الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ في هذه الصفحة الواحدة نداء لأهل الكتاب مرتين.
﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ والمراد بهم اليهود والنصارى.
﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا﴾ وهو محمد ﷺ.
﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾ ﴿يُبَيِّنُ﴾ الجملة الحالية حال من (رسول)، يعني: حال كونه يبين لكم، أي: يوضّح ويُفصّل.
ولم يذكر الله تبارك وتعالى المبيَّن ليكون أعم؛ لأن حذف المفعول يفيد العموم، وهذه قاعدة معروفة في اللغة العربية: أن الحذف يفيد العموم.
فهنا ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾ أي شيء يبيّن؟ نقول: يبيّن كل ما يحتاج الناس إلى بيانه؛ ولهذا قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل ٨٩].
وقوله: ﴿عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ يعني: حال كون البيان على فترة من الرسل؛ أي: مدة من الزمن لم يأتِ فيها رسول، هذه المدة ليس لنا كبير فائدة في معرفتها على التحديد، لكن نعرف أنها مدة طويلة تُقدّر بنحو ست مئة سنة بين عيسى وبين محمد ﷺ؛ لأن آخر الأنبياء الذين بُعثوا إلى الناس هو عيسى عليه الصلاة والسلام، ومِن بعده محمد ﷺ، فليس بينهما نبي.
ولهذا ما يذكر في بعض التواريخ: أن خالد بن سنان وفلانًا وفلانًا أنهم أنبياء، وأنهم بعثوا بعد عيسى، فهذا كله ليس بصحيح؛ لأن النبي ﷺ قد أخبر بأنه ليس بينه وبين عيسى نبي، ويدل لذلك أن عيسى قال: ﴿مُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف ٦]، فلم يأتِ أحد بعد عيسى إلا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
﴿عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ وإنما نص على هذه الفترة ليتبين أن الناس في أشد الحاجة إلى بعثة الرسول، وهذا هو الواقع؛ فإن الله تعالى نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم -أي: أبغضهم وكرههم- لأنهم ليسوا على دين إلا بقايا من أهل الكتاب، بقايا قليلة، كما قال تعالى: ﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ﴾ أيش؟ ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ [هود ١١٦] بقي القليل، وهذا القليل أيضًا يحتاج إلى رسول؛ فلهذا نص على الفترة، وهي المدة الطويلة التي بلغت نحو ست مئة سنة ليتبين شدة حاجة الناس إلى أيش؟ إلى بعث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم قال: ﴿أَنْ تَقُولُوا﴾ أي: لئلا تقولوا، فـ(أن) وما دخلت عليه هنا في موقع التعليل؛ يعني: أرسلناه إليكم لئلا تحتجّوا فتقولوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير؛ وذلك لطول أيش؟ لطول المدة، لم يأتهم رسل ولا أنبياء، فيحتجّون يقولون: ما جاءنا من بشير ولا نذير.
وقوله: ﴿مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ﴾ هذه (مِن) يعربها المعربون على أنها زائدة لفظًا، لكنها تزيد في المعنى التوكيدَ، وهذه قاعدة معروفة عند البلاغيين: أن جميع الحروف الزائدة تفيد التوكيد، وأصل الكلام: ما جاءنا بشيرٌ ولا نذيرٌ، هذا الأصل، لكن إذا دخلت (مِن) صارت أدل على النفي مما لو لم تدخل؛ ولهذا يقولون: إن النفي قد يكون نصًّا في التعميم إذا كان الحرف النافي هي (لا)، أو اقترن بحرف الجر الزائد سواء كان (مِن) أو الباء.
هنا يقول: ﴿مِنْ بَشِيرٍ﴾ قلنا: إن (مِن) زائدة من حيث الإعراب، فمن يستطيع أن يعربها؟
* طالب: ﴿بَشِيرٍ﴾ فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر.
* الشيخ: ﴿بَشِيرٍ﴾ فاعل مرفوع بضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها أيش؟ اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد؛ لأن حرف الجر أداة لفظية، فلا بد أن يكون تأثيرها في اللفظ أكثر من تأثير المعنى.
سؤال خارجي: لو عطفنا على الفاعل المجرور بـ(مِن) ما لم تدخل عليه (مِن)، فماذا نصنع؟
* طالب: يُرفع بحركة ظاهرة.
* الشيخ: يُرفع، وجوبًا؟
* الطالب: وجوبًا، نعم.
* الشيخ: وجوبًا.
* طالب: فيه وجهان.
* الشيخ: فيه وجهان.
* الطالب: إما أن يرفع بحركة الضمة على عطف المعطوف على المعطوف عليه محلًّا، وإما بأن يجر بحركة هذا الحرف الجر، بعطفه على لفظه.
* الشيخ: يعني يجوز وجهان، فقوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِهِ﴾ و﴿غَيْرُهُ﴾ [الأعراف ٥٩] كلاهما صحيح، والمعطوف على المجرور بحرف الجر الزائد يجوز فيه اعتبار المحل واعتبار اللفظ.
﴿مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ﴾ ﴿مِنْ بَشِيرٍ﴾ يبشّر بالخير. و﴿نَذِيرٍ﴾ يخوف من الشر.
قال الله تعالى: ﴿فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾ يعني: فالآن لا حجة لكم.
﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾ من هو؟ رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
﴿فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ختم هذه الآية بالقدرة إشارة إلى أنه تبارك وتعالى قادر على أن يبعث الرسل، وعلى أن لا يبعث الرسل، وأن الأمر كله بيده تبارك وتعالى.
* طالب: ذكرنا أنه ليس من نبي من بعد عيسى، كيف بعض الأنبياء الذين تُوفوا بعد عيسى عليه السلام زي يحيى وزكريا؛ يعني تُوفوا قبل رفع عيسى عليه السلام، وأيضًا شيخ يعني..؟
* الشيخ: توفوا أيش قبل؟
* الطالب: توفوا بعده.
* الشيخ: بعد عيسى؟
* الطالب: نعم، شيخ، ويذكرون أيضًا يعني في كتب النصارى، ووافقهم عليها المسلمون ابن كثير وغيره أسماء أنبياء مثل دانيال وحزقيال، نكذّب كل هذا يا شيخ؟
* الشيخ: بس يحتاج إلى إثبات.
* الطالب: شيخ، ابن كثير يعني يروي في البداية والنهاية، يثبت دانيال.
* الشيخ: ابن كثير بينه وبين عيسى أمم يحتاج إلى إثبات؛ لأن الحديث صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ليس بينه وبينه نبي[[متفق عليه؛ البخاري (٣٤٤٢)، ومسلم (٢٣٦٥ / ١٤٣) من حديث أبي هريرة.]]، ولا قول لأحد بعده.
* الطالب: أليس يعني رسولًا؟
* الشيخ: الأصل عدم هذا.
* طالب: شيخ، أحسن الله إليك، ورد في الآية واللي قلتم عليه في قوله تعالى: ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ أن ما بين السماوات والأرض خلق عظيم؛ ولذلك جعلها الله عز وجل قسيمًا للسماوات والأرض، فما مدى صحة أقوال أهل الهيئة في تلك المخلوقات التي بين يعني ما يسمونه بالفضاء، وتلك المسافات الهائلة التي لا يحصيها العقل، فهل هذا يعني يوافقون عليه أو أنه مخالف لشرعنا؟
* الشيخ: ما يذكره علماء الهيئة في هذا الأمر لا يُصدّق ولا يُكذّب، مثل أقوال بني إسرائيل، لا تُصدق ولا تُكذّب، ولا يوافقون عليها؛ لأنها مسافات -يعني كما قلت- هائلة، يعني حتى إن بعضهم يقول: إن النجوم التي نراها الليلة هذه نجوم البارحة، لم يصل إلينا نورها إلا بعد أربعة وعشرين ساعة، هذا معقول؟!
على كل حال هذه ما نصدقها ولا نكذّبها، لكن نعلم أن فيه مخلوقات، وقد ذكرنا فيما سبق الشيء اللي نعلم: الرياح، الغيوم، الأمطار، القمر، النجوم، كل هذه بين السماء والأرض.
* طالب: التقدير.. وقولنا: هذا حرف زائد، يجوز في القرآن مثل هذا ياشيخ؟
* الشيخ: لا، قيّده، إذا كان في الآية حرف جر زائد، قل: زائد في الإعراب، بعض المعربين يقول: حرف صلة، لكن لا وجه له، بل يقال: إنه حرف جر زائد إعرابًا، وكان من العبارات التي قد تقال: هو زائدٌ زائدٌ، ويش معنى زائد زائد؟ زائدٌ لفظًا، زائدٌ معنًى، الأول زائد من الناقص، من: (زَادَ يَزِيدُ) الناقص، والثاني من: (زَادَ) المتعدي؛ لأن (زاد) تصلح ناقصة وتصلح متعدية، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا﴾ أيش؟
* الطلبة: ﴿زادَهُمْ﴾ [محمد ١٧].
* الشيخ: متعدية ولَّا لازمة؟ متعدية، وتقول: زاد الماء، هذه لازمة.
* الطالب: التقدير يا شيخ، الأصل في تقدير الآية، تقول: في غير القرآن؟
* الشيخ: ما هو بلازم.
* الطالب: يعني يجوز نقول..؟
* الشيخ: إي؛ لأن التقدير ليس هو الواقع، قد يقدر الإنسان شيئًا يكون مستحيلًا، الله تعالى قدّر شيئًا مستحيلًا، قال: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء ٢٢]، وهذا مستحيل، لكن على التقدير.
* طالب: شيخ، بارك الله فيك، النفي في مسألة العموم إذا كان النافي (لا) في آخر الكلام.
* الشيخ: لا النافية للجنس.
* الطالب: (...) أنها النافية للجنس أم الأخرى؟
* الشيخ: (لا) النافية للجنس، فيه (لا) يسمونها النافية للوحدة، هذه ما تدل على العموم.
* طالب: أحسن الله إليك، قوله: ما بين السماوات والأرض، يشمل ما بين السماء الأولى إلى الأرض، أم بين السماء السابعة إلى الأرض؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: قوله: ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ يشمل ما بين السماء الأولى إلى الأرض؟
* الشيخ: هذا هو الظاهر، ما بين السماء الدنيا إلى الأرض.
* الطالب: هذا لا يشمل الملائكة الذين في السماوات، الملائكة الذين في السماوات لا يشملهم هذا؟
* الشيخ: لا، ﴿مُلْكُ السَّمَاوَاتِ﴾، داخل في السماوات، ما هو داخل في ﴿مَا بَيْنَهُمَا﴾، داخل في السماوات.
* طالب: شيخ، النحاة يقولون: ضابط (مِن) الزائدة أن تكون بعد نفي وشبه نفي، وأن يكون مدخولها نكرة، وهم يقولون: علامة حرف الجر أنه إذا حذف استقام الكلام.
* الشيخ: صحيح.
* الطالب: وأحيانًا يعني يأتي مثلًا آية يستقيم الكلام مع حذف الحرف، ومع ذلك ليست زائدة، مثل قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ [البقرة ١٠٦]، وقوله تعالى: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ [الأحقاف ٣١]؟
* الشيخ: إي، هذه ما هي بزائدة، هذه (مِن) بيان لـ(ما)؛ لأن ﴿مَا نَنْسَخْ﴾ (ما) اسم شرط، وأسماء الشرط كلها مبهمة، فجاءت (مِن) هنا للبيان، وليست زائدة، ابن مالك يقول في (مِن):
؎وَزِيدَ فِي نَفْيٍ وَشِبْهِهِ فَجَرْ ∗∗∗ نَكِرَةً كَـ(مَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرْ)
وقد تُزاد في المعرفة، لكن قليل.
* طالب: ذكرنا فيما سبق أن الأراضي سبع، فأين الستة الباقية؟
* الشيخ: الستة الباقية في جوف هذه الأرض؛ لأن النبي ﷺ قال: «مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣١٩٨)، ومسلم (١٦١٠ / ١٣٧) من حديث سعيد بن زيد.]]. وهذا يدل على أن الأرضين في جوف الأرض هذه، لكن كيف؟ ما ندري.
* طالب: بارك الله فيكم يا شيخ، أهل الفترة قبل بعثة النبي ﷺ الذين وردت نصوص كثيرة في دخول كثير منهم النار، هل كانوا مكلفين بدين عيسى الذي هو آخر ما نزل، أم كانوا مكلّفين بملة إبراهيم الذي كان من العرب؟
* الشيخ: لا، هم مُكلّفون بملة إبراهيم فقط؛ لأن عيسى يُبعث إلى قومه كغيره من الأنبياء، لكن الظاهر -والله أعلم- أنه لا مانع أن يتديّن أحد بدين إبراهيم أو بدين موسى في ذلك الوقت؛ لأنه لم يرسل إليه رسول.
* الطالب: إذا بلغه وهو في بلاد العرب رسالة عيسى مثلًا، فهل يجب عليه أن يؤمن بها؟
* الشيخ: لا يجب.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة ٥١ - ٥٤].
* الشيخ: قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ وكان الله تعالى وعده قبل ذلك ثلاثين ليلة وأتمها بعشر. ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [الأعراف ١٤٢].
وعده الله تعالى لمناجاته هذه المدة، وأناب أخاه هارون على قومه وقال: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف ١٤٢]، فكان هارون خليفة موسى في قومه حين ذهب لميعاد الله عز وجل، ثم إن بني إسرائيل لعُتوّهم وعنادهم اتخذوا عجلًا من الذهب، اتخذوه إلهًا، وكان صاحب هذه الفكرة رجلًا يقال له: السامري، صنعوا من الحلي الذي قيل: إنهم أخذوه من حلي آل فرعون، صنعوا منه ثورًا، عجلًا، وجعلوا له جوفًا تدخل منه الريح من الدبر وتخرج من الفم، فإذا دخلت الريح سمعوا له صوتًا كخوار الثور.
فقال السامري: ﴿هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى﴾ [طه ٨٨]، موسى ذهب يطلب إلهه فضلَّ؛ ولهذا مضت ثلاثون ليلة وزادت، يطلب هذا الإله، ولكنه نسي وضل وتاه، وهذه إلهكم وإله موسى، فجعل هارون يذكّرهم بذلك ويقول: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾ [طه ٩٠]، وهو نبي، ولكنهم أصرّوا استكبارًا وقالوا: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾ [طه ٩١] وأصرّوا على عبادة العجل.
رجع موسى عليه الصلاة والسلام، ووجدهم على حال ليست مرضيّة، على خلاف ما فارقهم عليه، وغضب، ألقى الألواح، وهي التوراة التي كتبها الله عز وجل بيده، ألقاها من شدة الغضب، وأخذ برأس أخيه ولحيته يجره إليه بشدة ويقول: ﴿مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ﴾ [طه ٩١، ٩٢]، وكان هذا من شدة الغضب، وإلا في حال الرضا لا بد أن يسأل أولًا: كيف ضلّوا قبل أن يقول: ﴿مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ﴾؟
لكن الإنسان بشر يعتريه ما يعتريه من الحال البشرية، قال: ﴿يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ [طه ٩٤]، شوف هو خشي من موسى عليه الصلاة والسلام أن يقول: فرّقت بين بني إسرائيل؛ لأنه لو قال، أو زاد في وعظهم لانقسموا قسمين: قسمًا يكون مع هارون، وقسمًا آخر مع السامري، فكأنه عليه الصلاة والسلام ترك ذلك خوفًا من هذا، ومع ذلك هم أيضًا مُصرّون على ما هم عليه، اتخذوه إلهًا حتى عبدوه، والقصة مبسوطة في سورة (طه)، اتخذوه إلهًا؛ ولهذا قال: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ ﴿الْعِجْلَ﴾ مفعول ﴿اتَّخَذْتُمُ﴾ الأول، والمفعول الثاني محذوف والتقدير: ثم اتخذتم العجل إلهًا.
وقوله: ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾ تفيد أنهم لم يتخذوه من أول وهلة، بل هناك مسافة، وهي -كما قلت لكم- أنه لما مضت المدة التي حددها موسى عليه الصلاة والسلام، ثم زاد الله تعالى فيها قالوا: هذا الإله، ولكنه نسي.
وقوله: ﴿وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾ الواو هنا للحال، حال من فاعل ﴿اتَّخَذْتُمُ﴾؛ يعني: والحال أنكم ظالمون ليس لكم عذر، وكيف يكون لهم العذر ونبيهم هارون يقول: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾ [طه ٩٠]؟!
وبعد هذه -الفعلة القبيحة الشنيعة- قال الله عز وجل: ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ وانظر إلى قوله: ﴿وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾ هل هم ظالمون لأنفسهم أو ظالمون لغيرهم؟ ظالمون لأنفسهم؛ فإن كل عاصٍ ظالم لنفسه، فإن تعدّت مضرة معصيته إلى غيره صار ظالمًا لنفسه ولغيره.
﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ﴾ أي: تجاوزنا عن هذا الفعل ورفعنا عنكم العقوبة.
﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ أي: لأجل أن تشكروا، و(لعل) هنا للتعليل، وكما أسلفنا من قبل ترد (لعل) لعدة معانٍ؛ منها التعليل، وذلك كثير في القرآن الكريم، ومنها الرجاء، ومنها التمني، ومنها الإشفاق والخوف، ومنها التوقّع، وكل هذا يعرف بالسياق.
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ الشكر هو العمل الصالح، هكذا جاء في القرآن، دليله قول النبي ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ تَعَالَى:» ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾، «وَقَالَ فِي الْمُؤْمِنِينَ:» ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ﴾ »[[أخرجه مسلم (١٠١٥ / ٦٥) من حديث أبي هريرة.]]، وهذا يدل على أن الشكر هو العمل الصالح، وهو كذلك لا شك فيه.
واعلم أن الشكر لا يكون إلا في مقابلة إحسان بخلاف الحمد يكون لكمال المحمود ولإفضال المحمود، فسببه أعم من الشكر، ولكن الشكر أعم من الحمد من حيث تعلقه بالقلب واللسان والجوارح، كما قال القائل:
؎أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً ∗∗∗ يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَالْمُحَجَّبَا
* في هاتين الآيتين فوائد؛ منها: بيان عيوب بني إسرائيل، وذلك أنهم اتخذوا العجل إلهًا حين غاب نبيهم.
* ومن فوائدها: إثبات كلام الله عز وجل؛ لقوله: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً﴾ [الأعراف ١٤٢]، والوعد يكون بين متواعدين في الغالب بالقول، ثم إن هذا الميعاد اللي حصل كلمه الله عز وجل، حتى إن موسى عليه الصلاة والسلام من شدة شفقته على رؤية الله قال: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ [الأعراف ١٤٣].
* ومنها: بيان سفه الأمة الغضبية اليهود حين اتخذوا العجل إلهًا، والعجيب أنهم هم الذين صنعوا العجل بأيديهم ثم اتخذوه إلهًا، ولكن لا تستغرب؛ فإن من يضلل الله فلا هادي له، والجاهليون من العرب يفعلون مثل هذا أو أشد، يقال: إنهم يصنعون من التمر إلهًا، وإذا جاعوا؟
* طلبة: أكلوه.
* الشيخ: إذا جاعوا أكلوه، ما يدعونه أنه يأتيهم برزق، يعرفون أنه لن يملك ذلك، لكن يأكلونه، ويقولون: إنهم إذا نزلوا أرضًا أخذوا أربعة أحجار، واختاروا أحسنها أن يكون إلهًا، والثلاثة الباقية يجعلونها أثافي للقِدر، ينصبون القدر عليها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه ليس لبني إسرائيل عذر في اتخاذهم العجل إلهًا؛ لأن الحجة قد قامت عليهم؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾.
هل يستفاد من هذه الآية: أنهم لو اتخذوا العجل إلهًا بدون ظلم لم يُلاموا؟ أو يقال: إن هذا بيان لحالهم فقط؟ يحتمل هذا وهذا، يحتمل أن هذا بيان لحالهم، وأنهم اتخذوه إلهًا من غير عُذر، ويحتمل أن يكون دليلًا على أنه إذا كان الإنسان معذورًا، فإنه لا يُؤاخذ، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ [القصص ٥٩].
وعلى هذا فيكون في الآية دليل على أن من عمل عملًا سيئًا -الشرك فما دونه- وهو معذور، فإنه لا عقوبة له، ثم إن كان منتسبًا إلى الإسلام حُكم له بظاهره؛ لأنه مسلم، وإن كان منتسبًا إلى دين آخر ولم يبلغه دين الإسلام، فيُعامل في الدنيا حسب دينه الذي هو عليه، وأمره في الآخرة إلى من؟ إلى الله عز وجل، فصار هذا هو التفصيل في مسألة العذر بالجهل.
إذا كان يتسمّى بالإسلام، ويشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويحج ويعتمر، ويقول: إنه مسلم، لكن فيه شيء من الشّرك بغير علم، عاش في هذا البلد التي فيها هذا الشرك، ولا علم أن هذا شرك، فهذا يعامل معاملة أيش؟ المسلمين على ظاهر حاله، وكذلك أيضًا في الآخرة لا يؤاخذه الله؛ لأنه معذور.
وأما من كان معذورًا لكنه لا ينتسب للإسلام، على دين معين، فهذا يعامل في الدنيا معاملة الكافرين، يعني أهل ذلك الدين، وفي الآخرة يقال: أمره إلى الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الثانية: بيان تفضّل الله تعالى على بني إسرائيل أنهم بعد أن فعلوا ما فعلوا من هذا الشرك المبني على الضلال في الدين والسفه في العقل عفا الله عنهم، ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله تعالى يعفو عن الذنوب جميعًا بدون استثناء، لكن بعد التوبة، كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر ٥٣].
لكن لو قال قائل: ليس في الآية الكريمة ما يدل على أنهم تابوا؟ فيقال: دلّت الآيات الأخرى على أنهم تابوا إلى الله عز وجل، وأنابوا إلى الله، وأنه أخذتهم ظُلّة، وأُمروا أن يقتل بعضهم بعضًا، فلما علم الله منهم صدق الرجوع إليه، وأنهم امتثلوا حتى القتل، عفا الله عنهم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من أنعم الله عليه نعمة دينية وجب عليه شكرها كالنعمة الدنيوية؛ لقوله: ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
وأيهما أعظم مِنّة؟ الدينية لا شك أنها أعظم مِنّةً، فإذا مَنّ الله عليك بنعمة دينية فاعتبرها من أكبر النعم، وقم بشكرها، وشكر النعم الدينية من جنسها، فمثلًا مَن منَّ الله عليه بعلم، فإن من شكر نعمة الله عليه أن يعلم وينشر علمه.
وكذلك من منَّ الله عليه بمال، فإنه من شكر نعمة الله عليه في هذا المال أن يتصدق منه، وينفع الفقراء، ويصل الرحم، ويبر الوالدين.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات العلل لأفعال الله، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، ولا شك عندنا في هذا؛ أن جميع أفعال الله وأحكام الله كلها مبنية على علل ومصالح، لكن منها ما يُعلم ومنها ما لا يعلم.
وأما من قال: إن أفعال الله تعالى وأحكامه ليست مبنية على حكمة، ولا تُعلل بعلّة، فلا شك أنه ضال في دينه، سفيه في عقله.
ثم قال عز وجل مبينًا نعمة أخرى من أكبر النعم: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ﴾ ﴿آتَيْنَا مُوسَى﴾ أي: أعطيناه، و(آتينا) بالمد تنصب مفعولين، بخلاف (أتينا) فإنها لا تنصب إلا مفعولًا واحدًا؛ لأن (آتى) بالمد بمعنى أعطى، و(أتى) بمعنى جاء.
يقول: ﴿آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ أعطيناه، و(أل) في ﴿الْكِتَابَ﴾ للعهد، أي العهود؟ الذهني، يعني: الكتاب المعروف عندكم وهو التوراة، وسمي كتابًا؛ لأنه مكتوب، فقد كتب الله التوراة بيده جل وعلا.
﴿وَالْفُرْقَانَ﴾ الواو حرف عطف، و﴿الْفُرْقَانَ﴾ معطوف على ﴿الْكِتَابَ﴾، وهل هو غيره، أو هو، ولكنه من باب عطف الصفة على الموصوف؟
الجواب: الثاني، فالفرقان هو نفس الكتاب، فإن التوراة فرقان؛ فرق الله بها بين الحق والباطل، وبين العدل والجور، وبين أولياء الله وأعداء الله، إلى آخر ما يكون به التمييز والفرق.
فعلى هذا يكون عطفها من باب عطف أيش؟ الصفة على الموصوف، أرأيت قول الله تبارك وتعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى ١ - ٣] والذي قدر فهدى هو الله عز وجل، لكن هذا من باب عطف الصفة على الصفة.
يقول جل وعلا: ﴿وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (لعل) هذه للتعليل كما سبق. و﴿تَهْتَدُونَ﴾ أي: تسلكون مسلك الهداية، والمراد بالهداية هنا التي ذكرها الله عز وجل هداية الإرشاد وهداية التوفيق؛ وذلك لأن ما أوتيه موسى علم، فمن اهتدى به فقد علم، وكذلك علم يثمر عملًا لمن يوفق، فنفسّر الهداية هنا بأيش؟ بهداية العلم وهداية التوفيق؛ العلمية والعملية.
* في الآية الكريمة فوائد: أولًا: أن موسى نبي، بل رسول؛ لأن الله آتاه الكتاب، وكل من آتاه الله الكتاب فهو رسول، كما قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ﴾ [الحديد ٢٥].
* ومنها: الثناء على التوراة؛ حيث سمّاها الله تعالى فرقانًا.
* ومنها: الحكمة في إيتاء الكتاب والفرقان لموسى وهو الهداية.
* ومنها: أن العلم سبب للهداية لأجل التعليل في قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾، لكن هل السبب لا بد أن يكون مسببه، أو قد يوجد مانع؟ قد يوجد مانع.
وعلى هذا فلا يرد علينا أن يقول قائل: إننا نجد في العلماء من لم يهتدِ؟
نقول: لوجود مانع، وإلا فالأصل أن العلم سبب الهداية، وأن الهداية تقع بالعلم، لكن قد يكون هناك عوارض وصوارف توجب أن لا ينتفع الإنسان بما أعطاه الله تعالى من العلم كما هو معروف.
* * *
* طالب: (آتى) بالمد، أشكلت عليّ يا شيخ آية؟
* الشيخ: وهي؟
* الطالب: في سورة الأحزاب في قراءة مكتوبة يا شيخ بهمزة القطع، وتقرأ (آتى)، قوله تعالى: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا﴾ [الأحزاب ١٤] لعل أصلها (لأتوها)؟
* الشيخ: نعم، أظن فيها قراءتان: ﴿لَأَتَوْهَا﴾ ، و﴿لَآتَوْهَا﴾.
* الطالب: المعنى تغير يا شيخ في هذا؟
* الشيخ: ما فيه شك أنه تغير، لكن كل واحدة لها وجه، والقراءتان تفيدان معنيين ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا﴾.
فيها قراءتان ﴿لَأَتَوْهَا﴾ و﴿لَآتَوْهَا﴾، أما ﴿لَأَتَوْهَا﴾ واضح ﴿ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ﴾ يعني: دعاهم أحد إلى الفتنة لأجابوا، واضح؟
أو ﴿لَآتَوْهَا﴾ لأجابوا وأعطوا فتنة أخرى، ما هي أعطوا الفتنة التي دُعوا إليها، ويكون في الآية فائدتان؛ أولًا: استجابتهم للفتنة، والثاني: زيادتهم إياها.
* الطالب: أي قراءة تعتمد عند الناس؟
* الشيخ: لا ﴿لَآتَوْهَا﴾.
* الطالب: ﴿لَآتَوْهَا﴾؟
* الشيخ: نعم.
* الطالب: الرسم بخلافه.
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: يعني الرسم يا شيخ ﴿لَأَتَوْهَا﴾ بالقصر.
* طالب: ﴿لَآتَوْهَا﴾؛ لأن الهمزة متقدمة عن الألف ليس فوقها مباشرة.
* الشيخ: إذا كانت متقدمة فهي (لآتوا)، هي متقدمة عندكم؟
* طالب: كل المصاحف عندنا هكذا، متقدمة.
* الشيخ: إي، واللي عندك فوق الألف؟
* الطالب: لا.
* الشيخ: عندي ما فيها همزة، لكنها ممدودة، هذه ممدودة.
* الطالب: هكذا النطق؟
* الشيخ: إي نعم.
* طالب: شيخ، بعض الناس يستفيدون بأن الدعوة إلى التوحيد تفرّق بين المسلمين؟
* الشيخ: أيش بعض الناس؟
* الطالب: الدعوة إلى التوحيد والعقيدة تفرّق كلمة المسلمين، يبنى على هذا أن هارون لم ينكر على بني إسرائيل حينما اتخذوا العجل إلهًا؛ يعني وساطة ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ [الأعراف ٧٣] (...) فكيف نرد عليهم؟
* الشيخ: الرد عليهم سهل، أما الآية الأولى فإن هارون خاف من ذلك، لكن من قال: إنه يقع لو دعاهم؟ لكن هم في الواقع أبوا عليه وقالوا: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾، فعلم أنهم مستكبرون.
وأما ﴿إِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ [النمل ٤٥] فهذا ما فيه دليل على أن الإنسان لا يدعو، بل فيه دليل على أن هؤلاء القوم الذين أُرسل إليهم صالح أنهم افترقوا كما افترق الناس في دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ منهم من آمن، ومنهم من كفر.
* طالب: شيخ، جزاك الله خيرًا، ما هي بعض الموانع والصوارف عن اهتداء العالِم أو طالب العِلم؟
* الشيخ: أن يكون في قلبه إرادة سيئة، مثل أن يريد بعلمه غير الله عز وجل، فهذا ربما يُحرم بركة العلم، وهذا من أشد ما يكون، والشيء الثاني: المعاصي؛ المعاصي يجر بعضها بعضًا، فإذا عصى الإنسان الذي آتاه الله علمًا فهذا يُحرم.
* * *
* طالب: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٠) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (٢١) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (٢٢) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة ٢٠-٢٣].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ إلى آخره.
* في هذه الآية فوائد؛ منها: أنه ينبغي أن ينادى الإنسان -أي أن ينادى المخاطَب- بالوصف الذي يقتضي أن يقوم بما وُجّه إليه؛ لقوله: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾، وهذا موجود في اللغة العربية، كنت تخاطب مؤمنًا تقول: يا أيها المؤمن، تخاطب رجلًا تقول: يا أيها الرجل، كأنك تذكر له ما كان ينبغي من أجله أن يستمع إليك، ويمتثل ما توجّهه إليه.
في ذلك فوائد -يعني في كوننا نوجّه الخطاب بالنداء بالوصف الذي يقتضي أن يمتثل- فيه فوائد:
* أولًا: توبيخ هذا الرجل إذا خالف؛ لأنه لا ينبغي أن يخالف وهو مُتصف بهذه الصفة.
* ثانيًا: حثه على الموافقة، باعتبار هذا الوصف الذي اتصف به؛ ولهذا نجد أن الرسول ﷺ يقول دائمًا: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٠٤)، ومسلم (١٣٥٤ / ٤٤٦) من حديث أبي شريح العدوي.]]، «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٠٨٨)، ومسلم (١٣٣٩ / ٤٢٠) من حديث أبي هريرة.]].
* ومن الفوائد أيضًا: إقامة اللّوم عليهم من الآخرين.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن محمدًا رسول الله مرسَل إلى أهل الكتاب: اليهود والنصارى؛ لقوله: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا﴾ يعني: إليكم.
* ومن فوائدها: أن الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من هؤلاء -أي من اليهود والنصارى- كفار؛ لأنهم كفروا بالرسول الذي أُرسل إليهم.
أما قولهم: إنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر، فنقول: هذا لا يكفي، لا بد أن تؤمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الثناء على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكونه مرسلًا من عند الله؛ لقوله: ﴿رَسُولُنَا﴾.
* ومن فوائدها: إقامة الحُجّة على الأمة، حيث إن هذا رسول الله، فهو حُجّة عليه الصلاة والسلام، بمجرد أن شهد الله أنه رسوله كان ذلك حجة، وقد قال الله تعالى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾ [النساء ١٦٦].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا حظَّ للرسول عليه الصلاة والسلام في شيء من الربوبية، وجه ذلك؟ أنه رسول، والرسول لا يمكن أن يكون شريكًا للمُرسِل فيما يختص به.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن النبي ﷺ مبيِّن للخلق، وأنه ليس فيما جاء به شيء من الغموض والإلغاز؛ لقوله: ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾.
* ومن فوائدها: الردّ على أولئك المفوّضة في أسماء الله وصفاته الذين يقولون: إننا لا نعلم شيئًا من معاني أسماء الله وصفاته، وأن وظيفتنا أن نقرأ ولا نفسّر، وهذا القول من أعظم الأقوال وأشدها فسادًا، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد.
ومن المؤسف أن كثيرًا من الناس، بل حتى من العلماء، من يظن أن هذا هو مذهب السلف، ويقولون: إن مذهب السلف التفويض، وهم في الحقيقة لم يعرفوا مذهب السلف، مذهب السلف: التفويض في الكيفية؛ لأن العقل يعجز عن إدراكها، والشرع لم يرد بها، وأما المعنى فإنه يؤمنون به، ويثبتونه ويقرّرونه، ويفصّلون فيه ما يحتاج إلى تفصيل، وهذا أمر معلوم من كتبهم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الرسول عليه الصلاة والسلام كما أنه مبيِّن للعرب فهو مبيِّن لبني إسرائيل؛ لأهل الكتاب.
فإن قال قائل: كيف يبين لهم ولغته تخالف لغتهم؛ فإن لغة اليهود حتى الذين في المدينة في عهد الرسول مخالفة للغة العربية؟
نقول: عن طريق الترجمة؛ ولهذا لم ينتشر الإسلام في البلاد الأعجمية إلا بواسطة الترجمة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه إذا احتجنا إلى معرفة اللغات الأجنبية لبيان الشريعة كان ذلك من صفات النبي ﷺ، أنه يُبيّن للناس بأي وسيلة، أفهمتم؟
وعلى هذا فمن تعلم اللغة غير العربية من أجل الدعوة إلى الله كان مثابًا على ذلك؛ لأنها وسيلة لأي شيء؟ لتبليغ الشريعة ونشرها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن رسالة النبي ﷺ كانت على فترة من الرسل، ليس بينه وبين عيسى رسول؛ لقوله: ﴿عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾.
* ومن فوائدها: أنه كلما طال زمن الرسالة صار الناس أشد حاجة إلى أيش؟ إلى الرسول؛ ولهذا جعل الله ذلك مِنّة عظمى على أهل الكتاب؛ حيث جاءهم على فترة، وتعرفون أن هذا يكون أيضًا في الواقع المحسوس، فالإنسان الذي يشرب الماء على عطش أشد شوقًا إلى الماء وحاجة من إنسان يشربه على رِيٍّ، واضح؟
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الرسالات السابقة للرسول عليه الصلاة والسلام؛ لقوله: ﴿عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾، والظاهر لي أن هذا يشير إلى أن الرسول ﷺ هو آخر الأنبياء؛ لقوله: ﴿مِنَ الرُّسُلِ﴾ يعني: وليس بعده رسول.
وهذا هو الذي صرح الله به في كتابه في قوله: ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب ٤٠]، وتأمل قوله: ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ ولم يقل: وخاتم المرسلين مع أنه قال: ﴿رَسُولَ اللَّهِ﴾؛ لأنه قد يكون الإنسان نبيًّا ولا يكون رسولًا، ومحمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: رحمة الله تعالى بالخلق؛ حيث أرسل الرسل لئلا تقوم الحجة على الله، تؤخذ من قوله: ﴿أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ﴾.
وفي هذا دليل على أن من لم تبلغه الرسالة فإنه معذور، وهو ظاهر من قوله: ﴿أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا حجة للإنسان بالقدَر على مخالفة الرسل، من أين تؤخذ؟
* طالب: قال الله تعالى: ﴿أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ﴾ يدل على الاعتذار.
* الشيخ: وجه الدلالة؟
* طالب: ما لهم حق في الاعتذار.
* الشيخ: إي، لو كان لهم حق لم يرتفع بإرسال الرسل، واضح؟ وهو كذلك.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الرسالات منحصرة في شيئين لا ثالث لهما، وهي البشارة والإنذار؛ لأن الناس ينقسمون بالنسبة للرسالات إلى قسمين: مُطيع فله البشارة، عاصٍ فله الإنذار.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: قوة حجة هؤلاء لو لم يبعث الله إليهم رسولًا؛ لقوله: ﴿مِنْ بَشِيرٍ﴾؛ لأن ﴿مِنْ بَشِيرٍ﴾ هذه للتوكيد؛ يعني كأنهم يؤكدون أنه لم يأتهم بشير ولا نذير.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تأكيد الكلام التأكيد المعنوي، ولست أقصد تأكيد النحويين، النحويون يقولون: إن التوكيد نوعان؛ توكيد معنوي، وتوكيد لفظي، فما كان بتكرار اللفظ فهو لفظي، وما كان بالأدوات المعروفة فهو معنوي، لكن لا أريد هذا، أريد أن المعنى قد يُؤكَّد بجملة كاملة وهو قوله: ﴿فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: أنه متى احتيج إلى التوكيد فلا عيب في التكرار؛ ولهذا كان من آداب الخُطبة أن الإنسان يكرر في المواضع الهامة، وأنه لا يُعد هذا عيًّا، ولا يُعد يعني زيادة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن رسالة النبي ﷺ مشتملة على هذين الأصلين في الرسالات، وهما: البشارة والإنذار؛ لقوله: ﴿فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾ يعني به محمدًا ﷺ.
* ومن فوائدها: إثبات قدرة الله عز وجل؛ لقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
* ومنها: أنه لا يُستثنى من قدرة الله تعالى شيء، كل شيء فالله قدير عليه، ولا يستثنى أي شيء.
وأما قول بعضهم كصاحب الجلالين: خص العقل ذاته فليس عليها بقادر، فهذا خطأ، إلا أنه على قاعدة منكري الأفعال الاختيارية يرون أنه صواب، يعني فيه ناس من هذه الأمة يقولون: إن الله عز وجل لا تقوم به الأفعال الاختيارية، ما يقدر، يعني مثلًا: النزول إلى السماء الدنيا ممنوع عندهم، الاستواء على العرش ممنوع، الضحك ممنوع، الإتيان يوم القيامة ممنوع، كل الأفعال التي يفعلها بمشيئته واختياره يرون أنه ممنوع، لماذا ممنوع؟ قالوا: لأنه مستحيل، والمستحيل -على اسمه- لا تتعلق به القدرة كالجمع بين النقيضين.
فيقال لهم: هذا غلط، بل من الأشياء ما لا يمكن أن يتصف الله بها كالنوم مثلًا، هذا مستحيل أن الله ينام، واضح؟ مستحيل أن يأكل ويشرب.
فلو قال قائل: هل الله يقدر أن يأكل أو يشرب أو ينام؟
قلنا: هذا كلام لا يرد إطلاقًا؛ لأنه مستحيل.
لكن هل يستطيع أن ينزل إلى السماء الدنيا، ويأتي للفصل بين العباد، ويستوي على العرش، ويضحك ويعجب؟
ممكن؛ لأن هذا لا ينافي كماله، بخلاف النوم والأكل والشرب، فهذا ينافي كماله.
* ومن فوائد هذه الآية: أنه ينبغي أن يختم الكلام بما يناسب المقام، وجهه أن مخالفة أهل الكتاب للرسول عليه الصلاة والسلام تعني أنهم معرّضون للعقوبة، والله غير عاجز عن عقوبتهم لكمال قدرته.
{"ayah":"یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ قَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةࣲ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُوا۟ مَا جَاۤءَنَا مِنۢ بَشِیرࣲ وَلَا نَذِیرࣲۖ فَقَدۡ جَاۤءَكُم بَشِیرࣱ وَنَذِیرࣱۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق