قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ قالَتِ المَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ وفي تَسْمِيَتِهِ بِالمَسِيحِ قَوْلانِ: (p-٣٩٤)
أحَدُهُما: لِأنَّهُ مُسِحَ بِالبَرَكَةِ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ وسَعِيدٍ.
والثّانِي: أنَّهُ مُسِحَ بِالتَّطَهُّرِ مِنَ الذُّنُوبِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيُكَلِّمُ النّاسَ في المَهْدِ﴾ وفي سَبَبِ كَلامِهِ في المَهْدِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: لِتَنْزِيهِ أُمِّهِ مِمّا قُذِفَتْ بِهِ.
والثّانِي: لِظُهُورِ مُعْجِزَتِهِ.
واخْتَلَفُوا: هَلْ كانَ في وقْتِ كَلامِهِ في المَهْدِ نَبِيًّا؟ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: كانَ في ذَلِكَ الوَقْتِ نَبِيًّا لِظُهُورِ المُعْجِزَةِ مِنهُ.
والثّانِي: أنَّهُ لَمْ يَكُنْ في ذَلِكَ الوَقْتِ نَبِيًّا وإنَّما جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ تَأْسِيسًا لِنُبُوَّتِهِ.
والمَهْدُ: مَضْجَعُ الصَّبِيِّ، مَأْخُوذٌ مِنَ التَّمْهِيدِ.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَكَهْلا﴾ وفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ المُرادَ بِالكَهْلِ الحَلِيمُ، وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ.
والثّانِي: أنَّهُ أرادَ الكَهْلَ في السِّنِّ.
واخْتَلَفُوا: بُلُوغُ أرْبَعٍ وثَلاثِينَ سَنَةً.
والثّانِي: أنَّهُ فَوْقَ حالِ الغُلامِ ودُونَ حالِ الشَّيْخِ، مَأْخُوذٌ مِنَ القُوَّةِ مِن قَوْلِهِمُ: اكْتَهَلَ البَيْتَ إذْ طالَ وقَوِيَ.
فَإنْ قِيلَ: فَما المَعْنى في الإخْبارِ بِكَلامِهِ كَهْلًا وذَلِكَ لا يُسْتَنْكَرُ؟ فَفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُها: أنَّهُ يُكَلِّمُهم كَهْلًا بِالوَحْيِ الَّذِي يَأْتِيهِ مِنَ اللَّهِ تَعالى.
والثّانِي: أنَّهُ يَتَكَلَّمُ صَغِيرًا في المَهْدِ كَلامَ الكَهْلِ في السِّنِّ.
{"ayahs_start":45,"ayahs":["إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَـٰمَرۡیَمُ إِنَّ ٱللَّهَ یُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةࣲ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِیحُ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَ وَجِیهࣰا فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِینَ","وَیُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِی ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلࣰا وَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ","قَالَتۡ رَبِّ أَنَّىٰ یَكُونُ لِی وَلَدࣱ وَلَمۡ یَمۡسَسۡنِی بَشَرࣱۖ قَالَ كَذَ ٰلِكِ ٱللَّهُ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ إِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ"],"ayah":"وَیُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِی ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلࣰا وَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ"}