الباحث القرآني

قَوْله - تَعَالَى -: ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ سَبَب نزُول الْآيَة هَذِه أَن الصَّحَابَة قَالُوا لما ورد تَحْرِيم الْخمر: يَا رَسُول الله كَيفَ حَال من مَاتَ منا وَهُوَ يشرب الْخمر؟ فَنزلت الْآيَة: وَقيل: إِنَّهُم قَالُوا: إِن حَمْزَة بن عبد الْمطلب، وَمصْعَب بن عُمَيْر اسْتشْهدُوا يَوْم أحد، وَكَانَا يشربان الْخمر، فَكيف حَالهمَا؟ فَنزلت الْآيَة وَبَين الله تَعَالَى أَنه لَا جنَاح عَلَيْهِم فِيمَا طعموا فِي حَال الْإِبَاحَة ﴿إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وآمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا﴾ (فِي هَذَا مقدم معنى مُؤخر أَقْوَال) : أَحدهَا: أَن معنى الأول: إِذا مَا اتَّقوا الشّرك وآمنوا، أَي: صدقُوا، وَعمِلُوا الصَّالِحَات ﴿ثمَّ اتَّقوا﴾ أَي: داموا على ذَلِك التَّقْوَى ﴿وآمنوا﴾ أَي ازدادوا إِيمَانًا ﴿ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا﴾ أَي: اتَّقوا بِالْإِحْسَانِ فِي كل محسن، وكل مُطِيع متق. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن التَّقْوَى الأول: اجْتِنَاب الشّرك، وَالتَّقوى الثَّانِي: اجْتِنَاب الْكَبَائِر وَالتَّقوى الثَّالِث: اجْتِنَاب الصَّغَائِر، وَهَذَانِ قَولَانِ معروفان فِي الْآيَة، وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: أَنه أَرَادَ بِهِ: إِذا مَا اتَّقوا قبل تَحْرِيم الْخمر، ثمَّ اتَّقوا بعد تَحْرِيم الْخمر، وَقيل هَذَا لَا يَصح؛ لِأَن قَوْله: ﴿إِذا مَا اتَّقوا﴾ إِنَّمَا يصلح للمستقبل لَا للماضي؛ فَإِن حرف " إِذا " للمستقبل. ﴿وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ﴾ ، روى أَن قدامَة بن مَظْعُون شرب الْخمر؛ فَدَعَاهُ عمر ليحده، فَقَالَ: أَلَيْسَ يَقُول الله - تَعَالَى -: ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ فَقَالَ: أَخْطَأت التَّأْوِيل، لقد قَالَ: ﴿إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا﴾ وَأَنت لم تتق النَّهْي. وروى: " أَن النَّبِي قَرَأَ هَذِه الْآيَة، ثمَّ قَالَ ابْن مَسْعُود: وأينا من هَؤُلَاءِ؟ ! "
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب