الباحث القرآني

قَوْلُهُ إذْ قالَتْ بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ وإذْ قالَتِ المَذْكُورِ قَبْلَهُ وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ، وقِيلَ: بَدَلٌ مِن إذْ يَخْتَصِمُونَ وقِيلَ: مَنصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، وقِيلَ: بِقَوْلِهِ: يَخْتَصِمُونَ وقِيلَ: بِقَوْلِهِ: وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ. والمَسِيحُ اخْتُلِفَ فِيهِ مِمّاذا أُخِذَ ؟ فَقِيلَ: مِنَ المَسْحِ؛ لِأنَّهُ مَسَحَ الأرْضَ؛ أيْ: ذَهَبَ فِيها فَلَمْ يَسْتَكِنَّ بِكُنٍّ، وقِيلَ: إنَّهُ كانَ لا يَمْسَحُ ذا عاهَةٍ إلّا بَرِئَ، فَسُمِّيَ مَسِيحًا، فَهو عَلى هَذَيْنِ فَعَيْلٌ بِمَعْنى فاعِلٍ، وقِيلَ: لِأنَّهُ كانَ يَمْسَحُ بِالدُّهْنِ الَّذِي كانَتِ الأنْبِياءُ تَمْسَحُ بِهِ، وقِيلَ: لِأنَّهُ كانَ مَمْسُوحَ الأخْمَصَيْنِ، وقِيلَ: لِأنَّ الجَمالَ مَسَحَهُ، وقِيلَ: لِأنَّهُ مُسِحَ بِالتَّطْهِيرِ مِنَ الذُّنُوبِ، وهو عَلى هَذِهِ الأرْبَعَةِ الأقْوالِ فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ. وقالَ أبُو الهَيْثَمِ: المَسِيحُ ضِدُّ المَسِيخِ بِالخاءِ المُعْجَمَةِ. وقالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ المَسِيحُ الصِّدِّيقُ. وقالَ أبُو عُبَيْدٍ: أصْلُهُ بِالعِبْرانِيَّةِ مَشِيخًا بِالمُعْجَمَتَيْنِ فَعُرِّبَ كَما عُرِّبَ مُوشى بِمُوسى. وأمّا الدَّجّالُ فَسُمِّيَ مَسِيحًا؛ لِأنَّهُ مَمْسُوحُ إحْدى العَيْنَيْنِ، وقِيلَ: لِأنَّهُ يَمْسَحُ الأرْضَ أيْ يَطُوفُ بُلْدانَها إلّا مَكَّةَ والمَدِينَةَ وبَيْتَ المَقْدِسِ. وقَوْلُهُ عِيسى عَطْفُ بَيانٍ أوْ بَدَلٌ وهو اسْمٌ أعْجَمِيٌّ، وقِيلَ: هو عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مَن عاسَهُ يَعُوسُهُ إذا ساسَهُ. قالَ في الكَشّافِ: هو مُعَرَّبٌ مِن أيْشُوعَ انْتَهى. والَّذِي رَأيْناهُ في الإنْجِيلِ في مَواضِعَ أنَّ اسْمَهُ يَشُوعُ بِدُونِ هَمْزَةٍ، وإنَّما قِيلَ ابْنُ مَرْيَمَ مَعَ كَوْنِ الخِطابِ مَعَها (p-٢١٩)تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ يُوَلَدُ مِن غَيْرِ أبٍ فَنُسِبَ إلى أُمِّهِ. والوَجِيهُ ذُو الوَجاهَةِ: وهي القُوَّةُ والمَنَعَةُ، ووَجاهَتُهُ في الدُّنْيا النُّبُوَّةُ، وفي الآخِرَةِ الشَّفاعَةُ وعُلُوُّ الدَّرَجَةِ، وهو مُنْتَصِبٌ عَلى الحالِ مِن كَلِمَةٍ، وإنْ كانَتْ نَكِرَةً فَهي مَوْصُوفَةٌ، وكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ومِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ. قالَ الأخْفَشُ: هو مَعْطُوفٌ عَلى " وجِيهًا " . والمَهْدُ: مَضْجَعُ الصَّبِيِّ في رَضاعِهِ، ومَهَّدْتُ الأمْرَ: هَيَّأْتُهُ ووَطَّأْتُهُ. والكَهْلُ هو مَن كانَ بَيْنَ سِنِّ الشَّبابِ والشَّيْخُوخَةِ؛ أيْ: يُكَلِّمُ النّاسَ حالَ كَوْنِهِ رَضِيعًا في المَهْدِ وحالَ كَوْنِهِ كَهْلًا بِالوَحْيِ والرِّسالَةِ، قالَهُ الزَّجّاجُ. وقالَ الأخْفَشُ والفَرّاءُ: إنَّ كَهْلًا مَعْطُوفٌ عَلى وجِيهًا. قالَ الأخْفَشُ: " ومِنَ الصّالِحِينَ " عَطْفٌ عَلى وجِيهًا؛ أيْ: هو مِنَ العِبادِ الصّالِحِينَ. قَوْلُهُ: ﴿أنّى يَكُونُ لِي ولَدٌ﴾ أيْ: كَيْفَ يَكُونُ عَلى طَرِيقَةِ الِاسْتِبْعادِ العادِيِّ ﴿ولَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ؛ أيْ: والحالُ أنَّهُ عَلى حالَةٍ مُنافِيَةٍ لِلْحالَةِ المُعْتادَةِ مِن كَوْنِ لَهُ أبٌ ﴿قالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ﴾ هو مِن كَلامِ اللَّهِ سُبْحانَهُ. وأصْلُ القَضاءِ الأحْكامُ، وقَدْ تَقَدَّمَ، وهو هُنا الإرادَةُ؛ أيْ: إذا أرادَ أمْرًا مِنَ الأُمُورِ ﴿فَإنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ مِن غَيْرِ عَمَلٍ ولا مُزاوَلَةٍ، وهو تَمْثِيلٌ لِكَمالِ قُدْرَتِهِ. قَوْلُهُ ﴿ويُعَلِّمُهُ الكِتابَ﴾ قِيلَ: هو مَعْطُوفٌ عَلى يُبَشِّرُكِ؛ أيْ: إنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ وإنَّ اللَّهَ يُعَلِّمُهُ، وقِيلَ عَلى " يَخْلُقُ " أيْ: وكَذَلِكَ يُعَلِّمُهُ اللَّهُ، أوْ كَلامٌ مُبْتَدَأٌ سِيقَ تَطْيِيبًا لِقَلْبِها. والكِتابُ الكِتابَةُ. والحِكْمَةُ العِلْمُ، وقِيلَ تَهْذِيبُ الأخْلاقِ، وانْتِصابُ رَسُولًا عَلى تَقْدِيرِ ويَجْعَلُهُ رَسُولًا، أوْ ويُكَلِّمُهم رَسُولًا، أوْ وأرْسَلْتُ رَسُولًا، وقِيلَ: هو مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ: وجِيهًا فَيَكُونُ حالًا لِأنَّ فِيهِ مَعْنى النُّطْقِ أيْ: وناطِقًا، قالَ الأخْفَشُ: وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَ الواوَ في قَوْلِهِ: ورَسُولًا مُقْحَمَةً، والرَّسُولَ حالًا. /٠٥٠ قَوْلُهُ: ﴿أنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ﴾ مَعْمُولٌ لِرَسُولٍ؛ لِأنَّ فِيهِ مَعْنى النُّطْقِ كَما مَرَّ، وقِيلَ أصْلُهُ بِأنِّي قَدْ جِئْتُكم فَحُذِفَ الجارُ، وقِيلَ: مَنصُوبٌ بِمُضْمَرٍ أيْ تَقُولُ أنِّي قَدْ جِئْتُكم، وقِيلَ: مَعْطُوفٌ عَلى الأحْوالِ السّابِقَةِ. وقَوْلُهُ بِآيَةٍ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ؛ أيْ: مُتَلَبِّسًا بِعَلامَةٍ كائِنَةٍ مِن رَبِّكم. وقَوْلُهُ: أنِّي أخْلُقُ أيْ أُصَوِّرُ وأُقَدِّرُ ﴿لَكم مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ وهَذِهِ الجُمْلَةُ بَدَلٌ مِنَ الجُمْلَةِ الأُولى، وهي ﴿أنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ﴾ أوْ بَدَلٌ مِن آيَةٍ أوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: هي أنِّي، وقُرِئَ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ عَلى الِاسْتِئْنافِ. وقَرَأ الأعْرَجُ وأبُو جَعْفَرٍ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِالتَّشْدِيدِ، والكافُ في قَوْلِهِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ نَعْتُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: أخْلُقُ لَكم خَلْقًا أوْ شَيْئًا مِثْلَ هَيْئَةِ الطَّيْرِ. وقَوْلُهُ: فَأنْفُخُ فِيهِ أيْ في ذَلِكَ الخَلْقِ، أوْ ذَلِكَ الشَّيْءِ فالضَّمِيرُ راجِعٌ إلى الكافِ في قَوْلِهِ: كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ راجِعٌ إلى الطَّيْرِ؛ أيِ: الواحِدُ مِنهُ، وقِيلَ إلى الطِّينِ، وقُرِئَ: فَيَكُونُ طائِرًا وطَيْرًا، مِثْلَ تاجِرٍ وتَجْرٍ، وقِيلَ إنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ غَيْرَ الخُفّاشِ لِما فِيهِ مِن عَجائِبِ الصَّنْعَةِ. فَإنَّ لَهُ ثَدْيًا وأسْنانًا وأُذُنًا ويَحِيضُ ويَطْهُرُ، وقِيلَ إنَّهم طَلَبُوا خَلْقَ الخُفّاشِ لِما فِيهِ مِنَ العَجائِبِ المَذْكُورَةِ، ولِكَوْنِهِ يَطِيرُ بِغَيْرِ رِيشٍ، ويَلِدُ كَما يَلِدُ سائِرُ الحَيَواناتِ مَعَ كَوْنِهِ مِنَ الطَّيْرِ، ولا يَبِيضُ كَما يَبِيضُ سائِرُ الطُّيُورِ، ولا يُبْصِرُ في ضَوْءِ النَّهارِ ولا في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وإنَّما يَرى في ساعَتَيْنِ: بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ساعَةً، وبَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ ساعَةً، وهو يَضْحَكُ كَما يَضْحَكُ الإنْسانُ، وقِيلَ إنَّ سُؤالَهم لَهُ كانَ عَلى وجْهِ التَّعَنُّتِ، قِيلَ كانَ يَطِيرُ ما دامَ النّاسُ يَنْظُرُونَهُ، فَإذا غابَ عَنْ أعْيُنِهِمْ سَقَطَ مَيِّتًا لِيَتَمَيَّزَ فِعْلُ اللَّهِ مِن فِعْلِ غَيْرِهِ وقَوْلُهُ " بِإذْنِ اللَّهِ " فِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّهُ لَوْلا الإذْنُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ لَمْ يَقْدِرْ عَلى ذَلِكَ، وأنَّ خَلْقَ ذَلِكَ كانَ بِفِعْلِ اللَّهِ سُبْحانَهُ أجْراهُ عَلى يَدِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، قِيلَ: كانَتْ تَسْوِيَةُ الطِّينِ والنَّفْخِ مِن عِيسى، والخَلْقُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. قَوْلُهُ: ﴿وأُبْرِئُ الأكْمَهَ﴾ الأكْمَهُ: الَّذِي يُولَدُ أعْمى، كَذا قالَ أبُو عُبَيْدَةَ. وقالَ ابْنُ فارِسٍ: الكَمَهُ العَمى يُوَلَدُ بِهِ الإنْسانُ وقَدْ يَعْرِضُ، يُقالُ: كَمِهَ يَكْمَهُ كَمَهًا: إذا عَمِيَ، وكَمِهْتُ عَيْنَهُ: إذا أعْمَيْتَها، وقِيلَ الأكْمَهُ: الَّذِي يُبْصِرُ بِالنَّهارِ ولا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ، وقِيلَ: هو المَمْسُوحُ العَيْنِ. والبَرَصُ مَعْرُوفٌ وهو بَياضٌ يَظْهَرُ في الجِلْدِ. وقَدْ كانَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ يُبْرِئُ مِن أمْراضٍ عِدَّةٍ كَما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الإنْجِيلُ، وإنَّما خَصَّ اللَّهُ سُبْحانَهُ هَذَيْنِ المَرَضَيْنِ بِالذِّكْرِ؛ لِأنَّهُما لا يَبْرَآنِ في الغالِبِ بِالمُداواةِ، وكَذَلِكَ إحْياءُ المَوْتى قَدِ اشْتَمَلَ الإنْجِيلُ عَلى قَصَصٍ مِن ذَلِكَ. قَوْلُهُ: ﴿وأُنَبِّئُكم بِما تَأْكُلُونَ﴾ أيْ أخْبِرُكم بِالَّذِي تَأْكُلُونَهُ وبِالَّذِي تَدَّخِرُونَهُ. قَوْلُهُ: ومُصَدِّقًا عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ: ورَسُولًا وقِيلَ: المَعْنى وجِئْتُكم مُصَدِّقًا. قَوْلُهُ: ولِأُحِلَّ أيْ ولِأجْلِ أنْ أُحِلَّ؛ أيْ: جِئْتُكم بِآيَةٍ مِن رَبِّكم وجِئْتُكم لِأُحِلَّ لَكم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكم مِنَ الأطْعِمَةِ في التَّوْراةِ كالشُّحُومِ وكُلِّ ذِي ظُفُرٍ، وقِيلَ: إنَّما أحَلَّ لَهم ما حَرَّمَتْهُ عَلَيْهِمُ الأحْبارُ ولَمْ تُحَرِّمْهُ التَّوْراةُ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ " بَعْضَ " بِمَعْنى " كُلَّ "، وأنْشَدَ: ؎تَرّاكُ أمْكِنَةٍ إذا لَمْ أرْضَها أوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمامُها . قالَ القُرْطُبِيُّ: وهَذا القَوْلُ غَلَطٌ عِنْدَ أهْلِ النَّظَرِ مِن أهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأنَّ البَعْضَ والجُزْءَ لا يَكُونانِ بِمَعْنى الكُلِّ، ولِأنَّ عِيسى لَمْ يُحَلِّلْ لَهم جَمِيعَ ما حَرَّمَتْهُ عَلَيْهِمُ التَّوْراةُ، فَإنَّهُ لَمْ يُحَلِّلِ القَتْلَ ولا السَّرَقَ ولا الفاحِشَةَ وغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ المُحَرَّماتِ الثّابِتَةِ في الإنْجِيلِ مَعَ كَوْنِها ثابِتَةً في التَّوْراةِ، وهي كَثِيرَةٌ يَعْرِفُ ذَلِكَ مِن يَعْرِفُ الكِتابَيْنِ، ولَكِنَّهُ قَدْ يَقَعُ البَعْضُ مَوْقِعَ الكُلِّ مَعَ القَرِينَةِ كَقَوْلِ الشّاعِرِ: ؎أبا مُنْذِرٍ أفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنا ∗∗∗ حَنانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أهْوَنُ مِن بَعْضِ أيْ بَعْضُ الشَّرِّ أهْوَنُ مِن كُلِّهِ. قَوْلُهُ: ﴿بِآيَةٍ مِن رَبِّكُمْ﴾ هي قَوْلُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ رَبِّي ورَبُّكُمْ﴾ وإنَّما كانَ ذَلِكَ آيَةً؛ لِأنَّ مَن قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ كانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ، فَمَجِيئُهُ بِما جاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ يَكُونُ عَلامَةً عَلى نُبُوَّتِهِ. ويَحْتَمِلُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الآيَةَ المُتَقَدِّمَةَ فَتَكُونُ تَكْرِيرًا لِقَوْلِهِ: ﴿أنِّي قَدْ جِئْتُكم بِآيَةٍ مِن رَبِّكم أنِّي أخْلُقُ لَكم مِنَ الطِّينِ﴾ الآيَةَ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: بِكَلِمَةٍ قالَ: عِيسى هو الكَلِمَةُ مِنَ (p-٢٢٠)اللَّهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: المَهْدُ: مَضْجَعُ الصَّبِيِّ في رَضاعِهِ. وقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحِ أنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إلّا ثَلاثَةٌ: عِيسى، وكانَ في بَنِي إسْرائِيلَ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ جُرَيْجٌ كانَ يُصَلِّي، فَجاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَقالَ: أُجِيبُها أوْ أُصَلِّي ؟ فَقالَتْ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْهُ حَتّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِساتِ، وكانَ جُرَيْجٌ في صَوْمَعَةٍ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأةٌ وكَلَّمَتْهُ فَأبى، فَأتَتْ راعِيًا فَأمْكَنَتْهُ مِن نَفْسِها فَوَلَدَتْ غُلامًا فَقالَتْ: مِن جُرَيْجٍ، فَأتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وأنْزَلُوهُ وسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأ وصَلّى ثُمَّ أتى الغُلامَ فَقالَ: مَن أبُوكَ يا غُلامُ ؟ قالَ: الرّاعِي. قالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِن ذَهَبٍ ؟ قالَ: لا إلّا مِن طِينٍ. وكانَتِ امْرَأةٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ تُرْضِعُ ابْنًا لَها، فَمَرَّ بِها رَجُلٌ راكِبٌ ذُو شارَةٍ فَقالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَتَرَكَ ثَدْيَها وأقْبَلَ عَلى الرّاكِبِ فَقالَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ عَلى ثَدْيِها يَمُصُّهُ، ثُمَّ مَرَّ بِأمَةٍ تُجَرْجَرُ ويُلْعَبُ بِها فَقالَتْ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ، فَتَرَكَ ثَدْيَها فَقالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَها، فَقالَتْ: لِمَ ذاكَ ؟ فَقالَ: الرّاكِبُ جَبّارٌ مِنَ الجَبابِرَةِ، وهَذِهِ الأمَةُ يَقُولُونَ لَها: زَنَيْتِ، وتَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ. ويَقُولُونَ: سَرَقْتِ. وتَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إلّا عِيسى، وشاهِدُ يُوسُفَ، وصاحِبُ جُرَيْجٍ، وابْنُ ماشِطَةِ فِرْعَوْنَ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ويُكَلِّمُ النّاسَ في المَهْدِ وكَهْلًا﴾ قالَ: يُكَلِّمُهم صَغِيرًا وكَبِيرًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الكَهْلُ هو مَن في سِنِّ الكُهُولَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الكَهْلُ الحَلِيمُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويُعَلِّمُهُ الكِتابَ﴾ قالَ: الخَطُّ بِالقَلَمِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّما خَلَقَ عِيسى طائِرًا واحِدًا وهو الخُفّاشُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ الضَّحّاكِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الأكْمَهُ الَّذِي يُولَدُ أعْمى. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ قالَ: الأكْمَهُ الأعْمى المَمْسُوحُ العَيْنَيْنِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الأكْمَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِالنَّهارِ ولا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ. وأخْرَجُوا عَنْ عِكْرِمَةَ قالُوا: الأكْمَهُ الأعْمَشُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ في الزُّهْدِ عَنْ خالِدٍ الحَذّاءِ قالَ: كانَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ إذا سَرَّحَ رُسُلَهُ يُحْيُونَ المَوْتى يَقُولُ لَهم قُولُوا كَذا، فَإذا وجَدْتُمْ قَشْعَرِيرَةً ودَمْعَةً فادْعُوا عِنْدَ ذَلِكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأُنَبِّئُكم بِما تَأْكُلُونَ﴾ قالَ: بِما أكَلْتُمُ البارِحَةَ مِن طَعامٍ وما خَبَّأْتُمْ مِنهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ قالَ أُنَبِّئُكم بِما تَأْكُلُونَ مِنَ المائِدَةِ وما تَدَّخِرُونَ مِنها، وكانَ أخَذَ عَلَيْهِمْ في المائِدَةِ حِينَ نَزَلَتْ أنْ يَأْكُلُوا ولا يَدَّخِرُوا، فَأكَلُوا وادَّخَرُوا وخانُوا، فَجُعِلُوا قِرَدَةً وخَنازِيرَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ وهْبٍ أنَّ عِيسى كانَ عَلى شَرِيعَةِ مُوسى، وكانَ يُسْبِتُ ويَسْتَقْبِلُ بَيْتَ المَقْدِسِ، وقالَ لِبَنِي إسْرائِيلَ: إنِّي لَمْ أدْعُكم إلى خِلافِ حَرْفٍ مِمّا في التَّوْراةِ إلّا لِأحِلَّ لَكم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكم وأضَعَ عَنْكم مِنَ الآصارِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ في الآيَةِ: قالَ: كانَ الَّذِي جاءَ بِهِ عِيسى ألَيْنُ مِمّا جاءَ بِهِ مُوسى، وكانَ قَدْ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ فِيما جاءَ بِهِ مُوسى لُحُومُ الإبِلِ والثُّرُوبِ، فَأحَلَّها لَهم عَلى لِسانِ عِيسى، وحَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ فَأُحِلَّتْ لَهم فِيما جاءَ بِهِ عِيسى، وفي أشْياءَ مِنَ السَّمَكِ، وفي أشْياءَ مِنَ الطَّيْرِ، وفي أشْياءَ أُخَرَ حَرَّمَها عَلَيْهِمْ وشَدَّدَ عَلَيْهِمْ فِيها، فَجاءَهم عِيسى بِالتَّخْفِيفِ مِنهُ في الإنْجِيلِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وجِئْتُكم بِآيَةٍ مِن رَبِّكم﴾ قالَ: ما بَيَّنَ لَهم عِيسى مِنَ الأشْياءِ كُلِّها وما أعْطاهُ رَبُّهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب