الباحث القرآني
﴿ومِنَ النّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ﴾ شُرُوعٌ في حالِ المُذَبْذَبِينَ أيْ ومِنهم مَن يَعْبُدُهُ تَعالى كائِنًا عَلى طَرَفٍ مِنَ الدِّينِ لا ثَباتَ لَهُ فِيهِ كالَّذِي يَكُونُ في طَرَفِ الجَيْشِ فَإنْ أحَسَّ بِظَفَرٍ قَرَّ وإلّا فَرَّ فَفي الكَلامِ اسْتِعارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ أصابَهُ خَيْرٌ﴾ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِذَلِكَ وبَيانٌ لِوَجْهِ الشَّبَهِ، والمُرادُ مِنَ الخَيْرِ الخَيْرُ الدُّنْيَوِيُّ كالرَّخاءِ والعافِيَةِ والوَلَدِ أيْ إنْ أصابَهُ ما يَشْتَهِي ﴿اطْمَأنَّ بِهِ﴾ أيْ ثَبَتَ عَلى ما كانَ عَلَيْهِ ظاهِرًا لا أنَّهُ اطْمَأنَّ بِهِ اطْمِئْنانَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لا يُزَحْزِحُهم عاصِفٌ ولا يَثْنِيهِمْ عاصِفٌ ﴿وإنْ أصابَتْهُ فِتْنَةٌ﴾ أيْ شَيْءٌ يُفْتَنُ بِهِ مِن مَكْرُوهٍ يَعْتَرِيهِ في نَفْسِهِ وأهْلِهِ أوْ مالِهِ ﴿انْقَلَبَ عَلى وجْهِهِ﴾ أيْ مُسْتَوْلِيًا عَلى الجِهَةِ الَّتِي يُواجِهُها غَيْرَ مُلْتَفِتٍ يَمِينًا وشِمالًا ولا مُبالٍ بِما يَسْتَقْبِلُهُ مِن حِرارٍ وجِبالٍ، وهو مَعْنى قَوْلِهِ في الكَشّافِ: طارَ عَلى وجْهِهِ وجَعَلَهُ في الكَشْفِ كِنايَةً عَنِ الهَزِيمَةِ، وقِيلَ هو ها هُنا عِبارَةٌ عَنِ القَلَقِ لِأنَّهُ في مُقابَلَةِ اطْمَأنَّ، وأيًّا ما كانَ فالمُرادُ ارْتَدَّ ورَجَعَ عَنْ دِينِهِ إلى الكُفْرِ.
أخْرَجَ البُخارِيُّ وابْنُ أبِي حاتِمٍ. وابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ في هَذِهِ الآيَةِ: كانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ المَدِينَةَ فَإذا ولَدَتِ امْرَأتُهُ غُلامًا ونَتَجَتْ خَيْلُهُ قالَ: هَذا دِينٌ صالِحٌ وإنْ لَمْ تَلِدْ امْرَأتُهُ ولَمْ تُنْتِجْ خَيْلُهُ قالَ: هَذا دِينٌ سُوءٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ «عَنِ أبِي سَعِيدٍ قالَ: أسْلَمَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ فَذَهَبَ بَصَرُهُ ومالُهُ ووَلَدُهُ فَتَشاءَمَ مِنَ الإسْلامِ فَأتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: أقِلْنِي فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: إنَّ الإسْلامَ لا يُقالُ فَقالَ: لَمْ أُصِبْ مِن دِينِي هَذا خَيْرًا ذَهَبَ بَصَرِي ومالِي وماتَ ولَدِي فَقالَ ﷺ: يا يَهُودِيُّ الإسْلامُ يَسْبُكُ الرِّجالَ كَما تَسْبُكُ النّارُ خَبَثَ الحَدِيدِ والذَّهَبِ والفِضَّةِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ»، وضَعَّفَ هَذا ابْنُ حَجَرٍ، وقِيلَ: نَزَلَتْ في شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ أسْلَمَ قَبْلَ ظُهُورِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وارْتَدَّ بَعْدَ ظُهُورِهِ ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وعَنِ الحَسَنِ أنَّها نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ ﴿خَسِرَ الدُّنْيا والآخِرَةَ﴾ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٍ أوْ بَدَلٌ مِنَ «انْقَلَبَ» كَما قالَ أبُو الفَضْلِ الرّازِيُّ أوْ حالٌ مِن فاعِلِهِ بِتَقْدِيرِ قَدْ أوْ بِدُونِها كَما هو رَأْيُ أبِي حَيّانَ، والمَعْنى فَقَدَ الدُّنْيا والآخِرَةَ وضَيَّعَهُما حَيْثُ فاتَهُ ما يَسُرُّهُ فِيهِما.
وقَرَأ مُجاهِدٌ وحُمَيْدٌ والأعْرَجُ وابْنُ مُحَيْصِنٍ مِن طَرِيقِ الزَّعْفَرانِيِّ وقَعْنَبٌ والجَحْدَرِيُّ وابْنُ مُقْسِمٍ «خاسِرَ» بِزِنَةِ فاعِلٍ مَنصُوبًا عَلى الحالِ لِأنَّ إضافَتَهُ لَفْظِيَّةٌ، وقُرِئَ «خاسِرٌ» بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ فاعِلُ «انْقَلَبَ» وفِيهِ وضْعُ الظّاهِرِ مَوْضِعَ المُضْمَرِ لِيُفِيدَ تَعْلِيلَ انْقِلابِهِ بِخُسْرانِهِ، وقِيلَ: إنَّهُ مِنَ التَّجْرِيدِ فَفِيهِ مُبالَغَةٌ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ هو خاسِرٌ، والجُمْلَةُ وارِدَةٌ عَلى الذَّمِّ والشَّتْمِ ﴿ذَلِكَ﴾ أيْ ما ذُكِرَ مِنَ الخُسْرانِ، وما فِيهِ مِن مَعْنى البُعْدِ لِلْإيذانِ بِكَوْنِهِ في غايَةِ ما يَكُونُ، وقِيلَ إنَّ أداةَ البُعْدِ لِكَوْنِ المُشارِ إلَيْهِ غَيْرَ مَذْكُورٍ صَرِيحًا ﴿هُوَ الخُسْرانُ المُبِينُ﴾ أيِ الواضِحُ كَوْنُهُ خُسْرانًا لا غَيْرَ
{"ayah":"وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفࣲۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَیۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةَۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِینُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق