قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوۤاْ أَيْدِيَكُمْ﴾ الآية.
هذه الآية نزلت في ناس من أصحاب النبي ﷺ تسرعوا إلى قتال المشركين بمكة قبل الهجرة، بما يلقون منهم من الأذى، فقيل لهم: كفوا أيديكم عن القتال وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فكانوا يتمنون القتال ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ﴾ كرهه جماعة منهم، ومعنى كتب فرض، ومعنى ﴿لَوْلاۤ أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ أي: إلى أن نموت بآجالنا، ولا نتعرض للقتال فنقتل، حباً للدنيا فقال الله تعالى ﴿قُلْ مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ﴾.
قال ابن عباس: هو عبد الرحمن بن عوف وأصحابه سألوا النبي ﷺ القتال ثم كرهه جماعة منهم لما فرض عليهم.
وقال السدي: قوم أسلموا قبل أن يفرض القتال فسألوا القتال، فلما فرض عليهم كرهه جماعة منهم وخاف منه كما يخاف الله وأشد من ذلك.
وقيل: هم المنافقون عبد الله بن أبي وأصحابه.
وقيل: نزلت في يهود فعلوا ذلك، فنهى الله هذه الأمَة أن تصنع صنيعهم.
ويجوز - والله أعلم - أن يكون هؤلاء اليهود الذين فعلوا ذلك هم الذين ذكرهم الله في البقرة في قوله ﴿إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ﴾ [البقرة: ٢٤٦] ثم قال: ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ﴾ [البقرة: ٢٤٦] أي فرض ﴿تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٦].
ومن قراء ﴿وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ بالتاء أجراه على الخطاب لأن بعده ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ﴾.
ومن قرأ بالياء أجراه على ما قبله وهو قوله: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ﴾ وقوله ﴿وَقَالُواْ﴾ وقوله ﴿لَهُمْ﴾ وقوله ﴿كُفُّوۤاْ﴾ وشبهه.
{"ayah":"أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ قِیلَ لَهُمۡ كُفُّوۤا۟ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ یَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡیَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡیَةࣰۚ وَقَالُوا۟ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَیۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَاۤ أَخَّرۡتَنَاۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲۗ قُلۡ مَتَـٰعُ ٱلدُّنۡیَا قَلِیلࣱ وَٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِیلًا"}