الباحث القرآني
﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَیَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ﴾ - نزول الآية
٥٣٨٤٣- عن أُبَيّ بن كعب، قال: لَمّا قدِم رسولُ الله ﷺ وأصحابُه المدينةَ، وآوتهم الأنصارُ؛ رَمَتْهُم العربُ عن قوسٍ واحدة، فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح، ولا يُصبحون إلا فيه، فقالوا: أترون أنّا نعيشُ حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله؟ فنزلت: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات﴾ الآية[[أخرجه الحاكم ٢/٤٣٤ (٣٥١٢)، والطبراني في الأوسط ٧/١١٩، وابن مردويه -كما في تخريج أحاديث الكشاف ٢/٤٤٧-. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٨٣ (١١٢٣٧): «رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات».]]. (١١/٩٨)
٥٣٨٤٤- عن أُبَيّ بن كعب، قال: لَمّا نزلت على النبيِّ ﷺ: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات﴾ الآية؛ قال: «بَشِّر هذه الأُمَّةَ بالسَّنا، والرِّفعة، والدين، والنصر، والتمكين في الأرض، فمَن عمل مِنهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة مِن نصيب»[[أخرجه أحمد ٣٥/١٤٤-١٤٥ (٢١٢٢٠)، وابن حبان ٢/١٣٢ (٤٠٥)، والحاكم ٤/٣٤٦ (٧٨٦٢) جميعهم دون الآية. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه واللفظ له. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/٢٢٠ (١٧٦٤٦): «رواه أحمد وابنه من طرق، ورجال أحمد رجال الصحيح». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٧/٣٤٨ (٧٠٢٩): «رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، ورواته ثقات».]]. (١١/٩٩)
٥٣٨٤٥- عن البراء بن عازب -من طريق أبي إسحاق- في قوله: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم﴾ الآية، قال: فينا نزلت، ونحن في خوف شديد[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٨ (١٤٧٦٧)، من طريق محمد بن أبي حماد، ثنا الحكم بن بشير، عن عمرو بن قيس، عن أبي إسحاق، عن البراء به. إسناده ضعيف؛ محمد بن أبي حمّاد لا يُعرَف، وأبو إسحاق السبيعي كثير التدليس، كما في جامع التحصيل للعلائي ص٢٤٥.]]. (١١/٩٧)
٥٣٨٤٦- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ، قال: كان النبيُّ ﷺ وأصحابُه بمكة نحوًا مِن عشر سنين، يدعون إلى الله وحده، وعبادته وحده لا شريك له، سِرًّا وهم خائفون، لا يُؤمَرون بالقتال، حتى أُمِروا بالهجرة إلى المدينة، فقَدِموا المدينة، فأمرهم الله بالقتال، وكانوا بها خائفين، يُمْسون في السلاح، ويُصْبِحون في السلاح، فَغَبَروا[[غبروا: بقوا ومكثوا. النهاية (غبر).]] بذلك ما شاء الله، ثم إنّ رجلًا مِن أصحابه قال: يا رسول الله، أبَدَ الدهر نحن خائفون هكذا! أما يأتي علينا يومٌ نأمن فيه، ونضع فيه السلاح؟ فقال رسول الله ﷺ: «لن تغبروا إلا يسيرًا حتى يجلس الرجلُ منكم في الملأ العظيم مُحْتَبِيًا ليست فيهم حديدة». فأنزل الله: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾ إلى آخر الآية، فأظهر الله نبيَّه على جزيرة العرب، فأمِنوا، ووضعوا السلاح، ثمَّ إنّ الله قبض نبيه، فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان، حتى وقعوا فيما وقعوا، وكفروا النِّعمة، فأدخل الله عليهم الخوفَ الذي كان رُفِع عنهم، واتخذوا الحُجَر والشُّرَط، وغيَّروا؛ فغُيِّر ما بهم[[أخرجه ابن جرير ١٧/٣٤٨، وابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٩ (١٤٧٧٢)، واللفظ له. وأورده الثعلبي ٧/١١٥.]]. (١١/٩٨)
٥٣٨٤٧- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾، قال: لَمّا صدَّهم المشركون عن العمرة يومَ الحديبية؛ وعَدَهم اللهُ ﷿ أن يُظْهِرَهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٧.]]. (ز)
٥٣٨٤٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات﴾ وذلك أنّ كُفّار مكة صدُّوا المسلمين عن العمرة عامَ الحديبية، فقال المسلمون: لو أنّ الله ﷿ فتح علينا مكةَ ودخلناها آمنين. فسمع الله ﷿ قولهم؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٢٠٦.]]. (ز)
٥٣٨٤٩- قال مقاتل: لَمّا رجع النبيُّ ﷺ مِن الحديبيّة حزِن أصحابُه، فأطعمهم الله نخلَ خيبر، ووعدهم أن يدخلوا العامَ المقبل مكة آمنين، وأنزل هذه الآية[[تفسير الثعلبي ٧/١١٥.]]. (ز)
٥٣٨٥٠- عن مقاتل بن حيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات﴾: قال بعض المؤمنين: متى يفتح الله على نبيِّه ﷺ مكة، ونأمن في الأرض، ويذهب عنا الجَهْد؟ سمع الله قوله؛ فأنزل الله عند ذلك: ﴿وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات﴾، يعني: أصحاب النبي ﷺ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٧.]]. (ز)
﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ﴾ - تفسير
٥٣٨٥١- عن ميمون بن مهران الجزري، أنّ عمر بن عبد العزيز قال: اللهُ أجلُّ وأعظمُ مِن أن يَتَّخذ في الأرض خليفةً واحدًا، والله يقول: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾، ولكنِّي أثقلكم حملًا لها[[أخرجه يحيى بن سلّام ١/٤٥٩.]]. (ز)
٥٣٨٥٢- عن عطية [العوفي]، ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾، قال: أهل بيت ههنا. وأشار بيده إلى القبلة[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١١/٩٩)
٥٣٨٥٣- عن محمد بن كعب القرظي -من طريق سفيان، عن رجل- ﴿وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾، قال: نزلت في الوُلاة[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٨، وأخرجه الثوري في تفسيره ص٢٢٥ بلفظ: هم الولاة.]]. (ز)
٥٣٨٥٤- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق الهيثم بن يمان، عن رجل- في قوله: ﴿وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾، قال: هم أصحابُ محمد ﷺ، استخلفهم في الأرض[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٧.]]٤٦٩١. (ز)
﴿لَیَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ﴾ - تفسير
٥٣٨٥٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ليستخلفنهم في الأرض﴾، يعني: أرض مكة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٢٠٦.]]. (ز)
٥٣٨٥٦- عن مقاتل بن حيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: ﴿ليستخلفنهم في الأرض﴾: يعني: أرض المدينة[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٨.]]. (ز)
﴿كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ﴾ - قراءات
٥٣٨٥٧- عن عاصم بن أبي النجود أنّه قرأ: ‹لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَما اسْتُخْلِفَ› برفع التاء، وكسر اللام[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وهي قراءة متواترة، قرأ بها أبو بكر عن عاصم، وقرأ بقية العشرة: ﴿كَما اسْتَخْلَفَ﴾ بفتح التاء واللام. ينظر: النشر ٢/٣٣٢، والإتحاف ص٤١٣.]]. (١١/٩٩)
﴿كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ﴾ - تفسير الآية
٥٣٨٥٨- عن كعب الأحبار -من طريق عمرو البكالي- قال: هم اثنا عشر، فإذا كان عند انقضائهم فيُجْعَل مكانَ اثني عشر اثنا عشر مثلهم، وكذلك وعد الله هذه الأمة. فقرأ: ﴿وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾، وكذلك فعل ببني إسرائيل[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٨.]]. (ز)
٥٣٨٥٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿كما استخلف الذين من قبلهم﴾ مِن بني إسرائيل وغيرهم، وعدهم أن يستخلفهم بعد هلاك كُفّار مكة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٢٠٦.]]. (ز)
٥٣٨٦٠- قال يحيى بن سلّام: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾ مِن الأنبياء والمؤمنين[[تفسير يحيى بن سلّام ١/٤٥٨.]]. (ز)
﴿وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ﴾ - قراءات
٥٣٨٦١- عن إسماعيل، عن الحسن [البصري]: ‹ولَيُبْدِلَنَّهُم› مِن أبدلت، وأبي عمرو [بن العلاء]: ﴿ولَيُبَدِّلَنَّهُم﴾ مِن بدّلت[[أخرجه إسحاق البستي في تفسيره ص٤٨٠. ‹ولَيُبْدِلَنَّهُم› بتخفيف الدال قراءة متواترة، قرأ بها ابن كثير، ويعقوب، وأبو بكر عن عاصم، وقرأ بقية العشرة: ﴿ولَيُبَدِّلَنَّهُم﴾ بتشديدها. انظر: النشر ٢/٣٣٣، والإتحاف ص٤١٣.]]. (ز)
٥٣٨٦٢- عن عاصم بن أبي النجود أنّه قرأ: ﴿ولَيُمَكِّنَنَّ﴾ بالياء مثقلة، ‹ولَيُبْدِلَنَّهُم› مخففة بالياء[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. ﴿ولَيُمَكِّنَنَّ﴾ بالياء وتشديد الكاف قراءة العشرة.]]. (١١/٩٩)
﴿وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ﴾ - تفسير الآية
٥٣٨٦٣- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ -من طريق الربيع- قال: ... فأظهر الله نبيَّه على جزيرة العرب، فأمِنوا، ووضعوا السلاح، ثم إنّ الله قبض نبيَّه، فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان، حتى وقعوا فيما وقعوا وكفروا النعمة؛ فأدخل الله عليهم الخوفَ الذي كان رفع عنهم، واتخذوا الحُجَرَ والشُّرَطَ، وغَيَّروا؛ فغُيِّر ما بهم[[أخرجه ابن جرير ١٧/٣٤٨، وابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وسبق ذكره مطولًا في نزول الآية.]]. (١١/٩٨)
٥٣٨٦٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم﴾، قال: هو الإسلام[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٨-٢٦٢٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١١/١٠٠)
٥٣٨٦٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وليمكنن لهم دينهم﴾ الإسلام، حتى يشيع الإسلام ﴿الذي ارتضى لهم﴾ يعني: الذى رَضِي لهم، ﴿وليبدلنهم من بعد خوفهم﴾ مِن كُفّار أهل مكة ﴿أمنا﴾ لا يخافون أحدًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٢٠٦.]]. (ز)
٥٣٨٦٦- عن مقاتل بن حيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: ﴿وليبدلنهم من بعد خوفهم امنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا﴾: فقد فعل الله بهم ذلك وبِمَن كان بعدهم مِن هذه الأمة؛ فمكَّن لهم في الأرض، وأبدلهم أمنًا بعد خوفهم، وبسط لهم في الرزق، ونصرهم على الأعداء[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٩.]]. (ز)
٥٣٨٦٧- قال يحيى بن سلّام: ﴿وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم﴾ أي: سينصرهم بالإسلام حتى يُظهِرهم على الدين كله، فيكونوا الحُكّام على أهل الأديان ...، ﴿وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا﴾ كقوله: ﴿واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس﴾ فارس والروم، ﴿فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات﴾ [الأنفال:٢٦][[تفسير يحيى بن سلّام ١/٤٥٨.]]. (ز)
﴿وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ﴾ - آثار متعلقة بالآية
٥٣٨٦٨- عن عبد الرحمن بن يزيد، عن سليم بن عامر الكلاعي، قال: سمعتُ المقدادَ بن الأسود يقول: سمعتُ رسول الله يقول: «لا يبقى على ظهر الأرض بيتُ مَدَرٍ ولا وبَرٍ[[المَدَر: الطين المتماسك. النهاية (مدر). والوَبَر: صُوفُ الإبل والأَرانب ونَحْوِها. اللسان (وبر).]] إلا أدخله الله كلمةَ الإسلام، بعِزِّ عزيز أو ذُلِّ ذليل، إمّا يُعِزُّهم الله فيجعلهم مِن أهلها، وإما يُذِلُّهم الله فيَدينون لها»[[أخرجه أحمد ٣٩/٢٣٦ (٢٣٨١٤)، والحاكم ٤/٤٧٦ (٨٣٢٤)، وابن حبان ١٥/٩١-٩٣ (٦٦٩٩، ٦٧٠١)، ويحيى بن سلّام ١/٤٥٨-٤٥٩. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه».]]. (ز)
٥٣٨٦٩- عن عدي بن حاتم، قال: بينا أنا عند النبيِّ ﷺ إذ أتاه رجلٌ، فشكى إليه الفاقة، ثم أتاه آخرُ، فشكى إليه قطع السبيل، فقال: «يا عديُّ، هل رأيت الحِيرة؟» قلت: لم أرَها، وقد أُنبِئت عنها. قال: «فإن طالت بك حياةٌ فلَتَرَيَنَّ الظَعِينةَ[[الظعينة: الراحلة التي يُرحَل ويُظْعَنُ عليها. وقيل الظعينة: المرأة في الهَوْدَج، ثم أطلق على الهودج بلا امرأة، وعلى المرأة بلا هودج. النهاية (ظعن).]] ترتحل مِن الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدًا إلا الله». قلتُ فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعّار[[الدّعار: قُطّاع الطريق. النهاية (دعر).]] طيء الذين قد سَعَّروا البلاد؟! «ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى». قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: «كسرى بن هرمز، لئن طالت بك حياة لترين الرجل يُخْرِج مِلْءَ كفِّه مِن ذهب وفضة يطلب مَن يقبله منه فلا يجد أحدًا يقبله منه، وليلقين اللهَ أحدُكم يوم القيامة وليس بينه وبينه ترجمان يترجم، فليقولن له: ألم أبعث إليك رسولًا فيبلغك؟ فيقول: بلى. فيقول: ألم أُعطِك مالًا، وأُفَضِّل عليك؟ فيقول: بلى. فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم». قال عدي: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «اتقوا النارَ، ولو بشق تمرة، فمَن لم يجد فبكلمة طيبة». قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل مِن الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله، وكنت مِمَّن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياةٌ لَتَرَوُنَّ ما قال النبيُّ أبو القاسم ﷺ يخرج ملء كفه[[أخرجه البخاري ٢/١٠٨-١٠٩ (١٤١٣)، ٤/١٩٧-١٩٨ (٣٥٩٥).]]. (ز)
٥٣٨٧٠- عن سفينة، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «الخلافة ثلاثون عامًا، ثم يكون بعد ذلك المُلْك». قال سفينة: أمسك خلافة أبي بكر ﵁ سنتين، وخلافة عمر ﵁ عشر سنين، وخلافة عثمان ﵁ اثني عشر سنة، وخلافة علي ست سنين ﵃[[أخرجه أحمد ٣٦/٢٤٨ (٢١٩١٩)، ٣٦/٢٥٦ (٢١٩٢٨)، وأبو داود ٧/٤٣ (٢٦٤٦، ٢٦٤٧)، والترمذي ٤/٢٨٤ (٢٣٧٥)، وابن حبان ١٥/٣٩٢ (٦٩٤٣)، والحاكم ٣/١٥٦ (٤٦٩٧). قال الترمذي: «هذا حديث حسن».]]. (ز)
﴿یَعۡبُدُونَنِی لَا یُشۡرِكُونَ بِی شَیۡـࣰٔاۚ﴾ - تفسير
٥٣٨٧١- عن عبد الله بن عباس، ﴿يعبدونني لا يشركون بي شيئا﴾، قال: لا يخافون أحدًا غيري[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١١/١٠٠)
٥٣٨٧٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيج- قول الله: ﴿يعبدونني لا يشركون بي شيئا﴾، قال: تلك أُمَّة محمد ﷺ[[أخرجه ابن جرير ١٧/٣٥٠، وابن أبي حاتم ٨/٢٦٣٠.]]. (ز)
٥٣٨٧٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ليث- ﴿يعبدونني لا يشركون بي شيئا﴾، قال: لا يخافون أحدًا غيري[[أخرجه ابن جرير ١٧/٣٥٠. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر. وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٣/٢٩٦ وفيه: لا يحبون غيري.]]. (١١/١٠٠)
٥٣٨٧٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يعبدونني﴾ يعني: يُوَحِّدونني، ﴿لا يشركون بي شيئا﴾ مِن الآلهة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٢٠٦.]]. (ز)
٥٣٨٧٥- عن مقاتل بن حيّان -من طريق بُكَير- قوله: ﴿يعبدونني لا يشركون بي شيئًا﴾: فقد أنجز الله موعده، وبقي دينُ الله في رقابهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٩.]]. (ز)
﴿یَعۡبُدُونَنِی لَا یُشۡرِكُونَ بِی شَیۡـࣰٔاۚ﴾ - آثار متعلقة بالآية
٥٣٨٧٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿يعبدونني لا يشركون بي شيئًا﴾، ذُكِر: أنّ نبي الله ﷺ كان في بعض أسفاره، ورديفه معاذ بن جبل، ليس بينهما إلا آخِرة الرَّحْل، إذ قال نبيُّ الله ﷺ: «يا معاذَ بن جبل». قال: لبيك، يا رسول الله، وسَعْدَيْك. قال: «هل تدري ما حقُّ الله على العباد؟». قال: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنّ حقَّ الله على الناس أن يعبدوه ولا يُشرِكوا به شيئًا». قال: «فهل تدري ما حقُّ الناسِ على الله إذا فعلوا ذلك؟». قال: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنّ حقَّ الناسِ أو العبادِ على الله إذا فعلوا ذلك ألّا يُعَذِّبهم»[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٣٠ (١٤٧٧٤)، والحديث أخرجه البخاري ٤/٢٩ (٢٨٥٦)، ٨/٦٠ (٦٢٦٧)، ٩/١١٤ (٧٣٧٣)، ومسلم ١/٥٨ (٣٠).]]. (ز)
﴿وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ ٥٥﴾ - تفسير
٥٣٨٧٧- عن أبي الشعثاء جابر بن زيد، قال: كنتُ جالِسًا مع حذيفة، وابن مسعود، فقال حذيفةُ: ذَهَب النِّفاق، إنّما كان النِّفاق على عهد رسول الله ﷺ، وإنّما هو اليوم الكفرُ بعد الإيمان. فضحك ابنُ مسعود، ثم قال: بِمَ تقول؟ قال: بهذه الآية: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات﴾ إلى آخر الآية[[أخرجه إسحاق البستي في تفسيره ص٤٨٠. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١١/١٠٠)
٥٣٨٧٨- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ -من طريق الربيع- ﴿ومن كفر بعد ذلك﴾، قال: كَفَر بهذه النعمة، ليس الكُفْر بالله[[أخرجه ابن جرير ١٧/٣٤٨، وابن أبي حاتم ٨/٢٦٣٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١١/١٠٠)
٥٣٨٧٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيج- ﴿ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون﴾، قال: العاصُون[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٣١. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١١/١٠٠)
٥٣٨٨٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ومن كفر بعد ذلك﴾ التمكين في الأرض؛ ﴿فأولئك هم الفاسقون﴾ يعني: العاصين[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٢٠٦.]]. (ز)
٥٣٨٨١- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: ﴿ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون﴾: بلغنا -والله أعلم- أنّه يعني: بِمَن كفر. يقول: مَن كفر هذه النعمةَ التي ذكرها وفعلها بهم، فأنعم بها عليهم؛ ﴿فأولئك هم الفاسقون﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٣٠.]]. (ز)
٥٣٨٨٢- قال يحيى بن سلّام: قال: ﴿يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون﴾، يقول: مَن أقام على كفره بعد هذا الذي أنزلت: ﴿فأولئك هم الفاسقون﴾، يعني: فسق الشرك[[تفسير يحيى بن سلّام ١/٤٥٩.]]٤٦٩٢. (ز)
﴿وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ ٥٥﴾ - آثار متعلقة بالآية
٥٣٨٨٣- عن أبي الطاهر، قال: سمعتُ خالي -يعني: عبد الرحمن بن عبد الحميد المصري- يقول: أرى ولايةَ أبي بكر وعمر في كتاب الله ﷿، يقول الله -تبارك وتعالى-: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾ الآية[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٦٢٧.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.