الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ مَعْنَاهُ أَقَمْتُ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ فَلَمْ يُؤْمِنُوا، فَمَاذَا يَنْتَظِرُونَ.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ لِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ.
(أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: أَمَرَ رَبُّكَ فِيهِمْ بِالْقَتْلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ يذكر المضاف إليه والمراد به المضاف، كقول تعالى: "وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ" [[راجع ج ٩ ص ٢٤٥.]] يَعْنِي أَهْلَ الْقَرْيَةِ. وَقَوْلُهُ:" وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [[راجع ج ٢ ص ٣١.]] "أَيْ حُبُّ الْعِجْلِ. كَذَلِكَ هُنَا: يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ، أَيْ عُقُوبَةُ رَبِّكَ وَعَذَابُ ربك. ويقال: هذ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله. وقد تقدم القول فِي مِثْلِهِ فِي" الْبَقَرَةِ "وَغَيْرِهَا (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ) قِيلَ: هُوَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. بَيَّنَ بِهَذَا أَنَّهُمْ يُمْهَلُونَ فِي الدُّنْيَا فَإِذَا ظَهَرَتِ السَّاعَةُ فَلَا إِمْهَالَ. وَقِيلَ: إِتْيَانُ اللَّهِ تَعَالَى مَجِيئُهُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا»
صَفًّا "وَلَيْسَ مَجِيئُهُ تَعَالَى حَرَكَةً وَلَا انْتِقَالًا وَلَا زَوَالًا، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ الْجَائِي جِسْمًا أَوْ جَوْهَرًا. وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ أَهْلِ السنة أنهم يقولون: يجئ وَيَنْزِلُ وَيَأْتِي. وَلَا يُكَيِّفُونَ، لِأَنَّهُ" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [[راجع ج ١٦ ص ٧.]] " وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ (. وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:) إن بالمغرب باب مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ سَنَةً لَا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ (. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالدَّارِمِيُّ [[من ك.]] وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ سُفْيَانُ [[سفيان: أحد رجال سند هذا الحديث.]]: قِبَلَ الشَّامِ، خَلَقَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ.) مَفْتُوحًا) يَعْنِي لِلتَّوْبَةِ لَا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ. قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قُلْتُ: وَكَذَّبَ بِهَذَا كُلِّهِ الْخَوَارِجُ [[إن أراد الإباضية كزعمه فإن الرجم عندهم حكم ثابت إلى يوم القيامة لكن من السنه كما صح في مسند الربيع عن أبى الشعثاء جابر بن زيد، لا من القرآن. ولم يزالوا يرجمون في إمامتهم، ولا أنكروا طلوع الشمس من مغربها ولا خروج الدجال.]] وَالْمُعْتَزِلَةُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ [[كذا في الأصول إلا في ك: يقول. والذي في الدر المنثور" ... خطبنا عمر فقال.]]: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فَلَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ، وَإِنَّ آيَةَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ رَجَمَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَجَمَ وَأَنَّا قَدْ رَجَمْنَا بَعْدَهُمَا، وَسَيَكُونُ قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ، وَيُكَذِّبُونَ بِالدَّجَّالِ، وَيُكَذِّبُونَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَيُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ، وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ، وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ من النار بعد ما امتحشوا [[امتحشوا: احترقوا. والمحش: احترق الجلد وظهور العظم. ويروى:" امتحشوا على ما لم يسم فاعله.]]. ذكر أَبُو عُمَرَ. وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ الشَّمْسَ تُحْبَسُ عَنِ النَّاسِ- حِينَ تَكْثُرُ الْمَعَاصِي فِي الْأَرْضِ، وَيَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ فَلَا يَأْمُرُ بِهِ أَحَدٌ، وَيَفْشُو الْمُنْكَرُ فَلَا يُنْهَى عَنْهُ- مِقْدَارَ لَيْلَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، كُلَّمَا سَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا تَعَالَى مِنْ ابن تَطْلُعُ لَمْ يَجِئْ [[في ى ز: يخرج. وفى ب: فلا يحار إليها.]] لَهَا جَوَابٌ حَتَّى يُوَافِيَهَا الْقَمَرُ فَيَسْجُدَ مَعَهَا، وَيَسْتَأْذِنَ مِنْ أَيْنَ يَطْلُعُ فَلَا يُجَاءُ [[في ز: يجاب. وفى ب ك: يحار.]] إِلَيْهِمَا جَوَابٌ حَتَّى يُحْبَسَا مِقْدَارَ ثَلَاثِ لَيَالٍ لِلشَّمْسِ وَلَيْلَتَيْنِ لِلْقَمَرِ، فَلَا يَعْرِفُ طُولَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَّا الْمُتَهَجِّدُونَ فِي الْأَرْضِ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ عِصَابَةٌ قَلِيلَةٌ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا تَمَّ لَهُمَا مِقْدَارُ ثَلَاثِ لَيَالٍ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَقُولُ: (إِنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يأمر كما أَنْ تَرْجِعَا إِلَى مَغَارِبِكُمَا فَتَطْلُعَا مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَا ضَوْءَ لَكُمَا عِنْدَنَا وَلَا نُورَ) فَيَطْلُعَانِ مِنْ مَغَارِبِهِمَا أَسْوَدَيْنِ، لَا ضَوْءَ لِلشَّمْسِ وَلَا نُورَ لِلْقَمَرِ، مِثْلُهُمَا فِي كُسُوفِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ (تَعَالَى [[من ز ك.]]:" وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ [[راجع ج ١٩ ص ٩٤ وص ٢٢٥.]] "وَقَوْلُهُ:" إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [[راجع ج ١٩ ص ٩٤ وص ٢٢٥.]] " فَيَرْتَفِعَانِ كَذَلِكَ مِثْلَ الْبَعِيرَيْنِ المقرونين، فإذا ما الشمس والقمر سرة السماء وهي منصفها جَاءَهُمَا جِبْرِيلُ (عَلَيْهِ [[من ز ك.]] السَّلَامُ) فَأَخَذَ بِقُرُونِهِمَا وَرَدَّهُمَا إِلَى الْمَغْرِبِ، فَلَا يُغَرِّبُهُمَا مِنْ مَغَارِبِهِمَا وَلَكِنْ يُغَرِّبُهُمَا مِنْ بَابِ التَّوْبَةِ ثُمَّ يَرُدُّ الْمِصْرَاعَيْنِ، ثُمَّ يَلْتَئِمُ مَا بَيْنَهُمَا فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا صَدْعٌ. فَإِذَا أُغْلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ لَمْ تُقْبَلْ لِعَبْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ تَوْبَةٌ، وَلَمْ تَنْفَعْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَسَنَةٌ يَعْمَلُهَا، إِلَّا مَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنًا فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَذَلِكَ قول تَعَالَى: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً.) ثُمَّ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُكْسَيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّوْءَ وَالنُّورَ، ثُمَّ يَطْلُعَانِ عَلَى النَّاسِ وَيَغْرُبَانِ كَمَا [[في ز: على ما.]] كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ يَطْلُعَانِ وَيَغْرُبَانِ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا عِنْدَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا، لِأَنَّهُ خَلَصَ إِلَى قُلُوبِهِمْ مِنَ الْفَزَعِ مَا تَخْمَدُ مَعَهُ كُلُّ شَهْوَةٍ مِنْ شَهَوَاتِ النَّفْسِ، وَتَفْتُرُ كُلُّ قُوَّةٍ مِنْ قُوَى الْبَدَنِ، فَيَصِيرُ النَّاسُ كُلُّهُمْ لِإِيقَانِهِمْ بِدُنُوِّ الْقِيَامَةِ فِي حَالِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فِي انْقِطَاعِ الدَّوَاعِي إِلَى أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي عَنْهُمْ، وَبُطْلَانِهَا مِنْ أَبْدَانِهِمْ، فَمَنْ تَابَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ، كَمَا لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ. قَالَ ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ يقبل توبة الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ) أَيْ تَبْلُغْ رُوحُهُ رَأْسَ حَلْقِهِ وَذَلِكَ وَقْتَ الْمُعَايَنَةِ الَّذِي يَرَى فِيهِ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، فَالْمُشَاهِدُ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مِثْلُهُ. وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ تَوْبَةُ كُلِّ مَنْ شَاهَدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ كَالْمُشَاهِدِ لَهُ مَرْدُودَةً مَا عَاشَ، لِأَنَّ عِلْمَهُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِنَبِيِّهِ ﷺ وَبِوَعْدِهِ [[في ك: توعه.]] قَدْ صَارَ ضَرُورَةً. فَإِنِ امْتَدَّتْ أَيَّامُ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ يَنْسَى النَّاسُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ مَا كَانَ، وَلَا يَتَحَدَّثُوا عَنْهُ إِلَّا قَلِيلًا، فَيَصِيرُ الْخَبَرُ عَنْهُ خَاصًّا وَيَنْقَطِعُ التَّوَاتُرُ عَنْهُ، فَمَنْ أَسْلَمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا). وَفِيهِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ مِنْهُ، فَاطَّلَعَ إلينا فقال: (ما تذكرون)؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ. قَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ. خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَالدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدْنٍ تُرَحِّلُ النَّاسَ (. قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، لَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ ﷺ. وَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَاشِرَةِ: وَنُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﷺ. وَقَالَ الْآخَرُ: وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ. قُلْتُ: وَهَذَا حَدِيثٌ مُتْقَنٌ [[كذا في اول. وفى ب وج وك وى: متفق. وفى ز: متفق عليه.]] فِي تَرْتِيبِ الْعَلَامَاتِ. وَقَدْ وَقَعَ بَعْضُهَا وَهِيَ الْخُسُوفَاتُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الْجَوْزِيُّ مِنْ وُقُوعِهَا بِعِرَاقِ الْعَجَمِ وَالْمَغْرِبِ. وَهَلَكَ، بِسَبَبِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ فُهُومِ الْآثَارِ وَغَيْرِهِ. وَيَأْتِي ذِكْرُ الدَّابَّةِ فِي" النَّمْلِ [[راجع ج ١٣ ص ٢٣٤.]] ". وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فِي" الْكَهْفِ [[راجع ج ١١ ص ٥٥.]] ". وَيُقَالُ: إِنَّ الْآيَاتِ تَتَابَعُ كَالنَّظْمِ فِي الْخَيْطِ عاما فعاما. وقيل: إن الحكم فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِنُمْرُوذَ:" فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ [[راجع ج ٣ ص ٢٨٣.]] " وَأَنَّ الْمُلْحِدَةَ وَالْمُنَجِّمَةَ عَنْ آخِرِهِمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ: هُوَ غَيْرُ كَائِنٍ، فَيُطْلِعُهَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمًا مِنَ الْمَغْرِبِ لِيُرِيَ الْمُنْكِرِينَ قُدْرَتَهُ أَنَّ الشَّمْسَ فِي مُلْكِهِ، إِنْ شَاءَ أَطْلَعَهَا مِنَ الْمَشْرِقِ وَإِنْ شَاءَ أَطْلَعَهَا مِنَ الْمَغْرِبِ. وَعَلَى هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَدُّ التَّوْبَةِ وَالْإِيمَانِ عَلَى مَنْ آمَنَ وَتَابَ مِنَ الْمُنْكِرِينَ لِذَلِكَ الْمُكَذِّبِينَ لِخَبَرِ النَّبِيِّ ﷺ بِطُلُوعِهَا، فَأَمَّا الْمُصَدِّقُونَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ وَيَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ [[في ك: إيمانه ولا توبته ولا عمل.]] عَمَلٌ وَلَا تَوْبَةٌ إِذَا أَسْلَمَ حِينَ يَرَاهَا، إِلَّا مَنْ كَانَ صَغِيرًا يَوْمَئِذٍ، فَإِنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ. وَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مُذْنِبًا فَتَابَ مِنَ الذَّنْبِ قُبِلَ مِنْهُ. وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ (تَوْبَتُهُ [[من ك.]]) وَقْتَ طُلُوعِ (الشَّمْسِ [[من ك.]]) حِينَ تَكُونُ صَيْحَةٌ فَيَهْلِكُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ تَابَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهَلَكَ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ، وَمَنْ تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الليث السمر قندي فِي تَفْسِيرِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: يَبْقَى النَّاسُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مائة وعشرين سنة حتى يغرسوا النحل. وَاللَّهُ بِغَيْبِهِ أَعْلَمُ. وَقَرَأَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزبير [[في ك: ابن مسعود.]] "يوم تأتي" بالتاء، مثل" تلقطه بَعْضُ السَّيَّارَةِ [[راجع ج ٩ ص ١٣١.]] ". وَذَهَبَتْ بَعْضُ أَصَابِعِهِ. وَقَالَ جَرِيرٌ:
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُوَرُ الْمَدِينَةِ وَالْجِبَالُ الْخُشَّعُ [[وصف مقتل الزبير بن العوام صَاحِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ انصراف يوم الجمل وقتل في الطريق غيلة.]]
قَالَ الْمُبَرِّدُ: التَّأْنِيثُ عَلَى الْمُجَاوَرَةِ لِمُؤَنَّثٍ لَا عَلَى الْأَصْلِ. وَقَرَأَ ابْنُ سِيرِينَ "لَا تَنْفَعُ" بِالتَّاءِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَذْكُرُونَ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنَ ابْنِ سِيرِينَ. قَالَ النحاس: في هذا شي دَقِيقٌ مِنَ النَّحْوِ ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالنَّفْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَمِلٌ عَلَى الْآخَرِ فَأَنَّثَ الْإِيمَانَ إِذْ هُوَ مِنَ النَّفْسِ وَبِهَا، وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعَالِيَهَا مَرُّ الرياح النواسم [[البيت لذي الرمة. وصف نساء، فيقول: إذا مشين اهتززن في مشين وتثنين فكأنهن رماح نصب فمرت عليها الرياح فاهتزت وتثنت.]]
قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَكَثِيرًا مَا يُؤَنِّثُونَ فِعْلَ الْمُضَافِ الْمُذَكَّرِ إِذَا كَانَتْ إِضَافَتُهُ إِلَى مُؤَنَّثٍ، وَكَانَ الْمُضَافُ بَعْضَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مِنْهُ أَوْ بِهِ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ: مَشَيْنَ ... الْبَيْتَ فَأَنَّثَ الْمَرَّ لِإِضَافَتِهِ إِلَى الرِّيَاحِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، إِذْ كَانَ الْمَرُّ مِنَ الرِّيَاحِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُؤَنَّثَ الْإِيمَانُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ كَمَا يُذَكَّرُ الْمَصْدَرُ الْمُؤَنَّثُ، مِثْلَ" فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ [[راجع ج ٣ ص ٣٥٩.]] " وَكَمَا قَالَ [[البيت لحاتم وهو في ديوانه واللسان:
أماوي قد ضال التجنب والهجر ... وقد عذرتني في طلابكم العذر.]]:
فَقَدْ عَذَرْتِنَا فِي صَحَابَتِهِ الْعُذْرَ
فَفِي أَحَدِ الْأَقْوَالِ أَنَّثَ الْعُذْرَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَعْذِرَةِ. "قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ" بكم العذاب.
{"ayah":"هَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّاۤ أَن تَأۡتِیَهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَوۡ یَأۡتِیَ رَبُّكَ أَوۡ یَأۡتِیَ بَعۡضُ ءَایَـٰتِ رَبِّكَۗ یَوۡمَ یَأۡتِی بَعۡضُ ءَایَـٰتِ رَبِّكَ لَا یَنفَعُ نَفۡسًا إِیمَـٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِیۤ إِیمَـٰنِهَا خَیۡرࣰاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوۤا۟ إِنَّا مُنتَظِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق