الباحث القرآني

دليل على نبوتها كما تقدم. و "إِذْ" "مُتَعَلِّقَةٌ بِ" يَخْتَصِمُونَ". وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِقَوْلِهِ: "وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ". (بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) وَقَرَأَ أَبُو السَّمَّانِ "بِكَلِمَةٍ مِنْهُ"، وَقَدْ تَقَدَّمَ. (اسْمُهُ الْمَسِيحُ) وَلَمْ يَقُلِ اسْمُهَا لِأَنَّ مَعْنَى كَلِمَةٍ مَعْنَى وَلَدٍ. وَالْمَسِيحُ لَقَبٌ لِعِيسَى وَمَعْنَاهُ الصِّدِّيقُ، قَالَهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. وَهُوَ فِيمَا يُقَالُ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ الشِّينُ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَالْمَسِيحُ الْعِرْقُ، وَالْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ، وَالْمَسِيحُ الدِّرْهَمُ الْأَطْلَسُ [[كذا في بعض النسخ والمصباح، وفى اللسان: الطلس: المحو، والطلس كتاب قد محي ولم ينعم محوه، ثم قال: والأطلس الثوب الخلق. وفى ز: الدرهم الأملس لا نقش عليه.]] لَا نَقْشَ فِيهِ وَالْمَسْحُ الْجِمَاعُ، يُقَالُ مَسَحَهَا [[الظاهر أن هنا سقطا كأن الأصل: يقال مسحها إذا جامعها.]]. وَالْأَمْسَحُ: الْمَكَانُ الْأَمْلَسُ. وَالْمَسْحَاءُ الْمَرْأَةُ الرَّسْحَاءُ الَّتِي لا إست لها. وبفلان مسحة من جمال. والمسائح قسي جياد، واحدتها مسيحة. قال: لَهَا مَسَائِحُ زُورٌ فِي مَرَاكِضِهَا ... لِينٌ وَلَيْسَ بِهَا وَهْنٌ وَلَا رَقَقُ [[زور: جمع زوراء وهى المائلة. والوهن الضعف، والرقق: ضعف العظام.]] وَاخْتُلِفَ فِي الْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ مِمَّا ذَا أُخِذَ، فَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَسَحَ الْأَرْضَ، أَيْ ذَهَبَ فِيهَا فَلَمْ يَسْتَكِنَّ بِكِنٍّ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ، فَكَأَنَّهُ سُمِّيَ مَسِيحًا لِذَلِكَ، فَهُوَ عَلَى هَذَا فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ بِدُهْنِ الْبَرَكَةِ، كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَمْسَحُ بِهِ، طَيِّبِ الرَّائِحَةِ، فَإِذَا مَسَحَ بِهِ عُلِمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ مَمْسُوحَ الْأَخْمَصَيْنِ. وَقِيلَ: لِأَنَّ الْجَمَالَ مَسَحَهُ، أَيْ أَصَابَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالطُّهْرِ [[في ز: التطهر في ب ود: التطهير.]] مِنَ الذُّنُوبِ. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: الْمَسِيحُ ضِدُّ الْمَسِيخِ، يُقَالُ: مَسَحَهُ اللَّهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا مُبَارَكًا، وَمَسَخَهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا مَلْعُونًا قَبِيحًا. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ، وَالْمَسِيخُ الْأَعْوَرُ، وَبِهِ سُمِّيَ الدَّجَّالُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمَسِيحُ أَصْلُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَشِيحَا بِالشِّينِ فَعُرِّبَ كَمَا عُرِّبَ مُوشَى بِمُوسَى. وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَسُمِّيَ مَسِيحًا [[في ز، د: مسيخا- بالمعجمة- وأنه ممسوخ إحدى العينين.]] لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ. وَقَدْ قِيلَ فِي الدَّجَّالِ مِسِّيحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَشَدِّ السِّينِ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ كَذَلِكَ بِالْخَاءِ الْمَنْقُوطَةِ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَسِيخٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالْخَاءِ وَالتَّخْفِيفِ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يَسِيحُ فِي الْأَرْضِ أَيْ يَطُوفُهَا وَيَدْخُلُ جميع بلدانها إلا مكة والمدينة وبئت الْمَقْدِسِ، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، فَالدَّجَّالُ يَمْسَحُ الْأَرْضَ مِحْنَةً، وَابْنُ مَرْيَمَ يَمْسَحُهَا مِنْحَةً. وَعَلَى أَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَقَالَ الشاعر: إن المسيح يقتل المسيحا وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ) الْحَدِيثَ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (إِلَّا الْكَعْبَةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ) ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ. وَزَادَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ (وَمَسْجِدَ الطُّورِ)، رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جندب عن النبي ﷺ (وَأَنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَى الأرض كلها إلا الحرم وبئت الْمَقْدِسِ وَأَنَّهُ يَحْصُرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ). وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: (فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ، مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ [[قوله: مهرودتين، أي في شقتين أو حلتين. وقيل: الثوب المهرود الذي يصبغ بالورس ثم بالزعفران.]] وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ [[الجمان (بضم الجيم وتخفيف الميم): حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار.]] كَاللُّؤْلُؤِ فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابٍ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ ([[لد (بضم اللام وتشديد الدال): قرية في فلسطين قريبة من بيت المقدس.]] الْحَدِيثَ [[راجع صحيح مسلم ج ٢ ص ٣٧٦ طبع بولاق.]] بِطُولِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمَسِيحَ اسْمٌ لِعِيسَى غَيْرُ مُشْتَقٍّ سَمَّاهُ اللَّهُ بِهِ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عِيسَى بَدَلًا مِنَ الْمَسِيحِ مِنَ الْبَدَلِ الَّذِي هُوَ هُوَ. وَعِيسَى اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ فَلِذَلِكَ لَمْ يَنْصَرِفْ وَإِنْ جَعَلْتَهُ عَرَبِيًّا لَمْ يَنْصَرِفْ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ، لِأَنَّ فِيهِ أَلِفَ. تَأْنِيثٍ. وَيَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ عَاسَهُ يَعُوسُهُ إِذَا سَاسَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ. (وَجِيهاً) أَيْ شَرِيفًا ذَا جَاهٍ وَقَدْرٍ، وَانْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ، قَالَهُ الْأَخْفَشُ. (وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى "وَجِيهاً" أَيْ وَمُقَرَّبًا، قَالَهُ الْأَخْفَشُ. وَجَمْعُ وَجِيهٍ وُجَهَاءُ وَوِجْهَاءُ. (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ) عَطْفٌ عَلَى "وَجِيهاً" قَالَهُ الْأَخْفَشُ أَيْضًا. وَ (الْمَهْدِ) مَضْجَعُ الصَّبِيِّ فِي رَضَاعِهِ. وَمَهَّدْتُ الْأَمْرَ هَيَّأْتُهُ ووطأته. وفي التنزيل ﴿فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ [الروم: ٤٤] [[راجع القرطبي ج ١٤ ص ٤٤.]]. وَامْتَهَدَ الشَّيْءُ ارْتَفَعَ كَمَا يُمْتَهَدُ سَنَامُ الْبَعِيرِ. (وَكَهْلًا) الْكَهْلُ بَيْنَ حَالِ الْغُلُومَةِ وَحَالِ الشَّيْخُوخَةِ. وَامْرَأَةٌ كَهْلَةٌ. وَاكْتَهَلَتِ الرَّوْضَةُ إِذَا عَمَّهَا النُّورُ. يَقُولُ: يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ آيَةً، وَيُكَلِّمُهُمْ كَهْلًا بِالْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: كَلَّمَهُمْ فِي الْمَهْدِ حِينَ بَرَّأَ أُمَّهُ فَقَالَ: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ [مريم: ٣٠] [[راجع ج ١١ ص ١٠٢.]] الآية. وأما كلامه وهو كهل فإذا أنزل اللَّهُ تَعَالَى [مِنَ السَّمَاءِ] [[الزيادة عن البحر لابي حيان.]] أَنْزَلَهُ عَلَى صُورَةِ ابْنِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَهُوَ الْكَهْلُ فَيَقُولُ لَهُمْ: "إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ" كَمَا قَالَ فِي الْمَهْدِ. فَهَاتَانِ آيَتَانِ وَحُجَّتَانِ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَفَائِدَةُ الْآيَةِ أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يُكَلِّمُهُمْ فِي الْمَهْدِ وَيَعِيشُ إِلَى أَنْ يُكَلِّمَهُمْ كَهْلًا، إِذْ كَانَتِ الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ في المهد لم يعش. قَالَ الزَّجَّاجُ: "وَكَهْلًا" بِمَعْنَى وَيُكَلِّمُ النَّاسَ كَهْلًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْأَخْفَشُ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى "وَجِيهاً". وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَيُكَلِّمُ النَّاسَ صَغِيرًا وَكَهْلًا. وَرَوَى ابن جريح عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الْكَهْلُ الْحَلِيمُ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا الْكَهْلُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ نَاهَزَ الْأَرْبَعِينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَالُ لَهُ حَدَثٌ إِلَى سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. ثُمَّ شَابٌّ إِلَى اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. ثُمَّ يَكْتَهِلُ فِي ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، قَالَهُ الْأَخْفَشُ. (وَمِنَ الصَّالِحِينَ) عَطْفٌ عَلَى "وَجِيهاً" أَيْ وَهُوَ مِنَ الْعُبَّادِ الصَّالِحِينَ. ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يِسَافَ. قَالَ: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيسَى وَصَاحِبُ يُوسُفَ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، كَذَا قَالَ: "وَصَاحِبُ يُوسُفَ". وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ وَصَاحِبُ الْجَبَّارِ وَبَيْنَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، بِطُولِهِ [[راجع صحيح مسلم ج ٢ ص ٢٧٦ طبع بولاق راجع ج ١٩.]]. وَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ صُهَيْبٍ فِي قِصَّةِ الأخدود (أن امرأة جئ بِهَا لِتُلْقَى فِي النَّارِ عَلَى إِيمَانِهَا وَمَعَهَا صَبِيٌّ). فِي غَيْرِ كِتَابِ مُسْلِمٍ (يَرْضَعُ فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا فَقَالَ الْغُلَامُ يَا أُمَّهُ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ). وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ سِتَّةٌ: شَاهِدُ يُوسُفَ وَصَبِيُّ مَاشِطَةِ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ وَعِيسَى وَيَحْيَى وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ وَصَاحِبُ الجبار. ولم يذكر الأخدود، فأسقط صاحب لاخدود وَبِهِ يَكُونُ الْمُتَكَلِّمُونَ سَبْعَةً. وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ) بِالْحَصْرِ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا كَانَ فِي عِلْمِهِ مِمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَ بِهِ. قُلْتُ: أَمَّا صَاحِبُ يُوسُفَ فَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَأَمَّا صَاحِبُ جُرَيْجٍ وَصَاحِبُ الْجَبَّارِ وَصَاحِبُ الْأُخْدُودِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. وَسَتَأْتِي قِصَّةُ الْأُخْدُودِ فِي سُورَةِ "الْبُرُوجِ" [[راجع ج ١٩ ص ٢٨٤.]] إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا صَبِيُّ مَاشِطَةِ [امْرَأَةِ] فِرْعَوْنَ، فَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَمَّا أُسْرِيَ بِي سِرْتُ فِي رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ قالوا ماشطة ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلَادُهَا سَقَطَ مُشْطُهَا مِنْ يَدَيْهَا فقالت: بسم الله فقالت ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّكِ وَرَبُّ أبيك. قالت: أو لك رَبٌّ غَيْرُ أَبِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّكِ وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ- قَالَ- فَدَعَاهَا فِرْعَوْنُ فَقَالَ: أَلَكِ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ- قَالَ- فَأَمَرَ بِنُقْرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا لِتُلْقَى فِيهَا قَالَتْ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَتْ: تَجْمَعُ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ قَالَ: ذَاكَ لَكِ لِمَا لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ. فَأَمَرَ [[يبدو هنا سقط في كل الأصول، فقوله: واحدا بعد واحد من قصة أصحاب الأخدود لأصله له بما قبله. راجع ج ١٩ ص ٢٨٦.]] بِهِمْ فَأُلْقُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى بَلَغَ رَضِيعًا فِيهِمْ فَقَالَ قَعِيَ يَا أُمَّهُ وَلَا تَقَاعَسِي فَإِنَّا عَلَى الْحَقِّ- قَالَ- وَتَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ: هَذَا وَشَاهِدُ يُوسُفَ وصاحب جريج وعيسى ابن مريم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب