وقوله جل وعز ﴿حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾.
روى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها في قوله جل وعز ﴿حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾قالت: "استيأس الرسلُ من إيمان من كَذَّبهم من قومهم، وظنُّوا أنَّ من آمنَ من قومهم قد كذَّبوهم، لما لحقهم من البلاء والامتحان".
وروى ابن أبي مُليكةَ عن عُروة عن عائشة قالت: لحقَ المؤمنين البلاءُ والضرر، حتى ظنَّ الرسلُ أنهم قد كذَّبوهم لِمَا لحقهم.
وقال قتادة: حتى إذا استيأس الرسلُ من إيمان قومهم، وأيقنوا أن قومهم قد كذَّبوهم جاءهم نصرنا.
يذهب قتادة إلى أن الظنَّ ها هنا يقينٌ، وذلك معروفٌ في اللغة، والمعنى أن الرسل كانوا يترجَّون أن يؤمن قومهم، ثم استيأسوا من ذلك، فجاءهم النصر.
والقولُ الأول أشبهُ بالمعنى، وهو أعلى إسناداً، واللهُ أعلمُ بما أرادَ.
وقرأ عبدالله بنُ مسعود، وابنُ عَبَّاس: ﴿وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾ بالتخفيف وضمِّ الكاف.
قال أبو جعفر: في معناه عن ابن عباس روايتان:
(أ) روى ابنُ أبي مُليكة عنه: أنهم ضَعُفوا، قال: إنهم بَشَرٌ.
(ب) والقول الثاني: أنه رُوي عن سفيانَ، عن عطاءٍ، عن سعيد ابن جُبير، عن ابن عباس قال: "حتَّى إذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ" من إيمان قومهم، وظنَّ قومُهُمْ قد كَذَبُوا، جاءهم نصرُنَا.
قال أبو جعفر: الضميرُ في "كُذِبُوا" يعودُ على القوم على هذا.
وقرأ مجاهد: ﴿وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾ بالتخفيف وفتح الكاف.
وفسَّره: وظنَّ قومهم أنهم قد كَذَبُوا.. وهو كالذي قبله في المعنى.
ورُوي عنه في قوله تعالى ﴿حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ﴾ قولانِ:
أحدهما: حتى إذا استيأس الرسلُ أن يأتيَ قومَهُم العَذَابُ.
والقول الثاني أحسنُ وهو: حتَّى إذا استيأسَ الرسلُ من إيمانِ قومِهِمْ.
{"ayah":"حَتَّىٰۤ إِذَا ٱسۡتَیۡـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُوا۟ جَاۤءَهُمۡ نَصۡرُنَا فَنُجِّیَ مَن نَّشَاۤءُۖ وَلَا یُرَدُّ بَأۡسُنَا عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِینَ"}