الباحث القرآني
(p-٣١٣)قَوْلُهُ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ قِيلَ لَهم كُفُّوا أيْدِيَكم﴾ الآيَةَ، قِيلَ: هم جَماعَةٌ مِنَ الصَّحابَةِ أُمِرُوا بِتَرْكِ القِتالِ في مَكَّةَ بَعْدَ أنْ تَسَرَّعُوا إلَيْهِ. فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ بِالمَدِينَةِ تَثَبَّطُوا عَنِ القِتالِ مِن غَيْرِ شَكٍّ في الدِّينِ بَلْ خَوْفًا مِنَ المَوْتِ وفَرَقًا مِن هَوْلِ القَتْلِ، وقِيلَ: إنَّها نَزَلَتْ في اليَهُودِ، وقِيلَ: في المُنافِقِينَ أسْلَمُوا قَبْلَ فَرْضِ القِتالِ، فَلَمّا فُرِضَ كَرِهُوهُ، وهَذا أشْبَهُ بِالسِّياقِ لِقَوْلِهِ: ﴿وقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنا القِتالَ لَوْلا أخَّرْتَنا إلى أجَلٍ قَرِيبٍ﴾ وقَوْلِهِ: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ﴾ الآيَةَ. ويَبْعُدُ صُدُورُ مِثْلِ هَذا مِنَ الصَّحابَةِ.
قَوْلُهُ: ﴿كَخَشْيَةِ اللَّهِ﴾ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: خَشْيَةٌ كَخَشْيَةِ اللَّهِ، أوْ حالٌ: أيْ: تَخْشَوْنَهم مُشْبِهِينَ أهْلَ خَشْيَةِ اللَّهِ، والمَصْدَرُ مُضافٌ إلى المَفْعُولِ؛ أيْ: كَخَشْيَتِهِمُ اللَّهَ.
وقَوْلُهُ: ﴿أوْ أشَدَّ خَشْيَةً﴾ مَعْطُوفٌ عَلى كَخَشْيَةِ اللَّهِ في مَحَلِّ جَرٍّ، أوْ مَعْطُوفٌ عَلى الجارِّ والمَجْرُورِ جَمِيعًا فَيَكُونُ في مَحَلِّ الحالِ كالمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، أوْ لِلتَّنْوِيعِ عَلى مَعْنى أنَّ خَشْيَةَ بَعْضِهِمْ كَخَشْيَةِ اللَّهِ وخَشْيَةُ بَعْضِهِمْ أشَدُّ مِنها. قَوْلُهُ: وقالُوا عَطْفٌ عَلى ما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إذا فَرِيقٌ مِنهم أيْ: فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتالُ فاجَأ فَرِيقٌ مِنهم خَشْيَةَ النّاسِ ﴿وقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنا القِتالَ لَوْلا أخَّرْتَنا﴾ أيْ: هَلّا أخَّرْتَنا، يُرِيدُونَ المُهْلَةَ إلى وقْتٍ آخَرَ قَرِيبٍ مِنَ الوَقْتِ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فِيهِ القِتالُ، فَأمَرَهُ سُبْحانَهُ بِأنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ فَقالَ: ﴿قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ﴾ سَرِيعُ الفَناءِ لا يَدُومُ لِصاحِبِهِ، وثَوابُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لَكم مِنَ المَتاعِ القَلِيلِ لِمَنِ اتَّقى مِنكم ورَغِبَ في الثَّوابِ الدّائِمِ ﴿ولا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ أيْ: شَيْئًا حَقِيرًا يَسِيرًا، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الفَتِيلِ قَرِيبًا، وإذا كُنْتُمْ تُوَفَّرُونَ أُجُورَكم ولا تُنْقَصُونَ شَيْئًا مِنها، فَكَيْفَ تَرْغَبُونَ عَنْ ذَلِكَ وتَشْتَغِلُونَ بِمَتاعِ الدُّنْيا مَعَ قِلَّتِهِ وانْقِطاعِهِ.
وقَوْلُهُ: ﴿أيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ المَوْتُ﴾ كَلامٌ مُبْتَدَأٌ، وفِيهِ حَثٌّ لِمَن قَعَدَ عَنِ القِتالِ خَشْيَةَ المَوْتِ، وبَيانٌ لِفَسادِ ما خالَطَهُ مِنَ الجِنِّ وخامَرَهُ مِنَ الخَشْيَةِ، فَإنَّ المَوْتَ إذا كانَ كائِنًا لا مَحالَةَ فَ
؎مَن لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ ماتَ بِغَيْرِهِ
والبُرُوجُ جَمْعُ بُرْجٍ: وهو البِناءُ المُرْتَفِعُ، والمُشَيَّدَةُ: المُرَفَّعَةُ مِن شادَ القَصْرَ: إذا رَفَعَهُ وطَلاهُ بِالشَّيْدِ وهو الجِصُّ، وجَوابُ لَوْلا مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ ما قَبْلَهُ عَلَيْهِ.
وقَدِ اخْتُلِفَ في هَذِهِ البُرُوجِ ما هي ؟ فَقِيلَ: الحُصُونُ الَّتِي في الأرْضِ، وقِيلَ: هي القُصُورُ. قالَ الزَّجّاجُ والقُتَيْبِيُّ: ومَعْنى مُشَيَّدَةٍ: مُطَوَّلَةٌ، وقِيلَ: مَعْناهُ مَطْلِيَّةٌ بِالشَّيْدِ وهو الجِصُّ، وقِيلَ: المُرادُ بِالبُرُوجِ بُرُوجٌ في سَماءِ الدُّنْيا مَبْنِيَّةٌ، حَكاهُ مَكِّيٌّ عَنْ مالِكٍ، وقالَ: ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿والسَّماءِ ذاتِ البُرُوجِ﴾ [البروج: ١]، ﴿جَعَلَ في السَّماءِ بُرُوجًا﴾ [الفرقان: ٦١]، ﴿ولَقَدْ جَعَلْنا في السَّماءِ بُرُوجًا﴾ [الحجر: ١٦] وقِيلَ: إنَّ المُرادَ بِالبُرُوجِ المُشَيَّدَةِ هُنا قُصُورٌ مِن حَدِيدٍ.
وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمانَ ( يُدْرِكُكُمُ المَوْتُ ) بِالرَّفْعِ عَلى تَقْدِيرِ الفاءِ كَما في قَوْلِهِ:
؎وقالَ رائِدُهم أرْسُوا نُزاوِلُها
قَوْلُهُ: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ﴾ هَذا وما بَعْدَهُ مُخْتَصٌّ بِالمُنافِقِينَ؛ أيْ: إنْ تُصِبْهم نِعْمَةٌ نَسَبُوها إلى اللَّهِ تَعالى، وإنْ تُصِبْهم بَلِيَّةٌ ونِقْمَةٌ نَسَبُوها إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ كُلٌّ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ لَيْسَ كَما تَزْعُمُونَ، ثُمَّ نَسَبَهم إلى الجَهْلِ وعَدَمِ الفَهْمِ فَقالَ: ﴿فَمالِ هَؤُلاءِ القَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ أيْ: ما بالُهم هَكَذا. قَوْلُهُ: ﴿ما أصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ هَذا الخِطابُ إمّا لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لَهُ مِنَ النّاسِ، أوْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ تَعْرِيضًا لِأُمَّتِهِ: أيْ: ما أصابَكَ مِن خَصْبٍ ورَخاءٍ وصِحَّةٍ وسَلامَةٍ فَمِنَ اللَّهِ بِفَضْلِهِ ورَحْمَتِهِ، وما أصابَكَ مِن جَهْدٍ وبَلاءٍ وشِدَّةٍ فَمِن نَفْسِكَ بِذَنْبٍ أتَيْتَهُ فَعُوقِبْتَ عَلَيْهِ، وقِيلَ: إنَّ هَذا مِن كَلامِ الَّذِينَ لا يَفْقَهُونَ حَدِيثًا؛ أيْ: فَيَقُولُونَ: ما أصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وقِيلَ: إنَّ ألْفَ الِاسْتِفْهامِ مُضْمَرَةٌ؛ أيْ: أفَمِن نَفْسِكَ ؟ ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ﴾ [الشعراء: ٢٢] والمَعْنى: أوَتِلْكَ نِعْمَةٌ ؟ ومِثْلُهُ قَوْلُهُ: ﴿فَلَمّا رَأى القَمَرَ بازِغًا قالَ هَذا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٧] أيْ: أهَذا رَبِّي ؟ ومِنهُ قَوْلُ أبِي خِراشٍ الهُذَلِيِّ:
؎رَمَوْنِي وقالُوا يا خُوَيْلِدُ لَمْ تُرَعْ ∗∗∗ فَقُلْتُ وأنْكَرْتُ الوُجُوهَ هُمُ هُمُ
أيْ: أهُمُ هُمُ ؟ وهَذا خِلافُ الظّاهِرِ، وقَدْ ورَدَ في الكِتابِ العَزِيزِ ما يُفِيدُ مُفادَ هَذِهِ الآيَةِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكم ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠]، وقَوْلِهِ: ﴿أوَلَمّا أصابَتْكم مُصِيبَةٌ قَدْ أصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أنّى هَذا قُلْ هو مِن عِنْدِ أنْفُسِكم﴾ [آل عمران: ١٦٥] .
وقَدْ يُظَنُّ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ﴾ مُنافٍ لِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ كُلٌّ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ ولِقَوْلِهِ: ﴿وما أصابَكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ فَبِإذْنِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٦٦]، وقَوْلِهِ: ﴿ونَبْلُوكم بِالشَّرِّ والخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٤٥] وقَوْلِهِ: ﴿وإذا أرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وما لَهم مِن دُونِهِ مِن والٍ﴾ [الرعد: ١١] ولَيْسَ الأمْرُ كَذَلِكَ. فالجَمْعُ مُمْكِنٌ كَما هو مُقَرَّرٌ في مَواطِنِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿وأرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولًا﴾ فِيهِ البَيانُ لِعُمُومِ رِسالَتِهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ إلى الجَمِيعِ كَما يُفِيدُهُ التَّأْكِيدُ بِالمَصْدَرِ والعُمُومِ في النّاسِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ: ﴿وما أرْسَلْناكَ إلّا كافَّةً لِلنّاسِ﴾ [سبأ: ٢٨]، وقَوْلُهُ: ﴿ياأيُّها النّاسُ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكم جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨] ( ﴿وكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ ) [الفتح: ٢٨] عَلى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: ﴿مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أطاعَ اللَّهَ﴾ فِيهِ أنَّ طاعَةَ الرَّسُولِ طاعَةٌ لِلَّهِ، وفي هَذا مِنَ النِّداءِ بِشَرَفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ وعُلُوِّ شانِهِ وارْتِفاعِ مَرْتَبَتِهِ ما لا يُقادَرُ قَدْرُهُ ولا يُبْلَغُ مَداهُ، ووَجْهُهُ أنَّ الرَّسُولَ لا يَأْمُرُ إلّا بِما أمَرَ اللَّهُ بِهِ، ولا (p-٣١٤)يَنْهى إلّا عَمّا نَهى اللَّهُ عَنْهُ ومَن تَوَلّى أيْ: أعْرَضَ ﴿فَما أرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ أيْ حافِظًا لِأعْمالِهِمْ، إنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ.
وقَدْ نُسِخَ هَذا بِآيَةِ السَّيْفِ، ﴿ويَقُولُونَ طاعَةٌ﴾ بِالرَّفْعِ عَلى أنَّها خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: أمْرُنا طاعَةٌ، أوْ شَأْنُنا طاعَةٌ. وقَرَأ الحَسَنُ والجَحْدَرِيُّ ونَصْرُ بْنُ عاصِمٍ بِالنَّصْبِ عَلى المَصْدَرِ؛ أيْ: نُطِيعُ طاعَةً وهَذِهِ في المُنافِقِينَ في قَوْلِ أكْثَرِ المُفَسِّرِينَ؛ أيْ: يَقُولُونَ إذا كانُوا عِنْدَكَ ﴿طاعَةٌ فَإذا بَرَزُوا مِن عِنْدِكَ﴾ أيْ: خَرَجُوا مِن عِنْدِكَ ﴿بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنهم﴾ أيْ: زَوَّرَتْ طائِفَةٌ مِن هَؤُلاءِ القائِلِينَ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ لَهم أنْتَ وتَأْمُرُهم بِهِ، أوْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ لَكَ هي مِنَ الطّاعَةِ لَكَ، وقِيلَ: مَعْناهُ: غَيَّرُوا وبَدَّلُوا وحَرَّفُوا قَوْلَكَ فِيما عَهِدْتَ إلَيْهِمْ، والتَّبْيِيتُ: التَّبْدِيلُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎أتَوْنِي فَلَمْ أرْضَ ما بَيَّتُوا ∗∗∗ وكانُوا أتَوْنِي بِأمْرٍ نُكُرْ
يُقالُ: بَيَّتَ الرَّجُلُ الأمْرَ: إذا تَدَبَّرَهُ لَيْلًا، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ القَوْلِ﴾ [النساء: ١٠٨] . ﴿واللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ﴾ أيْ: يُثْبِتُهُ في صَحائِفِ أعْمالِهِمْ لِيُجازِيَهم عَلَيْهِ. وقالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى يُنْزِلُهُ عَلَيْكَ في الكِتابِ. قَوْلُهُ: ﴿فَأعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ أيْ: دَعْهم وشَأْنَهم حَتّى يُمْكِنَ الِانْتِقامُ مِنهم، وقِيلَ مَعْناهُ: لا تُخْبِرْ بِأسْمائِهِمْ، وقِيلَ: مَعْناهُ: لا تُعاقِبْهم. ثُمَّ أمَرَهُ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ والثِّقَةِ بِهِ في النَّصْرِ عَلى عَدُوِّهِ قِيلَ: وهَذا مَنسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ.
وقَدْ أخْرَجَ النَّسائِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وأصْحابًا لَهُ أتَوُا النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَقالُوا: «يا نَبِيَّ اللَّهِ كُنّا في عِزَّةٍ ونَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمّا آمَنّا صِرْنا أذِلَّةً ؟ فَقالَ: إنِّي أُمِرْتُ بِالعَفْوِ فَلا تُقاتِلُوا القَوْمَ، فَلَمّا حَوَّلَهُ اللَّهُ إلى المَدِينَةِ أمَرَهُ بِالقِتالِ فَكَفُّوا، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ قِيلَ لَهم كُفُّوا أيْدِيَكُمْ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ في تَفْسِيرِ الآيَةِ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ: أنَّها نَزَلَتْ في اليَهُودِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتالُ إذا فَرِيقٌ﴾ الآيَةَ، قالَ: نَهى اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ أنْ يَصْنَعُوا صَنِيعَهم.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: إلى أجَلٍ قَرِيبٍ قالَ: هو المَوْتُ. وأخْرَجا نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ ﴿فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ قالَ: في قُصُورٍ مُحَصَّنَةٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: هي قُصُورٌ في السَّماءِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ سُفْيانَ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ﴾ يَقُولُ: نِعْمَةٌ ﴿وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ﴾ قالَ: مُصِيبَةٌ ﴿قُلْ كُلٌّ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ قالَ: النِّعَمُ والمَصائِبُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تُصِبْهم حَسَنَةٌ﴾ قالَ: هَذِهِ في السَّرّاءِ والضَّرّاءِ، وفي قَوْلِهِ: ﴿ما أصابَكَ مِن حَسَنَةٍ﴾ قالَ: هَذِهِ في الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: قُلْ كُلٌّ مِن عِنْدِ اللَّهِ يَقُولُ: الحَسَنَةُ والسَّيِّئَةُ مِن عِنْدِ اللَّهِ، أمّا الحَسَنَةُ فَأنْعَمَ بِها عَلَيْكَ، وأمّا السَّيِّئَةُ فابْتَلاكَ بِها، وفي قَوْلِهِ: ﴿وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ﴾ قالَ: ما أصابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ أنْ شُجَّ وجْهُهُ وكُسِرَتْ رَباعِيَتُهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ﴾ قالَ: هَذا يَوْمُ أُحُدٍ يَقُولُ: ما كانَتْ مِن نَكْبَةٍ فَبِذَنْبِكَ وأنا قَدَّرْتُ ذَلِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ مِن طَرِيقِ مُجاهِدٍ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ كانَ يَقْرَأُ ( وما أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ وأنا كَتَبْتُها عَلَيْكَ ) قالَ مُجاهِدٌ: وكَذَلِكَ قِراءَةُ أُبَيٍّ وابْنِ مَسْعُودٍ. وأخْرَجَ نَحْوَ قَوْلِ مُجاهِدٍ هَذا ابْنُ الأنْبارِيِّ في المَصاحِفِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَقُولُونَ طاعَةٌ﴾ قالَ: هم أُناسٌ كانُوا يَقُولُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ آمَنّا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ لِيَأْمَنُوا عَلى دِمائِهِمْ وأمْوالِهِمْ، فَإذا بَرَزُوا مِن عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﴿بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنهُمْ﴾ يَقُولُ: خالَفُوا إلى غَيْرِ ما قالُوا عِنْدَهُ فَعابَهُمُ اللَّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قالَ: غَيَّرَ أُولَئِكَ ما قالَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ.
{"ayahs_start":77,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ قِیلَ لَهُمۡ كُفُّوۤا۟ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ یَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡیَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡیَةࣰۚ وَقَالُوا۟ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَیۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَاۤ أَخَّرۡتَنَاۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲۗ قُلۡ مَتَـٰعُ ٱلدُّنۡیَا قَلِیلࣱ وَٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِیلًا","أَیۡنَمَا تَكُونُوا۟ یُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِی بُرُوجࣲ مُّشَیَّدَةࣲۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةࣱ یَقُولُوا۟ هَـٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَیِّئَةࣱ یَقُولُوا۟ هَـٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلࣱّ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا یَكَادُونَ یَفۡقَهُونَ حَدِیثࣰا","مَّاۤ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةࣲ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَاۤ أَصَابَكَ مِن سَیِّئَةࣲ فَمِن نَّفۡسِكَۚ وَأَرۡسَلۡنَـٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولࣰاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدࣰا","مَّن یُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ عَلَیۡهِمۡ حَفِیظࣰا","وَیَقُولُونَ طَاعَةࣱ فَإِذَا بَرَزُوا۟ مِنۡ عِندِكَ بَیَّتَ طَاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡهُمۡ غَیۡرَ ٱلَّذِی تَقُولُۖ وَٱللَّهُ یَكۡتُبُ مَا یُبَیِّتُونَۖ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِیلًا"],"ayah":"أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ قِیلَ لَهُمۡ كُفُّوۤا۟ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ یَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡیَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡیَةࣰۚ وَقَالُوا۟ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَیۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَاۤ أَخَّرۡتَنَاۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲۗ قُلۡ مَتَـٰعُ ٱلدُّنۡیَا قَلِیلࣱ وَٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق