الباحث القرآني

﴿ثُمَّ لآتِيَنَّهم مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ ومِن خَلْفِهِمْ وعَنْ أيْمانِهِمْ وعَنْ شَمائِلِهِمْ﴾؛ أيْ: مِنَ الجِهاتِ الأرْبَعِ الَّتِي يُعْتادُ هُجُومُ العَدُوِّ مِنها، مِثْلُ قَصْدِهِ إيّاهم لِلتَّسْوِيلِ والإضْلالِ مِن أيِّ وجْهٍ يَتَيَسَّرُ بِإتْيانِ العَدُوِّ مِنَ الجِهاتِ الأرْبَعِ، ولِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرِ الفَوْقَ والتَّحْتَ. وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ: مِن قِبَلِ الآخِرَةِ، ومِن خَلْفِهِمْ: مِن جِهَةِ الدُّنْيا، وعَنْ أيْمانِهِمْ وعَنْ شَمائِلِهِمْ: مِن جِهَةِ حَسَناتِهِمْ وسَيِّئاتِهِمْ. وَقِيلَ: مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ: مِن حَيْثُ يَعْلَمُونَ ويَقْدِرُونَ عَلى التَّحَرُّزِ مِنهُ، ومِن خَلْفِهِمْ: مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ولا يَقْدِرُونَ، وعَنْ أيْمانِهِمْ وعَنْ شَمائِلِهِمْ: مِن حَيْثُ يَتَيَسَّرُ لَهم أنْ يَعْلَمُوا ويَتَحَرَّزُوا، ولَكِنْ لَمْ يَفْعَلُوا لِعَدَمِ تَيَقُّظِهِمْ واحْتِياطِهِمْ، ومِن حَيْثُ لا يَتَيَسَّرُ لَهم ذَلِكَ، وإنَّما عُدِّيَ الفِعْلُ إلى الأوَّلَيْنِ بِحَرْفِ الِابْتِداءِ؛ لِأنَّهُ مِنهُما مُتَوَجِّهٌ إلَيْهِمْ، وإلى الآخَرَيْنِ بِحَرْفِ المُجاوَزَةِ؛ فَإنَّ الآتِيَ مِنهُما كالمُنْحَرِفِ المُتَجافِي عَنْهُمُ، المارِّ عَلى عَرْضِهِمْ، ونَظِيرُهُ: جَلَسْتُ عَنْ يَمِينِهِ. ﴿وَلا تَجِدُ أكْثَرَهم شاكِرِينَ﴾؛ أيْ: مُطِيعِينَ، وإنَّما قالَهُ ظَنًّا لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾، لِما رَأى مِنهم مَبْدَأ الشَّرِّ مُتَعَدِّدًا، ومَبْدَأ الخَيْرِ واحِدًا. وقِيلَ: سَمِعَهُ مِنَ المَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب