الباحث القرآني

ولَمّا كانَ ذَلِكَ قَدْ لا يَقْتَضِي خَرْقَ العاداتِ قالَ: ﴿ويُكَلِّمُ النّاسَ﴾ أيْ مَن كَلَّمَهُ مِن جَمِيعِ هَذا النَّوْعِ، بِأيِّ لِسانٍ كانَ كَلِمُهُ، حالَ كَوْنِهِ ﴿فِي المَهْدِ﴾ قالَ الحَرالِّيُّ: هو مَوْطِنُ الهُدُوءِ والسُّكُونِ لِلْمُتَحَسِّسِ اللَّطِيفِ الَّذِي يَكُونُ بِذَلِكَ السُّكُونِ والهُدُوِّ قِوامُهُ. انْتَهى. وبَشَّرَها بِطُولِ حَياتِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿وكَهْلا﴾ أيْ بَعْدَ نُزُولِهِ مِنَ السَّماءِ في خاتِمَةِ اليَوْمِ المُحَمَّدِيِّ، ويَكُونُ كَلامُهُ في الحالَتَيْنِ كَلامَ الأنْبِياءِ مِن غَيْرِ تَفاوُتٍ. (p-٣٩٩)قالَ الحَرالِّيُّ: والكُهُولَةُ سِنٌّ مِن أسْنانِ أرابِيعِ الإنْسانِ، وتَحْقِيقُ حَدِّهِ أنَّهُ الرُّبُعُ الثّالِثُ المُوتِرُ لِشَفْعِ مُتَقَدِّمِ سِنِيهِ مِنَ الصِّبا والشَّبابِ فَهو خَيْرُ عُمْرِهِ، يَكُونُ فِيمَن عُمْرُهُ ألْفُ شَهْرٍ - بِضْعٌ وثَمانُونَ سَنَةً - مِن حَدِّ نَيِّفٍ وأرْبَعِينَ إلى بِضْعٍ وسِتِّينَ، إذا قُسِّمَ الأرْباعُ لِكُلِّ رُبُعٍ إحْدى وعِشْرُونَ سَنَةً صِبًا، وإحْدى وعِشْرُونَ شَبابًا، وإحْدى وعِشْرُونَ كُهُولَةً، وإحْدى وعِشْرُونَ شُيُوخَةً، فَذَلِكَ بِضْعٌ وثَمانُونَ سَنَةً. انْتَهى. وهَذا تَحْقِيقُ ما اخْتَلَفَ مِن كَلامِ أهْلِ اللُّغَةِ، وقَرِيبٌ مِنهُ قَوْلُ الإمامِ أبِي مَنصُورٍ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أحْمَدَ الثَّعالِبِيِّ في البابِ الرّابِعَ عَشَرَ مِن كِتابِهِ (فِقْهُ اللُّغَةِ): ثُمَّ ما دامَ بَيْنَ الثَّلاثِينَ والأرْبَعِينَ فَهو شابٌّ، ثُمَّ كَهْلٌ إلى أنْ يَسْتَوْفِيَ السِّتِّينَ؛ ويُقالُ: شابَ الرَّجُلُ، ثُمَّ شَمِطَ، ثُمَّ شاخَ، ثُمَّ كَبُرَ. انْتَهى. والكَهْلُ - قالَ أهْلُ اللُّغَةِ - مَأْخُوذٌ مِنِ: اكْتَهَلَ النَّباتُ - إذا تَمَّ طُولُهُ قَبْلَ أنْ يَهِيجَ، وكَلامُ الفُقَهاءِ لا يُخالِفُهُ، فَإنَّ مَبْناهُ العُرْفُ، فالنَّصُّ عَلى كُهُولَتِهِ إشارَةٌ لِأُمِّهِ بِأنَّهُ مَمْنُوعٌ مِن أعْدائِهِ إذا قَصَدُوهُ، وتَنْبِيهٌ عَلى أنَّ دَعْواهم لِصَلْبِهِ كاذِبَةٌ. (p-٤٠٠)ولَمّا كانَتْ رُتْبَةُ الصَّلاحِ في غايَةِ العَظَمَةِ قالَ مُشِيرًا إلى عُلُوِّ مِقْدارِها: ﴿ومِنَ الصّالِحِينَ﴾ ومُعْلِمًا بِأنَّها مُحِيطَةٌ بِأمْرِهِ، شامِلَةٌ لِآخِرِ عُمْرِهِ، كَما كانَتْ مُقارِنَةً لِأوَّلِهِ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب