ ثَباتِ ثِقَلِها واسْتِقْرارِهِ، والمُرْسى يَكُونُ مَصْدَرًا وزَمانًا ومَكانًا، مِن رَسَتِ السَّفِينَةُ - إذا ثَبَتَتْ بِالحَدِيدَةِ المُتَشَعِّبَةِ، وإنَّما كانَ هَذا بَيانًا لِعَمَهِهِمْ فَإنَّهم وقَعُوا بِذَلِكَ في الضَّلالِ مِن وجْهَيْنِ: السُّؤالِ عَمّا غَيْرُهُ لَهم أهَمُّ، وجَعْلِهِ عَلى طَرِيقِ الِاسْتِهْزاءِ مَعَ ما قامَ عَلَيْهِ مِنَ الأدِلَّةِ، وسَيُكَرِّرُهُ في هَذِهِ السُّورَةِ، وكانَ اللّائِقُ بِهِمْ أنْ يَجْعَلُوا بَدَلَ السُّؤالِ عَنْها اتِّقاءَها بِالأعْمالِ الصّالِحَةِ.
ولَمّا كانَ السُّؤالُ عَنِ السّاعَةِ عامًّا ثُمَّ خاصًّا بِالسُّؤالِ عَنْ وقْتِها، جاءَ الجَوابُ عُمُومًا عَنْها بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ إنَّما عِلْمُها﴾ أيْ: عِلْمُ وقْتِ إرْسائِها وغَيْرِهِ (p-١٨٦)﴿عِنْدَ رَبِّي﴾ أيِ: المُحْسِنِ إلَيَّ بِإقامَتِها لِيُنْعِمَ عَلى مَن تَبِعَنِي ويَنْتَقِمَ مِمَّنْ تَرَكَنِي، لَمْ يَطَّلِعْ عَلى ذَلِكَ أحَدًا مِن خَلْقِهِ، ولا يُقِيمُها إلّا في أحْسَنِ الأوْقاتِ وأنْفَعِها لِي، وإخْفاؤُها أنْفَعُ لِلْخَلْقِ لِأنَّهُ أعْظَمُ لِشَأْنِها وأهْيَبُ، فَيَكُونُ أدْعى إلى الطّاعَةِ وأزْجَرَ عَنِ المَعْصِيَةِ وأقْرَبَ إلى التَّوْبَةِ، ثُمَّ خُصِّصَتْ مِن حَيْثُ الوَقْتُ بِقَوْلِهِ مُشِيرًا إلى أنَّ لَها أشْراطًا تَتَقَدَّمُها: ﴿لا يُجَلِّيها﴾ أيْ: يُبَيِّنُها غايَةَ البَيانِ ﴿لِوَقْتِها إلا هُوَ﴾
ولَمّا كانَ قَدْ أشارَ إلى ثِقَلِ السّاعَةِ بِالإرْساءِ، وكانَ الشَّيْءُ إذا جُهِلَ مِن بَعْضِ الوُجُوهِ أشْكَلَ، وإذا أشْكَلَ ثَقُلَ قالَ: ﴿ثَقُلَتْ﴾ أيِ: السّاعَةُ فَغاصَتْ إلى حَيْثُ لَمْ يَتَغَلْغَلْ إلَيْها عِلْمُ العِبادِ فَأهَمَّهم كُلَّهم عَلِيُّ شَأْنِها، ولِذَلِكَ عَبَّرَ بِالظَّرْفِ فَقالَ: ﴿فِي السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أيْ: نِسْبَةُ أهْلِهِما إلى خَفائِها والخَوْفِ مِنها عَلى حَدٍّ سَواءٍ؛ لِأنَّ مالِكَها قادِرٌ عَلى ما يَشاءُ، ولَهُ أنْ يَفْعَلَ ما يَشاءُ - ثُمَّ قَرَّرَ خَفاءَها عَلى الكُلِّ فَقالَ: ﴿لا تَأْتِيكُمْ﴾ أيْ: في حالَةٍ مِنَ الحالاتِ ﴿إلا بَغْتَةً﴾ أيْ: عَلى حِينِ غَفْلَةٍ.
ولَمّا كانُوا قَدْ ألْحَفُوا في سُؤالِهِ ﷺ عَنْها، وكانَتْ صِفَةُ الرُّبُوبِيَّةِ المَذْكُورَةِ في الجُمْلَةِ الأُولى رُبَّما حُمِلَتْ عَلى سُؤالِهِ طَمَعًا في تَعَرُّفِها مِنَ المُحْسِنِ إلَيْهِ، قَطَعَ الأطْماعَ بِقَوْلِهِ مُؤَكِّدًا لِلْمَعْنى: ﴿يَسْألُونَكَ﴾ أيْ: عَنِ السّاعَةِ مُطْلَقًا في وقْتِ وُقُوعِها وما يَحْصُلُ مِن أُمُورِها ويَحْدُثُ مِن شَدائِدِها، أيْ: ويُلْحِفُونَ في سُؤالِكَ كُلَّما أخْبَرْتَهم أنَّهُ لا يَعْلَمُها إلّا اللَّهُ (p-١٨٧)﴿كَأنَّكَ حَفِيٌّ﴾ أيْ: عالِمٌ بِأمْرِها مُسْتَقْصٍ مُبالِغٌ في السُّؤالِ ﴿عَنْها قُلْ﴾ أيْ: قَطْعًا لِسُؤالِهِمْ ﴿إنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ جَمِيعُ العِزَّةِ والعَظَمَةِ والكِبْرِياءِ فَلا يُسْتَطاعُ عِلْمُ شَيْءٍ مِمّا عِنْدَهُ إلّا بِإذْنِهِ، ولَمْ يَأْذَنْ في عِلْمِها لِأحَدٍ مِنَ الخَلْقِ ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ﴾ أيِ: الَّذِينَ غَلَبَتْ عَلَيْهِمْ صِفَةُ الِاضْطِرابِ ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ: لَيْسُوا مِن أهْلِ العِلْمِ فَهم بِالسُّؤالِ عَنْها يَسْتَهْزِئُونَ، ولَوْ كانُوا مِن أهْلِهِ ما كَذَّبُوكَ، فَواقَعُوا ما لا يَعْنِيهِمْ مِنَ السُّؤالِ عَنْها وغَيْرِهِ مِن أنْواعِ التَّعَنُّتِ، وتَرَكُوا ما يُنْجِيهِمْ ويُغْنِيهِمْ مِنَ المُبادَرَةِ إلى الإيمانِ بِهَذا القُرْآنِ خَوْفَ انْخِرامِ الآجالِ وهم يَهِيمُونَ في أوْدِيَةِ الضَّلالِ.
{"ayah":"یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَیَّانَ مُرۡسَىٰهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّیۖ لَا یُجَلِّیهَا لِوَقۡتِهَاۤ إِلَّا هُوَۚ ثَقُلَتۡ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا تَأۡتِیكُمۡ إِلَّا بَغۡتَةࣰۗ یَسۡـَٔلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِیٌّ عَنۡهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق