الباحث القرآني

﴿حَتَّىٰۤ إِذَا ٱسۡتَیۡـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُوا۟ جَاۤءَهُمۡ نَصۡرُنَا﴾ - قراءات

٣٨٤٥٣- عن عائشة: أنّ النبي ﷺ قرأ: ‹وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُواْ› بالتشديد[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه. وهي قراءة متواترة، قرأ بها نافع، وأبو عمرو، وابن كثير، وابن عامر، ويعقوب، وقرأ بقية العشرة: ﴿قَدْ كُذِبُواْ﴾ بالتخفيف. انظر: النشر ٢/٢٩٦، والإتحاف ص٣٣٦.]]. (٨/٣٥٣)

٣٨٤٥٤- عن عائشة، عن النبي ﷺ أنّه قرأ: ﴿وظَنُّواْ أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾ مُخَفَّفة[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٨/٣٥٣)

٣٨٤٥٥- عن عبد الله بن مسعود -من طريق أبي الأَحْوَص- قال: حَفِظْتُ عن رسول الله ﷺ في سورة يوسف: ﴿وظَنُّواْ أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾ خفيفة[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٨/٣٥٤)

٣٨٤٥٦- عن تميم بن حَذْلم، قال: قرأتُ على عبد الله بن مسعود القرآنَ، فلم يأخذ عَلَيَّ إلا حرفين: ‹وكُلٌّ آتُوهُ داخِرِينَ› [النمل:٨٧]، فقال: ﴿أتَوْهُ﴾ مخففة. وقرأت عليه: ‹وظَنُّواْ أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُواْ› فقال: ﴿كُذِبُوا﴾ مخففة[[أخرجه عبد الرزاق ١/٣٢٩، وسعيد بن منصور (١١٥٠- تفسير)، وابن جرير ١٣/٣٩٠-٣٩١، والطبراني (٨٦٧٥). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ. ﴿وكُلٌّ أتَوْهُ داخِرِينَ﴾ بقصر الهمزة، وفتح التاء، قرأ بها حفص عن عاصم، وحمزة، وخلف العاشر، وقرأ بقية العشرة: ‹وكُلٌّ آتُوهُ داخِرِينَ› بالمد، وضم التاء. انظر: النشر ٢/٣٣٩.]]. (٨/٣٥٤)

٣٨٤٥٧- عن عبد الله بن مسعود -من طريق مسروق- أنّه قرأ: ﴿حَتّى إذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّواْ أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾ مُخَفَّفة[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٣.]]. (ز)

٣٨٤٥٨- عن عروة، أنّه سَأَلَ عائشةَ عن قوله: ﴿حَتّى إذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّواْ أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾. قال: قلت: أ﴿كُذِبوا﴾ أم ‹كُذِّبُوا›؟ قالت عائشة: بل ‹كُذِّبُواْ›. يعنى: بالتشديد[[أخرجه البخاري (٤٦٩٥)، والنسائي (١١٢٥٥)، وابن جرير ١٣/٣٩٥-٣٩٦، وابن أبي حاتم ٧/٢٢١١. وعزاه السيوطي إلى أبي عبيد، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه.]]. (٨/٣٥٢)

٣٨٤٥٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيج- أنّه قرأها: (كَذَبُواْ) بفتح الكاف، والتخفيف[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٨. وهى قراءة شاذة، تُرْوى أيضًا عن ابن عباس، والضحاك، وزيد بن أسلم. انظر: مختصر ابن خالويه ص٧٠، والمحتسب ١/٣٥٠.]]. (٨/٣٥٦)

٣٨٤٦٠- عن زيد بن أسلم -من طريق ابنِه عبد الرحمن- أنّه كان يقرؤها: (كَذَبُواْ)[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٠.]]. (ز)

﴿حَتَّىٰۤ إِذَا ٱسۡتَیۡـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُوا۟﴾ - تفسير

٣٨٤٦١- عن تميم بن حَذْلم، قال: قرأتُ على عبد الله بن مسعود القرآنَ، فلم يأخذ عَلَيَّ إلا حرفين: ‹وكُلٌّ آتُوهُ داخِرِينَ› [النمل:٨٧]، فقال: ﴿أتَوْهُ﴾ مخففة. وقرأت عليه: ‹وظَنُّواْ أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُواْ› فقال: ﴿كُذِبُوا﴾ مخففة. قال: استيأس الرسل مِن إيمان قومهم أن يُؤمِنوا لهم، وظن قومُهم حين أبْطَأَ الأمر أنهم قد كُذِبوا[[أخرجه عبد الرزاق ١/٣٢٩، وسعيد بن منصور (١١٥٠ - تفسير)، وابن جرير ١٣/٣٩٠-٣٩١، والطبراني (٨٦٧٥). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٨/٣٥٤)

٣٨٤٦٢- عن عبد الله بن مسعود -من طريق مسروق- أنّه قرأ: ﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبُوا﴾ مخففة. قال عبد الله: هو الذي تَكْرَه. وفسَّر ذلك سفيان الثوري قال: ظَنَّتِ الرُّسُلُ أنّهم قد كُذِبوا[[أخرجه الثوري في تفسيره ص١٤٩، وابن جرير ١٣/٣٩٣ دون قول سفيان.]]. (ز)

٣٨٤٦٣- عن عروة، أنّه سأل عائشة عن قوله: ﴿حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا﴾، قال: قلت: أ﴿كُذِبوا﴾ أم ‹كُذِّبُوا›؟ قالت عائشة: بل ‹كُذِّبُوا›. يعنى: بالتشديد. قلت: واللهِ، لقد استيقنوا أنّ قومهم كذَّبوهم، فما هو بالظَّنِّ. قالت: أجل، لَعَمْرِي، لقد اسْتَيْقَنُوا بذلك. فقلتُ: لعلها: ﴿وظنوا أنهم قد كُذِبوا﴾ مخففة؟ قالت: معاذ الله، لم تكن الرسل لِتَظُنَّ ذلك برَبِّها. قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هُم أتباعُ الرُّسُلِ الذين آمنوا بربهم وصدَّقوهم، وطال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس الرسل مِمَّن كذَّبهم مِن قومهم، وظنَّت الرسلُ أنّ أتباعهم قد كَذَّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك[[أخرجه البخاري (٤٦٩٥)، والنسائي (١١٢٥٥)، وابن جرير ١٣/٣٩٥-٣٩٦، وابن أبي حاتم ٧/٢٢١١. وعزاه السيوطي إلى أبي عبيد، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه.]]. (٨/٣٥٢)

٣٨٤٦٤- عن يحيى بن سعيد قال: جاء رجل إلى القاسم بن محمد فقال: إن محمد بن كعب القُرَظي يقول هذه الآية: ﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبُوا﴾ فقال القاسم: فأَخْبِره عني أني سمعت عائشة زوج النبي ﷺ تقول: ‹حَتّى إذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا› تقول: كذَّبتهم أتباعُهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٧/ ٢٢١٢.]]. (ز)

٣٨٤٦٥- عن عبد الله بن أبى مُليكة: أنّ عبد الله بن عباس قرأها عليه: ﴿وظنوا أنهم قد كُذِبُوا﴾ مخففة، يقول: أُخْلِفُوا. وقال ابن عباس: وكانوا بشرًا. وتلا: ﴿حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله﴾ [البقرة:٢١٤]. قال ابن أبي مُلَيْكَة: فذهب ابنُ عباس إلى أنّهم يَئِسوا وضَعُفُوا، فظَنُّوا أنهم قد أُخلِفُوا. قال ابن أبى مُليكة: وأخبرني عروة عن عائشة أنّها خالفت ذلك وأَبَتْه، وقالتْ: واللهِ، ما وعَدَ اللهُ رسولَه مِن شيء إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت، ولكنَّه لم يَزَلِ البلاءُ بالرُّسُلِ حتى ظَنُّوا أنّ مَن معهم مِن المؤمنين قد كَذَّبوهم، وكانت تقرؤها: ‹وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا› مُثَقَّلة للتكذيب[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٥، والطبراني (١١٢٤٥)، والأثر عند البخاري (٤٥٢٤، ٤٥٢٥). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه.]]. (٨/٣٥٣)

٣٨٤٦٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق عبد الله بن أبي مليكة- أنّه قرأ: ﴿وظنوا أنهم قد كذبوا﴾ خفيفة. قال ابن جريج: أقول كما يقول: أُخلِفوا. قال عبد الله: قال لي ابن عباس: كانوا بشرًا. وتلا عبد الله بن عباس: ﴿حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب﴾ [البقرة:٢١٤]. قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: ذهب بها إلى أنهم ضَعُفوا، فظَنُّوا أنّهم أُخلِفوا[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٣.]]. (ز)

٣٨٤٦٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي، والعوفي، ومسلم، وعمران- أنّه كان يقرأ: ﴿حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبُوا﴾ مخففة. قال: يَئِس الرُّسُلُ مِن قومهم أن يستجيبوا لهم، وظنَّ قومُهم أنّ الرُّسلَ قد كذَبوهم فيما جاءوا به، ﴿جاءهم نصرنا﴾ قال: جاء الرسلَ نصرُنا[[أخرجه سعيد بن منصور (١١٤٧- تفسير)، والنسائي في الكبرى (١١٢٥٧)، وابن جرير ١٣/٣٨٦، وابن أبي حاتم ٧/٢٢١٢. وعزاه السيوطي إلى أبي عبيد، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه.]]. (٨/٣٥٣)

٣٨٤٦٨- عن عبد الله بن الحارث -من طريق أيوب بن أبي صفوان- أنّه قال: ﴿حتى إذا استيأس الرسل﴾ مِن إيمان قومهم، ﴿وظنوا أنهم قد كذبوا﴾ وظنَّ القومُ أنّهم قد كذَبوهم فيما جاءوهم به[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٠.]]. (ز)

٣٨٤٦٩- عن ربيعة بن كلثوم، قال: حدَّثني أبي: أنّ مسلم بن يسار سأل سعيد بن جبير، فقال: يا أبا عبد الله، آيةٌ قد بَلَغَتْ مِنِّي كُلَّ مبلغ: ‹حَتّى إذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا› مثقَّلة. فهذا الموتُ أن تَظُنَّ الرسلُ أنّهم قد كُذِّبوا، أو نَظُنَّ أنهم قد كُذِبوا، مخفَّفة. فقال سعيد بن جبير: حتى إذا استيأس الرسل مِن قومهم أن يستجيبوا لهم، وظَنَّ قومُهم أنّ الرسل كذَبتهم؛ جاءهم نصرُنا. فقام مسلم إلى سعيد، فاعتنقه، وقال: فرَّج اللهُ عنك كما فرَّجْتَ عنِّي[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٨٨-٣٨٩. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٨/٣٥٥)

٣٨٤٧٠- عن إبراهيم بن أبى حُرَّة الجزري، قال: صنعتُ طعامًا، فدَعَوْتُ ناسًا مِن أصحابنا، منهم سعيد بن جبير، والضحاك بن مزاحم، فسأل فتًى مِن قريش سعيدَ بن جبير، فقال: يا أبا عبد الله، كيف تقرأ هذا الحرف؟ فإنِّي إذا أتيتُ عليه تَمَنَّيْتُ أنِّي لا أقرأ هذه السورة: ﴿حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبُوا﴾. قال: نعم، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يُصَدِّقوهم، وظنَّ المرسَل إليهم أنّ الرُّسُل قد كُذِبُوا. فقال الضحاك: لو رحلتُ في هذه إلى اليمن لكان قليلًا[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٨٧-٣٨٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٨/٣٥٥)

٣٨٤٧١- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن السائب- قال: اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِن قومهم أن يُؤْمِنوا، وظنَّ قومُهم أنّ الرُّسُلَ قد كَذَبوا؛ جاءهم نصرُنا، فننجي مَن نشاء[[أخرجه سعيد بن منصور (ت: سعد آل حميد) ٥/٤١٣ (١١٤٨).]]. (ز)

٣٨٤٧٢- عن سعيد بن جبير -من طريق أبي بشر- أنّه قال في هذه الآية: ﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا﴾، قُلتُ: كُذِبوا! قال: نعم، ألم يكونوا بشرًا؟[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٤.]]. (ز)

٣٨٤٧٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- أنّه قرأها: (كَذَبُوا) بفتح الكاف، والتخفيف. قال: استيأس الرسلُ أن يُعَذَّبَ قومُهم، وظنَّ قومُهم أنّ الرسلَ قد كَذَبوا، ﴿جاءهم نصرنا﴾ قال: جاء الرسلَ نصرُنا. قال مجاهد: قال في المؤمن: ﴿فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم﴾ [غافر:٨٣] قال: قولهم: نحن أعلم منهم، ولن نُعذَّبَ. وقوله: ﴿وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون﴾ قال: حاق بهم ما جاءت به رسلهم مِن الحَقِّ[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٨-٣٩٩.]]٣٤٦٨. (٨/٣٥٦)

٣٤٦٨ هذا القولُ الذي قاله مجاهد مَبْنِيٌّ على قراءة (كَذَبُوا) بالفتح، وهو ما انتقده ابنُ جرير (١٣/٣٩٩) مستندًا لإجماع القراء، فقال: «وهذه القراءة لا أستجيز القراءة بها؛ لإجماع الحجة من قراء الأمصار على خلافها». ثم قال: «ولو جازت القراءة بذلك لاحتمل وجهًا من التأويل، وهو أحسن مِمّا تأوله مجاهد، وهو: ﴿حتى إذا استيأس الرسل﴾ من عذاب الله قومَها المكذبة بها، وظنَّت الرسلُ أنّ قومها قد كذبوا وافتروا على الله بكفرهم بها. ويكون الظن مُوَجَّهًا حينئذ إلى معنى العلم، على ما تأوله الحسن وقتادة».

٣٨٤٧٤- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿حتى إذا استيأس الرسل﴾ أنّ يُصَدِّقَهم قومُهم، وظنَّ قومُهم أن الرسلَ قد كذبوا[[لم تضبط في المصدر، وتحتمل أن تكون (كَذَبُوا) على معنى قراءة مجاهد السابقة، أو ﴿كُذِبُوا﴾ بضم الكاف وكسر الذال على معنى القراءة الصحيحة.]] جاء الرسلَ نصرُنا[[تفسير مجاهد ص٤٠٢.]]. (ز)

٣٨٤٧٥- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد بن سليمان- في قوله: ﴿حتى إذا استيأس الرسل﴾ قال: استيأسوا مِن قومهم أن يجيبوهم، ويؤمنوا بهم، ﴿وظنوا﴾ يقول: وظنَّ قَومُ الرُّسُلِ أنَّ الرُّسُلَ قد كَذَبُوهُمُ الموعدَ[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩١. كما أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٠ من طريق جويبر بلفظ: ظن قومُهم أنّ رسُلهم قد كذَبوهم فيما وعدُوهم به.]]. (ز)

٣٨٤٧٦- عن الحسن البصري -من طريق قتادة-= (ز)

٣٨٤٧٧- وهو قول قتادة: ‹وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا›، أي: استيقنوا أنّه لا خير عند قومهم، ولا إيمان ﴿جاءهم نصرنا﴾[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٧.]]٣٤٦٩. (ز)

٣٤٦٩ انتَقَد ابنُ جرير (١٣/٣٩٧-٣٩٨) هذا القول الذي قاله الحسن، وقتادة مستندًا لدلالة اللغة، وأقوال السلف، فقال: «وهذا التأويل الذي ذهب إليه الحسن وقتادة في ذلك إذا قُرِئ بتشديد الذال وضم الكاف خلاف لما ذكرنا مِن أقوال جميع مَن حكينا قولَه مِن الصحابة؛ لأنّه لم يُوَجِّه الظنُّ في هذا الموضع منهم أحد إلى معنى العلم واليقين، مع أنّ الظن إنما استعمله العربُ في موضع العلم فيما كان مِن علم أُدْرِك مِن جهة الخبر، أو مِن غير وجه المشاهدة والمعاينة، فأما ما كان من علم أدرك من وجه المشاهدة والمعاينة فإنها لا تستعمل فيه الظن، لا تكاد تقول: أظنني حيًّا، وأظنني إنسانًا. بمعنى: أعلمني إنسانًا، وأعلمني حيًّا. والرسل الذين كذبتهم أممُهم لا شكَّ أنها كانت لأممها شاهدة، ولتكذيبها إياها منها سامعة، فيقال فيها: ظنت بأممها أنها كذبتها».

٣٨٤٧٨- عن قتادة بن دعامة -من طريق محمد بن ثور، عن معمر- قال: ﴿حَتّى إذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ قال: مِن قَومِهِم، ‹وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا› قال: وعَلِمُوا أنَّهم قد كُذِّبُوا؛ ﴿جاءَهُمْ نَصْرُنا﴾[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٧.]]. (ز)

٣٨٤٧٩- عن قتادة بن دعامة -من طريق عبد الرزاق، عن معمر- قال: ﴿حَتّى إذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ مِمَّن كذَّبهم مِن قومهم أن يُصَدِّقوهم، وظَنَّتِ الرُّسُلُ أنّ مَن قد آمن بهم مِن قومهم قد كذَّبوهم؛ جاءهم نصر الله عند ذلك[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/٣٢٩.]]. (ز)

٣٨٤٨٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿حتى إذا استيأس الرسل﴾ من إيمان قومهم؛ أوْعَدَتْهُم رسلُهم العذابَ في الدنيا بأنّه نازل بهم، ﴿وظنوا أنهم قد كذبوا﴾: حَسِب قومُ الرسلِ قد كذَبوهم العذابَ في الدنيا بأنّه نازِلٌ بهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٣٥٣.]]. (ز)

٣٨٤٨١- قال سفيان الثوري: ظَنَّت الرُّسُلُ أنهم قد كُذِّبوا[[تفسير الثوري ص١٤٩.]]. (ز)

٣٨٤٨٢- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا﴾ قال: استيأس الرسلُ أن يؤمن قومُهم بهم، وظنَّ قومُهم المشركون أنّ الرسلَ قد كُذِبوا ما وعدَهم اللهُ مِن نصرِه إيّاهم عليهم، وأُخلِفوا. وقرأ:﴿جاءهم نصرنا﴾ قال: جاء الرسلَ النصرُ حينئذ. قال: وكان أبي يقرؤها: (كَذَبوا)[[أخرجه ابن جرير ١٣/٣٩٠.]]٣٤٧٠. (ز)

٣٤٧٠ اختُلِف في قراءة قوله: ﴿وظنوا أنهم قد كذبوا﴾؛ فقرأ قوم: ﴿كُذِبوا﴾ بالتخفيف ولهم في تفسير الآية وجهان: الأول: أنّ المعنى: استيأس الرسل مِن إيمان قومهم، وظنَّ المرسَل إليهم أنّ الرسل قد كذبوهم. الثاني: أنّ المعنى: استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنُّوا أنهم قد كذبوا فيما وُعِدوا من النصر. وقرأ غيرهم بالتشديد ولهم في تفسيرها وجهان: الأول: أنّ الرُّسُلَ ظنَّت بأتباعها المؤمنين أنهم قد كذبوهم، فارتدوا استبطاءً منهم للنصر. الثاني: استيأس الرسل من إيمان قومهم، واستيقنوا من تكذيبهم، ويكون الظن بمعنى: العلم. وقرأ آخرون: (كَذَبُوا) بالفتح، والمعنى: استيأس الرسل من تعذيب قومهم، وظنَّ قومهم أيضًا أنهم قد كذبوا. ورجَّح ابنُ جرير (١٣/٣٩٢) مستندًا إلى السياق والدلالة العقلية قراءةَ التخفيف، والوجهَ الأول في تفسيرها الذي قاله ابن عباس من طريق مسلم، وأبي الضحى، وعمران السلمي، وعلي، والعوفي، وقاله ابن جبير من طريق ربيعة بن كلثوم، وابن مسعود من طريق ابن جبير، ومجاهد من طريق أبي نجيح، وابن زيد، وعبد الله بن الحارث، والضحاك، فقال: «لأنّ ذلك عَقِيب قوله: ﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى، أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم﴾، فكان ذلك دليلًا على أنّ إياس الرسل كان مِن إيمان قومهم الذين أُهْلِكوا، وأنّ المضمر في قوله: ﴿وظنوا أنهم قد كذبوا﴾ إنّما هو مِن ذكر الذين مِن قبلهم مِن الأمم الهالكة، وزاد ذلك وضوحًا أيضًا إتباع اللهِ في سياق الخبر عن الرسل وأممهم قولَه: ﴿فنجي من نشاء﴾ إذ الذين أهلكوا هم الذين ظنُّوا أنّ الرسل قد كذبتهم، فكذَّبوهم ظنًّا منهم أنّهم قد كذبوهم». وانتقد (١٣/٣٩٤) الوجه الثاني الذي قال به ابن عباس من طريق ابن أبي مليكة، وعكرمة، وقاله ابن مسعود من طريق مسروق، وقاله سعيد بن جبير من طريق أبي بشر، وقاله سفيان، مستندًا إلى الدلالة العقلية، فقال: «وهذا تأويلٌ، وقول غيره من أهل التأويل أولى عندي بالصواب، وخلافُه من القول أشبه بصفات الأنبياء والرسل إن جاز أن يرتابوا بوعد الله إياهم، ويشُكُّوا في حقيقة خبره، مع معاينتهم مِن حُجَجِ الله وأدلته ما لا يعاينه المرسل إليهم، فيعذروا في ذلك أنّ المرسل إليهم لأولى في ذلك منهم بالعذر، وذلك قولٌ إن قاله قائل لا يخفى أمره، وقد ذكر هذا التأويل الذي ذكرناه أخيرًا عن ابن عباس لعائشة، فأنكرته أشد النكرة». وساق الآثار الواردة عنها ﵂، ثم قال (١٣/٣٩٦بتصرف): «فهذا ما روي في ذلك عن عائشة، غير أنها كانت تقرأ: ‹كُذِّبُوا› بالتشديد وضم الكاف، بمعنى: أنّ الرسل ظنت بأتباعها الذين قد آمنوا بهم أنهم قد كذبوهم، فارتدوا عن دينهم، استبطاء منهم للنصر». وكذا انتقده ابنُ عطية (٥/١٦٥) مستندًا إلى الدلالة العقلية، فساق ردَّ عائشة له، ثم علَّق بقوله: «وهذا هو الصواب، وأين العصمة والعلم؟!». وساق ابنُ تيمية (٤/٧٣-٧٤) إنكار عائشة، ورجَّح مستندًا إلى السياق، والنظائر الوجهَ الثاني، فقال: «فعائشة جعلت استيئاس الرسل من الكُفّار المكذبين، وظنَّهم التكذيب من المؤمنين بهم، ولكن القراءة الأخرى ثابتة لا يمكن إنكارها، وقد تأولها ابن عباس، وظاهر الكلام معه، والآية التي تليها -يقصد التي تليها في أثر ابن عباس الوارد من طريق ابن أبي مليكة- إنّما فيها استبطاء النصر، وهو قولهم: ﴿متى نصر الله﴾، فإن هذه كلمة تبطئ لطلب التعجيل». ثم قال: «وقوله: ﴿وظنوا أنهم قد كذبوا﴾ قد يكون مثل قوله: ﴿إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان﴾ [الحج:٥٢]، والظن لا يراد به في الكتاب والسنة الاعتقاد الراجح كما هو في اصطلاح طائفة من أهل الكلام في العلم، ويسمون الاعتقاد المرجوح: وهْمًا. بل قد قال النبي ﷺ: «إياكم والظنَّ، فإنّ الظنَّ أكذبُ الحديث». وقد قال تعالى: ﴿وإن الظن لا يغني من الحق شيئا﴾ [النجم:٢٨] فالاعتقاد المرجوح هو ظن، وهو وهم. وهذا الباب قد يكون من حديث النفس المعفوِّ عنه كما قال النبي ﷺ: «إنّ الله تجاوز لأُمَّتي ما حَدَّثت به أنفسها؛ ما لم تَكَلَّم، أو تعمل». وقد يكون من باب الوسوسة التي هي صريح الإيمان كما ثبت في الصحيح». وذكر ابنُ عطية (٥/١٦٤) أنّ قراءة التشديد تحتمل ما فيها من وجهي التفسير. وبيّن (٥/١٦٥) أنّ قراءة الفتح تحتمل أن يكون الضميران للرسل، أي: ظن الرسل أنهم قد كَذَبوا من حيث نقلوا الكذب، وإن كانوا لم يتعمدوه. وبنحوه قال ابنُ كثير (٨/٩٧). وبين ابنُ عطية أن هذا الاحتمال الثاني مردود، كالوجه الثاني من قراءة التخفيف، وأنّه راجع إليه.

﴿جَاۤءَهُمۡ نَصۡرُنَا﴾ - تفسير

٣٨٤٨٣- عن عبد الله بن عباس: ﴿جاءهم نصرنا﴾، قال: العذاب[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٨/٣٥٦)

٣٨٤٨٤- قال مقاتل بن سليمان: يقول: ﴿جاءهم﴾ يعني: الرسل ﴿نصرنا﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٣٥٣.]]. (ز)

﴿فَنُجِّیَ مَن نَّشَاۤءُۖ﴾ - قراءات

٣٨٤٨٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- ‹فَنُنجِي مَن نَّشَآءُ›...[[أخرجه ابن جرير ١٣/٤٠٠-٤٠١. ‹فَنُنجِي› بنونين، وتخفيف الجيم هي قراءة العشرة، ما عدا ابن عامر، ويعقوب، وعاصمًا، فإنهم قرؤوا: ﴿فنُجِّى﴾ بنون واحدة، وتشديد الجيم. انظر: النشر ٢/٢٩٦، والإتحاف ص٣٣٦.]]. (٨/٣٥٦)

٣٨٤٨٦- عن نصر بن عاصم أنّه قرأ: (فَنَجى مَن نَّشَآءُ)[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ. وهى قراءة شاذة، تروى أيضًا عن ابن محيصن، وأبي بكر. انظر: مختصر ابن خالويه ص٧٠.]]. (٨/٣٥٦)

٣٨٤٨٧- عن أبي بكر أنّه قرأ: (فَنَجى مَن نَّشَآءُ)[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]٣٤٧١. (٨/٣٥٦)

٣٤٧١ اختُلِف في قراءة قوله: ﴿فنجي من نشاء﴾؛ فقرأ قوم: ‹فَنُنجِي› بنونين. وقرأ غيرهم: (فنَجى). وقرأ قوم: (فَنَجّى). وقرأ آخرون: ﴿فنُجّيَ﴾. وذكر ابنُ جرير (١٣/٣٩٩-٤٠٠) أنّ القراءة الأولى بالنونين بمعنى: فننجي نحن من نشاء مِن رسلنا والمؤمنين بنا، دون الكافرين إذا جاء نصرنا، وبيَّن أن الذين قرءوا ذلك اعتلوا بأنّه إنما كتب في المصحف بنون واحدة، وحكمه أن يكون بنونين؛ لأنّ إحدى النونين حرف من أصل الكلمة، من أنجى ينجي، والأخرى النون التي تأتي لمعنى الدلالة على الاستقبال، من فعل جماعة مخبرة عن أنفسها؛ لأنهما حرفان، أي: النونين من جنس واحد، يُخفَي الثاني منهما عن الإظهار في الكلام، فحذفت من الخط، واجتزئ بالمثْبَتة من المحذوفة، كما يُفعل ذلك في الحرفين اللذين يدغم أحدهما في صاحبه. وبيَّن أنّ مَن قرأ: (فنَجى) بفتح النون والتخفيف، فذلك مِن: نجا من عذاب الله من نشاء، ينجو. وأنّ مَن قرأ بتشديد الجيم ونصب الياء، فذلك معنى: فُعِل ذلك به، مِن نجّيته أُنَجّيه. وبنحوه قال ابنُ عطية (٥/١٦٥-١٦٦). ورجَّح ابنُ جرير (١٣/٤٠٠) قراءة النونين مستندًا إلى شهرتها، وإجماع القراء، فقال: «لأنّ ذلك هو القراءة التي عليها القراءة في الأمصار، وما خالفه مِمَّن قرأ ذلك ببعض الوجوه التي ذكرناها فمُنفَرِدٌ بقراءته عمّا عليه الحُجَّةُ مُجْمِعَةٌ من القراء، وغيرُ جائِزٍ خلافُ ما كان مستفيضًا بالقراءة في قراءة الأمصار».

﴿فَنُجِّیَ مَن نَّشَاۤءُۖ﴾ - تفسير الآية

٣٨٤٨٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي-: ‹فنُنجِي مَن نَّشَآءُ›، قال: فنُنجي الرسل ومَن نشاء[[أخرجه ابن جرير ١٣/٤٠٠-٤٠١.]]. (٨/٣٥٦)

٣٨٤٨٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فنجي من نشاء﴾ مِن المؤمنين مِن العذاب مع رسلهم، فهذه مشيئته[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٣٥٣.]]. (ز)

﴿وَلَا یُرَدُّ بَأۡسُنَا عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِینَ ۝١١٠﴾ - تفسير

٣٨٤٩٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي-: ﴿ولا يُرَدُّ بأسُنا عن القوم المجرمين﴾، وذلك أنّ الله بَعَثَ الرُّسُلَ، فدَعَوْا قومَهم، فأخبروهم أنّه: مَن أطاع اللهَ نجا، ومَن عصاه عُذِّب وغَوى[[أخرجه ابن جرير ١٣/٤٠٠-٤٠١، وابن أبي حاتم ٧/٢٢١٣.]]. (٨/٣٥٦)

٣٨٤٩١- عن إسماعيل السُّدِّيّ، ﴿ولا يُرَدُّ بأسنا﴾، قال: عذابُنا[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٨/٣٥٦)

٣٨٤٩٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولا يرد بأسنا﴾ يقول: لا يَقْدِر أحدٌ أن يَرُدَّ عذابنا ﴿عن القوم المجرمين﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٣٥٤.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب