الباحث القرآني
﴿لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ خلقًا وملكًا، ﴿وإن تُبْدُوا ما في أنفُسِكم أوْ تُخْفوهُ﴾: ما خطر ببالكم من السوء، ﴿يُحاسِبْكُم بِهِ اللهُ﴾ في الآخرة، لما نزلت غمت الصحابة ”فقالوا هلكنا، فقلوبنا ليست بأيدينا، فقال لهم رسول الله ﷺ: قولوا سعنا وأطعنا، فقالوها“ فنزلت ”آمن الرسول“ إلى ”عليها ما اكتسبت“ فنسختها، وتجاوز لهم عن حديث النفس وصرح بنسخها أكثر السلف، وبعضهم صرحوا بعدم نسخها، وقالوا: يخبرهم الله يوم القيامة بما أخفوا في أنفسهم، فيغفر للمؤمنين، ويؤاخذ أهل الشك والنفاق، فمعنى المحاسبة: الإخبار، وعن عائشة رضى الله عنها ”أن رسول الله ﷺ قال حين سألت عن الآية: هذه معاتبة الله العبد بما يصيبه الله من الحمى والنكبة، حتى البضاعة يضعها في يد قميصه فيفقدها، فيفزع لها، حتى أن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير“، فعلى هذا المحاسبة المؤاخذة، لكن المحاسبة إما في الدنيا، وإما في الآخرة، ﴿فَيَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ﴾ مغفرته، ﴿ويُعَذِّبُ مَن يَشاءُ﴾ تعذيبه، ﴿واللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ من المحاسبة وغيرها، ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إلَيْهِ مِن رَبِّهِ والمُؤْمِنُونَ﴾ وجه نزول الآية قد ذكرناه وهو أنهم قالوا: ”سمعنا وأطعنا“ لا كما قال أهل الكتاب: ”سمعنا وعصينا“ [البقرة: ٩٣] قوله: ”والمؤمنون“ عطف على الرسول، ﴿كُل﴾: من الرسول والمؤمنين، ﴿آمَنَ بِاللهِ ومَلاِئكَتهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ﴾ يقولون، ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ﴾ في الإيمان بهم، ولا نقول: ”نؤمن ببعض ونكفر ببعض“ [النساء: ١٥٠]، ﴿وقالُوا سَمِعنا﴾، قول الله، ﴿وأطَعْنا﴾ أمره، نسأل، أو اغفر، ﴿غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ﴾: المرجع بعد الموت، ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلّا وُسْعَها﴾ ما يسعه قدرتها ويتسع فيه طوقها، لا ما لا يملك دفعه من وسوسة النفس وحديثها، ﴿لَها ما كَسَبَتْ﴾: من خير، ﴿وعَلَيْها ما اكْتسَبَتْ﴾: من شر، ولما كان الشر مما تشتهيه النفس، وهي أجَدُّ واعْمَلُ فيه، جعلت لذلك مكتسبة فيه بخلاف الخير، فإنها لما لم تكن فيه كذلك وصفت بما ليس فيه الاعتمال، فقال: كسبت، ﴿رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسِينا أوْ أخْطَأْنا﴾ سألوا الله التجاوز عنهما فأجاب، ففي الحديث ”وضع عن أمتي الخطأ والنسيان“، وأما دعاؤنا حينئذ بهما، فيمكن أن يكون لإدامة الوعد، وأن يجعلنا ممن وعد له التجاوز عنهما، ﴿رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عَلَيْنا إصْرًا﴾: تكاليف شاقة، تأصر صاحبه: تحبسه في مكانه، وإن أطقناها، ﴿كَما حَمَلْتَهُ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَ﴾، مثل الذي حَمَّلْتَهُ إياهم فيكون صفة إصرا وهو التكاليف الشاقة وما أصابهم من المحن، ﴿رَبَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ﴾: من المصائب، والتشديد هاهنا لتعديته إلى مفعول ثان، ﴿واعْفُ عَنّا﴾: امح عنا ذنوبنا، ﴿واغْفِرْ لَنا﴾: واستر لنا عيوبنا، ﴿وارْحَمْنا﴾ في الدنيا، فلا توقعنا في ذنب [[عن بعض السلف، الذنب محتاج إلى ثلاثة أشياء: أن يعفو الله عنه، وأن يستره عن عباده فلا يفضحه، وأن يعصمه فلا يوقعه في نظيره/ ١٢ منه.]] آخر، ﴿أنْتَ مَوْلانا﴾: ولينا وناصرنا، ﴿فانْصُرْنا عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ﴾، وفي الحديث: ”في آخر كل دعوة من هذه الدعوات، قال الله تعالى: فعلت ونعم“، وفي الحديث، " فضلنا على الناس بثلاث: أوتيت هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة من بيت تحت العرش، لم يعطها أحد قبلي ولم يعطها أحد بعدي.
والحمد لله حقَّ حمده.
{"ayahs_start":284,"ayahs":["لِّلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَإِن تُبۡدُوا۟ مَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ یُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ فَیَغۡفِرُ لِمَن یَشَاۤءُ وَیُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ","ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَیۡنَ أَحَدࣲ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَیۡكَ ٱلۡمَصِیرُ","لَا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَیۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَاۤ إِن نَّسِینَاۤ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَیۡنَاۤ إِصۡرࣰا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۤۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"],"ayah":"لِّلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَإِن تُبۡدُوا۟ مَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ یُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ فَیَغۡفِرُ لِمَن یَشَاۤءُ وَیُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق