الباحث القرآني
ثم قال الله تبارك وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُم﴾ إلى آخره. الاستفهام هنا استفهام تعجيبي؛ يعني اعْجَبْ لحال هؤلاء.
وقوله: ﴿تَرَ﴾ يحتمل أن تكون رؤية علمية أو رؤية بصرية، والظاهر أنها رؤية علمية؛ يعني تعجَّبْ من حال هؤلاء بقلبك وفِكرك.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُم﴾ والقائل مبهم، والظاهر أنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقوله: ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُم﴾ أي: امنعوها عن القتال، وذلك أن بعض الصحابة الذين كانوا في مكة لما ظلمتهم قريش وضيّقت عليهم قالوا: أفلا نقاتلهم؟ لماذا يحجرون علينا ويظلموننا؟ أفلا نقاتلهم؟ فقيل لهم: ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُم﴾ لا تقاتلوهم؛ لأن القتال في غير موضعه مهلكة، فلا تقاتلوهم، كفوا أيديكم، وتعلمون أن الناس في مكة مضطهدون مظلومون، ليس لهم شوكة، وليس لهم دولة، فالقتال غير لائق إطلاقًا، فقيل لهم: ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُم﴾ أي: عن القتال، والدليل أن المراد عن القتال قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّة﴾ [الفتح ٢٤] أي: كفّها عن القتال، ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُم﴾.
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاة﴾ يعني قوموا بالعبادات الخاصة التي ليس فيها قتال ولا جهاد.
﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ وهذه عبادة خاصة بالإنسان لا تتعداه إلى غيره.
﴿وَآتُوا الزَّكَاة﴾ وهذه عبادة تتعداه إلى غيره، لكنها عبادة؛ فالزكاة مثلًا لا يراد بها مجرد الإحسان إلى الفقراء، أهم شيء فيها أن تتعبّد لله ببذل المحبوب؛ وهو المال لنيل المطلوب، ولهذا يغلط من يفهم من الزكاة أنه لا يراد بها إلا مجرد نفع المستحقين، هذا ليس المقصود؛ المقصود التعبد لله ببذل ما تحب، وكلنا يحب المال كما قال تعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر ٢٠]، وقال: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ﴾ أي المال ﴿لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات ٨].
فيقول: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاة﴾ وهي عبادة خاصة لا تتعدى الإنسان. ﴿وَآتُوا الزَّكَاة﴾ وهي عبادة متعدية ﴿وَآتُوا الزَّكَاة﴾. الصلاة معروفة هي عبادة أو هي التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، وهنا يجب أن تلحقوا بالتعاريف التي عرفها الفقهاء في العبادات أن تلحقوا بها: التعبّد لله، نحن نجد في كتب الفقهاء مثلًا: الصلاة هي: أقوال وأفعال معلومة. هذا ما يكفي هذا؛ لأن الإنسان لو أراد أن يقول هذه الأقوال ويفعل هذه الأفعال بدون تعبد لله ما صارت صلاة، يجب أن نزيد أيش؟ التعبد لله بأقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.
ثانيًا: الزكاة: نقول: هي التعبد لله ببذل جزء من المال على وجه مخصوص معلوم من السنة.
وقوله: ﴿آتُوا الزَّكَاة﴾ نعلم أن (آتى) تنصب مفعولين، أصلهما؟
* طلبة: ليس أصلهما المبتدأ والخبر.
* الشيخ: ليس أصلهما المبتدأ والخبر، بل من باب (كسا)، فإذن ﴿آتُوا الزَّكَاة﴾ المفعول الثاني محذوف، التقدير: مستحقّها، أو أهلها.
﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ﴾ أي: فلما فرض، والكَتْب بمعنى الفرض لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة ١٨٣]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء ١٠٣] أي: فرضًا، ﴿كُتِبَ﴾ أي: فرض، ومتى فرض؟
فُرض حين هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه إلى المدينة، وكان لهم دولة، وكان لهم شوكة أُمروا بالجهاد، و﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير﴾ [الحج ٣٩]، وكان فرض الجهاد في السنة الثانية من الهجرة، فرض الجهاد على المسلمين ﴿لَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَة﴾ [النساء ٧٧].
﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُم﴾ ممن؟ من الذين طلبوا أن يقاتلوا وهم في مكة، فلما كُتب عليهم القتال في المدينة تخلّف فريق منهم، وزالت عزيمته التي كانت له في مكة ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُم﴾ أي: طائفة منهم.
﴿يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ يخشونهم: أي: يخافونهم ويتقونهم.
﴿كَخَشْيَةِ اللَّهِ﴾ أي: كخشيتهم لله، ولهذا نقول: إن هذا المصدر مضاف إلى مفعوله أو فاعله؟
* طلبة: مفعوله.
* الشيخ: مفعوله، والتقدير: كخشيتهم لله.
﴿أَوْ أَشَدَّ خَشْيَة﴾ ﴿أَوْ﴾ حرف عطف، لكن هل هي للشك؟ أو للتنويع؟ أو للإضراب؟ نقول: أما للشك فلا، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن الله يشك عز وجل، الله عالم، الإنسان يشك يقول: هذا مثل هذا أو أحسن، هل هي للتنويع؟ يعني إن بعضهم يخشون الناس كخشية الله وبعضهم يخشون الناس أشد خشية؟ يحتمل، أو للإضراب، وأن المعنى: بل أشد خشية، أو لتحقيق ما سبق؟
يحتمل أيضًا، ولهذا لما قال الله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ [الصافات ١٤٧] أرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون، قال العلماء: كيف ﴿أَوْ يَزِيدُونَ﴾؟ الله لا يعلم؟ يعلم عز وجل أنهم بعدد معين فكيف قال: ﴿أَوْ يَزِيدُون﴾؟ نقول: لا شك هنا ﴿أَوْ﴾ ليست للشك قطعًا، لكن بعضهم قال: إنها للإضراب، والمعنى: بل يزيدون، وبعضهم قال: إنها لتحقيق ما سبق، كما تقول: هذا مثل هذا إن لم يكن مثله فهو أعلى منه مثلًا، فيكون ﴿أَوْ﴾ لتحقيق ما سبق، أما للتنويع في الآية: ﴿أَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ فلا تأتي؛ لأنها طائفة واحدة لا يمكن فيها التنويع.
على كل حال ﴿أَوْ﴾ في مثل هذا السياق لا يمكن أن نجعلها للشك؛ لأن الشك لا يمكن أن يقع في خبر الله عز وجل.
﴿أَوْ أَشَدَّ خَشْيَة﴾ يعني أعلى وأعظم خشية، واعلم أن الخشية والخوف تترادفان بمعنى أن إحداهما -أي إحدى الكلمتين- يأتي في مكان الآخر كثيرًا، لكن قالوا: إن هناك فرقًا دقيقًا بينهما، فمن الفروق أن الخشية مبنية على علم، بخلاف الخوف فقد يأتي عن وهم لا حقيقة له، لكن الخشية عن علم، قد يرى الإنسان شبحًا من بعيد فيظنه عدوًّا فيخاف، نقول: هذا خوف ولَّا خشية؟ خوف؛ لأنه مبني على وهم، قد يكون شجرة ما هي عدو، لكن إذا رأى أنه عدو، وأنه متسلّح حينئذٍ يخشاه، واستدلوا لقولهم هذا بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر ٢٨].
وأُورد على هؤلاء قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل ٥٠] وهنا خوف، فأجيب بأن قوله: ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ يمنع أن يكون هذا الخوف وهمًا، بل هو خوف عن عِلْم، كذلك قالوا: إن الخشية تكون من عظمة المخشيّ والخوف يكون إما من عظمة المخوف، وإما من ضعف الخائف، وعلى هذا فإذا خاف صبي له سبع سنوات من صبي له عشر سنوات نقول: هذه خشية ولَّا خوف؟ خوف؛ لأن الصبي الذي له عشر سنوات ضعيف ما يُخشى منه، لكن لضعف الصبي الثاني الذي له سبع سنوات صار يخافه، فنقول: هذا خوف وليس بخشية، خشية الله عز وجل خشية لا شك؛ لأنها لعظمة المخشيّ عز وجل، وكل من سوى الله فهو ضعيف بالنسبة لله كما قال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ [فصلت ١٥].
وقالوا أيضًا: إن الخشية أشد من الخوف، واستدلوا لهذا بالاشتقاق قالوا: لأن الشين والياء والخاء في جميع تصرفاتها تدل على غلظة، ومنه (الشيخ) شين، ياء، خاء، تدل على كِبر، تقدّم سِنّ، والإنسان إذا كبر وتقدّم سنه صلب عوده، إذا أردت أن تعدّله انكسر ما فيه، لكن الصغير لين يمكن تعدّله إذا مال، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام وهو يوصي السرايا والبعوث قال: «اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ»[[أخرجه أبو داود (٢٦٧٠)، والترمذي (١٥٨٣) من حديث سمرة بن جندب.]] أي: شبابهم، وقالوا أيضًا: من (الخِيش).
* طالب: (...).
* الشيخ: ما فيه مانع (خاء، ياء، شين). الخيش غليظ، ولَّا الحرير؟
* طالب: الخيش.
* الشيخ: قالوا: إنه أغلظ، فهذا يدل على أن الخشية أعظم وأشد.
يقول: ﴿يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ﴾ سبحان الله بالأمس تطلبونه، والآن تعترضون عليه؟! وهذا يدل على ضعف الإنسان مهما بلغ في المنزلة.
﴿لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ﴾ ﴿لِمَ﴾ الاستفهام هنا إما للتعجب وهو أليق بحال الصحابة، وإما للإنكار؛ وهو بعيد بالنسبة لحال الصحابة رضي الله عنهم.
﴿لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ ﴿لَوْلَا﴾ بمعنى (هلَّا)، فهي للتحضيض.
﴿أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ ولم يقولوا: إلى أجل بعيد؛ لأن الدنيا كلها قريبة مهما طالت بالإنسان الحياة فإنها قريبة، وهذا يدل على جبن وخور؛ لأنه لا يلزم من فرض القتال أن يموتوا، وكم من إنسان قاتل، وجالد، وخاض الغمار، وقطع صفوف الأعداء ولم يُقتل؛ ومنهم خالد بن الوليد رضي الله عنه، كم قاتل وكم حارب، ومات على فراشه! وقال:« ها أنا أموت على فراشي كما يموت الحمار، فلا نامت أعين الجبناء. »[[تاريخ دمشق (١٦ / ٢٧٣) عن أبي الزناد.]] فيقال: لا يلزم من القتال أن يقتل الإنسان، يفرض عليه الجهاد ويجاهد وينجو.
﴿لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ وهنا يحتمل أن يكون ﴿قَرِيبٍ﴾ من كلامهم، وأنهم لا يريدون امتداد العمر الطويل؛ لأنهم يعرفون أن الدنيا كلها قريبة، ويحتمل أن كلامهم انقطع إلى قوله: ﴿إِلَى أَجَلٍ﴾، ولكن الله بيَّن أن الأجل مهما كان فهو قريب.
﴿قُلْ﴾ الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام.
﴿مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾ إي والله متاع الدنيا قليل، لا بالنسبة لنوعه، ولا لجنسه، ولا لأمده، قليل، كل ما في الدنيا من نعيم لا يقاس بنعيم الآخرة، كما قال تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة ١٧] حتى ما يوجد في الدنيا ويوجد له نظير في الآخرة فالفرق عظيم، الفرق بينهما كالفرق بين الدنيا والآخرة. ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن ٦٨] لحم، خمر، لبن، ماء، عسل، لكن هل هذا مثل هذا؟ أبدًا، لا يمكن أن تتصور ما في الآخرة ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾.
أيضًا قليل من جهة أمده، مهما كان فهو قليل، الذين بقوا في كهفهم ثلاث مئة سنين قالوا: ﴿لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [الكهف ١٩]، والذي أماته الله مئة عام، ثم بعثه ﴿قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [البقرة ٢٥٩]، وقد قال الله: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)﴾ [الشعراء ٢٠٥ - ٢٠٧]. مهما طال الأمد في الدنيا فإنه قليل، ولقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»[[أخرجه البخاري (٢٨٩٢) من حديث سهل بن سعد. ]].
ولهذا قال: ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى﴾ الآخرة خير، خير منين؟ من الدنيا وهي اسم تفضيل حُذفت منه همزة (أفعل) تخفيفًا لكثرة وروده في كلام الناس، ومثله شرّ، ومثله الناس؛ وأصله (أناس)، ومثله الله؛ أصله (الإله)، فالعرب يحذفون أحيانًا بعض الحروف في الكلمة لكثرة استعمالها.
﴿خَيْرٌ﴾ في أي شيء؟ خير في نوعه، وجنسه، ومدته، ولهذا قال في سورة (سبّح): ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)﴾ [الأعلى ١٦، ١٧].
وقوله: ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾ هذا قيد لا بد منه؛ لأن الآخرة ليست خيرًا لغير المتقين، بل هي شر، وإنما هي خير لمن اتقى، واتقى أصله من الوقاية، فأصل اتقى (اوْتَقى)، لكن قُلبت الواو تاءً لعلة تصريفية، ثم أُدغمت التاء بالتاء، وهنا ذُكرت التقوى، واعلم أنه إذا ذُكرت التقوى وحدها شملت البر، وإذا ذُكر البر وحده شمل التقوى، وإذا ذُكر البر والتقوى جميعًا صار البر فعل الطاعات والتقوى ترك المحرمات، فقوله تعالى: ﴿تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة ٢] البر: فعل الطاعات، التقوى: ترك المحرمات، هنا ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾ يشمل البر والتقوى.
وقوله: ﴿خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى﴾ يعني أما غير المتقِي فليست خيرًا له.
﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ فيها قراءتان: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ﴾ ﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ كما أن فيه أيضًا كلمة سبقت فيها ثلاث قراءات؛ وهي قوله: ﴿عَلَيْهِمُ﴾ ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ﴾ فيها: (ضم الهاء والميم)، و(كسر الهاء وضم الميم)، و(كسرهما جميعًا).
الأول: ﴿عَلَيْهُمُ﴾ ، الثاني: ﴿عَلَيْهِمُ﴾، الثالث: ﴿عَلَيْهِمِ﴾ ﴿عَلَيْهِمِ الْقِتَالُ﴾ .
* طالب: الثاني يا شيخ؟
* الشيخ: الثاني: كسر الهاء وضم الميم ﴿عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ﴾ هذا هو المعروف في المصحف الآن، كسر الهاء وضم الميم.
﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ وفي قراءة: ﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ إن كانت بالتاء فهي من جملة القول الذي أمر الله نبيه أن يقوله.
﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ يعني قل لهم: لا تظلمون فتيلًا، وإن كانت بالياء فهي من كلام الله عز وجل يعني: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ تكون من الله عز وجل.
الفتيل: هو الخيط الذي يكون في بطن النواة، عرفتم؟ النواة فيها ثلاثة أشياء يُضرب بها المثل في الحقارة: النقير، والقِطمير، والفتيل؛ الفتيل هو الخيط الذي يكون في بطن النواة، النواة تعرفونها؟ ما تعرف النواة؟ هذا البسر، التمر، في بطنها خيط، تعرفون؟
* طالب: (...) خارجي.
* الشيخ: إي: خارجي، ما هو في وسطها، هذا يسمى (فتيل)، عليها سلب يسمى (قطمير)، في ظهرها نقرة يسمى النقير، هذه النقرة منها يخرج العرق إذا دفنتها في الأرض، وأراد الله عز وجل أن تنبت خرجت العرق من هذه النقرة، ثم انتشر في الأرض، بعد مدة يكون كل المخ اللي فيها راح وانسحب ما يبقى إلا القشر الذي هو جلدها ليس القطمير.
يضرب بهذه الأشياء الثلاثة، يضرب بها المثل في قلة الشيء وحقارته؛ يعني أن جميع الناس لا يُظلمون فتيلًا، كل يُجازَى بعمله، ولكن بقي أن يقال: كم عمر الكافر في الدنيا؟ لنقل: مئة سنة، خلوه من غير هذه الأمة، كم يبقى في النار؟ أبد الآبدين، لو قال قائل: هذا ظلم؛ لأنه كيف يكون الجزاء أبد الآبدين والعمل محدد بمئة سنة أو نحو ذلك؟
نقول: استوعب ظلمه وكفره جميع حياته في الدنيا، فليستوعب جزاؤه جميعَ بقائه في الآخرة، ثم هو قد أُعذر إليه وقد بيّن له ليس له عذر، الأمر ليس مبهمًا حتى يقال: إنه ظلم.
* طالب: فيه قول آخر (...).
* الشيخ: أنا قائله يا جماعة؟ أنا قائله؟ (...) أنا، لا، يمكن نقلته عن غيري.
* طالب: الأرجح التمر.
* الشيخ: إي، الأرجح التمر؛ لأن هذه الواحد إذا صار مغتسلًا بالصابون وحك ما يحصل شيء.
* طالب: شيخ -بارك الله فيك- تعلّمنا أن الحدود يجب أن تكون جامعة مانعة، وقلنا في مفهوم الطاغوت في هذه الآية: أنه من قاتل في غير سبيل الله، ولكن يا شيخ فيه أحاديث تبين أن الذي يقاتل مثلًا في سبيل الدفاع عن نفسه، أو في سبيل الدفاع عن عرضه، فهذا مأجور حتى لو مات يموت شهيدًا وهو في غير سبيل الله؟
* الشيخ: لا يا أخي، كيف هذا في غير سبيل الله؟
* الطالب: هو في سبيل الله؟
* الشيخ: إي نعم؛ لأنك مأمور بحفظ نفسك والدفاع عنها؛ يعني ليس في سبيل الله أنه خاص بقتال الكفار، هنا يصح أن يقولوا في سبيل الله: كل شيء أمر الله به فهو في سبيله.
* الطالب: إعلاء كلمة الله.
* الشيخ: نعم، وبقاء المسلم فيه إعلاء كلمة الله.
* طالب: (...) أن الكافر يخلد؛ لأن نيته في الدنيا أن يبقى على الكفر؛ لأن نيته أن يبقى على الكفر باقية..
* الشيخ: ما هو صحيح؛ لأنهم يوم القيامة يعترفون بالإيمان، ويؤمنون حقًّا.
* طالب: شيخ، إذا قلنا: إن قراءة: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ شيخ، لو قلنا: إن الله سبحانه وتعالى، وفي الآية التي (...).
* الشيخ: قلنا: (...) هذه من بقية الخطاب ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾؛ يعني قل لهم: متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى وأنتم لا تظلمون.
إذا قلنا: إنها من الله ﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ صارت خطابًا حتى للرسول، والخطاب الآن مع الكفار.
* طالب: قلنا: ﴿أَوْ﴾ للإضراب لتحقيق ما سبق وقلنا: أتت في (...) كلام الله عز وجل.
* الشيخ: لا، في غير كلام الله.
* الطالب: أتت في كلام الله (...).
* الشيخ: لا تأتي، نعم.
* الطالب: للتنويع والإضراب..
* الشيخ: يعني بعضهم مثل خشية الله، وبعضهم أشد.
* الطالب: لا، في الإضراب يا شيخ؛ يعني إلى مئة ألف بل يزيدون، قد يقول قائل: إن الله عز وجل علم أنهم مئة ألف، فبعد ذلك تبين له أنهم يزيدون، فقال: بل يزيدون، فقد يورد هذا الكلام، يقول: الآن عندنا كلام المخلوق، يقول: هذا الشيء يعني بالعدد، يقول: هذا عشر، فبعد ذلك يتبين له أنه أخطأ فيقول: لا، بل اثنا عشر.
* الشيخ: لكن هل يمكن هذا في كلام الله؟
* الطالب: لا يمكن، ولكن كيف نرد على..؟ إذا قلنا: إنها تأتي للإضراب؟
* الشيخ: الإضراب نوعان: إضراب إبطالي، وإضراب انتقالي، هذا انتقالي، ما هو معنى أنه أبطل الأول وجاء بالثاني، المعنى لأجل تحقق هذا الأمر أنهم لا يمكن أن ينقصوا عن مئة ألف.
* الطالب: وللتحقيق مثلًا يا شيخ.
* الشيخ: هذه اختارها ابن القيم.
* الطالب: ألا يذكر فيها (...)؟
* الشيخ: لا، هذه ما (...) المعنى أنهم مئة ألف ولا يزيدون.
* الطالب: تحقيق ما سبق.
* الشيخ: إذا قلنا: لتحقيق ما سبق فالمعنى أنهم مئة ألف ولا يزيدون، لكن أتى بقوله: ﴿أَوْ يَزِيدُونَ﴾ [الصافات ١٤٧] تحقيقًا لما سبق.
* الطالب: يعني لا ينقصون؟
* الشيخ: يعني لا ينقصون.
* طالب: الذين قالوا: إن هذه الآية في المنافقين.
* الشيخ: أيهم؟
* الطالب: استدلوا بثلاث علامات، قالوا: منها: (...) لغير الله، وهذه من علامات المنافق، الثاني: اعتراضهم على الله ﴿لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا﴾، الثالث: (...).
* الشيخ: نقول: سبب النزول؛ العلماء تكلموا وسموا أيضًا الذين قالوا ها الكلام سموهم، فما دامت المسألة واقعة، وأن المسلمين في مكة كان عندهم حميّة قوية ضد قريش الذين امتهنوهم وظلموهم، ثم بعد ذلك ضعفت نفوسهم؛ لأن المنافقين أصلًا ما طلبوا القتال، أصلًا ما طلبوا القتال حتى يقال لهم: كفوا أيديكم، وكلمة ﴿قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾ معناه أنهم طلبوا، ولكن قيل: ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾.
* * *
* طالب: إذا تعدت لمفعول واحد فهي بصرية فحينئذٍ لماذا نقول: يحتمل ويحتمل ننظر إذا كانت تعدت لمفعولين نقول..؟
* الشيخ: أحيانًا تنصب ويكون الثاني حالًا، لو قلت: رأيت زيدًا قائمًا بعيني نصبت الآن، لكن الثاني ماذا نقول؟ حال.
* طالب: (...) مجالس تربوية يا شيخ، ما رأيك؟
* الشيخ: أنا رأيي هذا صحيح، لكن أنت سمعتني غير مرة في أمور تربوية، مجالس تربوية نحثكم على الأخلاق الطيبة الفاضلة، وعلى السلام ابتداء وردًّا، ولكن لم نجد تطبيقًا. ما هو نتكلم دائمًا على هذا، لكن الآن نشوف الطلبة يمر الواحد بأخيه لا يسلّم عليه.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٧٩)﴾ [النساء ٧٨، ٧٩].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾. إلى آخره.
ما هي الكلمة التي فيها ثلاث قراءات في هذه الآية؟
* طالب: كلمة ﴿عَلَيْهِمُ﴾.
* الشيخ: كلمة ﴿عَلَيْهِمُ﴾ نعم، القراءات؟
* الطالب: سمعيّة موجودة في المصحف كسر الهاء، وضم الميم.
* الشيخ: كسر الهاء وضم الميم، اقرأها؟
* الطالب: ﴿عَلَيْهِمُ﴾. الثانية بكسر الهاء وكسر الميم: ﴿عَلَيْهِمِ﴾ ، الثالثة ضم الهاء، وضم الميم: ﴿عَلَيْهُمُ﴾ .
* الشيخ: أحسنت، تمام. وما هي الكلمة اللي فيها قراءتان؟
* طالب: ﴿وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ ﴿ولا يُظْلَمُونَ﴾ .
* الشيخ: يعني بالتاء والياء والحركات واحدة.
قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾.
* في هذه الآية فوائد؛ منها: التعجب، أو الدعوة للتعجب لما يكون محلّ تعجب؛ لأننا ذكرنا أن الاستفهام للتعجيب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإنسان قد يتعجّل الشيء، فإذا نزل به نكص عنه، هؤلاء تعجّلوا القتال، فلما أمروا به نكص بعضهم عنه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٩٦٦)، ومسلم (١٧٤٢ /٢٠) من حديث عبد الله بن أبي أوفى. ]].
* ويتفرع على هذه الفائدة: أنه لا ينبغي للإنسان أن يتدخل في أمر يعجز عن الخروج منه، ولهذا جاء في الأثر: «لا يذل أحدُكم نفسَه، قالوا: كيف يذل نفسه؟ قال: يتكلم في أمر، ثم لا يستطيع الخروج منه».[[أخرجه الترمذي (٢٢٥٤)، وابن ماجه (٤٠١٦) من حديث حذيفة. ]] هذا الأثر أو معناه، ووجه كون ذلك إذلالًا للنفس أن الإنسان إذا شرع بالشيء، ثم عجز عنه وتأخّر نزلت قيمته عند الناس وقالوا: هذا رجل متسرّع، هذا رجل متعجّل، كيف يدخل في أمر وهو لا يعرف كيف يخرج منه؟
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإنسان إذا كان لا يستطيع أن يقوم بالجهاد فليُحسن الأعمال أو العبادات الخاصة؛ لأنه أمر بها؛ لقوله: ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن القتال فرض؛ قتال الكفار فرض؛ لقوله: ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ﴾. وهنا أسئلة:
الأول: هل هو فرض عين أو فرض كفاية؟
نقول: الأصل أنه فرض كفاية، هذا الأصل، ويكون فرض عين -على ما قال العلماء- في أربعة مواضع:
الموضع الأول: إذا حضر الصف، فإنه حينئذٍ يتعين عليه أن يقاتل، فإن تولّى فذلك من كبائر الذنوب؛ لقول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الأنفال ١٥، ١٦]؛ «ولأن النبي ﷺ جعل التولّي يوم الزحف من الموبقات»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٧٦٦)، ومسلم (١٧٤٢ / ٢٠) من حديث أبي هريرة.]].
الموضع الثاني: إذا حصره العدو، حصره العدو فيجب عليه الدفاع؛ لأنه إذا انهزم أمام العدو صار في هذا فتنة كبيرة في الدين والله يقول: ﴿قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [البقرة ١٩٣].
والثالث: إذا حصر بلده فإنه يتعيّن عليه أن يدافع عن بلده ولا يستسلم بقدر ما يستطيع.
والرابع: إذا دعاه الإمام، إذا استنفره الإمام فإنه يجب عليه أن يستجيب، ولاحظوا أن حصر العدو وحصر الإنسان سواء؛ يعني لو حصر جماعة في برية أو حصر البلد تعتبر واحدة، إذا دعاه الإمام وجب أن يستجيب لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ [التوبة ٣٨]، وهذا إنكار عليهم إذا قيل لهم: انفروا في سبيل الله اثاقلوا إلى الأرض.
الرابعة: قلنا: إذا حصره أو حصر بلده هي شيء واحد، أنا عددتهما اثنين لكنهما شيء واحد.
الرابعة: إذا احتيج إليه، مثل أن يكون عنده علم لنوع من السلاح لا يعرفه إلا هو، فهنا يتعيّن عليه أن يتقدم ويقاتل، الأصل أن القتال فرض كفاية ويتعين في هذه الأمور الأربعة.
السؤال الثاني: هل القتال لإرغام الناس على الدخول في دين الله؟ أو القتال لإعلاء كلمة الله؟
* الطلبة: الثاني.
* الشيخ: الثاني، فالقتال ليس لإرغام الناس أن يدخلوا في الدين، القتال لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا بحيث لا يقوم أحد يضاده ويمانعه، والدليل على هذا ما رواه مسلم في صحيحه[[أخرجه مسلم (١٧٣١ / ٣) من حديث بريدة. ]] من حديث بريدة بن الحصين «أن الرسول عليه الصلاة والسلام إذا أمّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا»، وفيه: «أنهم إذا أبوا الإسلام دعاهم إلى الجزية فإن بذلوها كفّ عنهم». وهذا يدل على أن القتال ليس لإرغام الناس على أن يسلموا؛ لأن إعطاء الجزية لا يعني الإسلام، لكن إعطاء الجزية يعني الاستسلام، وعدم المنابذة، فإذا كان الدين كله لله، ودين الله هو الظاهر الغالب فقد قام الناس بالواجب.
السؤال الثالث: هل هذا القتال من باب دفع الصائل بحيث لا أقتل أو لا أقدم على القتل إلا إذا تعذّر ما دونه، أو أنه ليس من هذا الباب؟
* طلبة: الثاني.
* الشيخ: الثاني، قتال الكفار ليس من باب دفع الصائل؛ ولذلك نجهز على جريحهم، ونتبع مدبرهم، ونقتلهم، ونقتل الجريح والمدبر، أما قتال أهل البغي فهذا من باب دفع الصائل، ولهذا لو قامت طائفة على الإمام وقاتلهم فإنه لا يجوز الإجهاز على الجريح، ولا اتباع المدبر إلا إذا علمنا أنه أدبر ليجهّز نفسه من جديد، فحينئذٍ لنا أن نتبعه، لكن دون أن نقتله، نحبسه حتى لا ينشأ شره من جديد.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: ذم من خشي الناس كخشية الله أو أشد؛ لقوله: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ وعلامة ذلك أن الإنسان يترك ما أوجب الله عليه خوفًا من الناس، أو يفعل المحرّم خوفًا من الناس، فإن هذا مذموم، وقد يصل أحيانًا إلى الشرك بالله عز وجل، فالواجب أن لا تخشى الناس كخشية الله؛ لأن الناس كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «اعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ»[[أخرجه الترمذي (٢٥١٦)، من حديث عبد الله بن عباس.]]، لكنك مأمور بفعل الأسباب التي توصلك إلى المنفعة، وترك الأسباب التي توصلك إلى المضرة، أما أن يكون ذلك على حساب دينك، فهذا لا يجوز.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: ذم من اعترض على أحكام الله الشرعية كما في هذه الآية: ﴿لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ﴾، والكونية؛ لقوله: ﴿لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ فإن هذا يشمل الحكم الكوني والحكم الشرعي، فلا يجوز أن يعترض الإنسان على أحكام الله الشرعية، ولا على أحكام الله الكونية، بل عليه أن يستسلم، أما الشرعية فمن الناس من يستسلم، ومنهم من لا يستسلم، وأما الكونية فالجميع مستسلِمون ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ [الرعد ١٥]، هذا السجود الكوني، كل إنسان ذليل خاضع لحكم الله الكوني، لا يمكن أن يدافعه أبدًا، قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا﴾ [الواقعة ٨٣ - ٨٧] إلى هنا؟ لا يمكن أبدًا.
إذن علينا أن نستسلم، وليس لنا أن نعترض، لكن (لم) ممنوعة شرعًا وقدرًا، (متى) ليست ممنوعة إلا إذا كان الحامل عليها التكذيب كقوله: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الملك ٢٥].
(أين) غير ممنوعة، تستفهم أين يكون محل الحكم الشرعي أو الحكم الكوني؟ لا بأس، بل إن الرسول ﷺ قال للأمَة: «أَيْنَ اللَّهُ؟»[[أخرجه مسلم (٥٣٧ / ٣٣) من حديث معاوية بن الحكم السلمي. ]]. فالاستفهام يختلف.
(كيف) إذا كان عن الحكم ليس بممنوع، إذا كان عما يتعلق بأمور الغيب فهو ممنوع كما قال السلف الصالح فيمن سأل عن كيفية صفات الله عز وجل.
* من فوائد الآية الكريمة: التزهيد في الدنيا؛ لقوله: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾ وصدق الله ورسوله؛ متاع الدنيا قليل، اسأل من عُمِّر مئة سنة مثلًا، قل له: كم تُقدّر مضى من عمرك؟ ماذا يقول؟ ليس بشيء، أنا في الوقت الذي أنا فيه كأني ولدت الآن، كل اللي مضى راح، فهو إذن قليل، وكذلك ما يوجد في الدنيا من النعيم هو أيضًا بالنسبة للآخرة قليل ليس بشيء، إن جئت مثلًا الثمار تجدها تأتي زمنًا وتغيب زمنًا آخر، الفواكه كذلك، الزروع كذلك، الأمطار كذلك، كلها قليل، وهذا من حكمة الله عز وجل؛ لأن الله لو أتم لنا النعمة في هذه الدنيا من كل وجه لاغتررنا بها، وقد أشار الله إلى هذا في قوله: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ يعني على الكفر ﴿لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف ٣٣ - ٣٥]، وهذا من حكمة الله أن لا تكون الدنيا كاملة لئلا نغتر بها.
* من فوائد الآية الكريمة: جواز التفضيل بين شيئين متباينين غاية التباين؛ لقوله: ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى﴾ لأنه لا نسبة بين الدنيا والآخرة، لكن لما كانت الدنيا عاجلة، والنفس مولعة بحب العاجل صار التفضيل بينهما مستحسنًا، فالآخرة خير لمن اتقى، ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان ٢٤] مع أن أصحاب النار ليس عندهم خيرية إطلاقًا، لكن من أجل (...) فيها، ومن أجل أن أصحاب النار يظنون أنهم في خير.
* * *
ثوب مثلًا.. لأبيه هدية، وقال للبائع: أريد ثوبًا كبيرًا هدية لأبي، ماذا يكون البيع هنا؟
ما فيه شيء، فيه إشكال؟ ويش الإشكال اللي عندك؟
* الطالب: لا تسمي عند الشراء.
* الشيخ: لا لا، هذا -بارك الله فيك- اشتراه له، هو يطالبه بثمنه، أما هذا هدية، ما فيه شيء.
تقول: هناك نساء من جماعة التبليغ يأتون إليّ ويقولون: اذهبي معنا لندعو في سبيل الله، يجوز أن أخرج معهم وأنا ليس معي علم؟
المرأة لا بد أن يكون معها محرم، لا تخرج للدعوة إلا بمحرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٠٨٦)، ومسلم (١٣٣٨ / ٤١٣) من حديث عبد الله بن عمر.]] فإذا كان النساء معهن رجال محارم لهن فلا بأس، وإلا فلا يجوز الخروج، وأما السفر بدون علم، فما الفائدة؟ إذا كان الإنسان ليس معه علم يدعو به فلا فائدة.
يقول: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ»[[أخرجه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦) من حديث العرباض بن سارية.]] هل نفهم منه أن للخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين سنة تتبع دون سُنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنهم مهديون راشدون أم ماذا؟ وما معنى قولنا: إن لهم سنة متبعة؟
المعنى أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا شك أن سنته هي المتبعة، وسنة الخلفاء الراشدين إن قدّر أنها تخالف سنته فإن سنة الرسول مقدّمة، لكن إذا كان هناك شيء لم يأتِ به نص عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا سنة معلومة، وجاء به سُنّة عن الخلفاء الراشدين فإنها تتبع، مثلًا الأذان الأول يوم الجمعة، هذا من سنة عثمان رضي الله عنه لم يأتِ به سُنّة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيتبع.
* طالب: وإن اختلفوا؟
* الشيخ: اختلفوا في أيش؟ الخلفاء؟ فقد علمنا أنهم إذا اختلفوا فالقول ما أيده النص.
ما الحكمة في أن المرأة تقطع الصلاة مع الحمار والكلب الأسود خاصة إذا علمنا اعتراض عائشة رضي الله عنها في قولها: «شَبَّهْتُمُونَا بِالْحَمِيرِ وَالْكِلابِ»[[أخرجه مسلم (٥١٢ / ٢٧٠ ).]]؟
الجواب عن هذا أن نقول: إذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قولًا فإن موقفنا منه أن نقول: سمعنا وأطعنا، وليس لنا أن نلتفت إلى اعتراض عائشة ولا غيرها، ثم إن عائشة رضي الله عنها قالت هذا على سبيل الإنكار في أمر ليس بمنكَر، وليس الأمر كما زعمت رضي الله عنها، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ»[[أخرجه مسلم (٥١١ / ٢٦٦) من حديث أبي هريرة، نحوه. ]]. وهي احتجت بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي وهي معترضة بين يديه، فهل هذا مرور؟ لا، إذن لا وجه لاعتراضها.
وأما قولها: «شبهتمونا بالحمير والكلاب». فنقول: كلا وحاشا، بل نقول: إن الله فضّل بني آدم على كثير ممن خلق تفضيلًا، ولكن حكم الله ورسوله أمر لا بد من قبوله، وليس هذا من أجل الخبث مثلًا حتى نقول: شبّهنا، ولكن من أجل أن المرأة البالغ إذا مرّت من بين يدي الرجل فقد يكون في ذلك سبب للفتنة وتعلُّق القلب بها فينشغل عن صلاته، فعفا الله عنها عن هذا الاعتراض.
كنت أصلي صلاة العصر في المنزل، وفي التشهد الأول جاءت إليّ ابنتي، وهي طفلة عام وأربعة أشهر، وأمسكت بيدي ووضعت فيها طعامًا فاستدرت يمينًا كي أضع الطعام على شيء مرتفع من الأرض، هل هذا صحيح؟
استدرت ولَّا التفت؟
* طالب: استدرت يمينًا.
* الشيخ: بكل البدن؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: أجل، أعِد الصلاة؛ لأن الالتفات بكل البدن يبطل الصلاة، أعدها جزاك الله خيرًا.
* طالب: أخبار عن إخواننا في البوسنة؟
* الشيخ: والله ما سمعت، هم عادتهم يتصلون بنا يوم الخميس، هذه عادتهم، وسمعنا أن الأمور هادية والحمد لله، لكن المشكلة أنه ظهرت فئة من المسلمين تقاتل حكومة البوسنة، لكنهم -الحمد لله- اجتاحوهم مشكلة..
* طالب: (...) اليمن (...).
* الشيخ: هذه فتنة عظيمة نسأل الله أن يطفئها بمنّه وكرمه، وألا يصيب المسلمين بهذا الشر.
* الطالب: هل هذا صحيح أن بين الشيوعيين..؟
* الشيخ: أما أنا ما أجريت امتحانًا لا على هؤلاء ولا على هؤلاء، أفهمت؟
أقول: لم أجرِ امتحانًا لهؤلاء ولا إلى هؤلاء، ما جبت البيض ولا عبد الله الصالح وقلت: تعالوا يا جماعة ويش عقيدتكم؟ فلا ندري، لكن هي من حيث هي لا شك أنها فتنة، وأنها مصائب في الواقع؛ لأنها لن تخلو من شر، هي الآن شر، والأمور والمستقبل بيد الله عز وجل، نسأل الله أن يقي المسلمين شرها.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٧٩)﴾ [النساء ٧٨، ٧٩].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، سبق في الآية التي قبلها أن الله عز وجل قال: ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ قالوا ذلك فرارًا من الموت، هذا هو الظاهر، وأن سبق الكلام على هذه الآية.
وقلنا: إن بعض الناس قالوا: ﴿رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ يعني حتى يكون لنا استعداد للقتال فنقاتل، لكن هذا خلاف ظاهر الآية.
{"ayah":"أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ قِیلَ لَهُمۡ كُفُّوۤا۟ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ یَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡیَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡیَةࣰۚ وَقَالُوا۟ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَیۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَاۤ أَخَّرۡتَنَاۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲۗ قُلۡ مَتَـٰعُ ٱلدُّنۡیَا قَلِیلࣱ وَٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق