الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهم ولَيُبَدِّلَنَّهم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ومَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ﴾
اعْلَمْ أنَّ تَقْدِيرَ النَّظْمِ: بَلِّغْ أيُّها الرَّسُولُ وأطِيعُوهُ أيُّها المُؤْمِنُونَ، فَقَدْ وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم وعَمِلُوا الصّالِحاتِ أيِ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الإيمانِ والعَمَلِ الصّالِحِ أنْ يَسْتَخْلِفَهم في الأرْضِ فَيَجْعَلَهُمُ الخُلَفاءَ والغالِبِينَ والمالِكِينَ، كَما اسْتَخْلَفَ عَلَيْها مَن قَبْلَهم في زَمَنِ داوُدَ وسُلَيْمانَ عَلَيْهِما السَّلامُ وغَيْرَهُما، وأنَّهُ يُمَكِّنُ (p-٢٢)لَهم دِينَهم، وتَمْكِينُهُ ذَلِكَ هو أنْ يُؤَيِّدَهم بِالنُّصْرَةِ والإعْزازِ، ويُبَدِّلَهم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ مِنَ العَدُوِّ أمْنًا بِأنْ يَنْصُرَهم عَلَيْهِمْ فَيَقْتُلُوهم ويَأْمَنُوا بِذَلِكَ شَرَّهم، فَيَعْبُدُونَنِي آمِنِينَ لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ولا يَخافُونَ ﴿ومَن كَفَرَ﴾ أيْ مِن بَعْدِ هَذا الوَعْدِ وارْتَدَّ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ﴾ .
واعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلى بَيانِ أكْثَرِ المَسائِلِ الأُصُولِيَّةِ الدِّينِيَّةِ فَلْنُشِرْ إلى مَعاقِدِها:
المسألة الأُولى: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ سُبْحانَهُ مُتَكَلِّمٌ لِأنَّ الوَعْدَ نَوْعٌ مِن أنْواعِ الكَلامِ، والمَوْصُوفُ بِالنوع مَوْصُوفٌ بِالجِنْسِ، ولِأنَّهُ سُبْحانَهُ مَلِكٌ مُطاعٌ، والمَلِكُ المُطاعُ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ وعْدَ أوْلِيائِهِ ووَعِيدَ أعْدائِهِ، فَثَبَتَ أنَّهُ سُبْحانَهُ مُتَكَلِّمٌ.
* * *
المسألة الثّانِيَةُ: الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّهُ سُبْحانَهُ يَعْلَمُ الأشْياءَ قَبْلَ وُقُوعِها خِلافًا لِهِشامِ بْنِ الحَكَمِ، فَإنَّهُ قالَ لا يَعْلَمُها قَبْلَ وُقُوعِها، ووَجْهُ الِاسْتِدْلالِ بِهِ أنَّهُ سُبْحانَهُ أخْبَرَ عَنْ وُقُوعِ شَيْءٍ في المُسْتَقْبَلِ إخْبارًا عَلى التَّفْصِيلِ، وقَدْ وقَعَ المُخْبَرُ مُطابِقًا لِلْخَبَرِ، ومِثْلُ هَذا الخَبَرِ لا يَصِحُّ إلّا مَعَ العِلْمِ.
* * *
المسألة الثّالِثَةُ: الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّهُ سُبْحانَهُ حَيٌّ قادِرٌ عَلى جَمِيعِ المُمْكِناتِ لِأنَّهُ قالَ: ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهم ولَيُبَدِّلَنَّهم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْنًا﴾ وقَدْ فَعَلَ كُلَّ ذَلِكَ، وصُدُورُ هَذِهِ الأشْياءِ لا يَصِحُّ إلّا مِنَ القادِرِ عَلى كُلِّ المَقْدُوراتِ.
* * *
المسألة الرّابِعَةُ: الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّهُ سُبْحانَهُ هو المُسْتَحِقُّ لِلْعِبادَةِ لِأنَّهُ قالَ ﴿يَعْبُدُونَنِي﴾، وقالَتِ المُعْتَزِلَةُ: الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ فِعْلَ اللَّهِ تَعالى مُعَلَّلٌ بِالغَرَضِ؛ لِأنَّ المَعْنى لِكَيْ يَعْبُدُونِي، وقالُوا أيْضًا: الآيَةُ دالَّةٌ عَلى أنَّهُ سُبْحانَهُ يُرِيدُ العِبادَةَ مِنَ الكُلِّ، لِأنَّ مَن فَعَلَ فِعْلًا لِغَرَضٍ فَلا بُدَّ وأنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِذَلِكَ الغَرَضِ.
* * *
المسألة الخامِسَةُ: دَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّهُ تَعالى مُنَزَّهٌ عَنِ الشَّرِيكِ لِقَوْلِهِ: ﴿لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى نَفْيِ الإلَهِ الثّانِي، وعَلى أنَّهُ لا يَجُوزُ عِبادَةُ غَيْرِ اللَّهِ تَعالى سَواءٌ كانَ كَوْكَبًا كَما تَقَوَّلَهُ الصّابِئَةُ أوْ صَنَمًا كَما تَقَوَّلَهُ عَبَدَةُ الأوْثانِ.
* * *
المسألة السّادِسَةُ: دَلَّتِ الآيَةُ عَلى صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ لِأنَّهُ أخْبَرَ عَنِ الغَيْبِ في قَوْلِهِ: ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهم ولَيُبَدِّلَنَّهم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْنًا﴾ وقَدْ وُجِدَ هَذا المُخْبَرُ مُوافِقًا لِلْخَبَرِ ومِثْلُ هَذا الخَبَرِ مُعْجِزٌ، والمُعْجِزُ دَلِيلُ الصِّدْقِ فَدَلَّ عَلى صِدْقِ مُحَمَّدٍ ﷺ .
* * *
المسألة السّابِعَةُ: دَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّ العَمَلَ الصّالِحَ خارِجٌ عَنْ مُسَمّى الإيمانِ، خِلافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ لِأنَّهُ عَطَفَ العَمَلَ الصّالِحَ عَلى الإيمانِ، والمَعْطُوفُ خارِجٌ عَنِ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
* * *
المسألة الثّامِنَةُ: دَلَّتِ الآيَةُ عَلى إمامَةِ الأئِمَّةِ الأرْبَعَةِ، وذَلِكَ لِأنَّهُ تَعالى وعَدَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنَ الحاضِرِينَ في زَمانِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وهو المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ وأنْ يُمَكِّنَ لَهم دِينَهُمُ المَرْضِيَّ، وأنْ يُبَدِّلَهم بَعْدَ الخَوْفِ أمْنًا، ومَعْلُومٌ أنَّ المُرادَ بِهَذا الوَعْدِ بَعْدَ الرَّسُولِ هَؤُلاءِ؛ لِأنَّ اسْتِخْلافَ غَيْرِهِ لا يَكُونُ إلّا بَعْدَهُ، ومَعْلُومٌ أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ لِأنَّهُ خاتَمُ الأنْبِياءِ، فَإذَنِ المُرادُ بِهَذا الِاسْتِخْلافِ طَرِيقَةُ الإمامَةِ، ومَعْلُومٌ أنَّ بَعْدَ الرَّسُولِ الِاسْتِخْلافُ الَّذِي هَذا وصْفُهُ إنَّما كانَ في أيّامِ أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمانَ؛ لِأنَّ في أيّامِهِمْ كانَتِ الفُتُوحُ العَظِيمَةُ، وحَصَلَ التَّمْكِينُ وظُهُورُ الدِّينِ والأمْنِ، ولَمْ يَحْصُلْ (p-٢٣)ذَلِكَ في أيّامِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ لِأنَّهُ لَمْ يَتَفَرَّغْ لِجِهادِ الكُفّارِ لِاشْتِغالِهِ بِمُحارَبَةِ مَن خالَفَهُ مِن أهْلِ الصَّلاةِ، فَثَبَتَ بِهَذا دَلالَةُ الآيَةِ عَلى صِحَّةِ خِلافَةِ هَؤُلاءِ، فَإنْ قِيلَ: الآيَةُ مَتْرُوكَةُ الظّاهِرِ لِأنَّها تَقْتَضِي حُصُولَ الخِلافَةِ لِكُلِّ مَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا ولَمْ يَكُنِ الأمْرُ كَذَلِكَ. نَزَلْنا عَنْهُ، لَكِنْ لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ﴾ هو أنَّهُ تَعالى يُسْكِنُهُمُ الأرْضَ ويُمَكِّنُهم مِنَ التَّصَرُّفِ لا أنَّ المُرادَ مِنهُ خِلافَةُ اللَّهِ تَعالى، ومِمّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ واسْتِخْلافُ مَن كانَ قَبْلَهم لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الإمامَةِ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ الأمْرُ في حَقِّهِمْ أيْضًا كَذَلِكَ. نَزَلْنا عَنْهُ، لَكِنْ هَهُنا ما يَدُلُّ عَلى أنَّهُ لا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلى خِلافَةِ رَسُولِ اللَّهِ لِأنَّ مِن مَذْهَبِكم أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ أحَدًا، ورُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ أنَّهُ قالَ: أتْرُكُكم كَما تَرَكَكم رَسُولُ اللَّهِ. نَزَلْنا عَنْهُ، لَكِنْ لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنهُ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ، والواحِدُ قَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِلَفْظِ الجَمْعِ عَلى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ﴾ [القَدْرِ: ١] وقالَ في حَقِّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهم راكِعُونَ﴾ [المائِدَةِ: ٥٥] نَزَلْنا عَنْهُ، ولَكِنْ نَحْمِلُهُ عَلى الأئِمَّةِ الإثْنى عَشَرَ.
والجَوابُ عَنِ الأوَّلِ: أنَّ كَلِمَةَ ”مِن“ لِلتَّبْعِيضِ فَقَوْلُهُ: ﴿مِنكُمْ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ المُرادَ بِهَذا الخِطابِ بَعْضُهم.
وعَنِ الثّانِي: أنَّ الِاسْتِخْلافَ بِالمَعْنى الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ حاصِلٌ لِجَمِيعِ الخَلْقِ، فالمَذْكُورُ هَهُنا في مَعْرِضِ البِشارَةِ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ مُغايِرًا لَهُ.
* * *
وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ فالَّذِينَ كانُوا قَبْلَهم كانُوا خُلَفاءَ تارَةً بِسَبَبِ النُّبُوَّةِ، وتارَةً بِسَبَبِ الإمامَةِ، والخِلافَةُ حاصِلَةٌ في الصُّورَتَيْنِ.
وعَنِ الثّالِثِ: أنَّهُ وإنْ كانَ مِن مَذْهَبِنا أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ أحَدًا بِالتَّعْيِينِ، ولَكِنَّهُ قَدِ اسْتَخْلَفَ بِذِكْرِ الوَصْفِ والأمْرِ بِالِاخْتِيارِ فَلا يَمْتَنِعُ في هَؤُلاءِ الأئِمَّةِ الأرْبَعَةِ أنَّهُ تَعالى يَسْتَخْلِفُهم وأنَّ الرَّسُولَ اسْتَخْلَفَهم، وعَلى هَذا الوجه قالُوا في أبِي بَكْرٍ: يا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فالَّذِي قِيلَ إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ، أُرِيدَ بِهِ عَلى وجْهِ التَّعْيِينِ، وإذا قِيلَ اسْتَخْلَفَ فالمُرادُ عَلى طَرِيقَةِ الوَصْفِ والأمْرِ.
وعَنِ الرّابِعِ: أنَّ حَمْلَ لَفْظِ الجَمْعِ عَلى الواحِدِ مَجازٌ وهو خِلافُ الأصْلِ.
وعَنِ الخامِسِ: أنَّهُ باطِلٌ لِوَجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِنكُمْ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ هَذا الخِطابَ كانَ مَعَ الحاضِرِينَ، وهَؤُلاءِ الأئِمَّةُ ما كانُوا حاضِرِينَ.
الثّانِي: أنَّهُ تَعالى وعَدَهُمُ القُوَّةَ والشَّوْكَةَ والنَّفاذَ في العالَمِ، ولَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِيهِ فَثَبَتَ بِهَذا صِحَّةُ إمامَةِ الأئِمَّةِ الأرْبَعَةِ، وبَطَلَ قَوْلُ الرّافِضَةِ الطّاعِنِينَ عَلى أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمانَ، وعَلى بُطْلانِ قَوْلِ الخَوارِجِ الطّاعِنِينَ عَلى عُثْمانَ وعَلِيٍّ، ولْنَرْجِعْ إلى التَّفْسِيرِ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ﴾ فَلِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: أيْنَ القَسَمُ المُتَلَقّى بِاللّامِ والنُّونِ في ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ﴾ ؟ قُلْنا: هو مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وعَدَهُمُ اللَّهُ لَيَسْتَخْلِفَنَّهم، أوْ نَزَلَ وعْدُ اللَّهِ في تَحَقُّقِهِ مَنزِلَةَ القَسَمِ فَتُلُقِّيَ بِما يُتَلَقّى بِهِ القَسَمُ كَأنَّهُ قالَ: أقْسَمَ اللَّهُ لَيَسْتَخْلِفَنَّهم.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ يَعْنِي كَما اسْتَخْلَفَ هارُونَ ويُوشَعَ وداوُدَ وسُلَيْمانَ. وتَقْدِيرُ النَّظْمِ: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمُ اسْتِخْلافًا كاسْتِخْلافِ مَن قَبْلَهم مِن هَؤُلاءِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وقُرِئَ ”كَما اسْتُخْلِفَ“ بِضَمِّ التّاءِ وكَسْرِ اللّامِ، وقُرِئَ بِالفَتْحِ.
أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَيُمَكِّنَنَّ لَهم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ﴾ فالمَعْنى أنَّهُ يُثَبِّتُ لَهم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهم وهو الإسْلامُ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وعاصِمٌ ويَعْقُوبُ ”ولَيُبْدِلَنَّهُمْ“ مِنَ الإبْدالِ بِالتَّخْفِيفِ، والباقُونَ بِالتَّشْدِيدِ، وقَدْ (p-٢٤)ذَكَرْنا الفَرْقَ بَيْنَهُما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَدَّلْناهم جُلُودًا غَيْرَها﴾ [النِّساءِ: ٥٦] .
أمّا قَوْلُهُ: ﴿يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ فَفِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ الَّذِينَ عَناهم لا يَتَغَيَّرُونَ عَنْ عِبادَةِ اللَّهِ تَعالى إلى الشِّرْكِ، وقالَ الزَّجّاجُ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ الحالِ عَلى مَعْنى: ﴿وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ في حالِ عِبادَتِهِمْ وإخْلاصِهِمْ لِلَّهِ، لَيَفْعَلَنَّ بِهِمْ كَيْتَ وكَيْتَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ اسْتِئْنافًا عَلى طَرِيقِ الثَّناءِ عَلَيْهِمْ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿ومَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ﴾ أيْ جَحَدَ حَقَّ هَذِهِ النِّعَمِ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ﴾ أيِ العاصُونَ.
{"ayah":"وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَیَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ یَعۡبُدُونَنِی لَا یُشۡرِكُونَ بِی شَیۡـࣰٔاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق