قوله: ﴿لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ الآية.
المعنى: في قول ابن عباس وغيره -: أن المؤمنين قالوا لما نزل تحريم الخمر: (يا رسول) الله، فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟، فنزلت: ﴿لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ﴾ الآية.
﴿إِذَا مَا ٱتَّقَواْ﴾ أي: اتقى اللهَ الأحياء منهم في اجتناب ما حرم عليهم، ﴿وَآمَنُواْ﴾ أي: وصدقوا الله ورسوله فيما أمرهم به، ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ أي: واكتسبوا من الأعمال ما يرضاه الله، ﴿ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ﴾ أي: "وَ" اتقوا محارمه وصدقوا فثبتوا على ذلك، ﴿ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ﴾ أي: اتقوا الله، فدعاهم تقواهم إلى الإحسان، وهو العمل بما (لم) يفرض عليهم: من الخير والنوافل. فالاتقاء الأول: اتقاء تلقي أمر الله وقبوله، والثاني: الاتقاء بالثبات على الاتقاء الأول وترك التبديل، والاتقاء الثالث: الاتقاء بالإحسان والتقرب بالنوافل.
فهذه الآية نزلت - في قول الجميع - فيمن مات منهم وهو يشربها، أُعلِموا أنه لا جناح عليهم. وقال جابر بن عبد الله: صبح ناس غداة أُحد الخمر فقتلوا من يومهم جميعاً شهداء، وذلك قبل تحريمها، يريد: فنزلت الآية فيهم.
وقيل: نزلت فيما أكلوا من الحرام بالميسر و (ما شربوا) من الخمر فأُعلِموا أنه لا جناح عليهم في ذلك إذا ما اتقوا فيما يستقبلون.
وقيل: معنى ﴿إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ﴾ أي: اتقوا شرب الخمر، وآمنوا بتحريمها" ﴿ثُمَّ (اتَّقَواْ وَآمَنُواْ)﴾ أي: اتقوا الكبائر وازدادوا إيماناً، "﴿ثُمَّ اتَّقَواْ﴾" أي: اتقوا الصغائر، ﴿وَّأَحْسَنُواْ﴾ بالنوافل.
وقيل: ﴿إِذَا مَا ٱتَّقَواْ﴾ الكفر، ﴿ثُمَّ اتَّقَواْ﴾ الكبائر، ﴿ثُمَّ اتَّقَواْ﴾ الصغائر.
وقيل: [معنى هذا: ﴿إِذَا مَا ٱتَّقَواْ﴾ فيما مضى: على إضمار "كان" مع "إذا"، ﴿ثُمَّ اتَّقَواْ﴾ في الحال التي هم فيها، ﴿ثُمَّ اتَّقَواْ﴾ فيما يستقبلون.
(وقيل: ﴿......﴾ ﴿إِذَا مَا ٱتَّقَواْ﴾: في الحال التي هم فيها [﴿ثُمَّ اتَّقَواْ﴾ فيما يستقبلون] ﴿ثُمَّ اتَّقَواْ﴾ أي: ماتوا على ذلك وهم محسنون.
{"ayah":"لَیۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحࣱ فِیمَا طَعِمُوۤا۟ إِذَا مَا ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّأَحۡسَنُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}