الباحث القرآني
﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إذا ما اتَّقَوْا وآمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وأحْسَنُوا واللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ والبَراءُ وأنَسٌ: «لَمّا نَزَلْ تَحْرِيمُ الخَمْرِ قالَ قَوْمٌ: كَيْفَ بِمَن ماتَ مِنّا وهو يَشْرَبُها ويَأْكُلُ المَيْسِرَ ؟ فَنَزَلَتْ» فَأعْلَمَ تَعالى أنَّ الذَّمَّ (p-١٦)والجُناحَ إنَّما يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ المَعاصِي، والَّذِينَ ماتُوا قَبْلَ التَّحْرِيمِ لَيْسُوا بِعاصِينَ. والظّاهِرُ مِن سَبَبِ النُّزُولِ؛ أنَّ اللَّفْظَ عامٌّ، ومَعْناهُ الخُصُوصُ. وقِيلَ: هي عامَّةٌ، والمَعْنى أنَّهُ لا حَرَجَ عَلى المُؤْمِنِ فِيما طَعِمَ مِنَ المُسْتَلَذّاتِ إذا ما اتَّقى ما حَرَّمَ اللَّهُ مِنها. وقَضِيَّةُ مَن شَرِبَها قَبْلَ التَّحْرِيمِ مِن صُوَرِ العُمُومِ، وهَذِهِ الآيَةُ شَبِيهَةٌ بِآيَةِ تَحْوِيلِ القِبْلَةِ حِينَ سَألُوا عَمَّنْ ماتَ عَلى القِبْلَةِ الأُولى، فَنَزَلَتْ ﴿وما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمانَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤٣]، و﴿فِيما طَعِمُوا﴾ قِيلَ: مِنَ الخَمْرِ. والطَّعْمُ حَقِيقَةٌ في المَأْكُولاتِ، مَجازٌ في المَشْرُوبِ، وفي اليَوْمِ قِيلَ: مِمّا أكَلُوهُ مِنَ القِمارِ فَيَكُونُ فِيهِ حَقِيقَةً، وقِيلَ: مِنهُما وعَنى بِالطَّعْمِ الذَّوْقَ، وهو قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُما، وكُرِّرَتْ هَذِهِ الجُمَلُ عَلى سَبِيلِ المُبالَغَةِ والتَّوْكِيدِ في هَذِهِ الصِّفاتِ، ولا يُنافِي التَّأْكِيدُ العَطْفَ بِثُمَّ، فَهو نَظِيرُ قَوْلِهِ ﴿كَلّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: ٣] ﴿ثُمَّ كَلّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: ٤] وذَهَبَ قَوْمٌ إلى تَبايُنِ هَذِهِ الجُمَلِ بِحَسَبِ ما قَدَّرُوا مِن مُتَعَلِّقاتِ الأفْعالِ، فالمَعْنى إذا ما اتَّقَوُا الشِّرْكَ والكَبائِرَ وآمَنُوا الإيمانَ الكامِلَ وعَمِلُوا الصّالِحاتِ، ثُمَّ اتَّقَوْا ثَبَتُوا ودامُوا عَلى الحالَةِ المَذْكُورَةِ، ثُمَّ اتَّقَوْا وأحْسَنُوا انْتَهَوْا في التَّقْوى إلى امْتِثالِ ما لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنَ النَّوافِلِ مِنَ الصَّلاةِ والصَّدَقَةِ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ وهو الإحْسانُ. وإلى قَرِيبٍ مِن هَذا ذَهَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ، قالَ إذا ما اتَّقَوْا ما حُرِّمَ عَلَيْهِمْ وآمَنُوا وثَبَتُوا عَلى الإيمانِ والعَمَلِ الصّالِحِ وازْدادُوا ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وآمَنُوا﴾ ثَبَتُوا عَلى التَّقْوى والإيمانِ ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وأحْسَنُوا﴾ ثَبَتُوا عَلى اتِّقاءِ المَعاصِي وأحْسَنُوا أعْمالَهم، وأحْسَنُوا إلى النّاسِ واسَوْهم بِما رَزَقَهُمُ اللَّهُ مِنَ الطَّيِّباتِ انْتَهى. وقِيلَ: الرُّتْبَةُ الأُولى لِماضِي الزَّمانِ، والثّانِيَةُ لِلْحالِ، والثّالِثَةُ لِلِاسْتِقْبالِ، وقِيلَ: الِاتِّقاءُ الأوَّلُ؛ هو في الشِّرْكِ والتِزامُ الشَّرْعِ، والثّانِي في الكَبائِرِ، والثّالِثُ في الصَّغائِرِ، وقِيلَ: غَيْرُ هَذا مِمّا لا إشْعارَ لِلَّفْظِ بِهِ. ومَعْنى الآيَةِ ثَناءٌ عَلى أُولَئِكَ الَّذِينَ كانُوا عَلى هَذِهِ الصِّفَةِ، وحَمْدٌ لَهم في الإيمانِ والتَّقْوى والإحْسانِ، إذْ كانَتِ الخَمْرُ غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ إذْ ذاكَ، فالإثْمُ مَرْفُوعٌ عَمَّنِ التَبَسَ بِالمُباحِ إذا كانَ مُؤْمِنًا مُتَّقِيًا مُحْسِنًا، وإنْ كانَ يَئُولُ ذَلِكَ المُباحُ إلى التَّحْرِيمِ، فَتَحْرِيمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لا يَضُرُّ المُؤْمِنَ المُتَّقِي المُحْسِنَ، وتَقَدَّمَ شَرْحُ الإحْسانِ، وأنَّ الرَّسُولَ ﷺ، فَسَرَّهُ في حَدِيثِ سُؤالِ جِبْرِيلَ، فَيَجِبُ أنْ لا يُتَعَدّى تَفْسِيرُهُ.
{"ayah":"لَیۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحࣱ فِیمَا طَعِمُوۤا۟ إِذَا مَا ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّأَحۡسَنُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق