الباحث القرآني
﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ اسْتِئْنافٌ مَسُوقٌ لِبَيانِ أنَّهُ لا يَتَأتّى مِنهُمُ الإيمانُ بِإنْزالِ ما ذُكِرَ مِنَ البَيِّناتِ والهُدى والإيذانِ بِأنَّ مِنَ الآياتِ ما لا فائِدَةَ لِلْإيمانِ عِنْدَهُ مُبالَغَةً في التَّبْلِيغِ والإنْذارِ وإزاحَةِ العِلَلِ والإعْذارِ و( هَلْ ) لِلِاسْتِفْهامِ الإنْكارِيِّ وأنْكَرَ الرَّضِيُّ مَجِيئَها لِذَلِكَ وقالَ: إنَّها لِلتَّقْرِيرِ في الإثْباتِ والجُمْهُورُ عَلى الأوَّلِ والضَّمِيرُ لِكُفّارِ أهْلِ مَكَّةَ.
وزَعَمَ الجُبّائِيُّ أنَّهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وأصْحابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم أيْ ما يَنْتَظِرُونَ ﴿إلا أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ﴾ لِقَبْضِ أرْواحِهِمْ ﴿أوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ يَوْمَ القِيامَةِ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ حَسْبَما أخْبَرَ وبِالمَعْنى الَّذِي أرادَ وإلى هَذا التَّفْسِيرِ ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ وقَتادَةُ ومُقاتِلٌ وقِيلَ: إتْيانُ المَلائِكَةِ لِإنْزالِ العَذابِ والخَسْفِ بِهِمْ وعَنِ الحَسَنِ إتْيانُ الرَّبِّ عَلى مَعْنى إتْيانِ أمْرِهِ بِالعَذابِ وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ المُرادُ يَأْتِي أمْرُ رَبِّكَ فِيهِمْ بِالقَتْلِ وقِيلَ: المُرادُ يَأْتِي كُلُّ آياتِهِ يَعْنِي آياتِ القِيامَةِ والهَلاكَ الكُلِّيَّ لِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿أوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ﴾ وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ المَشْهُورَ مِن مَذْهَبِ السَّلَفِ عَدَمُ تَأْوِيلِ مِثْلِ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ ونَحْوِهِ بَلْ تَفْوِيضُ المُرادِ مِنهُ إلى اللَّطِيفِ الخَبِيرِ مَعَ الجَزْمِ بِعَدَمِ إرادَةِ الظّاهِرِ ومِنهم مَن يُبْقِيهِ عَلى الظّاهِرِ إلّا أنَّهُ يَدَّعِي أنَّ الإتْيانَ الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ تَعالى لَيْسَ الإتْيانَ الَّذِي يَتَّصِفُ بِهِ الحادِثُ وحاصِلُ ذَلِكَ أنَّهُ يَقُولُ بِالظَّواهِرِ ويَنْفِي اللَّوازِمَ ويَدَّعِي أنَّها لَوازِمُ في الشّاهِدِ وأيْنَ التُّرابُ مِن رَبِّ الأرْبابِ.
وجَوَّزَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ حَمْلَ الكَلامِ عَلى الظّاهِرِ المُتَعارَفِ عِنْدَ النّاسِ والمَقْصُودُ مِنهُ حِكايَةُ مَذْهَبِ الكُفّارِ واعْتِقادُهم وعَلى ذَلِكَ اعْتَمَدَ الإمامُ وهو بَعِيدٌ أوْ باطِلٌ والمُرادُ بِالآياتِ عِنْدَ بَعْضِ أشْراطِ السّاعَةِ وهي عَلى ما يُسْتَفادُ مِنَ الأخْبارِ كَثِيرَةٌ وصَحَّ مِن طُرُقِ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ قالَ: «أشْرَفَ عَلَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن عِلْيَةٍ ونَحْنُ نَتَذاكَرُ فَقالَ: ما تُذاكِرُونَ قُلْنا: نَتَذاكَرُ السّاعَةَ قالَ: إنَّها لا تَقُومُ حَتّى تَرَوْا قَبْلَها عَشْرَ آياتٍ: الدُّخانُ والدَّجّالُ وعِيسى ابْنُ مَرْيَمَ ويَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ والدّابَّةُ وطُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها وثَلاثَةُ خُسُوفٍ: (p-63)خَسْفٌ بِالمَشْرِقِ وخَسْفٌ بِالمَغْرِبِ وخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ العَرَبِ وآخِرُ ذَلِكَ نارٌ تَخْرُجُ مِن قَعْرِ عَدَنٍ أوِ اليَمَنِ تَطْرُدُ النّاسَ إلى المَحْشَرِ تَنْزِلُ مَعَهم إذا نَزَلُوا وتُقِيلُ مَعَهم إذا قالُوا» وبِبَعْضِها عَلى ما قِيلَ: الدَّجّالُ والدّابَّةُ وطُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها وهو المُرادُ بِالبَعْضِ أيْضًا في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ﴾ ورَوى مُسْلِمٌ وأحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وغَيْرُهم عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ما هو صَرِيحٌ في ذَلِكَ واسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأنَّ خُرُوجَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَ الدَّجّالِ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ وهو عَلَيْهِ السَّلامُ يَدْعُو النّاسَ إلى الإيمانِ ويَقْبَلُهُ مِنهم وفي زَمَنِهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ دُنْيَوِيٌّ وأُخْرَوِيٌّ وأُجِيبَ عَنْهُ بِما يَخْلُو عَنِ النَّظَرِ والحَقُّ أنَّ المُرادَ بِهَذا البَعْضِ الَّذِي لا يَنْفَعُ الإيمانُ عِنْدَهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها.
فَقَدْ رَوى الشَّيْخانِ «لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِها فَإذا طَلَعَتْ ورَآها النّاسُ آمَنُوا أجْمَعُونَ وذَلِكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها ثُمَّ قَرَأ الآيَةَ» بَلْ قَدْ رُوِيَ هَذا التَّعْيِينُ عَنْهُ ﷺ في غَيْرِ ما خَبَرٍ صَحِيحٍ وإلى ذَلِكَ ذَهَبَ جُلَّةُ المُفَسِّرِينَ وما يُرْوى مِنَ الأخْبارِ الَّتِي ظاهِرُها المُنافاةُ لِذَلِكَ غَيْرُ مُنافٍ لَهُ عِنْدَ التَّحْقِيقِ كَما لا يَخْفى عَلى المُتَأمِّلِ وسَبَبُ عَدَمِ نَفْعِ الإيمانِ عِنْدَ ذَلِكَ أنَّهُ إذا شُوهِدَ تَغَيُّرُ العالَمِ العُلْوِيِّ يَحْصُلُ العِلْمُ الضَّرُورِيُّ ويَرْتَفِعُ الإيمانُ بِالغَيْبِ وهو المُكَلَّفُ بِهِ فَيَكُونُ الإيمانُ حِينَئِذٍ كالإيمانِ عِنْدَ الغَرْغَرَةِ ومُقْتَضى الإخْبارِ في هَذا المَطْلَبِ أنَّهُ لا يُقْبَلُ الإيمانُ بَعْدَ ذَلِكَ أبَدًا لَكِنَّ الظّاهِرَ عَلى ما في الزَّواجِرِ قَبُولُ ما وقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِن غَيْرِ تَقْصِيرٍ كَمَن جُنَّ وأفاقَ بَعْدُ أوْ أسْلَمَ بِتَبَعِيَّةِ أبَوَيْهِ.
وعَنِ البَلْقِينِيِّ أنَّهُ إذا تَراخى الحالُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ المَغْرِبِ وطالَ العَهْدُ حَتّى نُسِيَ قُبِلَ الإيمانُ لِزَوالِ الآيَةِ المُلْجِئَةِ ولَهُ وجْهٌ وجِيهٌ وقَوْلُ العِراقِيِّ إنَّ الظّاهِرَ أنَّهُ لا يَطُولُ العَهْدُ حَتّى يُنْسى غَيْرُ مُتَّجِهٍ لِما رَواهُ القُرْطُبِيُّ في تَذْكِرَتِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ونَقَلَهُ الحافِظُ ابْنُ حَجَرٍ في شَرْحِ البُخارِيِّ أنَّ النّاسَ يَبْقُونَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها مِائَةً وعِشْرِينَ سَنَةً والكَلامُ عَنْ كَيْفِيَّةِ طُلُوعِها مِنَ المَغْرِبِ مُفَصَّلٌ في كُتُبِ الحَدِيثِ وفي سُوقِ العَرُوسِ لِابْنِ الجَوْزِيِّ أنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِن مَغْرِبِها ثَلاثَةَ أيّامٍ بِلَيالِيها ثُمَّ يُقالُ لَها: ارْجِعِي مِن مَطْلَعِكِ والمَشْهُورُ أنَّها تَطْلُعُ يَوْمًا واحِدًا مِنَ المَغْرِبِ فَتَسِيرُ إلى خَطِّ نِصْفِ النَّهارِ ثُمَّ تَرْجِعُ إلى المَغْرِبِ وتَطْلُعُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ المَشْرِقِ كَعادَتِها قَبْلُ وخَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي أوْفى صَرِيحٌ في ذَلِكَ والكُلُّ أمْرٌ مُمْكِنٌ واللَّهُ سُبْحانَهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
ورَوى البُخارِيُّ في تارِيخِهِ وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ عَساكِرَ في كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ عَنْ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ أنَّهُ قالَ: إذا أرادَ اللَّهُ تَعالى أنْ يُطْلِعَ الشَّمْسَ مِن مَغْرِبِها أدارَها بِالقُطْبِ فَجَعَلَ مَشْرِقَها مَغْرِبَها ومَغْرِبَها مَشْرِقَها وأهْلُ الهَيْئَةِ ومَن وافَقَهم يَزْعُمُونَ أنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنَ المَغْرِبِ مُحالٌ ويَقُولُونَ: إنَّ الشَّمْسَ وغَيْرَها مِنَ الفَلَكِيّاتِ بَسِيطَةٌ لا تَخْتَلِفُ مُقْتَضَياتُها جِهَةً وحَرَكَةٌ وغَيْرَ ذَلِكَ ولا يَتَطَرَّقُ إلَيْها تَغْيِيرٌ عَمّا هي عَلَيْهِ وقَدْ بَنَوْا ذَلِكَ عَلى مِثْلِ شَفا جُرُفٍ هارٍ وقالَ الكَرْمانِيُّ: إنَّهُ عَلى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ قَواعِدِهِمْ لا امْتِناعَ في ذَلِكَ أيْضًا لِقَوْلِهِمْ بِجَوازِ انْطِباقِ مِنطَقَةِ فَلَكِ البُرُوجِ المُسَمّى بِفَلَكِ الثَّوابِتِ عَلى المُعَدَّلِ وهي مِنطَقَةُ الفَلَكِ الأعْظَمِ المُسَمّى بِفَلَكِ الأطْلَسِ بِحَيْثُ يَصِيرُ المَشْرِقُ مَغْرِبًا والمَغْرِبُ مَشْرِقًا. انْتَهى. وفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ بُعْدُ بَيانِ كَيْفِيَّةِ الِانْطِباقِ وما يَتْبَعُهُ ويَلْزَمُ مِنهُ عَلى ما في كُتُبِ مُحَقِّقِيهِمْ فَأقُولُ: قالَ في التَّذْكِرَةِ وشَرْحِها لِلسَّيِّدِ السَّنَدِ: المَيْلُ الكُلِّيُّ وهو غايَةُ التَّباعُدِ بَيْنَ مِنطَقَتَيِ (p-64)المُعَدَّلِ وفَلَكِ البُرُوجِ المَوْجُودُ بِالأرْصادِ القَدِيمَةِ والحَدِيثَةِ لَيْسَ شَيْئًا واحِدًا بَلْ كانَ ما وجَدَهُ القُدَماءُ أكْثَرَ مِمّا وجَدَهُ المُحْدَثُونَ وقَدْ يُظَنُّ أنَّ ما وجَدَهُ مَن هو أحْدَثُ زَمانًا كانَ أقَلَّ مِمّا وجَدَهُ مَن هو أقْدَمُ زَمانًا مَعَ أنَّ أكْثَرَ ما وجَدُوهُ لَمْ يَبْلُغْ أرْبَعَةً وعِشْرِينَ جُزْءًا وأقَلُّهُ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ ثَلاثَةٍ وعِشْرِينَ جُزْءًا ونِصْفِ جُزْءٍ.
ثُمَّ الظّاهِرُ أنَّ هَذا الِاخْتِلافَ إنَّما هو بِسَبَبِ اخْتِلالِ الآلاتِ في اسْتِدارَتِها أوْ قِسْمَتِها أوْ نَصْبِها في حَقِيقَةِ نِصْفِ النَّهارِ لا بِسَبَبِ تَحَرُّكِ إحْدى المِنطَقَتَيْنِ إلى الأُخْرى وإلّا لَوَجَبَ أنْ يَكُونَ الِاخْتِلافُ عَلى نِظامٍ واحِدٍ ولَمْ يُوجَدْ كَذَلِكَ كَما بُيِّنَ في مَحَلِّهِ لَكِنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ أصْلُ الِاخْتِلافِ بِسَبَبِ التَّحَرُّكِ وعَدَمُ الِانْتِظامِ بِسَبَبِ الِاخْتِلالِ ولَمّا امْتَنَعَ أنْ يَكُونَ هَذا التَّقارُبُ بِحَرَكَةِ المُعَدَّلِ نَحْوَ مِنطَقَةِ البُرُوجِ إذْ يَلْزَمُ مِنهُ أنْ تَخْتَلِفَ عُرُوضُ البُلْدانِ عَمّا هي عَلَيْهِ وأنْ يَكُونَ خَطُّ الِاسْتِواءِ في كُلِّ زَمانٍ مَكانًا آخَرَ ذَهَبَ بَعْضُهم إلى أنَّ مِنطَقَةَ البُرُوجِ تَتَحَرَّكُ في العَرْضِ فَتَقْرُبُ مِن مُعَدَّلِ النَّهارِ فَإنْ كانَ هَذا حَقًّا يَجِبُ أنْ يَثْبُتَ فَلَكًا آخَرَ يُحَرِّكُ فَلَكَ البُرُوجِ هَذِهِ الحَرَكَةَ ثُمَّ إنَّ المِنطَقَةَ إنْ تَحَرَّكَتْ في العَرْضِ أمْكَنَ أنْ تَتِمَّ الدَّوْرَةُ وأمْكَنَ أنْ لا تُتِمَّها بَلْ تَتَحَرَّكُ إلى غايَةٍ ما ثُمَّ تَعُودُ وتِلْكَ الغايَةُ يُمْكِنُ أنْ تَكُونَ بَعْدَ انْطِباقِها عَلى مِنطَقَةِ المُعَدَّلِ مَرَّتَيْنِ أوْ حالَ انْطِباقِها الثّانِي أوْ فِيما بَيْنَ الِانْطِباقَيْنِ وذَلِكَ إمّا بَعْدَ قِطَعِ نِصْفِ دَوْرَتِها أوْ حالَ قَطْعِ النِّصْفِ أوْ قَبْلَهُ وإنْ لَمْ تَصِلْ إلى ما بَيْنَ الِانْطِباقَيْنِ فَإمّا أنْ تَعُودَ حالَ انْطِباقِها الأوَّلِ أوْ قَبْلَ ذَلِكَ وثَمانِيَةُ احْتِمالاتٍ عَقْلِيَّةٍ لا مَزِيدَ عَلَيْها وعَلى التَّقْدِيراتِ الخَمْسِ الأُوَلِ يَتَبادَلُ نِصْفا سَطْحِ فَلَكِ البُرُوجِ الشَّمالِيِّ والجَنُوبِيِّ فَيَصِيرُ نِصْفُ سَطْحِ فَلَكِ البُرُوجِ الَّذِي هو شَمالِيٌّ عَنِ المُعَدَّلِ جَنُوبًا عَنْهُ وبِالعَكْسِ مَعَ ما يَتْبَعُ النِّصْفَيْنِ مِنَ الأحْكامِ فَتَثْبُتُ أحْكامُ النِّصْفِ الشَّمالِيِّ لِلنِّصْفِ الجَنُوبِيِّ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ شَمالِيًّا وأحْكامُ الجَنُوبِيِّ لِلشَّمالِيِّ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ جَنُوبِيًّا وفي الثَّلاثَةِ الأُولى مِنها يَنْطَبِقُ كُلُّ واحِدٍ مِنها نِصْفَيْ مِنطَقَةِ البُرُوجِ عَلى كُلِّ واحِدٍ مِن نِصْفَيْ مِنطَقَةِ المُعَدَّلِ وعَلى التَّقْدِيراتِ الباقِيَةِ بَعْدَ الخَمْسَةِ الأُولى لا يَتَبادَلُ غَيْرُ البَعْضِ مِنَ السَّطْحِ المَذْكُورِ وعَلى التَّقْدِيراتِ السَّبْعَةِ الأُولى يَنْطَبِقُ النِّصْفُ مِن مِنطَقَةِ فَلَكِ البُرُوجِ عَلى النِّصْفِ المُجاوِرِ لَهُ مِن مِنطَقَةِ المُعَدَّلِ وعِنْدَ كُلِّ انْطِباقٍ يَتَساوى اللَّيْلُ والنَّهارُ في جَمِيعِ البِقاعِ لِأنَّ مَدارَ الشَّمْسِ هو المُعَدَّلُ المُنَصَّفُ بِالآفاقِ القاطِعَةِ لَهُ وتَبْطُلُ فُصُولُ السَّنَةِ لِأنَّ بُعْدَ الشَّمْسِ عَنْ سَمْتِ الرَّأْسِ يَكُونُ شَيْئًا واحِدًا هو مِقْدارُ عَرْضِ البَلَدِ ويَسْتَمِرُّ الحالُ عَلى هَذا إلى أنْ تَفْتَرِقَ المِنطَقَتانِ بِمِقْدارٍ يُحَسُّ بِهِ ولا يَكُونُ ذَلِكَ إلّا في مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وعَلى التَّقْدِيرِ الثّانِي لا يَكُونُ شَيْءٌ مِنَ الِانْطِباقِ وتَساوِي المَلَوَيْنِ وبُطْلانُ الفُصُولِ إلّا أنَّ الِارْتِفاعاتِ ومَقادِيرَ الأيّامِ واللَّيالِي لِأجْزاءَ بِعَيْنِها مِن فَلَكِ البُرُوجِ تَزِيدُ وتَنْقُصُ في بُقْعَةٍ بِعَيْنِها. انْتَهى مُلَخَّصًا.
ولا يَخْفى أنَّهُ مِن لَوازِمِ ما ذَكَرُوهُ مِنَ التَّبادُلِ النّاشِئِ عَنِ الِانْطِباقِ مَرَّتَيْنِ انْطِباقُ قُطْبِ البُرُوجِ الجَنُوبِيِّ عَلى قُطْبِ العالَمِ الشَّمالِيِّ وعَكْسُهُ وصَيْرُورَةُ بُرُوجِ الخَرِيفِ بُرُوجَ الرَّبِيعِ وعَكْسُهُ وبُرُوجُ الصَّيْفِ بُرُوجَ الشِّتاءِ وعَكْسُهُ وانْعِكاسُ تَوالِي البُرُوجِ إلى خِلافِهِ فَيَطْلُعُ الحُوتُ ثُمَّ الدَّلْوُ ثُمَّ الجَدْيُ وهَكَذا إلى الحَمَلِ وتَوافُقُ حَرَكَةِ ما حَرَكَتُهُ مِنَ المَغْرِبِ إلى المَشْرِقِ لِحَرَكَةِ الفَلَكِ الأعْظَمِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ ولَيْسَ صَيْرُورَةُ المَشْرِقِ مَغْرِبًا والمَغْرِبِ مَشْرِقًا مِن لَوازِمِ الِانْطِباقِ المَذْكُورِ بَلْ لا يُتَصَوَّرُ أصْلًا نَعَمْ لَوْ كانَ المُدَّعى انْطِباقَ مِنطَقَةِ المُعَدَّلِ عَلى مِنطَقَةِ فَلَكِ البُرُوجِ بِحَيْثُ تَكُونُ الحَرَكَةُ لِلْمُعَدَّلِ نَحْوَ المِنطَقَةِ لِتَصَوُّرِ ما ذُكِرَ لَكِنَّهُ مُمْتَنِعٌ عَلى ما صَرَّحَ بِهِ السَّيِّدُ السَّنَدُ فِيما مَرَّ وقَدْ فَرَضَ عَدَمَ الِامْتِناعِ فَتَدَبَّرْ والِانْتِظارُ في الآيَةِ مَحْمُولٌ عَلى التَّمْثِيلِ المَبْنِيِّ عَلى تَشْبِيهِ حالِ (p-65)هَؤُلاءِ الكُفّارِ في الإصْرارِ عَلى الكُفْرِ والتَّمادِي عَلى العِنادِ إلى أنْ تَأْتِيَهم تِلْكَ الأُمُورُ الهائِلَةُ الَّتِي لا بُدَّ لَهم مِنَ الإيمانِ عِنْدَ مُشاهَدَتِها البَتَّةَ بِحالِ مُنْتَظِرِينَ لَها وهَذا هو الَّذِي يَقْتَضِيهِ التَّفْسِيرُ المَأْثُورُ ولا يَنْبَغِي العُدُولُ عَنِ التَّفْسِيرِ بَعْدَ أنْ صَحَّتْ نِسْبَةُ بَعْضِهِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ والبَعْضِ الآخَرِ إلى بَعْضِ أصْحابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم ولَيْسَ في النَّظْمِ الكَرِيمِ ما يَأْباهُ ولا أنَّ المَقامَ إنَّما يُساعِدُ عَلى ما سِواهُ وقِيلَ: المُرادُ بِإتْيانِ المَلائِكَةِ وإتْيانِ الرَّبِّ سُبْحانَهُ ما اقْتَرَحُوهُ بِقَوْلِهِمْ: ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنا المَلائِكَةُ أوْ نَرى رَبَّنا﴾ وبِقَوْلِهِ ﴿أوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ والمَلائِكَةِ قَبِيلا﴾ وبِإتْيانِ بَعْضِ الآياتِ غَيْرُ ما ذُكِرَ كَما اقْتَرَحُوا بِقَوْلِهِمْ: ﴿أوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفًا﴾ ونَحْوَ ذَلِكَ مِن عَظائِمِ الآياتِ الَّتِي عَلَّقُوا بِها إيمانَهم وجُوِّزَ حَمْلُ بَعْضِ الآياتِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ﴾ عَلى ما يَعُمُّ مُقْتَرَحاتِهِمْ وغَيْرَها مِنَ الدَّواهِي العِظامِ السّالِبَةِ لِلِاخْتِيارِ الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ فَلَكُ التَّكْلِيفِ وهو كَلامٌ في نَفْسِهِ لَيْسَ بِالدُّونِ ولَكِنْ إذا صَحَّ الحَدِيثُ فَهو مَذْهَبِيٌّ والتَّعْبِيرُ بِالبَعْضِ لِلتَّهْوِيلِ والتَّفْخِيمِ كَما أنَّ إضافَةَ الآياتِ إلى اسْمِ الرَّبِّ المُنْبِئِ عَنِ المالِكِيَّةِ الكُلِّيَّةِ لِذَلِكَ وإضافَتَهُ إلى ضَمِيرِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِلتَّشْرِيفِ وتَنْكِيرُ ﴿نَفْسًا﴾ لِلتَّعْمِيمِ وجُمْلَةُ ﴿لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ﴾ في مَوْضِعِ النَّصْبِ صِفَةٌ لَنَفْسًا فُصِلَ بَيْنَهُما بِالفاعِلِ لِاشْتِمالِها عَلى ضَمِيرِ المَوْصُوفِ ولا ضَيْرَ فِيهِ لِأنَّهُ غَيْرُ أجْنَبِيٍّ مِنهُ لِاشْتِراكِهِما في العامِلِ وجُوِّزَ كَوْنُها اسْتِئْنافِيَّةً و( يَوْمَ ) مَنصُوبٌ بِلا يَنْفَعُ وامْتِناعُ عَمَلِ ما بَعْدَ لا فِيما قَبْلَها إنَّما هو عِنْدَ وُقُوعِها جَوابَ القَسَمِ.
وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ ( يَأْتِيهِمْ ) بِالياءِ لِأنَّ تَأْنِيثَ المَلائِكَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ وقُرِئَ ( يَوْمُ ) بِالرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ والخَبَرُ هو الجُمْلَةُ والعائِدُ مَحْذُوفٌ أيْ لا يَنْفَعُ فِيهِ وقَرَأ أبُو العالِيَةِ وابْنُ سِيرِينَ ( لا تَنْفَعُ ) بِالتّاءِ الفَوْقانِيَّةِ وخَرَّجَها ابْنُ جِنِّيٍّ عَلى أنَّها مِن بابِ قُطِعَتْ بَعْضُ أصابِعِهِ فالمُضافُ فِيهِ قَدِ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنَ المُضافِ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ شَبِيهًا بِما يُسْتَغْنى عَنْهُ وقالَ أبُو حَيّانَ: إنَّ التَّأْنِيثَ لِتَأْوِيلِ الإيمانِ بِالعَقِيدَةِ والمَعْرِفَةِ مِثْلَ جاءَتْهُ كِتابِي فاحْتَقَرَها عَلى مَعْنى الصَّحِيفَةِ.
وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿آمَنَتْ﴾ والكَلامُ مَحْمُولٌ عَلى نَفْيِ التَّرْدِيدِ المُسْتَلْزِمِ لِلْعُمُومِ المُفِيدِ بِمَنطُوقِهِ لِاشْتِراطِ عَدَمِ النَّفْعِ بِعَدَمِ الأمْرَيْنِ مَعًا الإيمانُ المُقَدَّمُ والخَيْرُ المَكْسُوبُ فِيهِ وبِمَفْهُومِهِ لِاشْتِراطِ النَّفْعِ بِتَحَقُّقِ أحَدِهِما بِطْرِيقِ مَنعِ الخُلُوِّ دُونَ الِانْفِصالِ الحَقِيقِيِّ والمَعْنى أنَّهُ لا يَنْفَعُ الإيمانُ حِينَئِذٍ نَفْسًا لَمْ يَصْدُرْ عَنْها مِن قِبَلِ الإيمانِ المُجَرَّدِ أوِ الخَيْرِ المَكْسُوبِ فِيهِ فَيَتَحَقَّقُ الخَيْرُ بِأيِّهِما كانَ حَسْبَما تَنْطِقُ بِهِ النُّصُوصُ الكَرِيمَةُ مِنَ الآياتِ والأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ والمُعْتَزِلَةُ يَقُولُونَ: إنَّ التَّرْدِيدَ بَيْنَ النَّفْيَيْنِ المُرادُ نَفْيُ العُمُومِ لا عُمُومَ النَّفْيِ والمَعْنى أنَّهُ يَنْفَعُ الإيمانُ حِينَئِذٍ نَفْسًا غَيْرَ مُقَدِّمَةٍ إيمانَها أوْ مُقَدِّمَةً إيمانَها غَيْرَ كاسِبَةٍ فِيهِ خَيْرًا وهَذا صَرِيحٌ فِيما ذَهَبُوا إلَيْهِ مِن أنَّ الإيمانَ المُجَرَّدَ عَنِ العَمَلِ لا يُعْتَبَرُ ولا يَنْفَعُ صاحِبَهُ ولَمْ يَحْمِلُوا ذَلِكَ عَلى عُمُومِ النَّفْيِ كَما قَرَّرُوهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تُطِعْ مِنهم آثِمًا أوْ كَفُورًا﴾ لِأنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ حالِيَّةٌ أوْ مَقالِيَّةٌ عَلى خِلافِهِ وهُنا قَدْ قامَتْ قَرِينَةٌ عَلى خِلافِهِ فَإنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ عُمُومُ النَّفْيِ لُغِيَ ذِكْرُ اشْتِراطِ عَدَمِ النَّفْعِ بِالخُلُوِّ عَنْ كَسْبِ الخَيْرِ في الإيمانِ ضَرُورَةَ أنَّهُ إذا انْتَفى الإيمانُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ انْتَفى كَسْبُ الخَيْرِ فِيهِ قَطْعًا عَلى أنَّ المُوجِبَ لِلْخُلُودِ في النّارِ هو عَدَمُ الإيمانِ مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ لِعَدَمِ (p-66)كَسْبِ الخَيْرِ دَخْلٌ ما في ذَلِكَ أصْلًا فَيَكُونُ ذِكْرُهُ بِصَدَدِ بَيانِ ما يُوجِبُ الخُلُودَ لَغْوًا مِنَ الكَلامِ أيْضًا.
وأجابَ شَيْخُ الإسْلامِ عَنْ ذَلِكَ بِأنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلى تَوَهُّمِ أنَّ المَقْصُودَ بِوَصْفِ النَّفْسِ بِالعَدَمَيْنِ المَذْكُورَيْنِ مُجَرَّدُ بَيانِ إيجابِهِما لِلْخُلُودِ فِيها وعَدَمُ نَفْعِ الإيمانِ الحادِثِ في إنْجائِها عَنْهُ ولَيْسَ كَذَلِكَ وإلّا لَكَفى في البَيانِ أنْ يُقالَ: لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها الحادِثُ بَلِ المَقْصُودُ الأصْلِيُّ مِن وصْفِها بِذَيْنِكَ العَدَمَيْنِ في أثْناءِ عَدَمِ نَفْعِ الإيمانِ الحادِثِ تَحْقِيقُ أنَّ مُوجِبَ النَّفْعِ إحْدى مِلْكِيَّتِهِما أعْنِي الإيمانَ السّابِقَ والخَيْرَ المَكْسُوبَ فِيهِ لِما ذُكِرَ مِنَ الطَّرِيقَةِ والتَّرْغِيبِ في تَحْصِيلِهِما في ضِمْنِ التَّحْذِيرِ مِن تَرْكِهِما ولا سَبِيلَ إلى أنْ يُقالَ: كَما أنَّ عَدَمَ الأوَّلِ مُسْتَقِلٌّ في إيجابِ الخُلُودِ في النّارِ فَيَلْغُو ذِكْرُ عَدَمِ الثّانِي كَذَلِكَ وُجُودُ مُسْتَقِلٍّ في إيجابِ الخَلاصِ عَنْها فَيَكُونُ ذِكْرُ الثّانِي لَغْوًا لِما أنَّهُ قِياسٌ مَعَ الفارِقِ كَيْفَ لا والخُلُودُ فِيها أمْرٌ لا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَعَدُّدُ العِلَلِ وأمّا الخَلاصُ مِنها مَعَ دُخُولِ الجَنَّةِ فَلَهُ مَراتِبُ بَعْضُها مُتَرَتِّبٌ عَلى نَفْسِ الإيمانِ وبَعْضُها عَلى فُرُوعِهِ المُتَفاوِتَةِ كَمًّا وكَيْفًا.
ولَمْ يَقْتَصِرْ إتْيانُ ما يُوجِبُ أصْلَ النَّفْعَ وهو الإيمانُ السّابِقُ مَعَ أنَّهُ المُقابِلُ بِما لا يُوجِبُهُ أصْلًا وهو الإيمانُ الحادِثُ بَلْ قُرِنَ بِهِ ما يُوجِبُ النَّفْعَ الزّائِدَ أيْضًا إرْشادًا إلى تَحَرِّيَ الأعْلى وتَنْبِيهًا عَلى كِفايَةِ الأدْنى وإقْناطًا لِلْكَفَرَةِ عَمّا عَلَّقُوا بِهِ أطْماعَهُمُ الفارِغَةُ مِن أعْمالِ البِرِّ الَّتِي عَمِلُوها في الكُفْرِ مِمّا هو مِن بابِ المَكارِمِ وأنَّ الإيمانَ الحادِثَ كَما لا يَنْفَعُهم وحْدَهُ لا يَنْفَعُهم بِانْضِمامِ أعْمالِهِمُ السّابِقَةُ واللّاحِقَةُ ثُمَّ قالَ: ولَكَ أنْ تَقُولَ: المَقْصُودُ بِوَصْفِ النَّفْسِ بِما ذُكِرَ مِنَ العَدَمَيْنِ التَّعْرِيضُ بِحالِ الكَفَرَةِ في تَمَرُّدِهِمْ وتَفْرِيطِهِمْ في كُلِّ واحِدٍ مِنَ الأمْرَيْنِ الواجِبَيْنِ عَلَيْهِمْ وإنْ كانَ وُجُوبُ أحَدِهِما مَنُوطًا بِالآخَرِ كَما في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ( ﴿فَلا صَدَّقَ ولا صَلّى﴾ ﴿ولَكِنْ كَذَّبَ وتَوَلّى﴾ ) تَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِكَمالِ طُغْيانِهِمْ وإيذانًا بِتَضاعُفِ عِقابِهِمْ لِما تَقَرَّرَ مِن أنَّ الكُفّارَ مُخاطَبُونَ بِالفُرُوعِ في حَقِّ المُؤاخَذَةِ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿ووَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ . انْتَهى.
( وقِيلَ ) في دَفْعِ اللُّغَوِيَّةِ غَيْرُ ذَلِكَ وأجابَ بَعْضُهم عَنْ مُتَمَسَّكِ المُعْتَزِلَةِ بِأنَّ الآيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلى ما سُمِّيَ في عِلْمِ البَلاغَةِ بِاللَّفِّ التَّقْدِيرِيِّ كَأنَّهُ قِيلَ: لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها ولا كَسْبُها في إيمانِها خَيْرًا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أوْ لَمْ تَكُنْ كَسَبَتْ خَيْرًا فاقْتَصَرَتْ لِلْعِلْمِ بِهِ وفِيهِ خَفاءٌ لا يَخْفى ومِثْلُهُ ما تَفَطَّنَ لَهُ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ وإنْ تَمَّ الكَلامُ بِهِ مِن غَيْرِ لَفٍّ ولا اعْتِبارِ اقْتِصارٍ وهو أنَّ مَعْنى الآيَةِ أنَّهُ لا يَنْفَعُ الإيمانُ بِاعْتِبارِ ذاتِهِ إذا لَمْ يَحْصُلْ قَبْلُ ولا بِاعْتِبارِ العَمَلِ إذا لَمْ يُعْمَلْ قَبْلُ ونَفَعَ الإيمانُ بِاعْتِبارِ العَمَلِ أنْ يَصِيرَ سَبَبًا لِقَبُولِ العَمَلِ فَإنَّ العِبارَةَ لا تَحْتَمِلُهُ ولا يُفْهَمُ مِنها مِن غَيْرِ اعْتِبارِ تَقْدِيرٍ في نَظْمِ الكَلامِ وقالَ مَوْلانا ابْنُ الكَمالِ: إنَّ المُرادَ بِالإيمانِ في الآيَةِ المُعَرَّفَةِ كَما يُرْشِدُ إلَيْهِ قِراءَةُ ( لا تَنْفَعُ ) بِالتّاءِ ويَكْسِبُ الخَيْرُ الإذْعانَ ونَحْنُ مَعاشِرَ أهْلِ السُّنَّةِ والجَماعَةِ نَقُولُ بِما هو مُوجِبٌ النَّصَّ مِن أنَّ الإيمانَ النّافِعَ مَجْمُوعُ الأمْرَيْنِ ولا حُجَّةَ فِيهِ لِلْمُخالِفِ لِأنَّ مَبْناها حَمْلُ الإيمانِ عَلى المَعْنى الِاصْطِلاحِيِّ المُخْتَرَعِ بَعْدَ نُزُولِ القُرْآنِ وتَخْصِيصُ الخَيْرِ بِما يَكُونُ بِالجَوارِحِ وكُلٌّ مِنهُما خِلافُ الأصْلِ والظّاهِرِ ولَوْ سُلِّمَ فَنَقُولُ: الإيمانُ النّافِعُ لا بُدَّ فِيهِ مِن أمْرَيْنِ الِاعْتِقادُ بِالقَلْبِ والإقْرارُ بِاللِّسانِ وقَدْ عُبِّرَ عَنِ الأوَّلِ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿آمَنَتْ﴾ وعَنِ الثّانِي بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أوْ كَسَبَتْ﴾ فالكَسْبُ يَكُونُ بِالآلاتِ البَدَنِيَّةِ ومِنها اللِّسانُ فَمَنطُوقُ الآيَةِ عَلى مَذْهَبِنا. انْتَهى.
ولا يَخْفى عَلَيْكَ أنَّ الألْفاظَ المُسْتَعْمَلَةَ في كَلامِ الشّارِعِ حَقائِقُ شَرْعِيَّةٌ يَتَبادَرُ مِنها ما عُلِمَ بِلا قَرِينَةٍ والإيمانُ وإنْ صَحَّ أنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ مَعْناهُ اللُّغَوِيِّ الَّذِي هو تَصْدِيقُ القَلْبِ مُطْلَقًا وإنِ اسْتُعْمِلَ في التَّصْدِيقِ الخاصِّ إلّا (p-67)أنَّ المُتَبادَرَ مِنهُ هَذا التَّصْدِيقُ وحِينَئِذٍ فَكَلامُ هَذا العَلّامَةِ لا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ وأجابَ القاضِي البَيْضاوِيُّ بَيَّضَ اللَّهُ تَعالى غُرَّةَ أحْوالِهِ بِأنَّ لِمَنِ اعْتَبَرَ الإيمانَ المُجَرَّدَ عَنِ العَمَلِ وقالَ بِأنَّهُ يَنْفَعُ صاحِبَهُ حَيْثُ يُخَلِّصُهُ عَنِ الخُلُودِ في النّارِ تَخْصِيصُ هَذا الحُكْمِ بِذَلِكَ أيْ أنَّ هَذا الحُكْمَ أعْنِي عَدَمَ نَفْعِ الإيمانِ المُجَرَّدِ لِصاحِبِهِ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ اليَوْمِ بِمَعْنى أنَّهُ لا يَنْفَعُهُ فِيهِ ولا يَلْزَمُ مِنهُ أنَّهُ لا يَنْفَعُهُ في الآخِرَةِ في شَيْءٍ مِنَ الأوْقاتِ ولَيْسَ المُرادُ أنَّ المَحْكُومَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ النَّفْعِ هو ما حَدَثَ في ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الإيمانِ والعَمَلِ ولا يَلْزَمُ مِن عَدَمِ نَفْعِ ما حَدَثَ فِيهِ عَدَمُ نَفْعِ الإيمانِ السّابِقِ عَلَيْهِ وإنْ كانَ مُجَرَّدًا عَنِ العَمَلِ كَما قِيلَ لِأنَّ هَذا لَيْسَ مِن تَخْصِيصِ الحُكْمِ في شَيْءٍ بَلْ هو تَخْصِيصُ المَحْكُومِ عَلَيْهِ قَدْ يَرْجِعُ حاصِلُهُ إلى اشْتِمالِ الآيَةِ عَلى اللَّفِّ التَّقْدِيرِيِّ كَما أشَّرْنا إلَيْهِ ويُرَدُّ عَلَيْهِ أنَّهُ يَلْزَمُ مِنهُ تَخْصِيصُ الحُكْمِ بِعَدَمِ نَفْعِ الإيمانِ الحادِثِ في ذَلِكَ اليَوْمِ بِهِ أيْضًا ولا قائِلَ بِهِ إذْ هو لا يَنْفَعُ صاحِبَهُ في شَيْءٍ مِنَ الأوْقاتِ بِالِاتِّفاقِ ويُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأنَّ التَّخْصِيصَ في حُكْمِ عَدَمِ النَّفْعِ إنَّما يُلاحَظُ بِالنَّظَرِ إلى الإيمانِ المُجَرَّدِ وبِاعْتِبارِهِ فَقَطْ عَلى أنْ يَكُونَ مَعْنى الآيَةِ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ الإيمانُ الغَيْرُ السّابِقِ إلَيْهِ صاحِبَهُ فِيهِ ولا الإيمانُ الغَيْرُ المُكْتَسَبِ فِيهِ الخَيْرُ وإنْ نَفَعَ هو بِالآخِرَةِ إلّا أنَّ في هَذا تَخْصِيصًا في الحُكْمِ والمَحْكُومِ بِهِ فَتَأمَّلْ وبِأنَّ لَهُ أيْضًا صُرِفَ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ( كَسَبَتْ ) عَنْ أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى ( آمَنَتْ ) إلى عَطْفِهِ إلى ( لَمْ تَكُنْ ) لَكِنْ بَعْدَ جَعْلِ أوْ بِمَعْنى الواوِ وحَمْلِ الإيمانِ في ﴿لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها﴾ عَلى الإيمانِ الحادِثِ في ذَلِكَ اليَوْمِ وإذا لَمْ يَنْفَعُ ذَلِكَ مَعَ كَسْبِ الخَيْرِ فِيهِ يُفْهَمُ مِنهُ عَدَمُ نَفْعِهِ بِدُونِهِ بِالطَّرِيقِ الأوْلى وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ مِثْلَ هَذا الِاحْتِمالِ يَضُرُّ بِالِاسْتِدْلالِ ونَحْنُ بِصَدَدِ الطَّعْنِ بِاسْتِدْلالِهِمْ فَلا يَضُرُّنا أنَّ فِيهِ نَوْعَ بُعْدٍ ومِن عَجِيبِ ما وقَفْتُ عَلَيْهِ لِبَعْضِ فُضَلاءِ الرُّومِ في الجَوابِ أنَّ أوْ بِمَعْنى إلّا وبَعْدَها مُضارِعٌ مُقَدَّرٌ مِثْلُها في قَوْلِ الحَرِيرِيِّ في المَقامَةِ التّاسِعَةِ: فَواللَّهِ ما تَمَضْمَضَتْ مُقْلَتِي بِنَوْمِها ولا تَمَخَّضَتْ لَيْلَتِي عَنْ يَوْمِها أوْ ألْفَيْتُ أبا زَيْدٍ السُّرُوجِيَّ والأصْلُ أوْ يَكُونُ كَسَبَ أيْ إلّا أنْ يَكُونَ والمُرادُ مِن هَذا الِاسْتِثْناءِ المُبالَغَةُ في نَفْيِ النَّفْيِ بِتَعْلِيقِهِ بِالمُحالِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكم مِنَ النِّساءِ إلا ما قَدْ سَلَفَ﴾ .
﴿وأنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إلا ما قَدْ سَلَفَ﴾ في رَأْيٍ وقَوْلِ الشّاعِرِ.
؎ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهم بِهِنَّ فُلُولٌ مِن قِراعِ الكَتائِبِ
وحاصِلُ المَعْنى فِيما نَحْنُ فِيهِ إذا جاءَ ذَلِكَ إلَيْهِمْ يَنْفَعُ الإيمانُ نَفْسًا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلِ ذَلِكَ اليَوْمِ إلّا أنْ تَكُونَ تِلْكَ النَّفْسُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ كَسَبَتْ في الإيمانِ خَيْرًا قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ وكَسْبُ الخَيْرِ في الإيمانِ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ لِلنَّفْسِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ قَبْلُ مُمْتَنِعٌ فالنَّفْعُ المَطْلُوبُ أوْلى بِأنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا وقَدْ أُجِيبَ عَنِ الِاسْتِدْلالِ بِوُجُوهٍ أُخَرَ وحاصِلُ جَمِيعِ ذَلِكَ أنَّ الآيَةَ لِما فِيها مِنَ الِاحْتِمالاتِ لا تَكُونُ مُعارِضَةً لِلنُّصُوصِ القَطْعِيَّةِ المُتُونِ القَوِيَّةِ الَّتِي لا يَشُوبُها مِثْلُ ذَلِكَ الصّادِحَةِ بِكِفايَةِ الإيمانِ المُجَرَّدِ عَنِ العَمَلِ في الإنْجاءِ مِنَ العَذابِ الخالِدِ ولَوْ بَعْدَ اللَّتِيا والَّتِي وبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ يُرَدُّ عَلى المُعْتَزِلَةِ أنَّ الخَيْرَ نَكِرَةٌ في سِياقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ ويَلْزَمُ أنْ يَكُونَ نَفْعُ الإيمانِ بِمُجَرَّدِ الخَيْرِ ولَوْ واحِدًا ولَيْسَ ذَلِكَ مَذْهَبَهم فَإنَّ جَمِيعَ الأعْمالِ الصّالِحَةِ داخِلَةٌ في الخَيْرِ عِنْدَهم.
﴿قُلِ﴾ لَهم بَعْدَ بَيانِ حَقِيقَةِ الحالِ عَلى وجْهِ التَّهْدِيدِ ﴿انْتَظِرُوا﴾ ما تَنْتَظِرُونَهُ مِن إتْيانِ أحَدِ هَذِهِ الأُمُورِ ﴿إنّا مُنْتَظِرُونَ﴾ (158) لِذَلِكَ وحِينَئِذٍ نَفُوزُ وتَهْلَكُونَ قِيلَ: في هَذا تَأْيِيدٌ لِكَوْنِ المُرادِ بِما يَنْتَظِرُونَهُ إتْيانَ مَلائِكَةِ العَذابِ أوِ إتْيانَ أمْرِهِ تَعالى بِهِ وعِدَةً ضِمْنِيَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ بِمُعايَنَتِهِمْ بِما يَحِيقُ (p-68)بِالكَفَرَةِ مِنَ العِقابِ ولَعَلَّ ذَلِكَ هو الَّذِي شاهَدُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ.
{"ayah":"هَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّاۤ أَن تَأۡتِیَهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَوۡ یَأۡتِیَ رَبُّكَ أَوۡ یَأۡتِیَ بَعۡضُ ءَایَـٰتِ رَبِّكَۗ یَوۡمَ یَأۡتِی بَعۡضُ ءَایَـٰتِ رَبِّكَ لَا یَنفَعُ نَفۡسًا إِیمَـٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِیۤ إِیمَـٰنِهَا خَیۡرࣰاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوۤا۟ إِنَّا مُنتَظِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق