الباحث القرآني
﴿ومِنَ النّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ﴾: طرف من الدين لا على وسط منه كمن هو على طرف من العسكر إن أحس بظفر قَرَّ وإلا فَرَّ، ﴿فَإنْ أصابَهُ خَيْرٌ﴾: ما يحبه، ﴿اطْمَأنَّ بِهِ﴾: فاستقر على دينه، ﴿وإنْ أصابَتْهُ فِتْنَةٌ﴾: ما يكره، ﴿انقَلَبَ عَلى وجْهِهِ﴾: رَجع عن دينه، ﴿خَسِرَ الدُّنْيا والآخِرَةَ ذَلِكَ هو الخُسْرانُ الُمبِينُ﴾ نزلت في ناس من الأعراب يسلمون فإن وجدوا عام غيث ونتجت فرسهم وما لهم وولدت امرأتهم غلامًا رضوا به وإلا ارتدوا، ﴿يَدْعُو مِن دُونِ اللهِ ما لاَ يَضُرهُ وما لا يَنفَعُهُ﴾: جمادٌ لا يقدر على شيء، ﴿ذَلِكَ هو الضَّلالُ البَعِيدُ﴾: عن المقصد، ﴿يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أقْرَبُ مِن نفْعِهِ﴾: النفع والضر المنفيان قدرته عليهما والمثبت كونه بسبب من الضر المحقق، وبمعزلة عن النفع المترتب ﴿لَبِئْس الَمَوْلى﴾: الناصر، ﴿ولَبِئْسَ العَشِيرُ﴾: الصاحب، اعلم أن يدعو الثاني إن كان تأكيدًا ليدعو الأول، فالموصول بصلته مبتدأ وفعل، لذم خبره، والجملة مستأنفة إخبار من الله، وإن كان بمعنى يقول، فالجملة مقول له، أي: يقول الكافر حين يرى ضر عبادته في الآخرة لمن ضره أقرب إلخ، وقيل: اللام في لمن زائدة وقرأ ابن مسعود بلا لامٍ.
﴿إنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾، ولما ذكر إضلال قوم وإهداء آخرين قال ﴿إنَّ اللهَ يَفْعَل ما يُرِيدُ﴾: لا يُسأل عما يفعل، ﴿مَن كانَ يَظُنُّ أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ﴾، أي: نبيه، ﴿فِي الدُّنْيا والآخِرَة﴾ كما قال المشركون: ننتظر عليه الدوائر، ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلى السَّماءِ﴾: يمد حبلًا إلى سماء بياته، أي: سقفه، ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾: يختنق، ﴿فَلْيَنْظُرْ﴾: يتأمل، ﴿هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ﴾، سماه كيدًا لأنه منتهى ما يصل إليه يده، ﴿ما يَغِيظُ﴾: من نصر الله أو غيظه، وحاصله أن الله ناصر رسوله فمن يتوقع من غيظه خلاف ذلك فليجتهد في إزالة ما يغيظه بأن يفعل ما يفعل الممتلئ غيظًا، يعني ليس في يده إلا ما لا يذهب غيظه، وعن بعض معناه فليتوسل إلى بلوغ السماء، فإن النصر من السماء ثم ليقطع ذلك عنه، قيل: المراد بالنصر الرزق وحينئذ الضمير في ينصره لمن، ﴿وكَذَلِكَ﴾: مثل ذلك الإنزال، ﴿أنْزَلْناهُ﴾: القرآن، ﴿آياتٍ بَيِّناتٍ وأنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ﴾ أي: ولأن الله يهدي به من يريد هدايته أنزلناه كذلك، فالجملة من التعليل والمعلل المحذوف عطف على ﴿كذلك أنزلناه﴾ إلخ، ﴿إنَّ الذِين آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والصّابِئِينَ والنَّصارى والمَجُوسَ والَّذِينَ أشْرَكُوا إنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ﴾: يقضي بينهم ويجازي كلًّا ما يليق به، ﴿يَوْمَ القِيامَةِ﴾ إن دخل على الخبر أيضًا لمزيد التأكيد، ﴿إن اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءِ شَهِيدٌ﴾: فيعرف ما يليق بهم، ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ الله يَسْجُدُ﴾: ينقاد، ﴿لَهُ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ والشَّمْسُ والقَمَرُ والنُّجُومُ والجِبالُ والشَّجَرُ والدَّوابُّ﴾، وقد ورد: ”الشمس والقمر حين يغيبان يقعان لله ساجدين ثم لا يطلعان حتى يؤذن لهما“، وفي الحديث ”لا تتخذوا ظهور الدواب منابر فرب مركوب خيرٌ أو أكثر ذكرًا لله من راكبه“، وبالجملة لا يستحيل سُنيُّ مسلم أن يكون للجمادات خشوع وتسبيح، ﴿وكَثِيرٌ مِنَ النّاسِ﴾: المسلمون، ﴿وكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العَذابُ﴾: هم الكفار فإنهم غير منقادين لله فهو بحسب المعنى استثناء مِن ”مَن في الأرض“، ومن يجُوَّز استعمال لفظ واحدٍ في حالهِ واحدة على معنيين مختلفين فلا إشكال عنده فإنه يحمل السجود على معانٍ، قيل: وكثير من الناس مبتدأ حبره مقدر، أي: مثاب بقرينة مقابلة، وقيل: حق عليه العذاب خبر لهما أي: وكثير وكثير حق عليه العذاب، ﴿ومَن يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ هَذانِ خَصْمانِ﴾: فوجان مختصمان، ﴿اختَصَمُوا﴾ الجمع نظرًا إلى المعنى، ﴿في ربهِمْ﴾: في أمره ودينه، نزلت في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث بارزوا مع عتبة وشيبة والوليد يوم بدر، قال علي: أنا أول من يجثوا بين يدي الرحمن للخصومة في القيامة أو في المسلمين واليهود، قالت اليهود: نحن أفضل، كتابنا ونبينًا أسبق، فقال المسلمون: نحن أحق بالله آمنا بجميع كتبه ورسله وأنتم تعرفون كتابنا ورسولنا وكفرتم حسدًا، أو المراد المؤمنون والكافرون كلهم من أي ملة كانوا، ﴿فالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهم ثِيابٌ من نارٍ﴾: كما يقطع الثياب بقدر القامة فيخيط، وهذا بيان فصل خصومة الكافر، ﴿يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ﴾: الماء الحار الذي لو سقطت نقطة على جبال الدنيا لأذابتها خبر ثان، أو حال من لهم ﴿يُصْهَرُ﴾: يذاب، ﴿بهِ ما في بُطُونِهِمْ﴾: الأمعاء، ﴿والجُلُودُ﴾ الجملة حال، ﴿ولَهُم مَّقامِعُ﴾: سياط، ﴿مِن حَدِيدٍ﴾ لو ضرب جبل بمِقْمَعِ منها لتفتت، ﴿كُلَّما أرادُوا أنْ يَخْرُجُوا مِنها﴾: من النار، ﴿مِن غَمٍّ﴾ بدل من منها، ﴿أُعِيدُوا فِيها﴾: حين خرجوا منها من غير مهلة وتراخ، وعن الحسن أن أيديهم وأرجلهم موثقة لكن يدفعهم لهبها فتردهم مقامعها، ﴿وذوقُوا﴾ أي: قيل لهم ذوقوا، ﴿عَذابَ الحَرِيقِ﴾: فيجمع لهم بين التعذيب الجسماني والإهانة.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفࣲۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَیۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةَۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِینُ","یَدۡعُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَضُرُّهُۥ وَمَا لَا یَنفَعُهُۥۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَـٰلُ ٱلۡبَعِیدُ","یَدۡعُوا۟ لَمَن ضَرُّهُۥۤ أَقۡرَبُ مِن نَّفۡعِهِۦۚ لَبِئۡسَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَلَبِئۡسَ ٱلۡعَشِیرُ","إِنَّ ٱللَّهَ یُدۡخِلُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۚ إِنَّ ٱللَّهَ یَفۡعَلُ مَا یُرِیدُ","مَن كَانَ یَظُنُّ أَن لَّن یَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ فَلۡیَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَاۤءِ ثُمَّ لۡیَقۡطَعۡ فَلۡیَنظُرۡ هَلۡ یُذۡهِبَنَّ كَیۡدُهُۥ مَا یَغِیظُ","وَكَذَ ٰلِكَ أَنزَلۡنَـٰهُ ءَایَـٰتِۭ بَیِّنَـٰتࣲ وَأَنَّ ٱللَّهَ یَهۡدِی مَن یُرِیدُ","إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلصَّـٰبِـِٔینَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ یَفۡصِلُ بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدٌ","أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یَسۡجُدُ لَهُۥ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَاۤبُّ وَكَثِیرࣱ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِیرٌ حَقَّ عَلَیۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن یُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ یَفۡعَلُ مَا یَشَاۤءُ ۩","۞ هَـٰذَانِ خَصۡمَانِ ٱخۡتَصَمُوا۟ فِی رَبِّهِمۡۖ فَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ قُطِّعَتۡ لَهُمۡ ثِیَابࣱ مِّن نَّارࣲ یُصَبُّ مِن فَوۡقِ رُءُوسِهِمُ ٱلۡحَمِیمُ","یُصۡهَرُ بِهِۦ مَا فِی بُطُونِهِمۡ وَٱلۡجُلُودُ","وَلَهُم مَّقَـٰمِعُ مِنۡ حَدِیدࣲ","كُلَّمَاۤ أَرَادُوۤا۟ أَن یَخۡرُجُوا۟ مِنۡهَا مِنۡ غَمٍّ أُعِیدُوا۟ فِیهَا وَذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلۡحَرِیقِ"],"ayah":"وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفࣲۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَیۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةَۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِینُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق