الباحث القرآني

﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ﴾ فِيهِمَا ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ أَيْ: وَيَنْظُرُوا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ لِيَسْتَدِلُّوا بِهَا عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ. ﴿وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ﴾ أَيْ: لَعَلَّ أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَيَمُوتُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنُوا وَيَصِيرُوا إِلَى الْعَذَابِ، ﴿فَبِأَيِ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ أَيْ: بَعْدَ الْقُرْآنِ يُؤْمِنُونَ. يَقُولُ: بِأَيِّ كِتَابٍ غَيْرِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ يُصَدِّقُونَ، وَلَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ وَلَا كِتَابٌ، ثُمَّ ذَكَرَ عِلَّةَ إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَعَاصِمٌ بِالْيَاءِ وَرَفْعِ الرَّاءِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ وَجَزْمِ الرَّاءِ، لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ قَدْ مَرَّ قَبْلَهُ، وَجَزْمُ الرَّاءِ مَرْدُودٌ عَلَى "يُضْلِلِ" وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِالنُّونِ وَرَفْعِ الرَّاءِ عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ. ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ يَتَرَدَّدُونَ مُتَحَيِّرِينَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إِنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ قَرَابَةً فَأَسِرَّ إِلَيْنَا مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ﴾ [[أخرجه الطبري: ١٣ / ٢٩٢، ٢٩٨.]] يَعْنِي: الْقِيَامَةَ، ﴿أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مُنْتَهَاهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: قِيَامُهَا، وَأَصْلُهُ الثَّبَاتُ، أَيْ: مُثْبِتُهَا؟ ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّدُ ﴿إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي﴾ استأثر بعملها وَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ، ﴿لَا يُجَلِّيهَا﴾ لَا يَكْشِفُهَا وَلَا يُظْهِرُهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَأْتِي بِهَا، ﴿لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ يَعْنِي: ثِقَلَ عِلْمِهَا وَخَفِيَّ أَمْرِهَا على أهل السموات وَالْأَرْضِ، وَكُلُّ خَفِيٍّ ثَقِيلٌ. قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ إِذَا جَاءَ ثَقُلَتْ وَعَظُمَتْ على أهل السموات وَالْأَرْضِ، ﴿لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾ فَجْأَةً عَلَى غَفْلَةٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ "لَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمْهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا" [[أخرجه البخاري في الرقاق، باب حدثنا أبو اليمان: ١١ / ٣٥٢، ومسلم في الفتن، باب قرب الساعة (٢٩٥٤) :٤ / ٢٢٧٠. والمصنف في شرح السنة:١٥ / ٢٦-٢٧.]] . ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾ أَيْ: عَالِمٌ بِهَا مِنْ قَوْلِهِمْ أَحْفَيْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ، أَيْ: بَالَغْتُ فِيهَا، مَعْنَاهُ: كَأَنَّكَ بَالَغْتَ فِي السُّؤَالِ عَنْهَا حَتَّى عَلِمْتَهَا، ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أَنَّ عِلْمَهَا عِنْدَ اللَّهِ حَتَّى سَأَلُوا مُحَمَّدًا ﷺ عَنْهَا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب