الباحث القرآني
(p-٢٩٧)﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ قِيلَ لَهم كُفُّوا أيْدِيَكم وأقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتالُ إذا فَرِيقٌ مِنهم يَخْشَوْنَ النّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أوْ أشَدَّ خَشْيَةً﴾ خَرَّجَ النَّسائِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: «أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وأصْحابًا لَهُ أتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ فَقالُوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ كُنّا في عِزٍّ، ونَحْنُ مُشْرِكُونَ؛ فَلَمّا آمَنّا صِرْنا أذِلَّةً. فَقالَ: إنِّي أُمِرْتُ بِالعَفْوِ فَلا تُقاتِلُوا القَوْمَ؛ فَلَمّا حَوَّلَهُ اللَّهُ تَعالى إلى المَدِينَةِ أمَرَهُ بِالقِتالِ فَكَفُّوا، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ» . ونَحْوُ هَذا رُوِيَ عَنْ قَتادَةَ والسُّدِّيِّ، ومُقاتِلٍ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا: نَزَلَتْ واصِفَةً أحْوالَ قَوْمٍ كانُوا في الزَّمَنِ المُتَقَدِّمِ. قالَ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ: كَأنَّهُ يُومِئُ إلى قِصَّةِ الَّذِينَ قالُوا: ﴿ابْعَثْ لَنا مَلِكًا﴾ [البقرة: ٢٤٦] .
وقالَ مُجاهِدٌ: نَزَلَتْ في اليَهُودِ. وقالَ الحَسَنُ: في المُؤْمِنِينَ لِقَوْلِهِ: يَخْشَوْنَ النّاسَ؛ أيْ مُشْرِكِي مَكَّةَ. والخَشْيَةُ هي ما طُبِعَ عَلَيْهِ البَشَرُ مِنَ المَخافَةِ، لا عَلى المُخالَفَةِ. ونَحْوُ ما قالَ الحَسَنُ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: قالَ كَعَّ فَرِيقٌ مِنهم لا شَكًّا في الدِّينِ ولا رَغْبَةً عَنْهُ؛ ولَكِنْ نُفُورًا عَنِ الأخْطارِ بِالأرْواحِ، وخَوْفًا مِنَ المَوْتِ. وقالَ قَوْمٌ: كانَ كَثِيرٌ مِنَ العَرَبِ اسْتَحْسَنُوا الدُّخُولَ في الدِّينِ عَلى فَرائِضِهِ الَّتِي قَبْلَ القِتالِ مِنَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ، ونَحْوِها والمُوادَعَةِ، فَلَمّا نَزَلَ القِتالُ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وجَزِعُوا لَهُ فَنَزَلَتْ.
ومُناسَبَةُ هَذِهِ الآيَةِ لِما قَبْلَها ظاهِرَةٌ؛ لِأنَّهُ تَعالى لَمّا أمَرَ بِالقِتالِ حِينَ طَلَبُوهُ وجَبَ امْتِثالُ أمْرِ اللَّهِ؛ فَلَمّا كَعَّ عَنْهُ بَعْضُهم قالَ تَعالى: ألا تَعْجَبُ يا مُحَمَّدُ مِن ناسٍ طَلَبُوا القِتالَ فَأُمِرُوا بِالمُوادَعَةِ؛ فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ فَرِقَ فَرِيقٌ وجَزِعَ. ومَعْنى ﴿كُفُّوا أيْدِيَكُمْ﴾؛ أيْ عَنِ القِتالِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ: فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتالُ. وقالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ الرّازِيُّ: لا يُقالُ (كُفُّوا) إلّا لِلرّاغِبِينَ فِيهِ، وهُمُ المُؤْمِنُونَ. وقِيلَ يُرِيدُ المُنافِقِينَ. وإنَّما قالَ: كُفُّوا؛ لِأنَّهم كانُوا يُظْهِرُونَ الرَّغْبَةَ فِيهِ، انْتَهى.
وقالَ أيْضًا: ودَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّ إيجابَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ كانَ مُقَدَّمًا عَلى إيجابِ الجِهادِ، وهَذا التَّرْتِيبُ هو المُطابِقُ لِما في العُقُولِ؛ لِأنَّ الصَّلاةَ عِبارَةٌ عَنِ التَّعْظِيمِ لِأمْرِ اللَّهِ، والزَّكاةُ عِبارَةٌ عَنِ الشَّفَقَةِ عَلى خَلْقِ اللَّهِ. ولا شَكَّ أنَّهُما مُتَقَدِّمانِ عَلى الجِهادِ. والفَرِيقُ إمّا مُنافِقُونَ، وإمّا مُؤْمِنُونَ، أوْ ناسٌ في الزَّمانِ المُتَقَدِّمِ، أوْ أسْلَمُوا قَبْلَ فَرْضِ القِتالِ حَسَبَ اخْتِلافِ سَبَبِ النُّزُولِ. والنّاسُ هُنا أهْلُ مَكَّةَ قالَهُ الجُمْهُورُ، أوْ كُفّارُ أهْلِ الكِتابِ، ومُشْرِكُو العَرَبِ.
و(لَمّا) حَرْفُ وُجُوبٍ لِوُجُوبٍ عَلى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وظَرْفُ زَمانٍ بِمَعْنى حِينَ عَلى مَذْهَبِ أبِي عَلِيٍّ. وإذا كانَتْ حَرْفًا، وهو الصَّحِيحُ فَجَوابُهُ إذا الفُجائِيَّةُ، وإذا كانَتْ ظَرْفًا فَيَحْتاجُ إلى عامِلٍ فِيها فَيَعْسُرُ؛ لِأنَّهُ لا يُمْكِنُ أنْ يَعْمَلَ ما بَعْدَ إذا الفُجائِيَّةِ فِيما قَبْلَها، ولا يُمْكِنُ أنْ يَعْمَلَ في لَمّا الفِعْلُ الَّذِي يَلِيها؛ لِأنَّ لَمّا هي مُضافَةٌ إلى الجُمْلَةِ بَعْدَها. فَقالَ بَعْضُهم: العامِلُ في لَمّا مَعْنى يَخْشَوْنَ، كَأنَّهُ قِيلَ جَزِعُوا. قالَ: وجَزِعُوا هو العامِلُ في (إذا) بِتَقْدِيرِ الِاسْتِقْبالِ. وهَذِهِ الآيَةُ مُشْكِلَةٌ؛ لِأنَّ فِيها ظَرْفَيْنِ أحَدُهُما لِما مَضى، والآخَرُ لِما يُسْتَقْبَلُ، انْتَهى. والَّذِي نَخْتارُهُ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ في لَمّا، وأنَّها حَرْفٌ. ونَخْتارُ أنَّ إذا الفُجائِيَّةَ ظَرْفُ مَكانٍ يَصِحُّ أنْ يُجْعَلَ خَبَرًا لِلِاسْمِ المَرْفُوعِ بَعْدَهُ عَلى الِابْتِداءِ، ويَصِحُّ أنْ يُجْعَلَ مَعْمُولًا لِلْخَبَرِ. فَإذا قُلْتَ: لَمّا جاءَ زَيْدٌ إذا عَمْرٌو قائِمٌ، يَجُوزُ نَصْبُ قائِمٌ عَلى الحالِ. وإذا حَرْفٌ يَصِحُّ رَفْعُهُ عَلى الخَبَرِ، وهو عامِلٌ في إذا. وهُنا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ إذا مَعْمُولًا لِيَخْشَوْنَ، ويَخْشَوْنَ خَبَرُ فَرِيقٍ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ خَبَرًا، و(يَخْشَوْنَ) حالٌ مِن (فَرِيقٌ)، و(مِنهم) عَلى الوَجْهَيْنِ صِفَةٌ لِفَرِيقٍ. ومَن زَعَمَ أنَّ إذا هُنا ظَرْفُ زَمانٍ لِما يُسْتَقْبَلُ فَقَوْلُهُ فاسِدٌ؛ لِأنَّهُ إنْ كانَ العامِلُ فِيها ما قَبْلَها اسْتَحالَ؛ لِأنَّ (كُتِبَ) ماضٍ، و(إذا) لِلْمُسْتَقْبَلِ. وإنْ تُسُومِحَ فَجُعِلَتْ (إذا) بِمَعْنى إذْ صارَ التَّقْدِيرُ: فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتالُ في وقْتِ خَشْيَةِ فَرِيقٍ مِنهم، وهَذا يَفْتَقِرُ إلى جَوابِ (لَمّا)، ولا جَوابَ لَها. وإنْ كانَ العامِلُ فِيها ما بَعْدَها احْتاجَتْ إلى جَوابٍ هو العامِلُ فِيها، ولا جَوابَ لَها. والقَوْلُ في إذا الفُجائِيَّةِ: أهِيَ ظَرْفُ زَمانٍ ؟ أمْ ظَرْفُ مَكانٍ ؟ أمْ حَرْفٌ مَذْكُورٌ في (p-٢٩٨)عِلْمِ النَّحْوِ ؟ والكافُ في ﴿كَخَشْيَةِ اللَّهِ﴾ في مَوْضِعِ نَصْبٍ. قِيلَ عَلى أنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ خَشْيَةً كَخَشْيَةِ اللَّهِ. وعَلى ما تَقَرَّرَ مِن مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ أنَّها عَلى الحالِ مِن ضَمِيرِ الخَشْيَةِ المَحْذُوفِ؛ أيْ يَخْشَوْنَها النّاسَ أيْ يَخْشَوْنَ الخَشْيَةَ النّاسَ مُشْبِهَةً خَشْيَةَ اللَّهِ.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: ما مَحَلٌّ كَخَشْيَةِ اللَّهِ مِنَ الإعْرابِ ؟ قُلْتُ: مَحَلُّها النَّصْبُ عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ في يَخْشَوْنَ أيْ يَخْشَوْنَ النّاسَ مِثْلَ أهْلِ خَشْيَةِ اللَّهِ؛ أيْ مُشْبِهِينَ لِأهْلِ خَشْيَةِ اللَّهِ. أوْ أشَدَّ خَشْيَةً، يَعْنِي: أوْ أشَدَّ خَشْيَةً مِن أهْلِ خَشْيَةِ اللَّهِ. و(أشَدَّ) مَعْطُوفٌ عَلى الحالِ. فَإنْ قُلْتَ: لِمَ عَدَلْتَ عَنِ الظّاهِرِ، وهو كَوْنُهُ صِفَةً لِلْمَصْدَرِ، ولَمْ تُقَدِّرْهُ: يَخْشَوْنَ خَشْيَةَ اللَّهِ بِمَعْنى مِثْلَ ما يُخْشى اللَّهُ ؟ قُلْتُ: أبى ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أوْ أشَدَّ خَشْيَةً﴾؛ لِأنَّهُ وما عُطِفَ عَلَيْهِ في حُكْمٍ واحِدٍ. ولَوْ قُلْتَ: يَخْشَوْنَ النّاسَ أشَدَّ خَشْيَةً لَمْ يَكُنْ إلّا حالًا عَنْ ضَمِيرِ الفَرِيقِ، ولَمْ يَنْتَصِبِ انْتِصابَ المَصْدَرِ لِأنَّكَ لا تَقُولُ: خَشِيَ فُلانٌ أشَدَّ خَشْيَةً؛ فَتَنْصِبَ خَشْيَةً، وأنْتِ تُرِيدُ المَصْدَرَ؛ إنَّما تَقُولُ: أشَدَّ خَشْيَةٍ فَتَجُرُّها، وإذا نَصَبْتَها لَمْ يَكُنْ أشَدَّ خَشْيَةً إلّا عِبارَةً عَنِ الفاعِلِ حالًا مِنهُ، اللَّهُمَّ إلّا أنْ تَجْعَلَ الخَشْيَةَ خاشِيَةً عَلى حَدِّ قَوْلِهِمْ: جِدُّ جِدِّهِ، فَتَزْعُمُ أنَّ مَعْناهُ يَخْشَوْنَ النّاسَ خَشْيَةً مِثْلَ خَشْيَةٍ أشَدَّ خَشْيَةً مِن خَشْيَةِ اللَّهِ. ويَجُوزُ عَلى هَذا أنْ يَكُونَ مَحَلُّ (أشَدَّ) مَجْرُورًا عَطْفًا عَلى خَشْيَةِ اللَّهِ، يُرِيدُ: كَخَشْيَةِ اللَّهِ أوْ كَخَشْيَةٍ أشَدَّ خَشْيَةً مِنها، انْتَهى كَلامُهُ. وقَدْ يَصِحُّ خَشْيَةً، ولا يَكُونُ تَمْيِيزًا فَيَلْزَمُ مِن ذَلِكَ ما التَزَمَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، بَلْ يَكُونُ خَشْيَةً مَعْطُوفًا عَلى مَحَلِّ الكافِ، وأشَدَّ مَنصُوبًا عَلى الحالِ؛ لِأنَّهُ كانَ نَعْتَ نَكِرَةٍ تَقَدَّمَ عَلَيْها فانْتَصَبَ عَلى الحالِ والتَّقْدِيرُ: يَخْشَوْنَ النّاسَ مِثْلَ خَشْيَةِ اللَّهِ أوْ خَشْيَةً أشَدَّ مِنها. وقَدْ ذَكَرْنا هَذا التَّخْرِيجَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أوْ أشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: ٢٠٠]، وأوْضَحْناهُ هُناكَ.
وخَشْيَةُ اللَّهِ مَصْدَرٌ مُضافٌ إلى المَفْعُولِ والفاعِلُ مَحْذُوفٌ؛ أيْ كَخَشْيَتِهِمُ اللَّهَ. وأوْ عَلى بابِها مِنَ الشَّكِّ في حَقِّ المُخاطَبِ، وقِيلَ لِلْإبْهامِ عَلى المُخاطَبِ. وقِيلَ لِلتَّخْيِيرِ. وقِيلَ بِمَعْنى الواوِ. وقِيلَ بِمَعْنى بَلْ. وتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الأقْوالِ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ أشَدُّ قَسْوَةً﴾ [البقرة: ٧٤]، ولَوْ قِيلَ إنَّها لِلتَّنْوِيهِ، لَكانَ قَوْلًا يَعْنِي: أنَّ مِنهم مَن يَخْشى النّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ، ومِنهم مَن يَخْشاهم خَشْيَةً تَزِيدُ عَلى خَشْيَتِهِمُ اللَّهَ.
* * *
﴿وقالُوا رَبَّنا لَمْ كَتَبْتَ عَلَيْنا القِتالَ لَوْلا أخَّرْتَنا إلى أجَلٍ قَرِيبٍ﴾ الظّاهِرُ أنَّ القائِلِينَ هَذا: هم مُنافِقُونَ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى إذا أمَرَ بِشَيْءٍ لا يَسْألُ عَنْ عِلَّتِهِ مَن هو خالِصُ الإيمانِ، ولِهَذا جاءَ السِّياقُ بَعْدَهُ: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِن عِنْدِ اللَّهِ وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِن عِنْدِكَ﴾، وهَذا لا يَصْدُرُ إلّا مِن مُنافِقٍ. و(لَوْلا) لِلتَّحْضِيضِ بِمَعْنى هَلّا، وهي كَثِيرَةٌ في القُرْآنِ. والأجَلُ القَرِيبُ هُنا هو مَوْتُهم عَلى فُرُشِهِمْ كَذا قالَهُ المُفَسِّرُونَ. وذُكِرَ في حِرَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَوْلا أخَّرْتَنا إلى أجَلٍ قَرِيبٍ فَنَمُوتَ حَتْفَ أنْفِنا، ولا نُقْتَلَ، فَتُسَرُّ بِذَلِكَ الأعْداءُ. ومَن قالَ: إنَّهُ مِن قَوْلِ المُؤْمِنِينَ، فَيَكُونُونَ قَدْ طَلَبُوا التَّأْخِيرَ في كُتُبِ القِتالِ إلى وقْتِ ظُهُورِ الإسْلامِ (p-٢٩٩)وكَثْرَتِهِ، وهو بَعِيدٌ؛ لِأنَّ لَفْظَ (لَمْ) رُدَّ في صَدْرِ أمْرِ اللَّهِ وعَدَمِ اسْتِسْلامِهِمْ لَهُ مَعَ قَوْلِهِمْ: وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِن عِنْدِكَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَوْلا أخَّرْتَنا إلى أجَلٍ قَرِيبٍ اسْتِزادَةٌ في مُدَّةِ الكَفِّ، واسْتِمْهالٌ إلى وقْتٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ: ﴿لَوْلا أخَّرْتَنِي إلى أجَلٍ قَرِيبٍ فَأصَّدَّقَ﴾ [المنافقون: ١٠] . وقالَ الرّاغِبُ: وقالُوا رَبَّنا لَمْ كَتَبْتَ عَلَيْنا القِتالَ، يَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَفَوَّهُوا بِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ اعْتَقَدُوهُ، وقالُوا في أنْفُسِهِمْ، فَحَكى تَعالى ذَلِكَ عَنْهم تَنْبِيهًا عَلى أنَّهم لَمّا اسْتَصْعَبُوا ذَلِكَ دَلَّ اسْتِصْعابُهم عَلى أنَّهم غَيْرُ واثِقِينَ بِأحْوالِهِمْ.
﴿قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ والآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى﴾ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى كَوْنِ مَتاعِ الدُّنْيا قَلِيلًا في قَوْلِهِ: ﴿مَتاعٌ قَلِيلٌ﴾ [آل عمران: ١٩٧]، وإنَّما قَلَّ؛ لِأنَّهُ فانٍ، ونَعِيمُ الآخِرَةِ مُؤَبَّدٌ، فَهو خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى اللَّهَ، وامْتَثَلَ أمْرَهُ في ما أحَبَّ، وفي ما كانَ شاقًّا مِن قِتالٍ وغَيْرِهِ. وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ، وابْنُ كَثِيرٍ ﴿ولا يُظْلَمُونَ﴾ [النساء: ٤٩] بِالياءِ، وباقِي السَّبْعَةِ بِالتّاءِ عَلى الخِطابِ، وهو التِفاتٌ؛ أيْ لا تُنْقَصُونَ مِن أُجُورِ أعْمالِكم، ومَشاقِّ التَّكالِيفِ أدْنى شَيْءٍ؛ فَلا تَرْغَبُوا عَنِ الأجْرِ.
﴿أيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ المَوْتُ ولَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾؛ أيْ هَذا التَّأخُّرُ الَّذِي سَألُوهُ لا فائِدَةَ فِيهِ؛ لِأنَّهُ لا مُنْجِيَ مِنَ المَوْتِ سَواءٌ أكانَ بِقَتْلٍ أمْ بِغَيْرِهِ، فَلا فائِدَةَ في خَوَرِ الطَّبْعِ، وحُبِّ الحَياةِ. وتَحْتَمِلُ هَذِهِ الجُمْلَةُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَحْتَ مَعْمُولِ قُلْ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ إخْبارًا مِنَ اللَّهِ مُسْتَأْنَفًا بِأنَّهُ لا يَنْجُو مِنَ المَوْتِ أحَدٌ. والبُرُوجُ هُنا القُصُورُ في الأرْضِ؛ قالَهُ مُجاهِدٌ، وابْنُ جُرَيْجٍ والجُمْهُورُ. أوِ القُصُورُ مِن حَدِيدٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. أوْ قُصُورٌ في سَماءِ الدُّنْيا مَبْنِيَّةٌ قالَهُ السُّدِّيُّ. أوِ الحُصُونُ والآكامُ والقِلاعُ؛ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. أوِ البُيُوتُ الَّتِي تَكُونُ فَوْقَ الحُصُونِ قالَهُ بَعْضُهم. أوْ بُرُوجُ السَّماءِ الَّتِي هي مَنازِلُ القَمَرِ؛ قالَهُ الرَّبِيعُ وأنَسٌ والثَّوْرِيُّ، وحَكاهُ ابْنُ القاسِمِ عَنْ مالِكٍ. وقالَ: ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿والسَّماءِ ذاتِ البُرُوجِ﴾ [البروج: ١]، وجَعَلَ فِيها بُرُوجًا ﴿ولَقَدْ جَعَلْنا في السَّماءِ بُرُوجًا﴾ [الحجر: ١٦]، وقالَ زُهَيْرٌ:
؎ومَن هابَ أسْبابَ المَنِيَّةِ يَلْقَها ولَوْ رامَ أسْبابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ
مُشَيَّدَةٌ مُطَوَّلَةٌ؛ قالَهُ أبُو مالِكٍ ومُقاتِلٌ وابْنُ قُتَيْبَةَ والزَّجّاجُ. أوْ مَطْلِيَّةٌ بِالشِّيدِ؛ قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ. أوْ حَصِينَةٌ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ. ومَن قالَ: إنَّها بُرُوجٌ في السَّماءِ؛ فَلِأنَّها بِيضٌ شَبَّهَها بِالمِبْيَضِ بِالشِّيدِ، ولِهَذا قالَ الَّذِي هي قُصُورٌ بِيضٌ في السَّماءِ مَبْنِيَّةٌ.
والجَزْمُ في يُدْرِكْكم عَلى جَوابِ الشَّرْطِ، وأيْنَما تَدُلُّ عَلى العُمُومِ، وكَأنَّهُ قِيلَ في أيِّ مَكانٍ تَكُونُونَ فِيهِ أدْرَكَكُمُ المَوْتُ. ولَوْ هُنا بِمَعْنى إنْ، وجاءَتْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ النَّجاةِ مِنَ المَوْتِ بِتَقْدِيرِ: إنْ لَوْ كانُوا في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ، ولِإظْهارِ اسْتِقْصاءِ العُمُومِ في أيْنَما. وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمانَ: يُدْرِكُكم بِرَفْعِ الكافَيْنِ، وخَرَّجَهُ أبُو الفَتْحِ: عَلى حَذْفِ فاءِ الجَوابِ؛ أيْ فَيُدْرِكُكُمُ المَوْتُ، وهي قِراءَةٌ ضَعِيفَةٌ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ويَجُوزُ أنْ يُقالَ: حُمِلَ عَلى ما يَقَعُ مَوْقِعَ ﴿أيْنَما تَكُونُوا﴾، وهو: أيْنَما كُنْتُمْ كَما حُمِلَ، ولا ناعِبَ عَلى ما يَقَعُ مَوْقِعَ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ، وهو لَيْسُوا بِمُصْلِحِينَ. فَرُفِعَ كَما رَفَعَ زُهَيْرٌ يَقُولُ: لا غائِبَ ما لِي ولا حَرَمٌ. وهو قَوْلُ نَحْوِيٍّ سِيبَوَيْهِيٍّ، انْتَهى.
ويَعْنِي: أنَّهُ جَعَلَ ﴿يُدْرِكُكُمُ﴾ ارْتَفَعَ لِكَوْنِ ﴿أيْنَما تَكُونُوا﴾ في مَعْنى أيْنَما كُنْتُمْ، بِتَوَهُّمِ أنَّهُ نَطَقَ بِهِ. وذَلِكَ أنَّهُ مَتى كانَ فِعْلُ الشَّرْطِ ماضِيًا في اللَّفْظِ فَإنَّهُ يَجُوزُ في المُضارِعِ بَعْدَهُ وجْهانِ: أحَدُهُما: الجَزْمُ عَلى الجَوابِ. والثّانِي: الرَّفْعُ. وفي تَوْجِيهِ الرَّفْعِ خِلافٌ. الأصَحُّ أنَّهُ لَيْسَ الجَوابَ، بَلْ ذَلِكَ عَلى التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ والجَوابُ مَحْذُوفٌ. وإذا حُذِفَ الجَوابُ فَلا بُدَّ أنْ يَكُونَ فِعْلُ الشَّرْطِ ماضِيَ اللَّفْظِ؛ فَتَخْرِيجُ هَذِهِ القِراءَةِ عَلى هَذا يَأْباهُ كَوْنُ فِعْلِ الشَّرْطِ مُضارِعًا. وحَمْلُهُ عَلى (ولا ناعِبَ) لَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأنَّ (ولا ناعِبَ) عَطْفٌ عَلى التَّوَهُّمِ والعَطْفُ عَلى التَّوَهُّمِ لا يَنْقاسُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ أيْضًا، ويَجُوزُ أنْ يَتَّصِلَ بِقَوْلِهِ: ﴿ولا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾؛ أيْ لا تُنْقَصُونَ شَيْئًا مِمّا كُتِبَ (p-٣٠٠)مِن آجالِكم أيْنَما تَكُونُوا في مَلاحِمِ حُرُوبٍ أوْ غَيْرِها. ثُمَّ ابْتَدَأ بِقَوْلِهِ: ﴿يُدْرِكُكُمُ المَوْتُ ولَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ . والوَقْفُ عَلى هَذا الوَجْهِ ﴿أيْنَما تَكُونُوا﴾، انْتَهى كَلامُهُ. وهَذا تَخْرِيجٌ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ، لا مِن حَيْثُ المَعْنى، ولا مِن حَيْثُ الصِّناعَةُ النَّحْوِيَّةُ؛ أمّا مِن حَيْثُ المَعْنى فَإنَّهُ لا يُناسِبُ أنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ: ﴿ولا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾؛ لِأنَّ ظاهِرَ انْتِفاءِ الظُّلْمِ إنَّما هو في الآخِرَةِ لِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ والآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى﴾
وأمّا مِن حَيْثُ الصِّناعَةُ النَّحْوِيَّةُ فَإنَّهُ عَلى ظاهِرِ كَلامِهِ يَدُلُّ عَلى أنَّ ﴿أيْنَما تَكُونُوا﴾ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ﴿ولا تُظْلَمُونَ﴾، ما فَسَّرَهُ مِن قَوْلِهِ؛ أيْ لا تُنْقَصُونَ شَيْئًا مِمّا كُتِبَ مِن آجالِكم أيْنَما تَكُونُوا في مَلاحِمِ الحَرْبِ أوْ غَيْرِها؛ وهَذا لا يَجُوزُ؛ لِأنَّ أيْنَما اسْمُ شَرْطٍ، فالعامِلُ فِيهِ إنَّما هو فِعْلُ الشَّرْطِ بَعْدَهُ. ولِأنَّ اسْمَ الشَّرْطِ لا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ عامِلُهُ، فَلا يُمْكِنُ أنْ يَعْمَلَ فِيهِ، ﴿ولا تُظْلَمُونَ﴾ . بَلْ إذا جاءَ نَحْوَ: اضْرِبْ زَيْدًا مَتى جاءَ، لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ النّاصِبُ لِمَتى اضْرِبْ. فَإنْ قالَ: يُقَدَّرُ لَهُ جَوابٌ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ ما قَبْلَهُ، وهو: ﴿ولا تُظْلَمُونَ﴾؛ كَما تُقَدَّرُ في اضْرِبْ زَيْدًا مَتى جاءَ؛ فالتَّقْدِيرُ: أيْنَما تَكُونُوا فَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا؛ أيْ فَلا يَنْقُصُ شَيْءٌ مِن آجالِكم، وحَذَفَهُ لِدَلالَةِ ما قَبْلَهُ عَلَيْهِ. قِيلَ لَهُ: لا يُحْذَفُ الجَوابُ إلّا إذا كانَ فِعْلُ الشَّرْطِ بِصِيغَةِ الماضِي، وفِعْلُ الشَّرْطِ هُنا مُضارِعٌ. تَقُولُ العَرَبُ: أنْتَ ظالِمٌ إنْ فَعَلْتَ، ولا تَقُلْ أنْتَ ظالِمٌ إنْ تَفْعَلْ. وقَرَأ نُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: مَشِيدَةٌ بِكَسْرِ الياءِ وصْفًا لَها بِفِعْلِ فاعِلِها مَجازًا، كَما قالَ: قَصِيدَةٌ شاعِرَةٌ، وإنَّما الشّاعِرُ ناظِمُها.
{"ayahs_start":77,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ قِیلَ لَهُمۡ كُفُّوۤا۟ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ یَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡیَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡیَةࣰۚ وَقَالُوا۟ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَیۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَاۤ أَخَّرۡتَنَاۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲۗ قُلۡ مَتَـٰعُ ٱلدُّنۡیَا قَلِیلࣱ وَٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِیلًا","أَیۡنَمَا تَكُونُوا۟ یُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِی بُرُوجࣲ مُّشَیَّدَةࣲۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةࣱ یَقُولُوا۟ هَـٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَیِّئَةࣱ یَقُولُوا۟ هَـٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلࣱّ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا یَكَادُونَ یَفۡقَهُونَ حَدِیثࣰا"],"ayah":"أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ قِیلَ لَهُمۡ كُفُّوۤا۟ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ یَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡیَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡیَةࣰۚ وَقَالُوا۟ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَیۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَاۤ أَخَّرۡتَنَاۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲۗ قُلۡ مَتَـٰعُ ٱلدُّنۡیَا قَلِیلࣱ وَٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق