الباحث القرآني

﴿حَتّى إذا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ﴾ غايَةَ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الكَلامُ أيْ لا يَغْرُرْهم تَمادِي أيّامِهِمْ فَإنَّ مَن قَبْلَهم أُمْهِلُوا حَتّى أيِسَ الرُّسُلُ عَنِ النَّصْرِ عَلَيْهِمْ في الدُّنْيا، أوْ عَنْ إيمانِهِمْ لِانْهِماكِهِمْ في الكُفْرِ مُتَرَفِّهِينَ مُتَمادِينَ فِيهِ مِن غَيْرِ وازِعٍ. ﴿وَظَنُّوا أنَّهم قَدْ كُذِبُوا﴾ أيْ كَذَبَتْهم أنْفُسُهم حِينَ حَدَّثَتْهم بِأنَّهم يُنْصَرُونَ، أوْ كَذَّبَهُمُ القَوْمُ بِوَعْدِ الإيمانِ. وقِيلَ الضَّمِيرُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ أيْ وظَنَّ المُرْسَلُ إلَيْهِمْ أنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوهم بِالدَّعْوَةِ والوَعِيدِ. وقِيلَ الأوَّلُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ والثّانِي لِلرُّسُلِ أيْ وظَنُّوا أنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوا وأخْلَفُوا فِيما وُعِدَ لَهم مِنَ النَّصْرِ وخَلَطَ الأمْرُ عَلَيْهِمْ. وما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أنَّ الرُّسُلَ ظَنُّوا أنَّهم أُخْلِفُوا ما وعَدَهُمُ اللَّهُ مِنَ النَّصْرِ، إنْ صَحَّ فَقَدْ أرادَ بِالظَّنِّ ما يَهْجِسُ في القَلْبِ عَلى طَرِيقِ الوَسْوَسَةِ. هَذا وأنَّ المُرادَ بِهِ المُبالَغَةُ في التَّراخِي والإمْهالِ عَلى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ. وقَرَأ غَيْرُ الكُوفِيِّينَ بِالتَّشْدِيدِ أيْ وظَنَّ الرُّسُلُ أنَّ القَوْمَ قَدْ كَذَبُوهم فِيما أوْعَدُوهم. وقُرِئَ « كَذَبُوا» بِالتَّخْفِيفِ وبِناءِ الفاعِلِ أيْ وظَنُّوا أنَّهم قَدْ كَذَبُوا فِيما حَدَّثُوا بِهِ عِنْدَ قَوْمِهِمْ لَمّا تَراخى عَنْهم ولَمْ يَرَوْا لَهُ أثَرًا. ﴿جاءَهم نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ﴾ النَّبِيَّ والمُؤْمِنِينَ وإنَّما لَمْ يُعَيِّنْهم لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهُمُ الَّذِينَ يَسْتَأْهِلُونَ إنْ يَشاءُ نَجاتَهم لا يُشارِكُهم فِيهِ غَيْرُهم. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وعاصِمٌ ويَعْقُوبُ عَلى لَفْظِ الماضِي المَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وقُرِئَ « فَنَجا» ﴿وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ﴾ إذا نَزَلَ بِهِمْ وفِيهِ بَيانٌ لِلْمَشِيئَيْنِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب