الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ خَلَقْناكم ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ خلق آدم من طين غير مصور ثم صوره نزل خلقه وتصويره منزلة خلق الكل وتصويره، لأنه أبو البشر، أو خلقناكم يا بني آدم ثم صورناكم في أرحام أمهاتكم أو صورناكم في ظهر آدم أو يوم الميثاق حين أخرجهم كالذر، أو خلقناكم في أصلاب الرجال ثم صورناكم في أرحام النساء، وعلى هذا ﴿ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾: للتراخي في الإخبار.
﴿فَسَجَدُوا إلّا إبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السّاجِدِينَ﴾ وقد مر الكلام في أن المأمور به جميع الملك، أو ملائكة الأرضين وأن إبليس منهم، أو من الجن ﴿قالَ ما مَنَعَكَ ألّا تَسْجُدَ﴾ منع بمعنى أحوج واضطر؛ لأن الممنوع عن شيء مضطر إلى خلافه، أي: ما أحوجك إلى عدم السجدة؟ أو لا زائدة مؤكدة معنى الفعل الداخلة هي عليه والسؤال للتوبيخ ﴿إذْ أمَرْتُكَ قالَ أنا خَيْرٌ مِنهُ﴾ كأنه قال: المانع أني خير منه.
﴿خَلَقْتَنِي مِن نارٍ وخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ والنار ألطف وأنور، فقاس وقصر النظر بالعنصر، وما نظر إلى تشريف خلقه بيده ونفخ روحه فيه، وأخطأ في القياس أيضًا؛ فإن ﴿مِن طِينٍ﴾ الحلم والوقار والرزانة والصبر وهو محل النبات والنمو، ومن النار الإهلاك والطيش والسرعة والارتفاع.
﴿قالَ فاهْبِطْ مِنها﴾ من الجنة أو من السماء أو من منزلتك ﴿فما يَكُونُ لَكَ﴾ ما يستقيم ﴿أنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فاخْرُجْ إنَّكَ مِنَ الصّاغِرِينَ﴾ ممن أهانه الله لكبره.
﴿قالَ أنظِرْنِي﴾ أمهلني فلا تمتني ﴿إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ إنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ﴾ إلى ابتداء القيامة وهي النفخة الثانية فتموت حين موت الخلائق.
﴿قالَ فَبِما أغْوَيْتَنِي لَأقْعُدَنَّ لَهم صِراطَكَ المُسْتَقِيمَ﴾ أي: بسبب إغوائك إياي أقسم بالله لأقعدن لهم كما يقعد القطاع للسابلة طريق الإسلام والباء متعلق بأقسم القدر، ولأن لام القسم مانع من تعلقه بأقعدن، ونصب صراط على الظرف، أو تقديره على صراطك ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهم مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ﴾ من قبل آخرتهم فأشككهم فيها أو دنياهم ﴿ومِن خَلْفِهِمْ﴾ دنياهم أزين لهم أو آخرتهم ﴿وعَنْ أيْمانِهِمْ﴾ من قبل حسناتهم، ﴿وعَنْ شَمائِلِهِمْ﴾ قبل سيآتهم، أو المراد من أي وجه ممكن، ﴿ولا تَجِدُ أكْثَرَهم شاكِرِينَ﴾ مطيعين، وإنما قاله ظنًّا وقياسًا، ولقد صدق عليهم إبليس ظنه.
﴿قالَ اخْرُجْ مِنها مَذْءُومًا﴾ معيبًا، والذأم: أشد العيب ﴿مَدْحُورًا﴾ مطرودًا، ﴿لَمَن تَبِعَكَ مِنهُمْ﴾ لام توطئة القسم وجوابه ﴿لأمْلأن جَهَنَّمَ مِنكم أجْمَعِينَ﴾ وهو ساد مسد جواب الشرط.
﴿ويا آدَمُ﴾ أي: قلنا ﴿اسْكُنْ أنْتَ وزَوْجُكَ الجَنَّةَ فَكُلا مِن حَيْثُ شِئْتُما ولا تَقْرَبا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ وقد مر الخلاف في الشجرة ﴿فَتَكُونا﴾ يحتمل النصب على الجواب، والجزم على العطف ﴿مِنَ الظّالِمِينَ﴾.
﴿فوَسْوَسَ لَهُما﴾ فعل الوسوسة لأجلهما ﴿الشَّيْطانُ﴾ والوسوسة حديث يلقيه في القلب ﴿لِيُبْدِيَ لَهُما﴾ ليظهر لهما، واللام إما للعاقبة وإما للغرض، فإن اللعين يعلم أن العصيان في الجنة سبب لسلب اللباس والفضيحة ﴿ما وُورِيَ عَنْهُما﴾ ما غطى عنهما وستر ﴿مِن سَوْءاتِهِما وقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما﴾ أكل ﴿عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلّا﴾ كراهة ﴿أنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ﴾ يحصل لكما ما للملائكة من القوة والاستغناء عن الغذاء وغيره ﴿أوْ تَكُونا مِنَ الخالِدِينَ﴾ في الجنة ﴿وقاسَمَهُما إنِّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحِينَ﴾ أي: أقسم لهما على ذلك، و ”لكما“ متعلق بـ الناصحين على حذف المفسر، أو التوسع في الظرف ﴿فَدَلّاهُما﴾ خدعهما ﴿بِغُرُورٍ﴾ بما غرهما به من القسم ﴿فَلَمّا ذاقا الشَّجَرَةَ﴾ وجد طعمها ﴿بَدَتْ لَهُما سَوْءاتُهُما﴾ بأن تافت عنهما لباسهما
﴿وطَفِقا﴾ أخذا ﴿يَخْصِفان﴾ يلزقان ﴿عَلَيْهِما مِن ورَقِ﴾ أشجار ﴿الجَنَّةِ وناداهُما رَبُّهُما ألَمْ أنْهَكُما عَنْ تِلْكُما الشَّجَرَةِ وأقُلْ لَكُما إنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا وإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ الهالكين، والأصح أن هذه كلمات تلقاها آدم من ربه فتاب عليه ﴿قالَ اهْبِطُوا﴾ الخطاب لآدم وحواء وإبليس والحية [[ما ورد في أمر الحية من الإسرائيليات المنكرة. والله أعلم.]] والعمدة في العداوة آدم وإبليس كما قال تعالى في سورة طه ”اهبطا منها جميعًا“ [طه: ١٢٣]، أو الخطاب لآدم وحواء وذريتهما ﴿بَعْضُكم لِبَعْضٍ عَدُو﴾ في موضع الحال أي: متعادين لكم ﴿ولَكم في الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ موضع قرار ﴿ومَتاعٌ إلى حِينٍ﴾ وتمتع إلى آجال معلومة ﴿قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وفِيها تَمُوتُونَ ومِنها تُخْرَجُونَ﴾ يوم القيامة.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["وَلَقَدۡ خَلَقۡنَـٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَـٰكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ لَمۡ یَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ","قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَۖ قَالَ أَنَا۠ خَیۡرࣱ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِی مِن نَّارࣲ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِینࣲ","قَالَ فَٱهۡبِطۡ مِنۡهَا فَمَا یَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِیهَا فَٱخۡرُجۡ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّـٰغِرِینَ","قَالَ أَنظِرۡنِیۤ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ","قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِینَ","قَالَ فَبِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَ ٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ","ثُمَّ لَـَٔاتِیَنَّهُم مِّنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَیۡمَـٰنِهِمۡ وَعَن شَمَاۤىِٕلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِینَ","قَالَ ٱخۡرُجۡ مِنۡهَا مَذۡءُومࣰا مَّدۡحُورࣰاۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمۡ أَجۡمَعِینَ","وَیَـٰۤـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ فَكُلَا مِنۡ حَیۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ","فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ لِیُبۡدِیَ لَهُمَا مَا وُۥرِیَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَ ٰ تِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّاۤ أَن تَكُونَا مَلَكَیۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَـٰلِدِینَ","وَقَاسَمَهُمَاۤ إِنِّی لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِینَ","فَدَلَّىٰهُمَا بِغُرُورࣲۚ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَ ٰ تُهُمَا وَطَفِقَا یَخۡصِفَانِ عَلَیۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَنَادَىٰهُمَا رَبُّهُمَاۤ أَلَمۡ أَنۡهَكُمَا عَن تِلۡكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَاۤ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ لَكُمَا عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ","قَالَا رَبَّنَا ظَلَمۡنَاۤ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ","قَالَ ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوࣱّۖ وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرࣱّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِینࣲ","قَالَ فِیهَا تَحۡیَوۡنَ وَفِیهَا تَمُوتُونَ وَمِنۡهَا تُخۡرَجُونَ"],"ayah":"ثُمَّ لَـَٔاتِیَنَّهُم مِّنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَیۡمَـٰنِهِمۡ وَعَن شَمَاۤىِٕلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق